النهضة.. مقاربة الرومان ومالك بن نبي
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
عيسى الغساني
تعد كلمة النهضة من أبرز المصطلحات التي ترد في السياق التاريخي للحضارات الإنسانية، شكلت الحضارة الرومانية جزءًا من الإرث الإنساني حيث استمرت لمدة تقارب 1500 عام، وقدمت القانون الروماني الذي تناقلته الحضارات اللاحقة، وكما تسري سنن البقاء والفناء على الكائنات الحيَّة، فهي كذلك على الحضارات الإنسانية تولد وتنهض ومن ثم تُصاب بالوهن الذي يتلوه العجز.
وفي هذا المقال، نُلقي نظرة إلى عوامل صعود الرومان، كان للإغريق الفضل في نهوض الرومان؛ إذ إن "الإلياذة والأوديسة" للشاعر الإغريقي هوميروس كانت مصدر إلهام للشاعر الروماني فيرجيل فكتب "الإنيادة" أعظم ملحمة رومانية. والدراما اليونانية ألهمت الكاتب المسرحي سينيكا، وفي أعماق التأثير والتأثُّر أتت الفلسفة اليونانية؛ حيث إن الرواقية اليونانية وضعت بصماتها في فكر ماركوس أوريليوس وسينيكا، وقوام الرواقية هو الفضيلة والأخلاق والتحكم في المشاعر المتوحشة وتهذيبها، والابتعاد عن الشهوات المُفرطة.
والمُلفِت للنظر في نهوض الرومان هو تبني أفكار أفلاطون وأرسطو؛ حيث أصبحت جزءًا من النظام التعليمي، وأدى ذلك إلى تشكيل نظام اجتماعي وقانوني وسياسي ساهم في الاستقرار الاجتماعي والسياسي. وفي مقاربة فكرية يعالج كتاب "شروط النهضة"- أحد الكتب الشهيرة للمفكر الجزائري مالك بن نبي- مسألة النهضة، وهذا الكتاب يُعد من الأعمال المُهمة في الفكر العربي والإسلامي؛ حيث ينظر بن نبي إلى موضوع النهضة وكيفية تحقيقها في المجتمعات، وذلك من خلال مسعى تحديد الشروط اللازمة لتحقيق النهضة.
ويرى الكاتب أنه في مقدمة إرهاصات أي نهضة تبرز الجوانب الثقافية والاجتماعية؛ سواء داخلية مثل الجمود الفكري وخارجية وهي تداعيات الوهن الفكري. ويتصور مالك بن نبي أن نهوض الأمم يبدأ بالفرد من خلال تهذيب النفس وتطوير الذات وتحقق الوعي الذاتي. وهذا الوعي الفردي يربط الفكر المُجرد بالعمل المنتج مع تأصيل واقعي للمبادئ الأخلاقية؛ حيث الأخلاق هي المكون الأسمى والأهم في بناء نهضة. وتأتي بالتزامن معها المشاركة المجتمعية؛ إذ النهضة لا تتحقق بشكل فردي فقط؛ بل من خلال تفاعل الأفراد مع مجتمعهم والمشاركة في الأنشطة المجتمعية. ومن خلال العمل الجماعي، يمكن تحقيق تغييرات إيجابية ومستدامة في المجتمع.
وإذ كان الفرد هو الأساس والمحور لهذه النهضة، يؤكد مالك بن نبي أن تحقيق النهضة يتطلب بدء الفرد بتحسين وتطوير نفسه، ومن ثم التأثير الإيجابي في المجتمع من حوله. من خلال التركيز على التعليم، الوعي الذاتي، الأخلاق، والمشاركة المجتمعية، يمكن للفرد أن يسهم بفعالية في تحقيق نهضة شاملة ومستدامة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حزب الوعي: رسائل الرئيس لأكاديمية الشرطة عكست الرؤية الاستراتيجية نحو استدامة التنمية الشاملة
ثمن عادل زيدان، عضو الهيئة التأسيسية بحزب الوعي، حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته التفقدية لمقر أكاديمية الشرطة، قائلا: “شكّل محطة مهمة لتوضيح الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية في مواجهة التحديات وتعزيز الإنجازات الوطنية”.
وأكد زيدان، في بيان له، أن تصريحات الرئيس جاءت بمثابة رسائل متعددة الأبعاد تحمل دلالات كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي، وتسلط الضوء على جهود الدولة في جميع المجالات الحيوية، مشيرا إلى أن هذا الحديث يعكس ليس فقط حجم العمل الذي تقوم به الدولة، بل أيضًا النظرة المستقبلية نحو استدامة التنمية الشاملة.
وقال إن أبرز الرسائل التي تناولها الرئيس تمثلت في إشارته إلى العاصمة الإدارية الجديدة، حيث أوضح أن جميع المشروعات التي تُقام بها تُمول ذاتيًا من خلال شركة العاصمة الإدارية، حيث تمتلك حسابًا في البنوك بقيمة 80 مليار جنيه.
وأضاف أن هذه الرسالة تحمل دلالة عميقة على قدرة الدولة على تحويل الموارد المتاحة إلى فرص استثمارية ضخمة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتعكس منهجًا اقتصاديًا جديدًا يعتمد على تعظيم الاستفادة من الإمكانات الوطنية بعيدًا عن الضغط على الموازنة العامة.
وأوضح زيدان، أنه فيما يخص التعليم، جاءت تصريحات الرئيس لتبرز رؤية الدولة في بناء الإنسان المصري كأولوية قصوى، مشيدا بحديثه عن اقتراب عدد الجامعات في مصر من 100 جامعة، ما يكشف عن جهود ضخمة لتوسيع القاعدة التعليمية وتوفير خيارات تعليمية متنوعة، بما في ذلك الجامعات التخصصية والأهلية، لتخفيف العبء على الجامعات الحكومية.
وأشار إلى أن إنشاء مراكز متخصصة في علوم التكنولوجيا واستحداث منشآت تعليمية متطورة يعكس وعي الدولة بأهمية التعليم الفني والتكنولوجي كركيزة أساسية لتلبية احتياجات سوق العمل المتطور.