مختصون يؤكدون أهمية تعميق التواصل بين المؤسسات العامة والمجتمع
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
- د. علي الريامي: "الشفافية" تتيح حيزاً أكبر للرقابة ومكافحة الفساد
- د. قيس السابعي: إتاحة المعلومات تعزز الثقة في الأداء الحكومي
- د. رجب العويسي: ضرورة تبنّي سياسات أكثر واقعية تراعي مصلحة المواطن
تسعى سلطنة عمان إلى تعزيز مفهوم الشراكة بين الحكومة والمجتمع، من خلال العديد من المسارات الوطنية الهادفة إلى مد جسور الثقة والتفاهم، والمشاركة الحقيقية في صنع القرار والاسهام في التنمية الشاملة.
وتبرز الثقة المجتمعية كعامل رئيسي في تعزيز فعالية الأداء الحكومي، حيث تعمل المؤسسات العامة بمختلف مستوياتها إلى الاستماع للمواطنين ومرئياتهم والاستجابة لاحتياجاتهم وتطلعاتهم، عبر سياسات تتسم بالشفافية والوضوح.
حول أهمية تعزيز الشفافية في الأداء المؤسسي كأساس لاستدامة الثقة المجتمعية، حاورت "عمان"عددا من المختصين.. وفي البداية قال الدكتور علي بن سعيد الريامي - رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس": يشير مفهوم الشفافية بشكل عام إلى تقديم البيانات والمعلومات بطريقة يمكن التأكد منها والوصول إليها وفهمها من قبل الأطراف أصحاب العلاقة، وكلما كانت درجة الشفافية واضحة في تقديم المعلومات ساعد ذلك على تعزيز الثقة، ويمكن اعتبار الشفافية شكلا من أشكال الممارسة الديمقراطية، حيث تعمل الحكومات على توفير المعلومات والبيانات لوسائل الإعلام أو الناطقين باسم المؤسسات الحكومية، لتصل إلى المواطنين، وبدرجة أكبر من الصراحة للمجالس التشريعية والرقابية باعتبار أعضاء تلك المجالس يمثلون صوت المجتمع والناس الذين يمثلونهم، وهذا بدوره يعزز من الثقة المتبادلة بين أطراف المعادلة الديمقراطية: السلطة ممثلة في الحكومة التنفيذية، والشعب بصفته مدار التنمية وحجر الأساس في الأمة." موضحا أن الشفافية تتيح حيزاً أكبر للرقابة والمساءلة، ومكافحة أشكال الفساد الإداري والمالي، وعندما تغيب الشفافية تنعدم المساءلة، لأن أي مساءلة لا تستقيم إلا بتوفر معلومات وبيانات دقيقة تتيح عملية التحقق واتخاذ الإجراءات اللازمة، وهذا بدوره يعزز من ثقة الشعب بحكومته وأن هذه الحكومة جديرة بالثقة، وتعمل لتحقيق مصالحهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم بقدر عال من العدالة والمساواة.
وفي المقابل علينا أن نعترف أن هذه المسألة ليست بتلك البساطة التي نتصورها، وإنما هي مسألة متشابكة ومعقدة، وتتطلب وعيا كبيرا، وحسا عاليا في تحمل المسؤولية في الظروف الصعبة، لأن هناك من يعتقد أن الشفافية المطلقة قد ترسم صورة قاتمة للأوضاع، كما أن الحكومات ترى أن الإعلان عن مواطن الضعف قد يؤثر على أمنها الوطني، ويؤثر على مصالحها الاقتصادية، لذلك قد تلجأ إلى إظهار الصورة الجميلة، والبيانات غير الدقيقة، وتخفي جوانب القصور، غير أن تكرار هذا الأسلوب بشكل مفرط ومبالغ فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية حيث تبدأ الثقة بالتراجع، وفقدان الثقة له تأثيراته السلبية على الإنتاجية والأداء الحكومي.
المشاركة المجتمعية
وتابع الدكتور علي حديثه قائلا" مما لا شك فيه أن المشاركة المجتمعية تساهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، فمن خلال ما يقدم من معلومات دقيقة وشفّافة خاصة تلك المتعلقة بالواقع المعاش؛ فإن ذلك يشعرهم أنهم جزء لا يتجزأ من عملية صنع القرار، واليوم هناك العديد من قنوات التواصل التي تعزز هذه المشاركة المجتمعية لإيصال صوت المواطن للحكومة، فبالإضافة إلى المجالس التشريعية والمجالس البلدية، تعد المنابر الإعلامية عبر البرامج المباشرة المخصصة للقضايا المجتمعية إحدى الآليات الناجحة، كما أن المنتديات والجلسات الحوارية التي تنظمها منظمات المجتمع المدني وتطرح من خلالها قضايا مجتمعية معاصرة بمشاركة مفتوحة واستضافة مسؤولين حكوميين تعتبر من القنوات المهمة في تفعيل هذا النوع من الشراكة المجتمعية، على سبيل المثال الجلسات الحوارية التي نظّمها النادي الثقافي تحت عنوان: "الطاولة المستديرة"، ويبقى على الجانب الحكومي أن يستفيد من نتائج وتوصيات هذه الجلسات الحوارية التي يفترض أن تكون على درجة عالية من الشفافية. ومن ناحية أخرى هناك في صناعة القرار ما يعرف بالتشاور المبكر وهي عملية تسبق اتخاذ القرارات المهمة، خاصة في القضايا المصيرية التي سيترتب عليها آثار مجتمعية مباشرة، ويتم ذلك عبر دراسات استطلاعات الرأي، على أن تكون عينة الدراسة ممثلة للمجتمع، وتتاح النتائج للاطلاع عليها بشفافية، وعادة مثل هذه الدراسات تقوم بها مراكز بحثية متخصصة وموثوقة، وهذا يعزز بدوره من الثقة المتبادلة بين الحكومة والمواطنين. "
ركائز وإجراءات
ويقول الدكتور قيس السابعي- خبير اقتصادي" إذا أردنا أن نعزز الثقة المجتمعية في الخدمات الحكومية يجب تقديم الخدمات العامة بجودة، وسيادة القانون على الجميع، ومكافحة الفساد، ومن المبادرات الحكومية التي تعزز ثقة المجتمع ملتقى "معا نتقدم" الذي يضم أكبر شريحة من المجتمع وكذلك تقارير جهاز الرقابة الإدارية والمالية والتقارير السنوية عن الأداء المؤسسي."
وأضاف السابعي" من خلال الدراسات التي تم الاطلاع عليها نقول انه لابد ان يكون هناك إجراءات تبث الثقة والطمأنينة في المجتمع وتتمثل في إرساء أسس ودعائم الحكومة المستجيبة والانفتاح الحكومي وتلبية حاجات المواطنين بما هو متاح من موارد، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار، ومواصلة تحسين الأداء الحكومي، وإتاحة المعلومات والبيانات أمام الجمهور، وإيجاد المزيد من قنوات التواصل والاتصال بين المؤسسات العامة والمواطنين تتسم بالنزاهة والحيادية، وتفعيل دور وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بالإنجازات الحكومية المتحققة والجهود الحكومية المبذولة، بالإضافة إلى ضرورة نفي الشائعات ولابد من أخذ المعلومات من مصادرها الحقيقية الرسمية، والقضاء على الفساد."
الرسالة الإعلامية
وقال الدكتور رجب بن علي العويسي -خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية بمجلس الدولة" إن الثقة المجتمعية نتاج لقدرة الحكومة على تبنّي سياسات أكثر واقعية واحترافية تحافظ على حقوق المواطن وترفع من سقف الاهتمام بالأبعاد النفسية والمهنية وتصنع فيه روح التغيير وحس المواطنة، من خلال طبيعة الإجراءات المتخذة في إطار بناء المواطن اقتصاديا وعبر تعزيز الحوافز وصناعة الفرص وتبني الخيارات التي تتيح للمواطن فرصا أكبر في الاستفادة، لذلك نعتقد أن مسؤولية الحكومة اليوم في ظل هذه المعطيات هي تبنّي السياسات الاستشرافية وقياس الرأي العام وإجراء الدراسات والمسوحات التي تعكس مستوى رضا المواطن عن هذه الجهود ومستوى تحقيقها للغايات الوطنية والأهداف المعززة للأمن الاجتماعي والاستقرار المعيشي، وتبنّي سياسات تواصلية أكثر قدرة على رسم ملامح التطوير ."
وأكد العويسي أن قدرة الرسالة الإعلامية على انتزاع هاجس القلق ومنح المواطن الثقة واشراكه في صياغة المستقبل، سوف ينعكس على كل قطاعات العمل الوطنية الأخرى، في ضمان أن التوجه نحو المواطن يتسم بالتكامل، والصورة النموذجية للمستقبل نتاج قناعة وطنية تضع الرأسمال البشري العماني أولوية لها، ليظهر ذلك على مستوى جودة التعليم، وقدرته على استنطاق القيم واستنهاض القدرات والمهارات، وتعزيز دور القطاع الخاص ومؤسسات الاعمال في إتاحة الفرصة للمواطن لمزيد من التمكين وتبسيط الإجراءات وتقديم الدعم له في تحقيق ممارسة اقتصادية قادرة على صنع الفارق، وتعزيز حضوره في ريادة الاعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير كل وسائل الدعم له، إذ الثقة في قدرات المواطن تعني فرصا أكبر لمساحة الحوار مع فكره واهتماماته وانتاجه وابتكاره ومشروعاته ومبادراته، وسعيه المستمر نحو التعلم والانتاجية.
طموحات وتوقعات
وأضاف الدكتور رجب" يبقى سد الفجوة بين الطموحات والتوقعات في سبيل تعزيز الثقة المجتمعية في الأداء الحكومي أمرا يضع مؤسسات الجهاز الإداري للجدولة أمام مسؤولية الالتزام بالأطر الوطنية المعززة للإنتاجية والكفاءة وطبيعة ما يقدم من جهد يلمسه المواطن وستشعره في واقع حياته، وهو أمر يؤكد الحاجة إلى اجراء تقييمات ومراجعات وتصحيحات مستمرة للمسار بما يتم اتخاذه من برامج عمل وتوجهات وإلى أي مدى ساهمت في تحقيق أهدافها، والحد من التغييرات والإجراءات والتعقيدات التي تلقي بثقلها على الأداء الحكومي ومستوى استفادة المواطن من الفرص، ويبقى نجاح الخطاب الإعلامي في تعزيز الثقة ورفع درجة التوافقية والتناغم، حيث إن لكل مؤسسة مواقع الكترونية ورقمية خاصة بها وصفحات عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلالها يجب نقل الصورة الفعلية والرأي الرسمي للمؤسسة، وهو أمر ينبغي التنبيه عليه من قبل القائمين على الرسالة الإعلامية الوطنية."
واختتم العويسي حديثه قائلا" تأتي أهمية بناء قنوات تواصل وحوار تفاعلية بحيث يعرف المواطن حقوقه وواجباته ومسؤولياته ويقف على أدوار المؤسسات بكل شفافية ووضوح، وما لديها من توجهات وخطط، وما الذي تريد أن تحققه في السنوات القادمة، والاستفادة مما يطرحه المواطن عبر هذه المنصات، وكل ذلك يرتقي بالعمل الوطني على نهج تكاملي ويخلق بيئات مجتمعية أفضل بعيدا عن أي تشوهات، ويمارس المواطن فيها دوره بكل أريحية وثقة. "
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الثقة المجتمعیة الأداء الحکومی تعزیز الثقة من خلال
إقرأ أيضاً:
التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية
البلاد – الرياض
حذرت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بـ “البنوك السعودية” من حالات الاحتيال، التي تتم عبر انتحال صفة مؤسسات خيرية، أو أسماء شخصيات عامة، أو اعتبارية يدّعون تقديم مساعدات مالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويستغل هؤلاء المحتالون الضحايا بإيهامهم أنهم يمثلون جهات رسمية، من خلال استخدام مستندات وأختام وهمية؛ لإقناعهم بدفع رسوم مالية للحصول على المساعدات.
وأكدت اللجنة أن الجهات الرسمية لا تعلن ولا تبحث عن مستفيدين للتبرعات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو برامج المحادثة الفورية، موضحة أن المحتالين يبحثون عن كل الطرق التي تجذب الناس؛ وذلك بإيهام الضحايا باستحقاقهم للتبرع وتحويل مبالغ مالية، أو دفع رسوم من خلال روابط.