الجارديان: قادة "إيكواس" يدرسون خيار التدخل العسكري في النيجر
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
أكد مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية أن قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" مازالوا يدرسون خيار التدخل العسكري في النيجر في أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم في أواخر الشهر الماضي.
وأوضح كاتب المقال بيتر بيمونت أن إيكواس أعلنت عزمها على العمل من أجل استعادة النظام السابق في النيجر وإعادة تنصيب الرئيس بازوم المحتجز حاليا لدى قادة المجلس العسكري الانتقالي الذي يتولى إدارة شئون البلاد.
وأوضح المقال أن مفوض الشئون السياسية بمجموعة إكواس عبد الفتاح موسي أعلن عن استعداد التكتل الغرب أفريقي للتدخل العسكري في النيجر في أعقاب انقلاب الشهر الماضي؛ مشيرا إلى أن تلك التصريحات من جانب مفوض إيكواس تأتي في وقت يلتقي فيه قادة أركان جيوش الجماعة الاقتصادية في العاصمة الغانية أكرا للنظر في فرص التدخل العسكري في النيجر.
وأضاف المقال أن اجتماع قادة جيوش إيكواس في أكرا والذي كان مقررا الأسبوع الماضي وتم تأجيله يهدف إلى مناقشة سبل نشر قوة عسكرية احتياطية من دول المجموعة بعد انتهاء المهلة التي منحتها المجموعة لقادة المجلس العسكري في النيجر لإطلاق سراح الرئيس بازوم واستعادة النظام السابق في البلاد.
وأشار مفوض الشئون السياسية في إكواس أن النيجر تقوم بممارسة لعبة "القط والفأر" مع مجموعة إيكواس في إشارة إلى رفض قادة المجلس العسكري الانتقالي في النيجر مقابلة مبعوثي إيكواس للنظر في حل للأزمة في النيجر.
وأشار مفوض إيكواس أن الخيار العسكري مازال هو الملاذ الأخير للمجموعة من أجل استعادة النظام السابق في النيجر وذلك في حال فشل جميع الجهود الدبلوماسية في هذا الصدد، موضحا استعداد القوى العسكرية والمدنية في إيكواس " لتلبية نداء الواجب".
وسلط المقال الضوء على انتقاد مسؤل إيكواس لتصريحات المجلس العسكري الانتقالي في النيجر التي أكدوا فيها عن عزمهم تقديم الرئيس بازوم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى وأن لديهم الدليل على خيانته للبلاد.
ويتطرق المقال إلى موقف الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد حيث يشير إلى أن موقف الاتحاد يمثل عقبة كبيرة في سبيل التدخل العسكري من جانب إيكواس في النيجر، موضحا رفض الاتحاد الأفريقي للتدخل العسكري لجماعة إيكواس في النيجر.
ويضيف المقال أن مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي عقد اجتماعا يوم الإثنين الماضي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا لبحث الأزمة في النيجر حيث تمخض الاجتماع عن رفض الاتحاد الأفريقي للتدخل العسكري في النيجر.
ويلفت المقال إلى أنه على الرغم من عدم احتياج إيكواس لموافقة الاتحاد الأفريقي للتدخل العسكري في النيجر إلا أنه جرت العادة أن يتم التنسيق بين الإيكواس والاتحاد في مثل هذه المواقف.
ويشير الكاتب في الختام إلى الموقف الأمريكي في هذا الصدد والذي أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية حيث أكدت رغبة واشنطن في التوصل لحل سلمي للازمة في النيجر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجارديان إيكواس أفريقيا النيجر التدخل العسكري العسکری فی النیجر الاتحاد الأفریقی للتدخل العسکری التدخل العسکری المجلس العسکری إیکواس فی
إقرأ أيضاً:
قراءة نقدية لمقال المجتمع الدولي والسودان
وصلتني رسالة قيمة من الصديق الكاتب الصحافي الأستاذ محمد أحمد شبشة، تعقيبا على مقالي السابق حول إدمان المجتمع الدولي الفشل في السودان، يقدم فيها قراءة نقدية لما طرحته في ذاك المقال. وقيمة الرسالة تكمن في ما حوته من مناقشة جادة وموضوعية، تتناول من زاوية نقدية الأفكار التي طرحتها في مقالي.
ابتدر الأستاذ شبشة رسالته مشيرا إلى أن المقال المعني قدم تشخيصًا حادًا وموجعًا لمسار المجتمع الدولي والإقليمي في تعاطيه مع الكارثة السودانية المستمرة منذ اندلاع الحرب قبل عامين. وأن المقال ينطلق من أطروحة جوهرها أن المنظومة الدولية، بكل ما تملكه من مؤسسات ومواثيق ومبعوثين ومؤتمرات، تحوّلت إلى كيان مدمن على الفشل والعجز، مكتفية بإعادة تدوير عبارات الشجب والإدانة، بينما تغض الطرف عن مصادر تدفق السلاح والموت في السودان، في ظل عجز كامل عن حماية المدنيين أو توفير الحد الأدنى من الاستجابة الإنسانية. ويقول الأستاذ شبشة: «يقر الدكتور الشفيع بأن الحل لا يأتي من الخارج أو بالنيابة عن السودانيين، لكنه في الوقت ذاته لا يقلل من أهمية مساهمات المجتمع الدولي والإقليمي، بل يعتبرها ضرورية، شريطة أن تتجاوز الطابع الرمزي والخطابي إلى الفعل الحقيقي. غير أن ما نعيشه منذ مايو 2023 هو العكس تمامًا: مبادرات ومؤتمرات متكررة، من جدة إلى باريس ثم لندن، دون نتائج ملموسة على الأرض، حتى بدا وكأن تدوير الفشل صار سياسة قائمة بذاتها».
وفي قراءته النقدية، يسلط الإستاذ شبشة الضوء على فكرة في المقال تنبّه إلى التناقض الحاد بين خطابات المجتمع الدولي عن وحدة السودان ورفضه للتقسيم ومطالباته بوقف الحرب، وبين فشله العملي في فرض إجراءات رادعة لوقف تدفق السلاح ولجم التدخلات الإقليمية، خاصة في ظل غياب استراتيجية متكاملة أو تنسيق حقيقي بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية الأخرى. ولكن سرعان ما يستدرك الأستاذ شبشة منوها ومنبها، فيقول «ورغم القيمة التحليلية العالية للمقال، إلا أن تحميل جزء كبير من المسؤولية لغياب «كتلة مدنية موحدة» في الداخل، يحتاج إلى تفكيك أعمق. فالواقع يؤكد أن فشل المجتمع الدولي لا يرتبط فقط بضعف الجبهة المدنية السودانية، بل أيضًا بوجود إرادة سياسية غائبة، أو ربما مقصودة، لإدارة الأزمة لا حلّها، وفق منطق توازنات إقليمية ودولية لا ترى في السودان سوى ساحة صراع بالوكالة، أو ملفًا هامشيًا في ظل اشتعال ملفات دولية أخرى». ثم يواصل فيقول «من جانب آخر، لا يتطرق المقال بوضوح إلى أدوار بعض الدول الإقليمية التي تغذي الحرب بشكل مباشر، رغم أن تقارير أممية وإعلامية عديدة تشير إلى دعم عسكري ولوجستي متكرر من دول عربية وأطراف أفريقية، وهو ما يجعل من «إدمان الفشل» في هذه الحالة أقرب إلى تواطؤ مغلّف بالدبلوماسية، لا مجرد ضعف أو عجز».
ويقرر الأستاذ شبشة بأن قيمة المقال تكمن في توصياته الواضحة في خاتمته، حيث يطالب المجتمع الدولي بالتركيز على ثلاث أولويات محددة، تمثل الحد الأدنى لأي تدخل دولي صادق، لكنها تظل رهينة لإرادة غائبة، في وقت تتسابق فيه القوى الفاعلة لتثبيت نفوذها، لا إنقاذ أرواح السودانيين. والأولويات الثلاث هي: 1 ـ وقف تدفق السلاح باعتباره الخطوة الأولى لوقف إطلاق النار. 2 ـ تحييد وتكثيف المساعدات الإنسانية وضمان عدم استغلالها سياسيًا. 3 ـ حماية المدنيين كأولوية لا تحتمل التأجيل أو التلاعب.
ويختتم الأستاذ شبشة رسالته القيمة مشيرا إلى أن «مقال الدكتور الشفيع خضر لا يكتفي بتسجيل الفشل، بل يدعو إلى مساءلة جذرية لأدوات التدخل الدولي، ويضع الأصبع على جرح الاستراتيجيات العرجاء التي تمارس النفاق باسم السلام. ولعلنا، كسودانيين، نحتاج أن نعيد توجيه البوصلة: من مطالبة المجتمع الدولي بفعل شيء، إلى مطالبته بالتوقف عن التواطؤ، أو على الأقل، الكف عن تمويه الفشل بمصطلحات إنسانية جوفاء».
انتهت رسالة الصديق شبشة، والتي حوت مناقشة تسير في ذات اتجاه ما سطرناه في العديد من مقالاتنا السابقة حول المجتمع الدولي وحرب السودان، حيث أشرت في أحد هذه المقالات إلى اعتقادي بأن المجتمع الدولي، والإقليمي أيضا، لم ينضب معين طاقتهما وتدابيرهما العملية لوقف الاقتتال في السودان. ولكن هناك كوابح عديدة تمنع تفجير هذه الطاقة وتفعيل هذه التدابير العملية، منها تضارب المصالح الذي يدفع الدول الكبرى، قائدة المجتمع الدولي والإقليمي، لإغماض أعينها عن مصدر تدفق الأسلحة ووقود الحرب إلى السودان، ومنها فقر المنهج الذي ظل يتبعه المجتمع الدولي والإقليمي وإفتقار تحركه إلى استراتيجية قوية وشاملة تجاه قضية الحرب. وفي مقال آخر منشور في عمودنا هذا، مارس/آذار 2924، كتبت: من غير المرجح أن تتوقف الحرب في السودان قريبا، وأن دولا في النطاقين الإقليمي والعالمي ربما لا ترغب في توقفها وتريدها أن تستمر لبعض الوقت. واستندت في استنتاجنا هذا إلى عدد من المؤشرات، منها استمرار تدفق الأسلحة بكثافة عبر دول في الإقليم، دون أي نية أو اتجاه وسط الدوائر العالمية ذات القدرة لحظر ذلك، مما يعني تشجيع استمرار القتال، وأن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع لم تواجه برد الفعل المناسب من المجتمع الدولي العالمي. وأن بنوك التفكير ومراكز القرار الدولية ظلت، في عدد من تقاريرها الرسمية، توصف السودان بالدولة الفاشلة والتي تحتاج إلى إعادة تشكيل وإبدال، وكأنها توحي بأن استمرار الحرب يخدم هذا الغرض، خاصة، والسودان أصلا يحتل موقعا رئيسيا في مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي يسعى لاستخدام الفوضى الخلاقة كآلية لإعادة تقسيم المنطقة، والسودان في مقدمتها، إلى دويلات ضعيفة ومتصارعة. ومن الواضح أن استمرار الحرب واتساع رقعتها مستخدمة التهجير والنزوح القسري، وفي ظل غياب خطوات مضادة فعالة من المجتمع الدولي، يخدم هذا المخطط.
نقلا عن القدس العربي