قال الخبير الآثري والمتخصص في علم المصريات د.أحمد عامر إن المجتمع المصري كان مستقراً إلى حد كبير، فقد أدت إلى نشأة الموسيقى والغناء وازدهارها، فالمجتمع المستقر اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، لابد أن يستقر وجدانه وتستقر أحاسيسه، ومن ثم تجيء الموسيقى. 

وأضاف قائلا: يجيء الغناء لينمو ويزدهر ويحرك مشاعر المجتمع الآمن، إستقر المجتمع المصري بعدما استأنس الحيوان وأوقد النار وعرف الزراعة، والمجتمع الزراعي لا يمكن أن تغيب عنه الموسيقى والرقص والغناء، فالفلاح المصري قديماً وحديثاً كان يستمع للموسيقى والغناء وهو يحرث الأرض ويزرع ويحصد، وكانت الحيوانات التي تستخدم في الزراعة تحاط رقابها بطوق فيه بعض الأدوات التي تحدث موسيقى، وعندما بدأت المنشآت المعمارية كالمعابد والمقابر، وبدأ النحاتون والنقاشون والرسامون يمارسون عملهم، وبدأ كذلك أصحاب الصناعات الحرفية، كانت الموسيقى وكان الغناء يصاحبان الفنانين والعمال والحرفيين وهم يؤدون عملهم.


وأشار "عامر" أنه إزدهرت الأناشيد الدينية، ومن ثمَّ ازدهر الإنشاد "الغناء" الديني والرقصات الجنائزية، ومن ثم فقد إزدهرت الموسيقى الدينية كما ازدهرت الموسيقى الدنيوية، وقد شاركت المرأة مع الرجل في عزف الموسيقى، وفى الرقص والغناء، ومن ثم إزدهر أدب الغزل والحب فازدهرت الموسيقى وإزدهر الغناء، ومن دلالات إهتمام المجتمع المصري بالموسيقى أن جعلوا لها إلهة لها دور كبير في الديانة المصرية هي "حتحور" وكان لبعض الآلات الموسيقية وخصوصاً "السستروم" دور في الطقوس الدينية، وكان هناك ربٌ للمرح هو المعبود "بس"، وكان إهتمام الدولة برعاية الموسيقيين والمغنيين حيث وصل بعضهم إلى مراتب عليا وخصوصاً الذين يعملون في القصر الملكي وفى قصور كبار رجال الدولة كما منحوهم الكثير من الهبات والهدايا مما شجع على ازدهار الموسيقي.


وتابع "عامر" أن المصري القديم عرف الموسيقى منذ عصور ما قبل التاريخ، فالناي الطويل "الفلـوت" "Flut" ظهر في نقوش ما قبل التاريخ، وعرف المصريون القدماء "الچنك" "الليرا "Lyre منذ الأسرة الرابعة وجعلوا من الربة "حتحور" معبودةً لهم، كما عرف المصريون القدماء الآلات بكل أنواعها مثل آلات النفخ، والإيقاع، وآلات الوترية، ومن أهم هذه الآلات الهارب، والعـود، والناي، والمزمار، والطبلة، والصاجات، والمصفقات، والصلاصل "السستروم" ومعظمها لا يزال يستخدم في مصر حالياً، وخصوصاً في المجتمع الريفي، و"الليرا" آلة موسيقية وترية تعزف بالنبر، وإنتشرت تلك الآلة في الحياة الموسيقية عند المصريين القدماء في عصر الدولة الوسطى تحت اسم "كنَر" في اللغة المصرية القديمة وهي آلة مصاحبة للغناء والرقص عند المصريين القدماء، وقد انتشرت آلة الليرا في حياة شعوب منطقة الجنوب تحت اسم الطنبورة، وإشتهرت في مدن القناة تحت اسم السمسمية.


واستطرد الخبير الآثري أنه ظهرت نقوش تحمل أسماء العازفين والمنشدين والرسامين على جدران المعابد والمدافن، كما وجدت فرق موسيقية للرجال فقط، ووجدت فرق موسيقية للنساء وحدها، وظهر العازف المنفرد والعازفة المنفردة، وتبادل الرجل والمرأة الآلات الموسيقية، وغنى الرجل وغنّت المرأة ورقصت كأحسن ما يكون الرقص والغناء، ليؤكدوا لنا أنه بالرغم من أن الحياة الأخرى كانت شغلهم الشاغل، إلا أنهم إستمتعوا بدنياهم فغنوا لهما وغنّت لهم وأشاعوا البهجة التي غلّفت الحضارة المصرية بهذا الإنتماء الرائع لها، وبهذا المجتمع الإنساني الفريد الذي لم يتطرَّق العنف لا لقلبه ولا لعقله.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: خبير أثري المصريين القدماء المجتمع اقتصاد

إقرأ أيضاً:

رئيس هيئة المتحف المصري الكبير: الافتتاح المرتقب يجسد فخر المصريين

أكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، أن أبرز ما سيشعر به المصريون مع افتتاح المتحف هو الفخر بتحقيق حلمٍ دام أكثر من 20 عامًا، مشيرًا إلى أن هذا الشعور سيكون مشابهًا لما حدث خلال موكب المومياوات الملكية، ولكن بصورة أكبر وأكثر إبهارًا على المستوى العالمي.

وأضاف غنيم، في لقاء مع الإعلامية خلود زهران، ببرنامج «أحداث الساعة»، المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أن موكب المومياوات كان قد أقيم في فترة الإغلاق العالمي بسبب جائحة كورونا، إلا أنه أعاد إشعال الشغف بالآثار المصرية ورفع سقف التوقعات عالميًا ومحليًا لما سيكون عليه المتحف المصري الكبير عند افتتاحه رسميًا.

وأوضح أن الدولة بكافة مؤسساتها تعمل بتكاملٍ كامل لإنجاز هذا المشروع الوطني، مؤكدًا أن رئيس مجلس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي للمتحف بشكل دوري كل أسبوعين، سواء من خلال زيارات ميدانية أو اجتماعات تقييم، إلى جانب المتابعة المستمرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي واهتمام جميع الوزارات والهيئات والقطاع الخاص بالمشروع، وهو ما يعكس أن «هذا التكاتف الكبير سيكون سر نجاح الحدث المنتظر يوم السبت المقبل».

وتحدث الرئيس التنفيذي عن التحول الأخضر للمتحف المصري الكبير، مشيرًا إلى أنه سيكون أول متحف مصري صديق للبيئة يعتمد على الطاقة الشمسية والتشجير وإدارة الموارد المستدامة، موضحًا أن المتحف حصل بالفعل على عدة جوائز دولية في هذا المجال.

وأضاف أن منظومة المتحف تشمل ألواحًا شمسية واسعة النطاق لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء، ومحطات لتنقية الهواء، ونظامًا متطورًا لتصنيف القمامة وترشيد استهلاك المياه، كما تم تصميم المبنى هندسيًا بحيث يسمح بدخول الضوء والهواء الطبيعيين من زوايا محددة لتقليل الاعتماد على الإضاءة الاصطناعية وأجهزة التكييف، ما يسهم في خفض الانبعاثات المسببة للتلوث.

اقرأ أيضاًإجازة افتتاح المتحف المصري الكبير.. اعرف آخر الاستعدادات

محافظ القاهرة يتفقد الأعمال النهائية لتحسين الرؤية البصرية بمحيط المتحف المصري الكبير

وزير التعليم: المتحف المصري الكبير مصدر إلهام لأبناءنا في استكشاف العلوم والإبداع

مقالات مشابهة

  • زاهي حواس يوضح أسرار التحنيط عند المصريين القدماء
  • زاهي حواس: المتحف المصري الكبير إنجاز عظيم يقدم وعيًا أثريًا للعالم
  • ممشى أثري 2.5 كم وإحياء لمراكب الشمس.. خبير يكشف تفاصيل مشروع القرن: سينمات ومناطق ترفيهية ضمن المتحف الكبير
  • خبير اقتصادي: روسيا تستخدم ورقة النفط والغاز للضغط على المجتمع الدولي
  • رئيس هيئة المتحف المصري الكبير: الافتتاح المرتقب يجسد فخر المصريين
  • وزير الخارجية: المتحف المصري الكبير إنجاز أثري وسياحي يعكس مكانة مصر الدولية
  • خبير يشرح أسباب ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج
  • سوما: المشاركة في مهرجان الموسيقى العربية حلم تحقق على أرض الواقع |فيديو
  • مقاهي الشيشة تتحول إلى ملاه ليلية للرقص والغناء الصاخب
  • رئيس الوزراء: المتحف المصري الكبير لن يكون مُجرد مقصدٍ ومزارٍ أثري يُنافس نظائره في العالم أجمع