سواليف:
2024-09-17@03:55:02 GMT

خطر الغلو في الصالحين

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

خطر الغلو في الصالحين

#خطر #الغلو في #الصالحين

الكاتبة #إحسان_الفقيه

قال الله تبارك وتعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213]، قال ابن عباس وغيره في ظلال هذه الآية: “كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَآدَمَ عَشَرَةُ قُرُونٍ، كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ.

فَاخْتَلَفُوا، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ”.
فالله جل في علاه قد فطر الناس على توحيده، وظلت البشرية على تلك الفطرة الشاهدة على الوحدانية إلى أن طرأ عليها الشرك، وأول حدوثه كان في قوم نوح، عندما اتخذوا أصناما آلهة يعبدونها من دون الله.
جريمة الشرك لم تحدث بين يوم وليلة، بل مهد لها الشيطان أمدًا طويلا، آخذًا الناس بمبدأ التدرج، وذلك عندما مات بعض الصالحين من قوم نوح، فسول لهم الشيطان أن ينصبوا في مجالسهم أصناما لتذكرهم بهؤلاء الصالحين فينشطوا للتأسي بهم، ففعلوا، ومع طول الأمد وتناسي العلم سوّل لهم عبادتها فعبدوها، فأرسل الله إليهم نوحا عليه السلام لردّهم إلى الصراط السوي.
قال تعالى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23].قال ابن عباس رضي الله عنها: “أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ”.
دخل إليهم الشيطان من هذا المدخل لعلمه أن النفوس المؤمنة تأبى مجرد التفكير في عبادة غير الله، لكنه زحف إليهم هذا الزحف الناعم، ومن هنا ندرك أن الغلو في الصالحين والمبالغة في تعظيمهم وإنزالهم مكانة ليست لهم، هو أبرز الطرق الموصلة إلى الشرك.
ولذلك حرص النبي صلى الله عليه وسلم مع عظم جنابه، على تربية جيل الصحابة على النأي عن الغلو فيه ذاته، فكان يقول: (لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ) أي لا تبالغوا في مدحي فتنزلوني منزلة لم ينزلنيها الله تعالى.
وعندما رجع معاذ بن جبل من الشام، سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، والذي استنكر ذلك بقوله: (ما هذا يا معاذ؟ قال:أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
فمعاذ لم يكن يقصد بسجوده للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعبده، وإنما لإظهار الاحترام والتوقير، ولكن منعه النبي صلى الله عليه وسلم حفاظا على عقيدة التوحيد، امتثالا للتشريع الذي نسخ ما كانت عليه بعض الشرائع السابقة التي كانت تتيح السجود للبشر على سبيل التحية كما في قصة نبي الله يوسف عندما سجد له أبواه.
كما أكد القرآن الكريم على كون النبي صلى الله عليه وسلم بشرا، مغلقا الباب على أتباعه حتى لا يغالوا فيه، وبهذا التأكيد ينسف كل ادعاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور وجه الله، أو أنه يعلم الغيب من دون الله، فهو بشر يوحى إليه، ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
فإذا كان هذا يقال بحق أحب خلق الله إلى الله، وأكثر الناس إيمانا وتقوى، فكيف يُغالى فيمن هو أقل منه شأنا!
من ينظر إلى واقع أمتنا، يرى بوضوح مآلات الغلو في الصالحين وتقديسهم، فهناك من هذه الأمة من يسجدون لشيوخهم في الحياة وأمام قبورهم بعد الممات، ويطلبون منهم ما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحوائج والشفاء ونحوه، بل هناك من يعتقد أن إمامه يعلم الغيب من دون الله، وكل ذلك سببه تقديس هؤلاء والغلو فيهم.

مهما ظهر الصلاح على الإنسان فصلاحه لنفسه، يُجزى به، لكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نبالغ فيمن رأينا عليه الصلاح أو نغالي في تعظيمه، فهو بشر، لا يملك لنفسه الضر ولا النفع، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة في ذكرى حريق المسجد الأقصى .. وعلى الأقصى تستمر المؤامرة 2023/08/18

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الغلو الصالحين النبی صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

هل تاريخ مولد النبي صحيح؟.. دار الإفتاء تجيب على السؤال المحير

بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي يحل غدًا الأحد 14 ديسمبر الجاري، يهتم المسلمون بمعرفة كل ما يتعلق بمولد النبي بداية من التاريخ حتى وفاته مرورًا بمواقف حياته التي تعد تشريعًا ومثالًا يقتدي به المسلمون، إلاّ أنّ هناك سؤال يتردد كثيرًا وأثار الجدل، حول سؤال هل تاريخ مولد النبي صحيح؟

هل تاريخ مولد النبي صحيح

وحول الجواب عن سؤال هل تاريخ مولد النبي صحيح، قالت دار الإفتاء المصرية، في بيان، مُجيبة على تساؤل متى ولد الرسول ومتى توفي؟ والتاريخ ميلاديا وهجريا، إنه على أرجح الأقوال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وُلد يوم الاثنين الـ12 من ربيع الأول.

واستشهدت الدار بما قاله الإمام محمد بن إسحاق -كما حكاه عبد الملك بن هشام «السيرة النبوية»: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، عام الفيل.

وبناء على ذلك: فقد ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وقت طلوع الفجر، في عام الفيل، في السنة الثالثة والخمسين قبل الهجرة النبوية الشريفة، وهذا هو الذى جرى عليه عمل المسلمين عبر العصور في احتفالهم بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أشرف الصلاة وأتم السلام، ووافق ذلك يوم الثاني والعشرين من شهر أبريل عام 572 ميلادية، وذلك في فصل الربيع.

توقيت المولد بالتقويم الشمسي الميلادي

التحقيق والصواب الذي تدل عليه كتب التوفيقات بين التاريخين الهجري والميلادي، أن مولده صلى الله عليه وآله وسلم وافق يوم الثاني والعشرين من شهر أبريل عام 572 ميلادية، وهذا الشهر الميلادي هو أول شهر ربيعي كامل، فوافق ربيع مولده القمري فصل الربيع.

مقالات مشابهة

  • بشارة الانجيل بمجيء رسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم..
  • فضل زيارة مقام النبي عليه السلام وروضته الشريفة
  • عمر هاشم: الله أمرنا بالفرح بميلاد النبي
  • الإفتاء توضح أفضل العبادات يوم مولد النبي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هداية مولده صلى الله وسلم عليه وعلى آله للعالمين
  • الإفتاء توضح حكم الصلاة على النبي ﷺ لتذكر الشيء المنسي
  • في ليلة مولده.. كيف تُحسن الصلاة على النبي
  • هل تاريخ مولد النبي صحيح؟.. دار الإفتاء تجيب على السؤال المحير
  • حملة "كأنه معك" تسلط الضوء على جوانب إنسانية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم