المسلة:
2025-01-24@11:27:21 GMT

رأي يمثلني: أوهام القوة والنصر

تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT

رأي يمثلني: أوهام القوة والنصر

23 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: كتب ابراهيم العبادي:
في عام 1991 كتب الراحل محمد حسنين هيكل كتابه ،اوهام القوة والنصر ،عن ازمة الخليج الثانية (احتلال صدام للكويت )،في هذا الكتاب الذي تعرض -كسائر كتب هيكل الاخرى -لنقد واتهامات للكاتب ،حاول هيكل ان يفند فكرة صناعة التاريخ وتغيير الخرائط الجيوسياسية عبر القوة وادواتها وترسيخ النصر العسكري كحقيقة تصنع واقعا جديدا .


أوهام القوة مرض عالمي ،عمره عمر الدول والامبراطوريات والقوى التي تحاربت ورسمت باسلحتها وعقول قادتها ، ملامح وحدود الدول والنظم السياسية والوحدات الجغرافية .
منطقة الشرق الاوسط اخذت حيزا كبيرا من صفحات ديوان الحروب والصراعات والفتن الداخلية والحروب الاهلية ،فلا يكاد تمر بضعة سنوات دونما حرب كبيرة أو نزاع دام أو صراع مزمن لدواعي مختلفة،يكون ضحاياه الالاف من البشر بل الملايين ،وخسائر لاتحصى من الفرص الضائعة والامكانات المهدورة .

قديما قيل ان الامم تتحارب بسبب البحث عن المكانة والشرف والرغبة في التوسع وشهوة المجد والرغبة في توكيد الشرعية ،حديثا صارت الحروب تنطلق بسبب المخاوف من الاخضاع والهيمنة والتضييق على المجال الحيوي والبحث عن الموارد والامدادات ، والمنافسة على الزعامة الدولية او الاقليمية .
ما من حرب اندلعت الا وكان اختلال ميزان القوى الواقعي او الافتراضي احد اهم الاسباب المحركة لتلك الحرب، في اذهان القادة وصناع السياسات وواضعي الستراتيجيات . كان الشرق الاوسط ومايزال المثال النموذجي للنطاق الجغرافي الذي يعج بسياسات الحرب التي يشنها حكام وقادة جماعات بناء على معطيات ومعلومات وخطط ناقصة واوهام قوة لايعززها الواقع ويفندها الميدان غالبا .

في اوائل القرن العشرين دخلت الدولة العثمانية الحرب الى جانب المانيا ضد دول الحلفاء ،دونما حسابات واقعية لميزان القوى ،فكانت النتيجة سقوط التاج العثماني واقتسام التركة بين المنتصرين ،عام 1967 توهم جمال عبدالناصر ان قوة مصر كافية لردع الكيان الاسرائيلي وانه قادر على انتزاع نصر تكتيكي بالتلويح بالضغط العسكري
وسحب قوة السلام الدولية من سيناء ،فتفاجأ بضربة اسرائيلية حطمت الكبرياء القومي وانزلت صدمة وخسارة فادحة بالعرب لم يستعيدوا بعدها توازنهم واراضيهم حتى اليوم .
عام 1980 توهم صدام حسين ان قوته العسكرية المتعاظمة وتراجع قوة ايران العسكرية -بسبب الثورة ومضاعفاتها الداخلية ، وارتداداتها على موقع ايران الجيوسياسي – سيتوجانه بطلا قوميا وزعيما اقليميا قادرا على ان يقود المنطقة وفقا لطموحاته ،كان سوء التخطيط والتقدير وعدم المعرفة الكافية بقوة الخصم المادية والبشرية سببا كافيا لتشكل الحرب كابوسا مدمرا قاد الى سلسلة اخطاء وكوارث متلاحقة بما فيها غزو الكويت ،كان صدام يتوهم عدم قدرة الغرب ودول الاقليم على اخراجه من الكويت او الحاق اذى كبير بالعراق ،بل ذهب بعيدا في منطق القوة المتوهمة عندما ادعى في مؤتمر صحافي انه قادر على حرق نصف اسرائيل بصواريخه !!!؟، بعد اندلاع الحرب وهزيمة العراق ،لم تجر محاسبة او مراجعة للاوهام والخطط والسياسات الغبية لان صاحب القرار هو رأس النظام نفسه ،وذهب النظام الى البحث عن اكباش فداء من بين قادة الجيش يحملهم مسؤولية الهزيمة والفشل !!!؟.

لم يتعلم احد في المنطقة من دروس الهزائم والانتصارات وظلت مقولة النصر الحتمي تداعب مخيلة الزعامات الصغيرة والكبيرة ،اضاف اليها البعض امتيازا اخرا هو شرعية الموقف والنهج الاسلامي والثقة المفرطة بحقانية السياسات والستراتيجيات والتعويل على عوامل غير محسوبة ومعلومات ناقصة او مضخمة عن الذات والعدو .
من اكبر المشكلات التي تساهم في صناعة الوهم هو الانفصال عن الواقع ،بالمغالاة في قوة الذات وضعف الخصم ،وذلك ناشيء من وجود حلقات من الذين يقدمون معلومات غير واقعية ويتجاوزون الواقع الموضوعي ويزيفون الصورة الواقعية واستبدالها بصور متخيلة في غياب مناقشات جادة ونقد موضوعي وحسابات صارمة ،لايمكن الدخول في حرب وانت لم تحسب قوة الخصم حسابا موضوعيا ثم تعوض الضعف بعوامل الايمان والتوكل على الله ،قد تكون معذورا في الحرب المباغتة التي يهاجمك فيها العدو وانت في موقع الدفاع ،لكن النصر الالهي ليس حتميا في كل الاحوال ،فذلك خاضع لسنن الباري تعالى وتحقق شروط النصر من عدمها .
العامل الثاني في توهم القوة والثقة بالنصر ،هو الاعلام الموجه والدعاية المركزة التي تصنع وعيا زائفا بحتمية النصر وامتلاك القوة ،بما يساهم في الترويج لصور مثالية وثقة مفرطة غير واقعية (لمن يعجبه مقايسات التاريخ ،ليتذكر هزيمة المسلمين في معركة حنين رغم الكثرة الكاثرة ،((ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم ….)).
يساهم التفكير الرغبوي والتنبؤات والاحلام في صناعة الاوهام فيقع القادة ضحية التفاؤل المفرط والاعتقاد بان الامور ستسير كما يتمنون ،بغض النظر عن الحقائق على الارض ،
ان الشعور الزائف بالقوة والتقليل من امكانات وقدرات العدو وتفوقه ياتي بسبب الضغط السياسي والشعبي الناتج بدوره من الرغبة في اتخاذ قرارات جريئة لاثبات الجدارة والاهلية ،وتجنب الظهور بمظهر الضعيف ،ان اوهام القوة والنصر نتاج عوامل نفسية -اجتماعية -سياسية تعززها معطيات مادية قد يكون بينها انصاف خبراء وثوار متحمسون ،ونزعات متطرفة ،ومستشارون تنقصهم الامانة والشجاعة في قول الحقيقة ،وقد يكون الجميع اتباع ايديولوجية ليس في حساباتها مقاربة الواقع واشتراطاته

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الضفة الغربية تحت حصار الحواجز (شاهد)

عرضت قناة القاهرة الإخبارية تقريرًا تلفزيونيًا بعنوان: "الضفة الغربية تحت حصار الحواجز.. تشديد نقاط التفتيش يشكل خطرًا على حياة الفلسطينيين"، حيث تناول التقرير المعاناة اليومية التي يواجهها الفلسطينيون نتيجة القيود المشددة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على التنقل في الضفة الغربية المحتلة.

الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة البيرة وسط الضفة الغربية إعلام عبري: الجيش الإسرائيلي يُعزز من قواته في مدن الضفة الغربية  الحواجز العسكرية

وأشار التقرير إلى مأساة إنسانية وقعت في مدينة الخليل، حيث فارقت امرأة فلسطينية الحياة بعد أن تأخرت عائلتها في نقلها إلى المستشفى بسبب الحواجز العسكرية، في طريقها إلى المستشفى، وجدت سيارة الإسعاف نفسها متوقفة أمام أحد الحواجز بين الخليل وبلدة سعير، وبسبب تعنت قوات الاحتلال وتعطيل الحركة، لم يتمكن ذووها من إنقاذها، واضطروا لاحقًا إلى حمل جثمانها مباشرة إلى مثواها الأخير.

الضفة الغربية

وسلط التقرير الضوء على أن مثل هذه الأحداث أصبحت واقعًا يوميًا في الضفة الغربية، حيث يعاني السكان من صعوبة التنقل بين القرى والمدن بسبب الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش الإسرائيلية، مؤكدة أن هذه الإجراءات التعسفية لا تنتهك فقط حق الفلسطينيين في حرية الحركة، بل تعرض حياتهم للخطر، حيث يمكن أن يكون التأخير في الوصول إلى المستشفيات أو الخدمات الطارئة مسألة حياة أو موت.

جدير بالذكر أن المكتب الإعلامي للحكومة الفلسطينية في غزة، أكد أن عدد المفقودين منذ اندلاع الحرب على القطاع في أكتوبر 2023 وصل إلى ما يزيد عن 14 ألف مفقود.

وكان اتفاق الهدنة وإنهاء الحرب قد دخل حيز التنفيذ في يوم الأحد الماضي، وتُكثف السلطات الفلسطينية جهودها منذ ذلك الحين لحصر الخسائر البشرية بسبب العدوان.

وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن الاحتلال ارتكب 10100 مجزرة راح ضحيتها 61182 شهيدا ومفقودا منذ 7 أكتوبر 2023.

وأشارت الإحصائية إلى أن 2092 عائلة فلسطينية أبادها الاحتلال ومسحها من السجل المدني بقتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة وراح ضحيتها 5967 شهيداً.

وتضمنت الخسائر البشرية 12316 شهيدة من النساء و1155 شهيدا من الطواقم الطبية و94 من الدفاع المدني و205 من الصحفيين

وذكرت الإحصائية أن هُناك 44 فلسطينياً استشهدوا بسبب سوء التغذية وسياسة التجويع و8 استشهدوا نتيجة البرد الشديد في خيام النازحين بينهم 7 أطفال.

كما شهدت شهور العدوان ميلاد  214 طفلا رضيعا ولدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية و808 أطفال استشهدوا عمرهم أقل من عام.

وتأمل مصر مع باقي الشركاء الدوليين في رفع المُعاناة عن أهل غزة بعد وقف الحرب، وتُواصل الدولة المصرية جهودها في ملف إيصال المُساعدات الإنسانية العاجلة إلى داخل القطاع.

وتعمل السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله على التعاون مع المجتمع الدولي بهدف إعادة الحياة من جديد للقطاع.

يُعرف المفقودون في الحرب وفقاً للقانون الدولي بأنهم الأشخاص الذين انقطعت أخبارهم أثناء النزاعات المسلحة، ولا يُعرف مكانهم أو مصيرهم، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين. يمكن أن يكونوا قد قُتلوا، أو أُسروا، أو تعرضوا للاختفاء القسري. اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 يُلزمان أطراف النزاع باتخاذ كل التدابير الممكنة لمعرفة مصير المفقودين وإبلاغ عائلاتهم، مع تسجيل بيانات القتلى والمحتجزين وإيصال المعلومات بشكلٍ دقيق.

القانون الدولي الإنساني يؤكد على ضرورة حماية حقوق المفقودين وضمان البحث عنهم واستعادة الروابط العائلية. تلعب اللجنة الدولية للصليب الأحمر دوراً محورياً في هذا السياق من خلال مساعدة الدول والمنظمات لتحديد مصير المفقودين والتخفيف من معاناة أسرهم. تُعد قضية المفقودين مسؤولية إنسانية وقانونية تتطلب تعاوناً دولياً لتحقيق العدالة وضمان إنصاف عائلاتهم المتضررة، ولضمان عدم تكرار الانتهاكات في النزاعات المستقبلية.

مقالات مشابهة

  • الأهرام: التعاون بين الدولة والقطاع الخاص أصبح حقيقة واقعية
  • 18 مليار دولار خسائر بسبب توقف تصدير نفط الاقليم
  • الضفة الغربية تحت حصار الحواجز (شاهد)
  • الآلية الوطنية لحماية المدنيين تناقش إعادة تشكيل الآلية بما يواكب المستجدات التي فرضتها الحرب
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • برلماني: كامل الوزير لديه إرادة صلبة لإزالة المعوقات التي تقف حائلا أمام الاستثمار
  • تعرابت والنصر.. مفترق طرق بـ «فسخ العقد»
  • «فيتش»: وقف الحرب في غزة يقلل المخاطر الجيوسياسية التي تواجه مصر والأردن
  • ميقاتي استقبل وفدا من اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء العراقي للاشراف على تقديم مساعدات عاجلة الى اللبنانيين
  • تأكيدا لموقف أُعلن منذ بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟