هل تقبل التوبة عن المال المسروق بإهداء الصوم لصاحبه ؟  سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة من خلال الموقع الرسمي لدار الإفتاء، حيث سائل يقول: أخذت من مال شخص دون إذنه، وأريد أن أتوب، فهل يجزئه أن يصوم ويهب ثواب الصوم لصاحب المال، أم لا بد من الأداء؟

هل تقبل التوبة عن المال المسروق بإهداء الصوم لصاحبه؟ 

وقال علي جمعة في بيانه حكم التوبة عن المال المسروق، إنه من المقرر شرعًا أن حـقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الإبـراء، وقد قال رسول الله صـلى الله عليه وآله وسلم: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه وصححه الحاكم.

 وشدد على ذلك: فإن إهداء ثواب الصوم لصاحب الحق لا يكفي في أداء حقه، بل لا بد من إيصال حقه إليه، أو تنازله عنه، ومن شروط التوبة من حقوق العباد رد المظالم إلى أهلها مع الندم والإقلاع والعزم على عدم العودة إليها.

التوبة إلى الله.. معناها وكيفية الإقلاع عن الذنب علي جمعة: التوبة من أصول الإسلام وقواعده المهمة حكم إرجاع المال المسروق إلى صاحبه على سبيل الهبة

ردت دار الإفتاء على سؤال ورد إليها جاء فيه: هل يجوز إرجاع المال المسروق إلى صاحبه على سبيل الهبة أو الهدية، لعدم القدرة على الاعتراف بالذنب أو الاعتراف بالسرقة؟

وقالت دار الإفتاء من خلال بثها المباشر عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي على فيسبوك: شروط التوبة أن يرجع الشخص المال إلى أهله، ونرجو الله أن يغفر له، مضيفة: قد يتوب بعض الأشخاص ويستحي ففي هذه الحالة يجوز إخراجها على سبيل الهبة أو الهدية إلى الشخص المسروق، وشروط التوبة هو العزم على عدم العودة إليها.

وتابعت الإفتاء: كذلك قد يُتطلب من المسروق السماح، كأن يطلب منه أن يسامحه على شيء فعله، وهذا لا يعني أن يعترف الشخص بسرقته أو ما إلى ذلك، ولكنه يطلب منه السماح على وجه العموم، فيظن المسروق أن صاحبنا يطلب منه السماح ربما للفظ قاله في حقه وما إلى ذلك، وهذا كله جائز.

نهى عنه الشرع.. فعل من كبائر الذنوب احذر منه في شهر صفر دعاء يغفر الذنوب كلها.. أقوى الكلمات التي ذكرها الشيخ الشعراوي المبادرة بالتوبة من الذنوب والمعاصي

كما قالت دار الإفتاء إنه من المعلوم شرعًا أن التوبة من المعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام.

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 238، ط. دار الكتب المصرية) عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]: [قوله تعالى ﴿وَتُوبُوا﴾: أمر، ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين.. والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال] اهـ.

وبينت أن التوبة من الذنوب واجبة، على المذنب أن يبادر بها؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عزَّ وجلَّ أن يتفضَّل عليه ويُدخله الجنة وينجيه من النار، وإذا تعلَّق الذنب بحقوق العباد فلا بد من التحلل من المظلمة؛ لأن الله تعالى قد يغفر ما كان من الذنوب متعلقًا بحقه، ولا يغفر ما كان متعلقًا بحقوق العباد، إلا إذا تحلَّل الظالم من المظلوم فسامحه.

وشددت: مَن كان مِن المسلمين يفعل ذنبًا أو معصية فعليه بالتوبة من ذلك، وقد تفضل الله تعالى على عباده بقبول توبتهم والعفو عن سيئاتهم، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قَبِل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف؛ فعن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» أخرجه ابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "الكبير".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التوبة دار الإفتاء الله تعالى علی جمعة ل الله ى الله

إقرأ أيضاً:

إفطار رمضان لأجل الامتحانات.. دار الإفتاء: لا يجوز إلا عند الضرورة القصوى

أيام قليلة ويبدأ شهر رمضان الكريم، ويتسأل الكثير من الاهلى والطلبة عن إفطار رمضان لأجل الامتحانات؟، لترد دار الإفتاء موضحة، بأنه لا يجوز للطلبة المكلفين بالصيام الإفطار في رمضان بحجة أنهم يدرسون ويطلبون العلم أو الامتحانات إلا عند الضرورة القصوى وتحقق الأعذار المبيحة للفطر، والضرورة تقدر بقدرها.

وقالت إن كان لدى الطالب عذرٌ مبيحٌ للفطر أو كانت هناك ضرورةٌ تجبره على الفطر جاز له ذلك، وهو المسؤول أمام الله عن تقدير هذه الضرورة، وليست الامتحانات أو الدارسة في -حد ذاتها- ضرورةً من الضرورات.

وأوضح أمين الفتوى، أن الطالب إذا كان يعي جيدا أنه من الصعب عليه التركيز في مذاكرته وامتحانات وهو صائم وأنه لن ينجح بهذه الطريقة، فيجوز له في هذه الحالة الإفطار، مشيرا إلى أن بعض الناس قد يتلاعبوا في هذا الأمر ويجيز بعضهم الإفطار له في شهر رمضان طالما أنه في وقت امتحانات ومذاكرة، فهم بذلك آثمون.

 إفطار رمضان لأجل الامتحانات

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم إفطار طلاب المدارس والجامعات أيام الامتحانات؟ فإنهم سيؤدون بعض الامتحانات هذا العام في أيامٍ من رمضان، ولا بد لهم فيها من بذل الجهد في المذاكرة والتحصيل استعدادًا للامتحان. فهل يُعَدُّ ذلك عذرًا يبيح لهم الفطر شرعًا في هذه الأيام؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: ان الامتحان في حدِّ ذاته ليس عذرًا مبيحًا للفطر، ولكن إن غلب على ظنّ أحد هؤلاء الطلاب -وهو المسؤول أمام الله جل وعلا- وهو صحيحٌ مقيمٌ، خوف المرض إذا صام مع أداء الامتحان، أو بلغَ به حدَّ المشقة والتعب الشديد بما يضرُّ به وكان مضطرًّا لأداء الامتحان ولا بد من أدائه في الوقت المحدد له: فيباح له الفطر، وعليه القضاء.

الامتحان في ذاته ليس عذرًا يُبيح الفطر، وكم أدَّاه أناسٌ وهم صيام؛ إذ إنَّه يقع عادة في غدوة النهار وينتهي في منتصفه تقريبًا، وكذلك الاستذكار فإنه يكون عادة في الليل بعد الإفطار، والمَسنُون في الأكل في سائر الأيام فضلًا عن أيام الصوم الاعتدال والتوسط؛ حتى لا تحدث للآكل بطنة وتخمة تعوقه عن مواصلة العمل بسهولة.

والامتحان والاستذكار دون أعمال كثيرة يقوم بها الصائمون بدون أن يجدوا مشقةً أو يَمْسَّسْهُم سوء. ولكن هناك حالتان:

إحداهما: أن يغلب على ظنّ أحد هؤلاء الطلاب وهو صحيحٌ مقيمٌ خوفَ المرض إذا صام مع أداء الامتحان؛ بأمارة ظهرت أو تجربة وقعت أو إخبار طبيب ماهر، لا بمجرد التَّوهّم والتخيّل، ففي هذه الحالة: يُباح له الفطر شرعًا.

ففي "شرح الدر" و"حواشيه" -ملخصًا- (2/ 422، ط. دار الفكر-بيروت): [أنَّ الصحيح إذا خاف على نفسه المرض إذا صام بطريق من الطرق المذكورة يُباح له الفطر، وأنه مثل المريض الذي يخاف بإحدى هذه الطرق زيادة المرض أو إبطاء البرء، فالذاهب لسدِّ النهر أو كريه -حفره- إذا اشتد الحر وخاف الهلاك يجوز له الفطر، والحامل إذا خافت على نفسها أو على الجنين، والمرضع إذا خافت على نفسها أو على الرضيع يُباح لهما الفطر شرعًا، وعليهم القضاء في أيام أُخَر ليس فيها هذا العذر] اهـ.

الحالة الثانية: أن يُجهدَه العمل ويشقَّ عليه؛ بحيث لا يستطيع أداءه مع الصوم، وإن لم يخش منه المرض ولا بد له من أدائه، فالظاهر: أن يباح له الفطر في هذه الحالة أخذًا مما استظهره العلامة ابن عابدين في المحترف الذي عنده ما يكفيه وعياله، ولا بدَّ له من العمل بضرورة المعيشة، والصوم يضعفه من أنه يباح له الفطر إذا لم يمكنه مباشرة عمل لا يؤديه إلى الفطر، وكذلك في الزارع الذي يخاف على زرعه الهلاك أو السرقة، ولا يجد مَنْ يعمل له بأجرة المثل وهو يقدر عليها؛ لأنَّ له قطع الصلاة لأقل من ذلك صيانةً لماله، فالفطر أولى.

وظاهر أنَّ مبنى ذلك تقديرًا لضرورة أداء الطالب الذي لا يستطيع أداء الامتحان مع الصوم؛ لبلوغه حدًّا من الإعياء يضرُّ به مضطر لأداء الامتحان اضطرار الفقير إلى عيشه، ولا بدَّ له منه في وقته المحدّد له، وفي تركه الامتحان في الوقت الـمُحدّد مَضَرَّة له: فيباح له الفطر، وعليه القضاء في أيام أُخَر ليس فيها هذه الضرورة.

وقد نَصُّوا على أنَّ الحصّاد إذا لم يقدر عليه مع الصوم ويهلك الزرع بتأخيره يجوز له الفطر، وكذلك الخبَّاز، وعليهما القضاء، ومثلهما: عمال المناجم، والغوَّاصون، والحجَّارون، وسائقو القطارات وأشباههم.

ومـمَّا يجب أن يُعلم أنَّ فريضة الصوم مُحْكَمَة والثواب مقطوع به لمن أحسنه، وأنَّ رخصة الفطر منحة من الشارع لأرباب الأعذار حقيقةً لا وهمًا وخيالًا ولا مغالطةً واحتيالًا.

والاحتيال على الفطر فرارًا من الصوم لا يخفى على مَنْ يعلم خائنة الأعين وما تُخْفِي الصدور، وكلُّ امرئ بما كسب رهين، وهو أدرى بحاله وانطباق الحكم عليه، وأَجْدَرُ الناس بالطاعة والامتثال والصبر والاحتمال: مَنْ يرجو من الله سبحانه أن يُنِيرَ بصيرته، ويُلْهِمَهُ الصواب، ويوفقه للسداد، ويفتح له المغاليق، ويُيَسِّر له الصعاب، وكيف يستقيم أنْ يعصيه ويتركَ فرائضه بلا عذر يُسَوّغه في الوقت الذي يبسط إليه فيه يدَ الرجاء، ويبتهل إليه بالدعاء، ويستمد منه العون والإلهام وهو الفتاح العليم.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: ليلة النصف من شعبان عظيمة وتحويل القبلة حدث تاريخي في الإسلام
  • إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق .. علي جمعة يوضح
  • علي جمعة: نور الإيمان هداية في الدنيا وفوز بالآخرة
  • إفطار رمضان لأجل الامتحانات.. دار الإفتاء: لا يجوز إلا عند الضرورة القصوى
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح حكم من لا يستطيع الوفاء بالنذر
  • حكم الدعاء بعبارة "يا غارة الله" وبيان معناها
  • المراد بقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
  • هل التوبة والاستغفار تسقط الصلاة الفائتة.. الإفتاء تحسم الجدل
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • حكم الرقية بالقرآن الكريم.. الإفتاء توضح