هل أساء الإنسان فهم طبيعته البشرية طوال قرن من الزمان؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا مقتبسا من كتاب سيصدر قريبا بعنوان "غاضبون: لماذا نتشاجر حول الأخلاق والسياسة وكيف نُوجد أرضية مشتركة" من تأليف عالم النفس الاجتماعي الدكتور كورت غراي.
وذكر غراي، في المقال المقتبس من كتابه، أن عالم أنثروبولوجيا، يُدعى ريموند دارت، توصل في أحد الأيام من صيف عام 1924 إلى اكتشاف مذهل، واستخلص منه استنتاجا عن الطبيعة البشرية ضلل الإنسانية طوال قرن من الزمان.
وقال إن دارت كان يفحص مجموعة من المستحاثات المتحجرة (الأحفوريات) التي استخرجها بعض عمال المناجم بالقرب من بلدة تاونغ في المقاطعة الشمالية الغربية بجنوب أفريقيا.
ومن بين تلك الأحفوريات، عثر عالم الأنثروبولوجيا على ما اعتبره "الحلقة المفقودة" بين القردة القديمة والبشر، والتي تعود لعضو يافع من فصيلة أوسترالوبيثيكوس أفريكانوس الأفريقي الذي أطلق عليه فيما بعد اسم "طفل تاونغ".
وتعد هذه الفصيلة من الأوسترالوبيثيكوس، أول الأنواع المبكرة المنقرضة من القردة التي تُصنف على أنها من أشباه البشر.
وأثبتت الجمجمة بشكل قاطع أن أفريقيا كانت مهد الجنس البشري. وبدا أيضا أنها تكشف شيئا "شريرا" عن الطبيعة البشرية، فقد كانت هناك سلسلة من الثلم (شقوق) المحفورة في العظم، والتي اعتقد دارت أنها لا يمكن أن تحدث إلا بأدوات من صنع الإنسان. وقد أقنعته هذه العلامات بأن هذا الإنسان الصغير قد ذبحه وأكله عضو آخر من قبيلته (ربما عمه الجائع)، كما يفيد غراي في مقاله المقتبس من كتابه الجديد.
إعلانواستنتج دارت أن أسلافنا كانوا قتلة من آكلي لحوم البشر. وجادل بأن أوسترالوبيثيكوس أفريكانوس كان يمثل "مرحلة انتقالية مفترسة" تطور فيها أسلافنا من أكل النباتات والفواكه إلى التهام اللحوم، بأكل بعضهم بعضا.
النزعة الافتراسيةووفقا للمقال، سرعان ما أصبحت أطروحة دارت محل إجماع علمي، ووجد علماء أنثروبولوجيا آخرون حقائق تدعم النظرية القائلة إن البشر تطوروا وأصبحوا صيادين "قساة القلب".
إن الاعتقاد بأن البشر مفترسون بالفطرة لم تكن مجرد ادعاء علمي -بحسب المقال أو بالأحرى الكتاب- بل وجدت تعبيرا لها في الثقافة الأوسع نطاقا. ففي رواية "أمير الذباب" الصادرة عام 1954 للمؤلف ويليام غولدنغ، تحولت مجموعة من الصبية في سن الدراسة الذين تقطعت بهم السبل على جزيرة، إلى انتهاج العنف الوحشي، كاشفين عن طبيعتهم الحقيقية.
ويبدأ فيلم "2001: أوديسا الفضاء" -المستوحى من رواية بالاسم نفسه لمؤلف قصص الخيال العلمي، الكاتب البريطاني آرثر كلارك- كيف أن قبيلة من القردة في عصور ما قبل التاريخ اكتشفت أنه يمكن استخدام عظمة الساق سلاحا للاعتداء على بعضها بعضا.
إن الافتراض بأن طبيعة البشر تتسم بنزعة "افتراسية" لا تلوِّن حياتنا اليومية فحسب، بل تصبغ تصوراتنا السياسية أيضا، التي تنظر إلى الآخر على أنه يبدو في الغالب عديم الرحمة وسعيدا بإلحاق الأذى بالآخرين.
وفي إسقاط لتلك الفرضية على الواقع السياسي الراهن في الولايات المتحدة، أشار غراي في كتابه إلى أن دراسة أُجريت عام 2022 من قبل فريق من الباحثين بقيادة عالمة النفس الأخلاقي دانييلا غويا توكيتو، كشفت أن الديمقراطيين والجمهوريين ينظرون إلى سياسات خصومهم -في قضايا مثل الضرائب والسيطرة على الأسلحة والتنظيم البيئي- على أنها مدفوعة بنوايا خبيثة.
وعندما يتعلق الأمر بالمداولات حول تحجيم الصناعة عبر فرض إجراءات ترمي إلى حماية البيئة، اعتبر الديمقراطيون أن نظراءهم الجمهوريين يضرون بالبيئة عن قصد، بينما اعتقد الجمهوريون أن الديمقراطيين هم من كانوا يحاولون بهمة القضاء على الوظائف العمالية.
ومع ذلك، فإن عالم النفس الاجتماعي يؤكد، في مقاله، أن هناك مشكلة صارخة مع الافتراض السائد بأن البشر مفترسون بطبيعتهم، مشيرا إلى أن هذا افتراض خاطئ.
إعلانوللدلالة على ذلك، يعود غراي إلى ما توصل إليه عالم الأنثروبولوجيا ريموند دارت من اكتشاف. وقال إن عالم الآثار لي بيرغر وباحثين آخرين أعادوا، في تسعينيات القرن الماضي، فحص الأحفوريات التي درسها دارت.
وأضاف أن عظام طفل تاونغ عُثر عليها في كومة من عظام حيوانات مذبوحة، مما يوحي بأن المكان كان وكرا لحيوان من آكلة لحوم البشر.
لكن بيرغر وجد أيضا قشور بيض تشبه قشور بيض نسر في ذلك الوكر. وتساءل: لماذا يتكبد البشر عناء جمع بيض النسر وأكله، ويخاطرون بفقدان أرواحهم من أجل وجبة خفيفة صغيرة؟
وبدا أن دارت لم يكتشف دليلا على افتراس بشري بل على وجود عش نسر قديم، مكتمل بقشور بيض مهملة من صغارها. وقد أكدت نظرة فاحصة -على الحزوز أو الشقوق في جمجمة طفل تاونغ- هذه النظرية الجديدة أن تلك الثلم تشبه النقر بمنقار نسر.
فإذا كانت النسور الخطافية في العصر الحديث قادرة على حمل ماعز صغير، فمن المؤكد -كما يعتقد غراي- أن نسور ما قبل التاريخ كانت كبيرة بحيث تستطيع التقاط طفل من البشر، مما يوحي بأن طفل تاونغ كان فريسة لأحد النسور.
وتدعم اكتشافات مماثلة، مثل جماجم أشباه البشر المثقوبة بأنياب القطط ذات الأسنان السيفية، الادعاء بأن أسلافنا (وليس فقط أطفالهم) كانوا فرائس أكثر من كونهم مفترسين. كما أن أجسادنا الضعيفة تكشف أننا نحن الفرائس في الأصل.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
صدمة في عالم المصارعة.. كيف تحول جون سينا إلى شرير؟
شهد جمهور WWE واحدة من أكبر الصدمات في تاريخ المنظمة خلال عرض "إليمنيشن تشامبر 2025" الذي أقيم في مدينة تورنتو الكندية، حيث قام المصارع الشهير جون سينا بتحويل شخصيته من بطل محبوب إلى شخصية شريرة.
بدأت القصة بعد فوز جون سينا على المصارع سي إم بانك في نزال "إليمنيشن تشامبر" للرجال، ليظهر بعدها كودي رودز ليعلن عن تحديه لسينا في الحدث الرئيسي "ريسلمانيا 41".
وسرعان ما تغيرت الأمور، حيث قاطعهم ذا روك بشخصيته الجديدة "Final Boss"، رفقة مغني الراب ترافيس سكوت، محاولاً إقناع سينا بالانضمام إليه كحليف له في WWE. بينما رفض كودي رودز العرض الذي قدمه ذا روك، جاء الرد الصادم من جون سينا.
CENA WINS! CENA WINS! CENA WINS!#WWEChamber pic.twitter.com/zva1l6I7eK — WWE (@WWE) March 2, 2025
في مشهد غير متوقع، وبينما كان سينا يعانق رودز بعد رفضه، تلقت سينا إشارة من ذا روك، ليقوم في لحظات مفاجئة بتوجيه ضربة "أسفل الحزام" لكودي رودز، ثم يشن هجومًا وحشيًا عليه. وقد تركه ملقى على الأرض غارقًا في دمائه، بينما كان الجمهور في حالة من الذهول التام.
التحول الجذري في شخصية جون سينا، الذي اعتاد الجمهور على رؤيته كبطل للخير، صدم الحضور بشكل غير مسبوق، حيث أصبح شريرًا للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين من الزمن. لقد كانت هذه اللحظة بمثابة نقطة تحول كبيرة في تاريخ المصارعة الحرة، وأثار هذا التحول تعليقات متباينة من الجماهير، حيث عبر بعضهم عن دهشتهم من حجم الصدمة، ووصفوا التحول بأنه "أعظم تحول شرير في تاريخ المصارعة". واعتبر البعض الآخر هذه اللحظة "تحفة سينمائية خالصة"، قائلين إن هذا التحول تفوق على العديد من الأحداث الكبرى في تاريخ المصارعة.
ورغم المشهد الدرامي الذي قدمه جون سينا، فقد انتهت الأمور بشكل غير متوقع عندما دخل المصارع القاعة الصحفية بعد المباراة، دون أن يتفوه بكلمة واحدة. وقام برفع الميكروفون إلى الأعلى ثم أسقطه على الأرض قبل مغادرته القاعة بشكل مفاجئ، مما أضاف مزيدًا من الغموض حول تحول شخصيته.
ومن الجدير بالذكر أن جون سينا أعلن أن العام الحالي سيكون آخر عام له في عالم WWE، حيث سيعلن اعتزاله مع خوض الجولات الأخيرة في هذا الموسم، ليكون آخر ظهور له في عرض "ريسلمانيا 41" الذي سيُقام في لاس فيغاس.
IF YA SMELL...@TheRock & @trvisXX are here at #WWEChamber in Toronto! ???????? pic.twitter.com/qsfPGM2K3r — WWE (@WWE) March 2, 2025
يُعد جون سينا من أبرز المصارعين في تاريخ WWE، فقد ظهر لأول مرة في عالم المصارعة الحرة عام 2002، ومنذ ذلك الحين أصبح أحد أشهر الوجوه في المنظمة، محققًا العديد من البطولات الكبرى، ومنها 16 بطولة عالمية. كما أصبح سينا أحد النجوم البارزين في عالم هوليوود. وحقق أول بطولة عالمية له في ريسلمانيا عام 2005 وهو في سن الـ28 عامًا.
ويُعد عرض "ريسلمانيا" من أكبر وأهم الأحداث في عالم المصارعة الحرة، حيث يُقام سنويًا بين منتصف مارس ومنتصف أبريل من قبل WWE، ويعود أول تنظيم لهذا الحدث إلى عام 1985.
هذه اللحظة الفارقة في عالم المصارعة تمثل تحولًا كبيرًا في تاريخ WWE، وتفتح بابًا جديدًا من التكهنات حول مستقبل المصارعين، خاصة في ظل الحديث عن اعتزال سينا ورحيله عن الحلبة.