ذكرت إذاعة فرنسا الدولية أن لبنان، الذي يتأرجح على حافة الانهيار السياسي والاقتصادي، يقف مرة أخرى على مفترق طرق التاريخ، فمع اقتراب  موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 9 يناير 2025، تعج البلاد بالنقاشات حول رئيسها المحتمل.

ومع فشل الكتل السياسية في التوصل إلى توافق في الآراء، برز اسم قائد الجيش اللبناني جوزيف عون كمرشح محتمل لرأب الانقسامات العميقة في البلاد.

وبحسب الإذاعة، فإن بروز اسم جوزيف عون كمرشح الضرورة، يأتي بعد عامين مضطربين منذ بدء الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية ميشال عون في 31 أكتوبر 2022. وعلى الرغم من اثني عشر محاولة فاشلة لانتخاب خلف له، إلا أن البرلمان اللبناني - تحت ضغوط دولية ومحلية - حدد أخيرًا الجلسة الحاسمة لتقرير مصير لبنان.
وبينت الإذاعة أن القرار الأخير بتمديد فترة ولاية جوزيف عون كقائد للجيش وتحديد موعد الانتخابات ليس من قبيل الصدفة، فقد أكد المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان في اجتماعاته المكثفة مع المسؤولين اللبنانيين على الحاجة الملحة لانتخاب رئيس قادر على تنفيذ التزامات لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع إسرائيل بوساطة أميركية.

وينص هذا الاتفاق الدولي الذي تم توقيعه في 27 نوفمبر 2024، على أن يضمن لبنان سيادة الدولة، على أن يكون الجيش اللبناني القوة الأمنية الأساسية، لا سيما في الجنوب. وقد أصبح جوزيف عون، الذي تنظر إليه القوى الغربية بعين الرضا، محور هذه الرؤية، حيث يمزج بين مؤهلاته العسكرية وسمعة الحياد والكفاءة.

أحد أسباب الدعم المتزايد لجوزيف عون هو الرفض الواسع النطاق لزعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فقد واجه جعجع، وهو شخصية استقطابية في السياسة اللبنانية، معارضة من مختلف الفصائل، بما في ذلك حزب الله وحلفاؤه، الذين يرون فيه شخصية استفزازية غير راغبة في تقديم تنازلات. وينظر إليه العديد من اللبنانيين على أنه زعيم انقسامي غير قادر على توحيد الأمة الممزقة.

وبحسب الإذاعة، يمثل جوزيف عون شخصية فوق الخصومات السياسية، وقد عززت قيادته خلال عمليات الجيش ضد الجماعات المتطرفة وتعامله مع الحوادث الحساسة، مثل اشتباكات الطيونة والكحالة، سمعته كموحد.

على صعيد آخر، وفق الإذاعة، فإن حزب الله، الذي لعب تاريخيا دورا مهيمنا في السياسة اللبنانية، يجد نفسه في موقف ضعيف بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، ويعكس استعداد الحزب للتعاون في الانتخابات حاجته البراغماتية لإعادة بناء مكانته مع الالتزام في الوقت نفسه بشروط وقف إطلاق النار التي تحدّ من نفوذه في جنوب لبنان.

وعلى الرغم من أن حزب الله يدعم منذ فترة طويلة سليمان فرنجية، زعيم تيار المردة، إلا أن التقارير تشير إلى أن الحزب قد يدعم جوزيف عون إذا فشل ترشيح فرنجية في كسب التأييد، ويُنظر إلى هذا التحول على أنه خطوة استراتيجية لمنع المزيد من العزلة الدولية وتأمين زعيم قادر على تحقيق الاستقرار في البلاد مع حماية مصالح حزب الله الأساسية.

تتابع الإذاعة بالقول إن جوزيف عون، القائد العسكري المخضرم المولود في عام 1964، يحظى احترام في جميع أنحاء لبنان. كما أن دوره المحوري في عمليات مثل ”فجر الجرود“ ضد الجماعات المتطرفة وقدرته على تجاوز الأزمات دون تصعيد التوترات الطائفية جعلته شخصية ذات مصداقية لرئاسة الجمهورية.

ومع ذلك، فإن تولي منصب الرئيس في دولة تعج بالانقسامات ليس بالمهمة السهلة. فالانهيار الاقتصادي في لبنان، الذي يتسم بانخفاض قيمة العملة وتفشي الفقر والخلل المؤسسي، يتطلب أكثر من مجرد شخصية موحدة؛ فهو يتطلب قيادة حاسمة وإصلاحات شاملة، حسب الإذاعة.
تختتم الإذاعة بالقول إنه بالنسبة للكثير من اللبنانيين، يمثل ترشيح جوزيف عون بارقة أمل، فالمواطنون الذين خاب أملهم في الزعماء السياسيين التقليديين، يرون فيه إمكانية لبداية جديدة،  كما أن موقفه غير السياسي، إلى جانب خلفيته العسكرية، يتماشى مع رغبة الشعب في الاستقرار والابتعاد عن السياسة الطائفية.
تؤكد الإذاعة أن لبنان يقف في لحظة مفصلية، والخيار الذي سيتم اتخاذه في الانتخابات المقبلة سيشكل مستقبل البلاد لسنوات قادمة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: جوزیف عون حزب الله على أن

إقرأ أيضاً:

انتخاب جوزيف عون "نكسة جديدة" لحزب الله ونقطة تحول في لبنان

طوى انتخاب جوزيف عون رئيساً جديداً للبنان، صفحة سياسية صعبة في تاريخ البلاد، وشكّل نقطة تحول مهمة في مسار السياسة اللبنانية، تؤثر بشكل مباشر على مواقف القوى السياسية الفاعلة في لبنان، وفي مقدمتها تنظيم حزب الله.

ويُعد انتخاب العماد عون بمثابة نكسة لحزب الله، الأمر الذي قد يضع التنظيم المدعوم من إيران أمام تحديات كبيرة في التعامل مع هذا الواقع الجديد، بعدما كان مقرباً ومؤثراً على القرارات الرئاسية في الوقت السابق.
وكان حزب الله وحركة أمل (الثنائي الشيعي)، على مدار عامين، بمثابة عقبة أساسية أمام انتخاب رئيس للبلاد بعد انتهاء ولاية ميشال عون، في نهاية أكتوبر (تشرين أول) 2022.

???? رفع صور الرئيس المنتخب جوزيف عون في مطار رفيق الحريري الدولي.

???? عقبال ازالة جميع الصور "المستفزة" على طريق المطار وحصرها بالرئيس والشعارات الوطنية.#صار_وقت_التغيير pic.twitter.com/Tzy0MsJcNP

— طوني بولس (@TonyBouloss) January 9, 2025

وأبدى التنظيم معارضته الشديدة لترشيح العماد عون، حيث كان يدعم في البداية ترشيح سليمان فرنجية، الذي يُعتبر حليفاً قوياً للنظام السوري المخلوع وإيران.
لكن مع سقوط بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024، تغيرت موازين القوى في المنطقة بشكل جذري، ما دفع حزب الله إلى إعادة تقييم موقفه السياسي.
يضاف إلى ذلك الانتكاسات العسكرية التي تعرض لها حزب الله في الحرب مع إسرائيل، والتي كان لها دوراً كبيراً في التأثير على قدرات الحزب، وزعزعت الثقة في استراتيجيته.

عون: أصبحت رئيساً بعد زلزال الشرق الأوسط.. والدولة فقط "تحتكر السلاح" - موقع 24تعهد الرئيس اللبناني، العماد جوزيف عون، الخميس، بالعمل على إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في مختلف أنحاء لبنان، مؤكداً التزامه بتعزيز سيادة الدولة وأن تكون الدولة هي الوحيدة التي تحتكر السلاح، في إشارة إلى التنظيمات المسلحة مثل حزب الله.

كما أن "الخسائر التي تكبدها الحزب على جبهات متعددة أضعفت قدراته العسكرية، وشككت في فعالية سياسته الإقليمية، مما دفعه إلى إعادة حساباته بشأن المستقبل السياسي في بيروت، وجعلته يرضخ أمام القرار الدولي الرامي إلى إخراج لبنان من عباءة إيران، كما يقول المحلل السياسي حسن الخالدي.
ويرى الخالدي أن "انتخاب العماد عون، الذي يمثل تيارًا معتدلًا أكثر في السياسة اللبنانية، قد يضع حزب الله في موقف صعب، خاصة أنه كان يراهن على مرشح يشترك في رؤى إقليمية حليفـة له".
وعلى الرغم من أن حزب الله لا يزال يمتلك قوة عسكرية وتأثيرًا في لبنان، إلا أن الواقع الجديد قد يفرض عليه تحديات كبيرة في التأقلم مع متغيرات الساحة السياسية، خاصة بعد أن اشترطت الهدنة مع إسرائيل انسحاب مقاتلي التنظيم من الجنوب، وتطبيق القرارات الأممية الداعية لسحب السلاح غير الشرعي في البلاد.

جوزيف عون يوجّه رسائل سياسية.. ويحذّر حزب الله - موقع 24بعد انتخابه رئيساً جديداً للبنان، أطلق جوزيف عون سلسلة من الرسائل، التي تعكس رؤيته لمستقبل البلاد وتوجهاته السياسية، في دولة تعيش في أزمات سياسية واقتصادية وأمنية.

وفور إعلان فوزه تعهد الرئيس الجديد جوزيف عون، بالعمل على تأكيد حق الدولة في "احتكار حمل السلاح"، في إشارة إلى سلاح حزب الله.

وقال الخالدي إن متغيرات موازين القوى في المنطقة، بما في ذلك تراجع النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا، وكذلك تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية على إيران، ستؤثر على الحزب الذي يعتمد على طهران بشكل كبير في دعمه المالي والعسكري، ما قد يجعل مهمة الرئيس الجديد أسهل، مقارنة بالفترة قبل الحرب.
في سياق متصل، قال المحلل السياسي عامر ملحم، إن "حزب الله وحركة أمل حاولا حتى الرمق الأخير الحصول على مكاسب سياسية من جوزيف عون، عبر محاولة ضمان السيطرة على وزارة المالية".

أنطوان حبشي: بعد الخسارة العسكرية خسارة سياسية، وسيأتي نوّاب الثنائي الشيعي صاغرين في الدورة الثانية لانتخاب جوزيف عون.#أنطوان_حبشي #القوات_اللبنانية@antoinebhabchi pic.twitter.com/vNvePyUKRa

— Lebanese Forces (@LFPartyOfficial) January 9, 2025

وأضاف ملحم أن "ما حدث يثبت أن القادم صعب على حزب الله، بعد فشله في تعطيل الانتخابات، وفوز عون في النهاية".
لكن المحلل السياسي أكد أن "مستقبل لبنان مرهون الآن بالضغط على إيران، للكف عن التدخل بشؤون بيروت، ووقف الدعم لحزب الله، وهو ما قد يحدث مع مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".

مقالات مشابهة

  • أمريكا ولبنان.. من ميشال عون إلى جوزيف عون..
  • ضاهر: انا مع الحراك الدولي الذي رافق موضوع الانتخابات الرئاسية
  • انتخاب جوزيف عون "نكسة جديدة" لحزب الله ونقطة تحول في لبنان
  • حزب الله: انتخاب جوزيف عون "رسالة وفاق"
  • جوزيف عون يوجّه رسائل سياسية.. ويحذّر حزب الله
  • ‏جوزيف عون يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للجمهورية في لبنان
  • ‏جوزيف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية
  • لبنان..مُرشح حزب الله ينسحب من السباق الرئاسي
  • سليمان: لا بديل عن الوطن الواحد الذي يحتضن جميع المواطنين
  • من الفراغ إلى المنع.. ما الذي تغير على الحدود السورية اللبنانية؟