ملاحظات نقدية حول مبادرة الشيوعي لوقف الحرب
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
بدءً أثمن عالياً هذه المبادرة التي أصدرها الشيوعي وأتمني من أسهامي هذا أن يثري النقاش حولها حتي تكتمل كل جوانبها وتكون نبراساً ورافعة لكل القوي المناهضة للحرب والمحبة للسلام والتي تنادي بأستعادة ثورة ديسمبر المجيدة . أطلعتُ كغيري من الكثيرين الذين يهمهم رأي الحزب الشيوعي فيما يدور في الساحة السياسية حول مبادرته لوقف الحرب وأستعادة الثورة في البيان الصادر من المكتب السياسي بتاريخ 9 ديسمبر 2024 .
نحمد للشيوعيين السودانيين في طرحهم هذه المبادرة علي الرغم من مضي حوالي العامين علي حرب قضت علي الأخضر واليابس بعد أن سبقتها في الساحة السياسية مبادرات من أفراد ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات سياسية مختلفة وعلي قول الفرنجه أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي .
بدأت المبادرة بالتشديد علي وحدة العمل الجماعي كشرط أساسي لنجاح ثورة ديسمبر مثلما كان في أبريل وأكتوبر ويناير 56 . كما أكدت أن حرب 15 أبريل كان الهدف منها تصفية الثورة بعد أن فشل أنقلاب 2021 في القضاء عليها . وهذه خطوة في الأتجاه الصحيح بعد أن بح صوتنا بتأكيد أن السبيل الوحيد لوقف الحرب يتطلب وحدة قوي الثورة ولا سبيل الي ذلك الأ ببناء جبهة للعمل الموحد تضم كل الفصائل والفئات من القوي والكيانات المناهضة للحرب . ومضت المبادرة في مطالبة القوي السياسية وسلطة الأنتقال وكافة قوي الثورة ليس بتقديم نقداً ذاتياً فحسب وأنما يجب أن يوازي النقد حجم القصور والخطأ الذي قاد الي هذه الحرب وأن تتصدي الجماهير لمنع الأنزلاق للحرب الأهلية . كما أشارت المبادرة الي أن الوضع الكارثي من جراء الحرب أدي الي تعويل بعض القوي السياسية والوطنية الي البحث عن حلول خارجية دون تسمية هذه القوي .
وبالتطرق للحلول الخارجية ، أري أنه في حالة نجاح وحدتنا كقوي داخلية وكعامل أساسي في وقف الحرب والدمار الشامل من الضرورة أن يتمخض عن هذا النجاح إرغام الطرفين علي الجلوس لطاولة مفاوضات . وللخروج بنتائج أيجابية من المفاوضات لا بد من الأستعانة بقوي أجنبية مسلحة لكي تفرض سيطرتها علي المتحاربين بالسلاح وتمنع التفلتات الأمنية و تشرف علي تطبيق معاهدة السلام وتضمن تنفيذها بنص أتفاقية الأمم المتحدة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الأندماج . الحرب أدخلت البلاد في نفق مظلم والكل يعلم التدخلات الدولية والأقليمية . فرض السلام علي المتحاربين بالضرورة أن يتبعه تدخل خارجي ولا مناصة من دور الدول التي دعمت المتحاربين بمالها وسلاحها وأرادتها . الشيئ الاساسي أن نمتلك قوة الأرادة والحذر لكي نحد من تدخل القوي الخارجية بعد أن فرطنا في الوطن وسيادته وساعدنا جميعاً في الأنزلاق الي هذه النهاية في أعقاب أنجازنا لثورة سلمية شهد لها العالم .
بعد هذه المقدمة التي وردت في المبادرة مع عدم التعرض بأستفاضة لأكبر كارثة أنسانية في هذا القرن من نزوح وتشريد ولجوء وأنتهاكات يشيب لها الوجدان وحق في الحياة والعيشة الكريمة ، وبدلاً من أن تشرع في الكيفية التي تقترحها لوقف الحرب بتفاصيل وآليات وخطة واضحة ومحددة في توحيد قوي ثورة ديسمبر التي أطاحت بالنظام البائد وحالة التشتت التي حاصرتها ، سارت المبادرة التي عنوانها وقف الحرب في خط دعائي يشرح برنامج الفترة الأنتقالية وأهداف ثورة ديسمبر والأعلان الموقع عليه في يناير 2019 علماً بأن الحرب جبتْ ما قبلها . بل نجد أن المبادرة في بعض من أجزائها تطابقت رؤياها مع ما تم طرحه من جانب قوي الأتفاق الأطارئ وأحزاب الحرية والتغيير وحتي ما تم طرحه من قبل الأمام الراحل . تسمية هذا التطابق أو الأعتراف بتشابه الأهداف بوضوح يساعد في ردم الهوة بين أطروحات الشيوعي وأطروحات القوي الأخري .
أما فيما يتعلق بأخفاقات الفترة الأنتقالية لم تشر المبادرة من قريب أو بعيد للدور الذي لعبه الحزب الشيوعي بطرحه برنامج لا يتماشي مع الواقع التاريخي المعين بعد فوات الفرصة التاريخية للتغيير قبل إستلام اللجنة الأمنية لمقاليد الحكم علي الرغم من أن المبادرة في مقدمتها إفردت جملة علي أستحياء (لذا نري أن هنالك أهمية وضرورة لتقويم ونقد التجربة أنطلاقاً من أهداف ثورة ديسمبر 2018 ) . وهي بذلك أخرجتْ نفسها خروج الشعرة من العجين من كل العقبات والمتاريس التي وقفت أمام أنجاز مهام الفترة الأنتقالية بسلاسه و كانت فرصة لنقد الأداء والمنهج الذي صاحب الشيوعي أبان الفترة الأنتقالية بدءً من وضع العراقيل في تجمع المهنيين مروراً بقوي الحرية والتغيير ولجان المقاومة مع سبق الأصرار علي القفز فوق المراحل لتنفيذ برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وتجاهل القوي السياسية الأخري التي ساهمت مع الشيوعي جنباً الي جنب في أزالة النظام البائد . زاد من الألتباس وعدم وضوح الرؤيا طرح خيار التغيير الجذري الذي قسم المعارضة الي فسطاطين في وقت كان يستلزم وقوف كل القوي التي أسقطت النظام البائد في وجه تمدد قوي الثورة المضادة واللجنة الأمنية في برنامج حد أدني .
المبادرة في صفحتها السادسة وليس الأولي تعرضت لوحدة المعارضة وهي المعول الأساسي لوقف الحرب وأستعادة السير في خطي ثورة ديسمبر المجيدة حينما ذكرت ( أزاء هذا لا بد من وحدة أرادة كل القوي المؤمنة بالتغيير وتنظيم صفوفها لهزيمة المخطط الأجرامي علي السودان للحفاظ علي وحدته وسيادته وموارده وأراضيه وسواحله ) . توقع القارئ أن يتواصل الشرح في الخطوات العملية التي سيتبناها الشيوعي وعضويته لتحقيق الهدف الأساسي لوقف الحرب . ما هي الموجهات التي يطرحها في صحيفة الحزب للقواعد والقطاعات والفروع المختلفة لتبني هذا الرأي . وما هي المحاولات التي يتبناها لرأب الصدع فيما تم بينه والأحزاب السياسية الأخري ، مع العلم أن صحيفة الحزب الرسمية لا زالت تطرح تخوين الاحزاب المنضوية تحت لواء تقدم بدلا من النقد البناء للمتصارعين علي السلطة . ما هو رأي الحزب في تكوين الجبهة المشتركة هل سيقبل الدعوة للمشاركة وأبداء الرأي في الأجتماعات التي تدعو لها تقدم أم يواصل الرفض في تلبية الدعوات ؟ ما هي توجيهاته لعضويته في معسكرات النزوح سواء كانت في الداخل او الخارج لتنفيذ شعار وقف الحرب؟ ما هي الموجهات للحزبيين الذين يقفون في خندق ٍواحد في لجان الأحياء والمقاومة والتكايا مع بقية رفاقهم ذو التوجهات الحزبية المختلفة ؟ ما هو موقف الحزب أزاء المبادرات الأقليمية والدولية وتلك التي تمت الدعوه له للمشاركة و أبداء الرأي فيها ؟ هل اللجنة المركزية ومكتبها السياسي موحد حول هذه المبادرة حتي لا يتم خروج عن المركزية الديمقراطية ؟ هل هذه المبادرة دعوة لتكوين منبر موازي لتقدم او محاولة للانخراط فيما تم من تقدم ؟ رغم الثناء علي هذه المبادرة الأ أني أري أنها أفتقرت الي تفاصيل مهمة لانجازها حتي يتم تطبيقها علي أرض الواقع .
وأضافة أخيرة ، أن واقع وحقيقة تشرذم الحركة الأسلامية السودانية والمؤتمر الوطني يجعل من توقيت المبادرة للم الشمل فرصة مواتية أذا صاحبتها جدية وفعل من الحزب الشيوعي وهو قوة أساسية من قوي ثورة ديسمبر المجيدة لا ينكرها الأ مكابر.
حامد بشري
22 ديسمبر 2024
hamedbushra6@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الفترة الأنتقالیة القوی السیاسیة هذه المبادرة ثورة دیسمبر المبادرة فی لوقف الحرب بعد أن
إقرأ أيضاً:
التخطيط تعلن نتائج الدورة الثالثة من مبادرة المشروعات الخضراء الذكية
اختتمت أمس، فعاليات المؤتمر الوطني للدورة الثالثة من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، برعاية وحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، حيث قام رئيس الوزراء، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بتكريم 18 مشروعًا فائزًا في الفئات المختلفة للمبادرة، كما تم تكريم محافظي الوادي الجديد، والمنوفية، والغربية، بعد مُشاركتهم في مبادرة "القرية الخضراء".
وشارك في الفعالية الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والدكتور محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية المستدامة 2030، و إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، و أليساندرو فراكاسيتي، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، وغيرهم من مسئولي الجهات الوطنيةوشركاء التنمية، ومسئولي الشركات الفائزة في المبادرة.
وخلال المؤتمر، استعرضت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الجهود الوطنية لتعزيز التنمية والتحول إلى الاقتصاد الأخضر، خاصة منذ رئاسة مصر لمؤتمر المناخ COP27، حيث تُسهم بشكل فعال في إعلاء صوت الدول النامية والناشئة في كافة المحافل الدولية، للنداء بأهمية ترسيخ فكر التمويل المنصف والعادل، موضحة أنه في سبيل ذلك فقد أطلقت الحكومة العديد من الاستراتيجيات والمبادرات الوطنية ذات الطابع الدولي، والحلول العملية والمبتكرة لترجمة التعهدات إلى التنفيذ، وتجسير فجوات التنمية من خلال الآليات التمويلية المختلفة، على رأسها "دليل شرم الشيخ للتمويل العادل"، الذي وضع مبادئ توجيهية وإرشادية لتطبيق هذا المفهوم.
المشروعات الفائزة
وشهد المؤتمر، تكريم المشروعات الـ 18 الفائزة في الدورة الثالثة من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية بالمحافظات في فئاتها الست، حيث فاز في فئة المشروعات كبيرة الحجم، مشروع بيوفارم للاستثمار والتنمية الزراعية المستدامة من محافظة الوادي الجديد، ومشروع النقل المستدام من محافظة الإسكندرية، ومشروع استخدام الهيدروجين الزائد كوقود حريق في غلاية إنتاج البخار بدلا من الغاز الطبيعي.
وفي فئة المشروعات متوسطة الحجم فاز مشروع خفض غازات الشعلة وتقليل الانبعاثات الحرارية بحقول شركة بدرالدين للبترول من محافظة مطروح، ومشروع الغابة الشجرية بالمنطقة الصناعية بالقنطرة شرق من محافظة الإسماعيلية، ومشروع تيرا تك للحلول البيئية "صناعة أسياخ الفايبر جلاس" من محافظة الدقهلية.
كما أعلنت الوزارة عن المشروعات الفائزة من المحافظات في فئة المشروعات المحلية صغيرة الحجم (حياة كريمة)، وهي مشروع Black soldiers fly من محافظة أسيوط، ومشروع زراعة وإنتاج طحالب الأسبيرولينا (غذاء المستقبل) من محافظة بورسعيد، ومشروع الكنز المفقود من محافظة الوادي الجديد.
وحول فئة المشروعات التنموية المتعلقة بالمرأة وتغير المناخ والاستدامة، أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، عن فوز مشروع نحل المانجروف من محافظة البحر الأحمر، ومشروع تدوير مخلفات قشر الجمبرى وتحسين مستوى معيشة السيدات بقرية شكشوك من محافظة الفيوم، ومشروع استخدام تقنية البيوفلوك وبكتيريا الباسيلس ساتلس لإنتاج الغذاء الطبيعي ومعالجة مياه المزارع السمكية من محافظة دمياط.
وفي فئة المبادرات والمشاركات المجتمعية غير الهادفة للربح، فاز مشروع مراكز إصلاح وتأهيل خضراء ذكية من محافظة المنيا، ومشروع التفريخ والإنتاج الاقتصادي لأنواع خيار البحر المهددة بالانقراض من محافظة السويس، ومشروع مبادرة زراعة 1859 شجرة بونسيانا.
وفيما يتعلق بفئة المشروعات المقدمة من الشركات الناشئة؛ فقد فاز في الدورة الثالثة من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية مشروع تطوير نظام راداري للطب اللاتلامسي لرسم الإشارة الكهربائية للقلب من أجل التشخيص الطبي السريع والدقيق باستخدام رادار الموجة المليمترية 77 جيجا هرتز من محافظة دمياط، ومشروع تقليل التلوث البيئي وتنمية القطاع الزراعي باستخدام تقنية النانو الخضراء من محافظة الغربية، ومشروع وحدة معالجة مياه الصرف الصناعي باستخدام التكنولوجيا الخضراء منخفضة التكاليف والصديقة للبيئة من محافظة قنا.
وخلال الفعالية، قدّم السفير هشام بدر، المنسق العام للمبادرة، عرضًا تقديميًا حول أبرز نتائج الدورة الثالثة من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، والمشروعات الفائزة، والمرتكزات التي قامت عليها المبادرة، وأبرز المخرجات على مدار ثلاث سنوات.
يشار إلى أن عدد المشروعات التي شاركت بالدورة الثالثة من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية وصل إلى نحو 5797 مشروع تمثل كل محافظات الجمهورية، حيث شارك بفئة المشروعات كبيرة الحجم عدد 777 مشروعا، و1053 بفئة المشروعات المتوسطة، و683 بفئة المشروعات المحلية الصغيرة، وعدد 1083 بفئة الشركات الناشئة، و1150 بفئة المشروعات غير الهادفة للربح، وبفئة المرأة شارك عدد 1151 مشروعا. كما وصل إجمالي عدد ساعات التقييم بالدورة الثالثة إلى 17000 ساعة تقييم.
وتضمنت الفعالية عرض فيلمًا تسجيليًا حول المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، ودورها في تعزيز جهود التنمية والعمل المناخي، ودمج المعايير البيئية والاستدامة في التنمية على مستوى المحافظات، كما تم بث كلمات مسجلة للسادة الوزراء؛ الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والمستشارة أمل عمر، رئيسة المجلس القومي للمرأة.
مبادرة القرية الخضراء
وخلال الفعالية، تم تكريم اللواء أركان حرب محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد، واللواء أشرف صبحي، محافظ الغربية، واللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية، بعد فوز قرى "اللواء صبيح" و "نهطاي" و"شما" بالمحافظات الثلاث بشهادة "ترشيد"، التي تعد واحدة من أهم 10 شهادات على مستوى العالم، من حيث مراعاة معايير "صافي الانبعاثات الصفرية"، يتم منحها من جهة تحقق مستقلة (الجمعية المصرية للأبنية الخضراء، التابعة للمجلس العالمي للأبنية الخضراء)، وتعد أول شهادة مٌعتمدة دوليًا يتم منحُها لقرى مبادرة حياة كريمة التي تنجح في دمج معايير الاستدامة البيئية بجهود التنمية بما يعزز التحول الأخضر.
جدير بالذكر، أنه تم إطلاق مبادرة "القرية الخضراء"، بهدف تأهيل قرى "حياة كريمة" لتتوافق مع أحدث المعايير البيئية العالمية للمجلس العالمي للأبنية الخضراء، والحصول على شهادة "ترشيد" للمجتمعات الريفية الخضراء، بالتركيز على ثلاثة محاور أساسية هي " الطاقة، المياه، الموارد".