سودانايل:
2025-04-26@16:58:29 GMT

نقوش على قبر العندليب الأسمر

تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT

في بُعدك يا غالي (أضنانا) الألم

مضت الأيام يا سيدي، قلبنا لم يتبدل، وما هانت علينا الأيام، رغم عمايل الكيزان وجنرالاتهم، أعشاش المحبة التي بنيتموها في الوطن برحيق الأزاهير وعبق النوار، ففاضت في الصحاري والوديان وجمعت اهل بلادنا على قلب فنكم العظيم، دمّرها تجار الدين والجنرالات، داسوا بأقدامهم في فوضى تدافع التمكين على الاعشاش، واغلقوا الحدود في وجه العصافير!
بعد رحيلك بعامين انتفض الشباب، لم يعلن الجنرال استقالته مثلما فعل جنرال آخر قبل نصف قرن.

حين سمع الجنرال عبود صوت المتظاهرين يطالبون برحيله، قال: ما داموا لا يريدوننا لماذا نبق اذن؟ ثم جمع أوراقه وذهب الى بيته!
بعد نصف قرن لم يجمع الجنرال أوراقه ولم يذهب الى كافوري، أرسل (الشبّيحة) يصطادون الشباب ببنادق الكلاشينكوف في الشوارع، وظهر بعد ايام في جهاز التلفزيون يتبجح بالنصر البائس على شعبه، أعلن: القوات الخاصة أعادت الأمور الى نصابها!
لا يلاحظ حتى انّ الأمور خرجت عن نصابها، يوم أن ارسله الشيخ الى القصر رئيسا وذهب هو الى السجن حبيسا! أنّ الأمور خرجت عن نصابها يوم أن تسلّم البلاد ومصائر العباد، سادة التمكين، وحين أصبحت الدولة ملكا للتنظيم.
يجلس في كرسيه الذي سئم من تحولات الجنرال، من حاشية اللصوص الورعين التي تستظل بظل سلطته، يجلس في كرسيه ليصدر قراراته الصباحية: يجرّدنا من كل شيء: من الدواء، من كتابي الأول وقلم الرصاص، من حبة السكر وحبة الفرح وحبة الكلوروكوين، يجرّدنا من حبة الدواء، يجرّدنا من الداء نفسه حين يعلن بقرار جمهوري أنه لا يوجد مرض أو موتى في الوطن! وأنّ الناس يموتون من فرط السعادة لا من حمى الضنك، وأنّ الماء نظيف والبعوض لطيف، وأنّ الكوليرا موجودة فقط في الواتساب وخيال الشعراء!
يترك النمل الورع الذي يتشبث في طرف ثوب السلطة، يترك النمل يدخل لجحر ثروات الوطن، ليأخذ حبة، ويخرج، لتدخل نملة أخرى من خلفها، تأخذ حبة وتخرج، وتستمر صفوف النمل الورع الطويلة، نمل لا يكل ولا يمل ولا يشبع، كل نملة تأخذ حبة من لحم وطننا الحي وتخرج. فيما الجنرال يرسل جنوده آخر الليل ليقتسم مع النمل مداخيل (التحلل)!
وبعد ستة أعوام جاء جنرال آخر، قفز من المجهول، ليتربع على عرش الثورة دون أية مؤهل سوى شرعية زائفة حاول احرازها من زيارة (تاريخية) الى ميدان الاعتصام، ورؤيا شيطانية رآه والده من خلالها ملكا على قصر غردون يحيط به الحشم والحرّاس وسادة التمكين.
وحين تربّع على الكرسي الذي حلم به والده، كان أول ما فعله هو ارسال (شبّيحة النظام القديم) لفض الاعتصام الذي اكتسب منه الشرعية.
موت مئات الشباب الذين قاموا بالثورة لم يثنه عن عزمه في الثبات على مبدأ التشبث بكرسي والده، فانحنى قليلا لعاصفة الثورة، حتى يلتقط أنفاس مكره، (سيدمن الانحناء كثيرا للعواصف، ثم يحاول الالتفاف عليها) حتى ينقصم ظهر الوطن.
وقّع على الوثيقة الدستورية ثم بدأ في تمزيقها قبل أن يجف حبر توقيعه، وحين اعيته حيل إفشال المدنيين من المضي قدما في الإصلاح وتفكيك النظام القديم، أمر بإيعاز من حلفائه سادة التمكين بإغلاق الميناء! فدخل موسوعة غينيس كأول رئيس يأمر بخنق بلاده! رأى المتظاهرين السلميين يغلقون شارعا بالحجارة، فأمر بإغلاق الميناء والطريق القومي! ثورية الجنرال المرتجلة تقوم على مبدأ: أحرام على بلابـله الدوح …. حلال للطير من كل جنس!
وحين شعر بعاصفة الثورة تحاصر انقلاب حلفائه، انحنى قليلا ووقّع (بأحرف الخيانة الاولى) على الاتفاق الاطاري وهو يضمر نقضه، ثم تفرغ للهجوم على المدنيين، ورغم انه وضعهم في السجون الا انه واصل القاء تبعات كل انهيار من حوله عليهم! ثم لجأ لآخر حيله: الحرب على نفس القوات التي فتح لها كل أبواب التسليح، وبإيعاز من كيزانه قام (بتسمينها) لتصبح عدوا عند الحاجة، وأفضل صديق وقت ضيق الثورات التي تهدم لذة السلطة.
أشعلوا الحرب يا سيدي! حرب على ثورتنا ووطننا، حرب تقضي على كل شيء، حتى الذكريات تتحول الى رماد، في صباحات البحث عن بقايا وطن غارق في بحور الدماء والخراب، حيث لا صوت يعلو فوق صوت معركة تدمير الوطن، وصوت عراك الكلاب التي تأكل جثث ضحايا الدانات والقصف الجوي! فلا يتبق لنا من لمسات حنان الزمن القديم سوى: أيام مُرة خالية من طعم السرور.
نم بسلام يا سيدي، سنظل أوفياء لفنّك العظيم وزمانك الجميل، الذي صغته من عجينة المحبة والوفاء. الذي صنعته من النور، من نوّار البرتقال، من عبير صباحات الأزمنة الجميلة وضياء الافلاك، يظل نورا يهدينا لطريق استعادة وطننا، كلما توغلت في عظامنا وأرواحنا أحزان ليل الجنرال وكيزانه وميليشياته، الطويل.
#لا_للحرب

احمد الملك

ortoot@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

علي بدرخان.. المخرج الذي قدّم السينما المصرية من منظور جديد

 

يُعتبر المخرج علي بدرخان من أبرز الأسماء التي تركت بصمة واضحة في السينما المصرية، بدأ مسيرته الفنية في ظل ظروف مهنية شديدة الخصوصية، ليرتقي ليصبح أحد أبرز المخرجين في تاريخ السينما العربية.

 

 

 

 

طيلة سنواته الفنية، قدم العديد من الأفلام التي تناولت قضايا اجتماعية وسياسية، ونجح في التأثير بشكل كبير على الثقافة السينمائية المصرية.

   نشأته وتكوينه الفني

وُلد علي بدرخان في 25 أبريل 1946 بالقاهرة، وهو ابن المخرج أحمد بدرخان، ما جعله ينشأ في بيئة فنية محفزة، ورغم حبه للبحرية، إلا أن تأثير والده دفعه لدراسة السينما في معهد السينما، ليبدأ حياته المهنية كمساعد مخرج في أفلام كبيرة مثل "أرض النفاق" و"العصفور"، ما ساعده في صقل مهاراته واكتساب خبرات واسعة.

أبرز أعماله السينمائية

تميزت أعماله بطابع اجتماعي نقدي قوي، حيث قدم مجموعة من الأفلام التي عكست الواقع المصري بأبعاد اجتماعية مختلفة. من أبرز أفلامه:

• الكرنك (1975): فيلم يناقش الاضطهاد السياسي في فترة الخمسينات.

• شفيقة ومتولي (1978): عمل يجسد العادات والتقاليد المصرية في إطار رومانسي.

• الجوع (1986): أحد أفلامه التي ناقشت آلام الطبقات الاجتماعية الفقيرة.

• الرغبة (2002): عمل فني مميز سلط الضوء على صراعات الإنسان مع نفسه.

حياته الشخصية وزيجاته

تزوج علي بدرخان من الفنانة سعاد حسني في عام 1969، حيث استمرت علاقتهما الزوجية لـ 11 عامًا، قدما خلالها أعمالًا ناجحة مثل "نادية"، ورغم انفصالهما في عام 1980، إلا أن الاحترام المتبادل ظل قائمًا بينهما حتى وفاتها، حيث كانت علاقة قائمة على التقدير المتبادل والاحترام المهني.

تكريماته وجوائزه

حظي علي بدرخان بالكثير من التكريمات طوال مسيرته الفنية، أبرزها جائزة النيل للفنون، التي تُعد أعلى تكريم في مصر، وذلك تقديرًا لإبداعاته التي استمرت أكثر من 50 عامًا في مجال السينما. هذه الجوائز تثبت قيمة إسهاماته السينمائية التي أثرت في كل الأجيال التي تعاقبت.

تصريحاته وآراؤه الفنية

كان علي بدرخان معروفًا برؤيته النقدية الثاقبة تجاه السينما، حيث كان يرفض التقليل من قيمة الأعمال الفنية والتمثيل الجاف، مُصرًا على أن الفن يتطلب مهارات خاصة وجدية في معالجته.

كما كان يعارض تقليد الأعمال الأجنبية، مُؤكدًا على أهمية أن يعبر الفيلم المصري عن الواقع المحلي بأسلوبه الخاص.

مقالات مشابهة

  • ما الذي ستكشف عنه قوات صنعاء في بيانها بعد اقل من ساعة..!
  • أقدم نملة عرفها التاريخ تُبعث من جديد.. اكتشاف أحفوري يذهل العلماء!
  • مواقع عسكرية روسية تكشف اسم المسئول الذي قتل في انفجار موسكو
  • علي بدرخان.. المخرج الذي قدّم السينما المصرية من منظور جديد
  • بين نواح حسين خوجلي وعويل الأمهات: من الذي فقد الوطن؟
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • عاجل. ترامب: عدم السيطرة على كامل أراضي أوكرانيا هو التنازل الذي يمكن أن تقدم
  • الكشف عن المسؤول الأمريكي الذي سيقود المحادثات التقنية مع إيران
  • تفاصيل جديدة في قضية "تهريب النمل" في كينيا
  • تسجيل صوت الزلزال الذي هزّ إسطنبول بقوة 6.2 درجات