بعد 20 عاما من كارثة تسونامي.. ناجية تروي كيف تحدت موجات المد العاتية؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
20 عامًا مرت على أسوأ كارثة طبيعية شهدها القرن الـ21، إذ كانت مأساة إنسانية وثّقت عجز البشر أمام الطبيعة، بعدما ضرب المحيط الهندي زلزال مدمر بلغت قوته 9.3 درجات على مقياس ريختر، تسبب في موجات تسونامي عنيفة قرابة سواحل جزيرة سومطرة الإندونيسية.
وتسببت موجات تسونامي التي اعتُبرت الأسوأ في التاريخ، في حصد نحو 228 ألف شخص في إندونيسيا، فضلًا عن تأثيرها على عددٍ من الدول المجاورة، منها الهند، وبنجلاديش، وماليزيا.
أهوال لا يمكن استيعابها أو تصديقها عاشها الآلاف من الأشخاص مع حدوث موجات تسونامي العنيفة في نهاية ديسمبر عام 2004، إذ لا يزال يعاني بعض الناجين من الآثار النفسية لهذا الحادث المأساوي، وهو ما تعيشه سيدة كولومبية ناجية من الكارثة الطبيعية الأبشع في القرن الـ21.
ووصفت السيدة الكولومبية التي لم تكشف عن اسمها، في تصريحاتها لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، تفاصيل مواجهتها للموت ومحاولة النجاة، قائلة إنّ المياه التي تلونت بالأسود كانت هائجة بعنف وقذفتها في الهواء مثل الدمية.
وفي هذه اللحظات اعتقدت الناجية أن هذه هي النهاية، ليكتب لها القدر النجاة.
تتذكر السيدة الكولومبية جميع تفاصيل اليوم المأساوي رغم مرور 20 عامًا، لافتة إلى أنّها أمضت العقدين الماضيين في محاولة التكيف مع حقيقة أنّها على قيد الحياة بينما مات الكثير من الآخرين، وتحويل شعورها بالذنب كناجية إلى التصميم على عيش حياة ذات هدف ومعنى.
في عام 2004، كانت السيدة الناجية في أوائل الثلاثينيات من عمرها، إذ كانت تعمل في مجال الإعلام كصحفية، وفي ذلك الوقت المشؤوم على حد تعبيرها، قررت السفر للعاصمة السيريلانكية لقضاء احتفالات عيد الميلاد، وإعادة ضبط نفسها بعد إصابتها بنوبة اكتئاب حاد.
قبل أيام قليلة من حدوث تسونامي المحيط الهندي، عاشت السيدة الكولومبية داخل فندقًا صغيرًا تديره إحدى صديقاتها، وكانت غرفة نومها في الفندق عبارة عن كوخ شاطئي حديث البناء، بُني مباشرة على الرمال.
وبعد يومين من إجازتها وبينما تستمتع بالأجواء الهادئة على شواطي إندونيسيا، استيقظت في صباح يوم 26 ديسمبر على أصوات صراخ الناس وصوت زئير غريب لم تتمكن من التعرف عليه.
فتقول في حديثها: «وفجأة، انفتح باب كوخي وبدأ الماء يتدفق، فغمر سريري في غضون ثوانٍ، ولم يكن لدي وقت للهرب، فوجدت نفسي تحت الماء بالكامل، وقد تطايرت بي الأنقاض والأثاث».
وتابعت السيدة الكولومبية: «كانت رئتاي تحترقان ولكن الماء كان أسودًا للغاية وكنت في حيرة من أمري تمامًا، ولم يكن لدي أي فكرة عن أي اتجاه أذهب إليه، فلم أكن أعلم أنني كنت في قبضة التسونامي الذي ضرب المحيط الهندي بعد أن ضربه زلزال عملاق تحت الماء قبالة ساحل جزيرة سومطرة الإندونيسية، وبطريقة ما، وجدت نفسي قريبة من سقف الغرفة، ورأسي فوق الماء، واستنشقت الهواء بشدة بينما كان البحر يدور بعنف حولي».
حاولت السيدة النجاة وبينما جرفتها المياه إلى الخارج بسرعة كبيرة، أُلقيت في طريق شجرة على بعد كيلومتر واحد على الأقل إلى الداخل، وتشبثت بها بكل ما أوتيت من قوة، بينما كان الناس وأعمدة التلغراف والأثاث يمرون أمامها بسرعة، قائلة: «كانت عضلاتي تؤلمني وأنا متمسكة بها، لكنني كنت أعلم أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يبقيني على قيد الحياة، فلا يجب أن أتركها، ليس لدي أي فكرة عن المدة التي قضيتها هناك، ولكن في نهاية المطاف أدركت أن الضوضاء الصاخبة بدأت تتضاءل والمياه تتراجع إلى الشاطئ».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: إعصار تسونامي تسونامي إندونيسيا المحيط الهندي
إقرأ أيضاً:
11.9 مليون ملف تعريفي تروي قصصاً لإنقاذ المرضى
هدى الطنيجي (أبوظبي)
كشفت منصّة «ملفّي» التي تربط جميع مرافق الرعاية الصحية تقريباً في أبوظبي، عن وجود أكثر من 11.9 مليون ملف تعريفي خاص بكل مريض، تدعم 52.377 مستخدماً معتمداً، بمن فيهم الأطباء والممرضون والمهنيّون الصحيون المساعدون، عبر 3.006 مرافق رعاية صحية، ما يعزّز دورها كحجر أساس في نظام الرعاية الصحية في الإمارة.
«ملفّي»، أول منصّة لتبادل المعلومات الصحية (HIE) في المنطقة، تلعب دوراً أساسياً في تمكين المتخصّصين في الرعاية الصحية من الوصول الفوري إلى معلومات المرضى المهمّة.، ومن خلال تمكين القرارات الطبية المستنيرة، تعزز ملفّي رعاية المرضى، وتحسّن نتائجها، وبالتالي تسهم في إنقاذ الأرواح. ويتجلى التأثير الحقيقي للمنصّة بصورة أفضل في قصص المرضى الذين تم تطوير علاجهم من خلال قدراتها.
إنقاذ الأرواح
وقالت الدكتورة حكمية مناد، اختصاصية الطب الباطني – مستشفى ميدكلينيك المعمورة: في بعض الأحيان، لا تنبع أعمق قصص المرضى من الابتكارات المتطورة، بل من القدرة على تجميع التاريخ الطبي الشامل للمريض، وذلك تشخيصاً لما قد يبقى مخفياً. ففي إحدى الحالات المشهودة، زار مريض يبلغ من العمر 68 عاماً العيادة، وكان المريض يشعر بتوعّك خفيف من دون ظهور أي أعراض خطيرة.
وذكر أنه مع الاطلاع على السجلات الطبية للمريض عبر «ملفي» عن فحص دم أجري قبل عامين يشير إلى انخفاض مستويات الهيموغلوبين، وهو تفصيل ربما كان ليمرّ من دون أن يُلاحظه أحد لولا «ملفّي»، وأكّدت فحوصات المتابعة انخفاضاً كبيراً في مستويات الهيموغلوبين، حيث أشارت إلى احتمال وجود نزف في الجهاز الهضمي، وأدّى تنظير القولون الذي أجري في الوقت المناسب إلى التشخيص المبكر لسرطان القولون، أي في مراحله الأولى، ويُبرز هذا المثال كيف أنّ الوصول إلى السجلات الطبية الشاملة من خلال منصّة مثل «ملفي» يُمكنه أن يكشف عن حالات خفيّة، ما يُتيح تدخلاً في الوقت المناسب لإنقاذ حياة المريض.
الرعاية المُتخصّصة
وقال الدكتور رانجيث بوتامال، استشاري أمراض القلب في مستشفى الأهلية: يبدأ الطب المُتخصّص بالوصول إلى المعلومات الحيويّة، ما يُمكّن مُقدمي الرعاية من توفير رعاية دقيقة وفريدة تُضاهي رعاية المريض نفسه. ففي حالة، وصل رجل يبلغ من العمر 38 عاماً فاقداً للوعي إثر نوبة قلبيّة حادّة، وبينما استعاد الإنعاش القلبي الرئوي نبضات قلب المريض، كشفت نتائج الفحوصات المخبرية عن جلطة دموية كبيرة وتباطؤ في تدفق الدم إلى القلب.
وذكر أنه في الظروف العادية، كان من المفترض إعطاء المريض أدوية مُعالجة للجلطات. ولكن من خلال الوصول إلى «ملفّي»، تم اكتشاف إصابة المريض في الرأس قبل فترة وحدوث نزف داخلي، وهما تفصيلان مهمّان لم يخطر على بال المريض أن يتحدّث عنهما بنفسه. وقد حال هذا دون توسيع نطاق العلاج الذي كان من المُحتمل أن يُلحق الضرر بالمريض، ما أتاح اتباع نهج مُصمّم خصيصاً أدّى في النهاية إلى شفائه التام. وتُؤكّد هذه الحالة أيضاً أهمّية تبادل المعلومات الصحية لضمان اتخاذ قرارات مستنيرة وحماية سلامة المرضى.
تجنّب الحساسية
من جانبها، أشارت فاطمة العامري ممرضة في إحدى المنشآت الطبية بأبوظبي، إلى أن الوصول إلى التاريخ الطبي للمريض قد يُحدث فرقاً كبيراً، خاصةً عندما يتعلّق الأمر بتحديد ومنع ردود الفعل التحسسية الشديدة. وقد تجلى هذا بوضوح في حالة مريضة سرطان مُسنة، عانت من المرض الخبيث لسنوات عدّة، ووُصف لها باراسيتامول لتخفيف آلامها. ورغم عدم إبلاغها عن أي حساسية معروفة، فإن سجلاتها الطبية عبر «ملفّي» أكدت على وجود حساسية مُسجلة سابقاً تجاه مسكّنات الألم، وهو سهو كان من الممكن أن يُسبّب في ردّ فعل تحسّسي خطير. وقد تم تعديل خطة علاجها على الفور، ما ضمن سلامتها وجنّبها المزيد من المضاعفات. وتُؤكد هذه الحالة كذلك الدور الأساسي لـ«ملفي» في توفير إمكانية الوصول إلى سجلات المرضى المُفصّلة، وتحسين جودة الرعاية، وتمكين اتخاذ قرارات مستنيرة في مجالات مُعقّدة مثل علم الأورام.
رعاية أسرع
وقالت الدكتورة شانكار أيابان كوتي، استشاري جراحة الأعصاب في مستشفى إن إم سي التخصصي: إنه بالنسبة للمرضى الذين يواجهون صعوبة في التعامل مع العلاج الطبي، فإنّ الوصول السلس إلى سجلاتهم الصحّية لا يُخفّف من قلقهم فحسب، بل يُمكّن مُقدمي الرعاية الصحية أيضاً من توفير رعاية أسرع وأكثر أماناً وأكثر معرفة. ومن الحالات العديدة الأخرى، أراد أحد المرضى إجراء استشارة جراحية بشأن إصابة دماغية تم تشخيصها سابقاً في مؤسسة طبية أخرى، لكنّه نسيّ إحضار صورة الشعاعية الحديثة. ومن خلال تطبيق «ملفّي»، استطاع الدكتور الوصول إلى صور الرنين المغناطيسي وتاريخه الطبي، وكشفت الإصابة عن أنّها ورم كهفي حميد، ما ألغى الحاجة إلى الجراحة. ولم يخفّف هذا التشخيص الذي أنجز في الوقت المناسب من قلق المريض فحسب، بل سمح له أيضاً بالمضي قدماً في حياته ومن دون أي تأخير غير ضروري. ويوضح هذا المثال مدى أهمية منصّة تبادل المعلومات الصحية في تقليل الفحوصات المكررة، وتقليل التعرض للإشعاع، وضمان رعاية فعالة وعالية الجودة.
وذكرت أنه في عالم يمكن أن تكون فيه المعلومات الدقيقة وفي الوقت المناسب هي الفيصل بين الحياة والموت، تعمل منصّات تبادل المعلومات الصحية على إحداث تحول في سبل تقديم الرعاية الصحية. ومن خلال تمكين الوصول السلس إلى سجلات المرضى الشاملة، تُمكّن هذه المنصّات المتخصصين بالرعاية الصحية من اتخاذ قرارات سليمة وتستند إلى البيانات، وبالتالي تجنب المخاطر غير الضرورية، وتقديم رعاية شخصية بثقة. فمن الكشف عن الحالات الخفيّة إلى منع العلاجات الضارّة، تُظهر هذه الحالات الواقعية التأثير العميق للرعاية الرقمية «المتّصلة» على نتائج المرضى. ومع استمرار تطوّر الرعاية الصحية، أصبحت الأدوات مثل منصّة «ملفّي» بمثابة ركائز أساسية في بناء أنظمة صحّية أكثر أماناً وذكاءً وكفاءة وتعطي الأولوية لما هو أكثر أهمية، أي سلامة ورفاهية المرضى.