موقع النيلين:
2025-05-01@20:14:46 GMT

ليبيا “الخطوة القادمة”

تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT

ليبيا بكل تأكيد سوف تكون “الخطوة القادمة” في عملية إعادة رسم التوازنات الإقليمية والدولية، وهو ما يستلزم تحركًا سريعًا من الدول العربية المؤثرة في المشهد الراهن، وأحسب أن الأمر يتطلب حلًا شاملًا وبسرعة لإنهاء حالة الانقسام في الدولة الليبية المنقسمة في واقع الأمر، ولعل الخطوة الأهم هي مفاوضات عميقة ما بين مصر والسعودية والإمارات وتركيا في مرحلة أولية.

والمرحلة الثانية مفاوضات مباشرة بين قادة بنغازي وطرابلس برعاية الأطراف الأربعة وجامعة الدول العربية، والمرحلة الأخيرة مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة والدول الكبرى في مجلس الأمن؛ لدعم وحدة واستقرار ليبيا، ورفض وجود أي قواعد عسكرية أجنبية، ودعم جهود الدول العربية في بناء مؤسسات الدولة الجديدة، وبلا شك بعد سقوط نظام بشار الأسد، فإن العيون كلها باتت تتحدث عن إغواء تكرار السيناريو السوري، وهذا ما توقفت عنده وسائل إعلام إيطالية وفرنسية بقوة.

فقد نشر موقع “Inside Over” الإيطالي تقريرًا تناول احتمال تأثير الأحداث في سوريا على الوضع في ليبيا، فيما تساءلت صحيفة “لوبوان” الفرنسية من جانبها عن خيارات روسيا في ليبيا بعد انهيار حليفتها في سوريا.

وأوضح الموقع الإيطالي في تقريره أن التحولات في سوريا قد تؤثر على التوازنات في دول الجوار ودول أخرى في المنطقة، وقد يشمل ذلك ليبيا التي اندلعت فيها حرب أهلية عام 2011.

وهو العام نفسه الذي بدأت فيه الأزمة السورية، بعد هبوب رياح الربيع العربي، وأكد الموقع أن ما حدث في سوريا يشكل تهديدًا كبيرًا للمصالح الروسية في المنطقة وقواعدها هناك، بما في ذلك قاعدة طرطوس البحرية في البحر الأبيض المتوسط.

ونقل الموقع عن مصدر دبلوماسي قوله إن الروس لن يبقوا مكتوفي الأيدي في بنغازي، لأن القاعدة الروسية في ليبيا قد تتعرض لسيناريو مماثل لما حدث في سوريا، وبحسب المصدر نفسه، فإن منطقة برقة تشكل نقطة محورية للكرملين منذ ثماني سنوات، ويخشى الكثيرون حاليًا من تأثر المناطق التي يسيطر عليها الجنرال خليفة حفتر وقواته بما يعرف بتأثير الدومينو.

ويواصل المصدر أن خوف الجنرال الحقيقي هو أن تتخلى موسكو عن حلفائها في المنطقة، وبالتالي يصبحون هدفًا سهلًا للهجمات المعادية، ونقل الموقع عن مصادر مقربة من حفتر أن الجنرال الليبي لديه رؤية طويلة المدى، ويعلم أنه إذا تشبث بروسيا كحليف وحيد له، فإن حكمه في غرب ليبيا سيكون في خطر، وهذا ما يفسر -بحسب الموقع- التقارب بين المقربين من حفتر وبعض المسئولين الأتراك، إذ ظهرت بين أكتوبر ونوفمبر صور من داخل مقر الجيش الذي يقوده حفتر في بنغازي، لاجتماعات بين مسئولين ومبعوثين أتراك وعدد من المسئولين من مساعدي حفتر.

وكان أحد أبناء الجنرال، صدام حفتر، من بين المدعوين أيضًا إلى معرض SAHA 2024، وهو معرض سنوي للصناعات الدفاعية يقام في إسطنبول.

من جهتها، اعتبرت مجلة لوبوان أن تخلي روسيا عن دعم حليفها بشار الأسد في مواجهة المتمردين في سوريا يفتح المجال أمام احتمالات إعادة ترتيب الوضع في ليبيا، ولاحقًا في منطقة الساحل الإفريقي.

وتتوقع المجلة أن يؤدي سقوط بشار الأسد إلى إشعال نيران الربيع العربي الذي لم ينطفئ بالكامل، معتبرة أن ليبيا المقسمة إلى شرق وغرب قد تكون مسرحًا لصراع بين قوى خارجية؛ بسبب طموحاتها لاحتياطياتها الكبيرة من النفط والغاز، وموقعها الإستراتيجي.

وأضاف التقرير أنه من المتوقع أن تركز روسيا أكثر على ميناء طبرق، الذي شهد وضع حجر الأساس لبناء قاعدة بحرية، سيتم منها لاحقًا نقل المعدات نحو وسط البلاد، ومن ثم جزء منها، سيتم إرسالها إلى النيجر وتشاد.

وفي ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط، أثار الحديث عن انسحاب روسيا من بعض مواقعها العسكرية في سوريا العديد من التساؤلات بشأن ما إذا كان هذا الانسحاب تكتيكيًا أو جزءًا من صفقة كبرى تشمل ترتيبات إقليمية ودولية.

وفقًا لتقارير صادرة عن وكالة رويترز، بدأت روسيا في نقل قواتها من خطوط المواجهة في شرق سوريا وبعض المواقع في جبال الساحل، دون أن تغادر قواعدها الرئيسية في البلاد، مثل قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية.

وأكدت تقارير استخباراتية مدعومة بصور أقمار اصطناعية نشرتها شركة ماكسار، أن روسيا تجمع معداتها العسكرية في قاعدة حميميم، حيث تم نقلها لاحقًا إلى ليبيا، مما يزيد من التكهنات بشأن طبيعة وأهداف هذه التحركات.

وقال نزار بوش، خبير الشئون السياسية، في تصريحات صحفية مؤخرًا إن روسيا لن تنسحب من سوريا دون ثمن؛ فقواعدها في طرطوس وحميميم تمثل أهم موطئ قدم لها في البحر المتوسط، ومن المستحيل أن تتخلى عنها بسهولة إلا بمقابل يعزز نفوذها في مناطق أخري مثل أوكرانيا أو ليبيا.

وأشار بوش إلى أن وجود روسيا في سوريا مبني على اتفاقية رسمية مع النظام السابق تمتد لـ49 عامًا، ومع سقوط حكومة بشار الأسد، تتفاوض موسكو لإعادة ترتيب وجودها العسكري بما يتماشى مع المتغيرات السياسية، مضيفًا ربما تخرج روسيا من حميميم، لكنها ستحافظ على طرطوس لأسباب لوجستية وبحرية.

وتشير التطورات إلى أن روسيا تعيد تموضعها لموازنة خسائرها المحتملة في سوريا، خصوصًا بعد أن فقدت حكومة صديقة في دمشق.

ومن ناحية أخرى أشارت مجلة نيوزويك الأمريكية إلى أن فقدان روسيا قواعدها في سوريا سيكون له تأثير كبير على قدرتها العسكرية العالمية، لا سيما في إفريقيا، مما يجعل تعزيز وجودها في ليبيا ضرورة إستراتيجية.

وفي هذا السياق، يرى بوش أن “روسيا لم تتنازل عن سوريا كليًا، لكنها تواجه واقعًا جديدًا فرض عليها تقليص نفوذها هناك.. العلاقات مع تركيا، رغم كونها شريكًا براجماتيًا، ما زالت تشوبها الخلافات، وهو ما يزيد تعقيد المشهد.

ويبقى التساؤل مفتوحًا: هل انسحاب روسيا هو خطوة تكتيكية لإعادة الانتشار ضمن رؤية إستراتيجية أوسع؟ أم أن هناك صفقة كبرى تُبرم خلف الكواليس؟ مع استمرار الحروب المتشابكة بين القوى الكبرى والإقليمية، يبدو أن الإجابة ستتضح أكثر مع مرور الوقت، خاصة مع تأثيرات هذه الخطوة على المشهد الجيوسياسي في المنطقة.

وأحسب أننا في بداية شرق أوسط جديد، يشهد المزيدٍ من التدخل الأجنبي العنيف والسافر، الذي ابتليت به المنطقة لفترة طويلة.

ويرى العديد من الخبراء الغربيين والأتراك أنه في الوقت الذي بشرت نهاية نظام الأسد بعصر جديد في سوريا، إلا أنها أعلنتً عن تطور تركيا من قوة إقليمية إلى صانعة ألعاب عالمية.

ورغم أن “تركيز روسيا وإيران على جبهات أخرى” و”التعب” الذي دام 13 عامًا في سوريا كان سببًا في تحريك ديناميكية العملية العسكرية، فإن تركيا كانت بلا شك العقل المدبر للعملية التي أربكت خطط كل هذه القوى، بما في ذلك الدول العربية وروسيا وإيران وفرنسا.

وتأمل أنقرة من وراء ما حدث من جهة القضاء على مشروع الدولة الكردية للأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة في المنطقة بعملياتها، ومن جهة أخرى نجحت في كبح جماح سياسات أنصار الأسد، روسيا وإيران، في سوريا بصيغة أستانا.

وبعبارة أخرى، كانت الطاولة التي أقيمت في الدوحة بمثابة طاولة أعلنت إفلاس كل خطط روسيا وإيران والولايات المتحدة في سوريا، فلقد أعلنت تركيا للعالم من خلال هذه الطاولة من هي الدولة صاحبة القرار في المنطقة، وهذه هي وجهة بعض الكتاب الأتراك في لحظة النشوة بما حدث.

ومن هنا تبدو عملية تكثيف المفاوضات مع تركيا أمرًا مهمًا، نظرًا لأن الأطراف الدولية التي خسرت أو تضررت مصالحها في سوريا سوف تعمل على التعويض في الساحة الليبية.

ومن جانب آخر الدول العربية ليس من مصلحتها تفجر الوضع في ليبيا، كما أن تركيا بحاجة للدول العربية لمواجهة التهديد الأمريكي الداعم لدولة كردية تهدد ببدء تفكك الدولة التركية نفسها، وعلى الأخذ في الاعتبار وجود طائفة علوية كبيرة في تركيا، كما أن أنقرة بحاجة للعواصم العربية للمساعدة في استقرار سوريا، وعدم انزلاقها إلى التقسيم أو حرب أهلية.

وعلى الأطراف كلها التعلم من تجربة إيران وروسيا في سوريا، فما أسهل أن يتبخر أي انتصار، والغوص في مستنقع سوريا، وأغلب الظن أنه لا حل عسكريًا، بل تسوية تراعي مصالح الجميع.

ويبقى أن سوريا توفر فرصة ومحنة في ذات الوقت، والمحنة واضحة للعيان؛ وتتعلق بغوص سوريا في مستنقع التفتيت والحرب بالوكالة والحرب الأهلية أو التحول لدولة فاشلة ومنبع الإرهاب العنيف.

أما الفرصة فتتعلق بتقارب عربي تركي يقوم على التعاون والتقارب اعتمادًا على احترام وحدة وسلامة الدولة الوطنية، وتفاهمات تبني على الماضي المشترك وصيغة “الربح للجميع”، وتشكيل شراكة على قدم المساواة تتصدى لمخططات الهيمنة الإسرائيلية والفوضى غير الخلاقة، وأغلب الظن أن تركيا والعالم العربي أمام اختبار صعب، ونتمنى أن يتجاوزاه معًا أكثر قربًا وبقوة.

محمد صابرين – بوابة الأهرام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدول العربیة روسیا وإیران فی المنطقة بشار الأسد ا فی سوریا فی لیبیا روسیا فی ما حدث

إقرأ أيضاً:

واشنطن: روسيا قد تستخدم “السلاح النووي” للدفاع عن وجودها في “القرم”

المناطق_متابعات

يعتبر مراقبون أن الاتفاق الأميركي الأوكراني على إنشاء “صندوق استثماري لإعادة الإعمار” خطوة أولى على طريق إنهاء الحرب في أوكرانيا، ومع هذا الاتفاق أصبحت أمريكا شريكة في إعادة بناء الاقتصاد الأوكراني.

يبقى الطريق إلى إنهاء الحرب طويلاً، فروسيا لديها مطالب، وقد عدّدها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف منذ أيام بالقول إن موسكو تشترط عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو وأن تعلن مرة أخرى أنها دولة محايدة.

أخبار قد تهمك انفجار سيارة مفخخة في موسكو.. ومقتل مسؤول عسكري رفيع 25 أبريل 2025 - 1:24 مساءً ويتكوف يصل روسيا للقاء بوتين.. وترامب “متفائل” 25 أبريل 2025 - 1:19 مساءً

اعتبر لافروف أن هذا يتجاوب مع مطلب روسيا الأمني، ثم أضاف أن موسكو تطلب التراجع عن إلغاء الإرث الروسي في أوكرانيا، وتطلب الاعتراف بسيادتها على القرم وسيفاستوبول وخرسون وغيرها من المناطق.
الواقعية الأميركية

مسؤول أمريكي تحدّث قبل ساعات من الإعلان عن إنشاء الصندوق الأمريكي الأوكراني ليشرح موقف إدارة الرئيس ترامب من الوضع في أوكرانيا وقال “إننا واقعيون” وكرر أن الإدارة الأميركية الحالية “واقعية ولا تريد تمويل حرب طويلة”.

تعود واقعية الولايات المتحدة إلى سنوات، وقبل أن يصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ففي العام 2017 كان الرئيس الأسبق باراك أوباما شاهداً على سقوط القرم في يد روسيا ولم يفعل شيئاً، ويقول المسؤولون الأمريكيون الآن، ولدى التحدّث إلى العربية والحدث إن أي إدارة أمريكية كانت ستجد أنها بدون خيارات في وضع مشابه، “فخيار إرسال جنود إلى ساحة المعركة غير وارد والخيار المتاح الوحيد كان فرض عقوبات”.

أحد التحديات الكبيرة أمام الإدارة الأمريكية هو أن موسكو اعتبرت أن “القرم هي مصلحة حيوية وطنية روسية” وهذا يعني أنها ستدافع عن القرم حتى وإن اضطرت لاستعمال الأسلحة الاستراتيجية مثل الأسلحة النووية.

الآن، تعتبر الولايات المتحدة أن هدفها المباشر هو وقف إطلاق النار، فهي تصف “الحرب الحالية على أنها حرب استنزاف” ويصف مسؤول أمريكي تحدّث إلى العربية والحدث الوضع على الجبهات بالقول إن الجيشين حفرا خنادق على طول الجبهة لذلك نحن لا نرى أياً من الطرفين قادراً على التقدّم لكسب مناطق جديدة، فالخنادق محصّنة وسيكون ثمن خرق التحصينات لأي من الجيشين، عالي التكلفة، خصوصاً على الصعيد البشري.

سمعنا الرئيس الأمريكي مرات عديدة يتحدّث عن ضرورة وقف النار بين الجيشين، وأن ألفي جندي يموتون أسبوعياً على الجبهة ويؤكّد المسؤولون الأمريكيون لدى شرح مشاعر ورأي الرئيس الأميركي بالقول إن عدد الضحايا كبير والمكاسب تقارب الصفر، والمعركة الدموية لا طائل منها لأن أياً من الطرفين غير قادر على تغيير خطوط الجبهة.

يصف العسكريون أي خرق للجبهات على أنه سيكبّد المهاجم خسائر بشرية بنسبة أربعة إلى خمسة جنود للطرف المدافع “وفي هذا الوقت لا روسيا ولا أوكرانيا قادرة على شنّ هجوم مثل هذا، وتحمّل خسائر بشرية ولا هذه النسبة من العتاد”.
“دورات بوتين العنيفة”

هناك سبب إضافي لاستعجال الأمريكيين الحلّ وهو “دورات بوتين العنيفة” وقد شرح مسؤول أمريكي هذه الدورات بالقول إن فلاديمير بوتين ومنذ أصبح رئيساً يشنّ هجوماً كل سبع إلى ثماني سنوات، فهو هاجم جورجيا في العام 2008 ثم هاجم القرم في العام 2014 وبعدها هاجم أوكرانيا برمتها في العام 2022.

الآن يخشى الأمريكيون وقف النار بدون اتفاق صحيح ودائم، ما يفتح الباب أمام دورة أخرى من دورات بويتن العنيفة “فهو ينفذ هجوماً ثم يتوقّف ويعاود التجنيد والتدريب وبناء الأسلحة والعتاد ويشنّ هجوماً آخر بعد سبع إلى ثماني سنوات”.
الخيارات الواقعية

لا تريد الولايات المتحدة تكرار هذا السيناريو وربما تجد نفسها أمام “الخيارات الواقعية” لوضع حلّ دائم، وأصعب هذه الخيارات هو الاعتراف بسيادة روسيا على أراض احتلّتها بالقوة، فتحرير الأراضي الأوكرانية “مستحيل” ويضع الولايات المتحدة وروسيا على حافة مواجهة مباشرة وربما نووية.

مقالات مشابهة

  • واشنطن: روسيا قد تستخدم “السلاح النووي” للدفاع عن وجودها في “القرم”
  • ما حقيقة تراجع تركيا عن مشروع “قناة إسطنبول”
  • سي إن إن تكشف عن مناقشات أمريكية لإرسال مهاجرين “بسجلات جنائية” إلى ليبيا
  • ليبيا.. توافق “اللافي” و”تيتيه” على إحياء مسار برلين
  • تاريخ يعيد نفسه… أوروبا تلبس ثوب “الرجل المريض” الذي خاطته للعثمانيين
  • “مفوضية الأمم المتحدة”: السفير الياباني التقى بعدد من طالبي اللجوء في ليبيا
  • رابط تحميل النماذج الاسترشادية للثانوية العامة 2025 لمادة اللغة العربية
  • ما هو صاروخ “بار” الذي استخدمه الاحتلال لأول مرة في غزة؟
  • “حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • لافروف: 90% من تبادلات روسيا مع “بريكس” تتم بالروبل وعملات المجموعة