من الأسد إلى الجولاني.. إرث ثقيل وأزمات تعصف بالمشهد السوري
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
قال الكاتب والباحث السياسي راجان مينون إن انهيار نظام الأسد يمثل لحظة محورية في التاريخ السوري، فبعد حكم دام أكثر من 5 عقود، تفككت أسرة الأسد في غضون 10 أيام، وانتهى البعث، وبرز اسم أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، كزعيم فعلي جديد لسوريا.
الفوضى في سوريا قد تخلف عواقب بعيدة المدى منها عودة الإرهاب
وفي حين أن هذا الانتصار كان بعيد الاحتمال بالنسبة للجولاني، فإنه يؤذن أيضاً بتحديات هائلة حيث يطالب السوريون بالعدالة والحكم الرشيد والتعافي الاقتصادي.
وأضاف الكاتب في مقاله بموقع "أنهيرد" البريطاني": "يرث الجولاني أمة ممزقة ذات تاريخ طويل من القمع في ظل حكم الأسد. وكسب الشرعية يتطلب منه أن يقطع الصلة مع الماضي من خلال تفكيك جهاز الأمن القمعي للأسد ومقاضاة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبة ميليشيات الشبيحة سيئة السمعة على فظائعها، وإصلاح القوانين السورية وبناء قضاء موثوق لتحقيق العدالة.
ومن الأمور الملحة تبديد مخاوف المجتمع السوري المتعدد الثقافات، وسيواجه الاعتدال السياسي الذي أعلنه الجولاني أجواء التشكيك، حيث يشتبه الكثيرون في أنه يمارس تحولاً تكتيكياً وليس تحولاً حقيقياً. وسيكون إثبات التزامه بالتسامح والشمول ضرورياً للاستقرار السياسي.
إحياء الاقتصاد السوري المدمروأشار الكاتب إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاماً مذهلة، حيث انخفض نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي من 3000 دولار في عام 2011 إلى 421 دولاراً في عام 2021، وهو انخفاض بنسبة 86٪. بلغ حجم التضخم 93٪ في عام 2023، ويجتاح الفقر الآن 69٪ من السكان.
كما خلفت الحرب أكثر من 13 مليون سوري نازح داخلياً أو كلاجئين في الخارج، مما زاد من تعقيد التعافي الاقتصادي.
ودعا رئيس الوزراء المؤقت محمد البشير اللاجئين إلى العودة والمساعدة في إعادة بناء البلاد، لكن هذا يتطلب موارد كبيرة لإعادة التوطين.
ويجب توفير السكن والغذاء والخدمات الأساسية لإعادة دمج السكان النازحين. ومع ذلك، مع انهيار الاقتصاد السوري والإيرادات المحدودة من الضرائب، فإن تلبية هذه الاحتياجات ستكون مهمة شاقة،بحسب الكاتب.
النفط والحكم الذاتي الكردييمكن أن تلعب احتياطيات النفط السورية، التي أنتجت ذات يوم 387000 برميل يومياً، دوراً في التعافي. ومع ذلك، فإن غالبية هذه الموارد تقع في الشمال الشرقي، الذي تسيطر عليه الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد لشمال وشرق سوريا، بقيادة مظلوم عبدي من قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من القوات الأمريكية.
Syria lost its sovereignty, and foreign investors will likely take over the economy and influence Damascus's future domestic and foreign policies. @Judgenap pic.twitter.com/nJ6z1UItAX
— Kevork Almassian???????????????? (@KevorkAlmassian) December 17, 2024واقترح الجولاني تسوية سياسية جديدة تمنح الحكم الذاتي الإقليمي، مما يشير إلى استعداده لتقاسم عائدات النفط مع الأكراد.
وأعرب عبدي بدوره عن انفتاحه على التعاون، مؤكداً على الوحدة تحت راية سوريا ما بعد الأسد.
ومع ذلك، يواجه هذا الاتفاق المحتمل عقبة رئيسية هي تركيا.
النفوذ والمقاومة المتزايدة لتركياوقال الكاتب إن تركيا تنظر إلى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) باعتبارها امتداداً "لحزب العمال الكردستاني"، وهي الجماعة التي تعتبرها منظمة إرهابية. وقد غزا أردوغان مراراً وتكراراً المناطق التي يسكنها الأكراد، مما أدى إلى تهجير المجتمعات المحلية وتعزيز نفوذ تركيا.
وقد يؤدي موقف أردوغان إلى إحباط أي اتفاق بين الجولاني وعبدي. وقد يتفاقم الوضع إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها من سوريا. وقد يجد الجولاني نفسه بعد ذلك منحازاً إلى الأكراد ضد المطالب التركية المتزايدة، وهو ما قد يزيد من تعقيد استقرار سوريا الهش.
التوترات مع إسرائيلومع تقدم قوات الجولاني في سوريا وسقوط الأسد، زادت إسرائيل من أنشطتها في سوريا، واحتلت أجزاء من المنطقة منزوعة السلاح التي تحرسها الأمم المتحدة خارج مرتفعات الجولان وشنت مئات الغارات الجوية ضد الأصول العسكرية للأسد.
ودعا الجولاني إلى انسحاب إسرائيلي وانتقد الهجمات باعتبارها تصعيداً غير مبرر.
ومع ذلك، فهو يدرك ضعف سوريا الحالي ويعطي الأولوية لإعادة الإعمار الاقتصادي والدبلوماسية على المواجهة.
The mass distribution of weapons by terrorists among the population and youth in Damascus could lead Syria to a fate worse than Libya. Over time, it will become clear that mercenaries cannot bring peace and security to the country.
The future of Syria can already be guessed from… pic.twitter.com/TB5xgjNqec
وأدت الضربات الإسرائيلية إلى تدمير ما يصل إلى 80% من القدرات العسكرية السورية، مما أدى إلى الحد من موارد هيئة تحرير الشام للحكم والدفاع الوطني.
وقد ناشد الجولاني رفع العقوبات الغربية، بحجة أنها تضر بالسوريين العاديين وليس نخبة الأسد. ومع ذلك، يظل الغرب حذراً، ويشترط تخفيف العقوبات على ممارسات هيئة تحرير الشام في الحكم وجهودها لمكافحة الإرهاب.
الدور الروسي والإيرانيوأوضح الكاتب أن روسيا وإيران، الحليفتان الأكثر ثباتاً للأسد، عانتا من انتكاسات كبيرة لكنهما تظلان من الجهات الفاعلة الرئيسية في سوريا ما بعد الأسد.
ويبدو أن روسيا تركز على الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، مثل الحفاظ على قاعدتها الجوية في حميميم وقاعدتها البحرية في طرطوس. ويشير هذا النهج البراغماتي إلى أن موسكو قد تتجنب الإجراءات التي قد تزعزع استقرار الحكومة الجديدة.
وعلى النقيض من ذلك، فقدت إيران نفوذاً كبيراً مع سقوط الأسد. كما ضعف حليفها حزب الله، وخسر طرق إمداد حيوية من إيران. ومع ذلك، قد تسعى إيران إلى استعادة موطئ قدمها من خلال دعم جماعات المعارضة إذا تعثرت هيئة تحرير الشام في الحكم.
مخاطر التدخل الأجنبيوقال الكاتب إن الأهمية الاستراتيجية لسوريا تضمن لها بقاءها كساحة معركة للقوى الخارجية. فالولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإيران وإسرائيل كلها لديها مصالح متنافسة، وقد يؤدي تدخلها إلى تفاقم عدم الاستقرار في سوريا. والتدخل الأجنبي، وخاصة تسليح الوكلاء المحليين، يهدد بإعادة إشعال الصراع وتقويض جهود هيئة تحرير الشام في الحكم.
وأوضح الكاتب أن الفوضى في سوريا قد تخلف عواقب بعيدة المدى منها عودة الإرهاب، أو زيادة الإتجار بالمخدرات، أو موجة أخرى من اللاجئين إلى البلدان المجاورة وخارجها.
ومع ذلك، لا يقدم التاريخ سوى القليل من الأمل في أن يعطي اللاعبون الخارجيون الأولوية لاستقرار سوريا على أجنداتهم الخاصة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات للجولاني الأسد تركيا هيئة تحرير الشام روسيا إيران حزب الله سقوط الأسد الجولاني هيئة تحرير الشام تركيا روسيا إيران إسرائيل وحزب الله الحرب في سوريا هیئة تحریر الشام الأمم المتحدة فی سوریا ومع ذلک فی دمشق
إقرأ أيضاً:
مضاعفات صحية وأزمات نفسية عند تناول الطفل للطعام بسرعة.. مناعته بتنزل
هناك العديد من العادات الخاطئة التي يتبعها الأطفال أثناء الطعام، منها أن يتم الإسراع في تناوله ما يسبب مخاطر عديدة على صحة الطفل ومنها أنه قد يؤدي إلى حدوث الاختناق في حالة الابتلاع دون مضغ جيد، أو يؤثر على جهاز المناعة.
قال الدكتور مجدي بدران خبير المناعة المصري في تصريحات خاصة لـ«الوطن» إن تناول الطعام بسرعة من العادات غير الصحية التي قد تؤثر سلبًا على صحة الطفل ونموه، وحين يلتهم الطفل وجبته بسرعة دون مضغ جيد أو أخذ وقت كاف للاستمتاع بالطعام، قد يؤدي ذلك إلى مشكلات صحية وسلوكية متعددة.
مخاطر تناول الطعام بسرعةوعندما يأكل الطفل بسرعة، لا يحصل الجهاز الهضمي على فرصة كافية لهضم الطعام بشكل صحيح، مما يزيد من خطر الإصابة بعسر الهضم، الانتفاخ والغازات وأيضا سوء الامتصاص، وسوء التغذية.
وبحسب بدران، فإن الأطفال الذين يأكلون بسرعة يميلون إلى استهلاك كميات أكبر من الطعام قبل أن يشعروا بالشبع، حيث إن الدماغ يحتاج إلى حوالي 20 دقيقة لإرسال إشارات الامتلاء، وهذا قد يؤدي إلى الإفراط في تناول السعرات الحرارية، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالسمنة.
عندما يعتاد الطفل على تناول الطعام بسرعة، قد يصبح غير قادر على تمييز إشارات الجوع والشبع، مما يجعله أكثر عرضة لتناول الطعام العاطفي أو غير الواعي، وهو ما قد يؤثر على صحته على المدى الطويل، كما أن تناول الطعام بسرعة يحرم الطفل من فرصة تذوق الطعام والاستمتاع به، مما قد يجعله أقل اهتمامًا بتجربة أطعمة جديدة وصحية وهذا قد يؤثر على تنوع نظامه الغذائي ويحد من حصوله على العناصر الغذائية الضرورية.
تأثير تناول الطفل طعامه بسرعة على المناعةعندما يتناول الطفل طعامه بسرعة، فإن ذلك قد يؤثر على مناعته بطرق مختلفة، مما يجعله أكثر عرضة للعدوى والمشكلات الصحية، وأيضا ضعف امتصاص العناصر الغذائية الأساسية، حيث إن المضغ الجيد ضروري لهضم الطعام وامتصاص العناصر الغذائية المهمة، مثل الفيتامينات والتي تلعب دورًا رئيسيًا في تقوية المناعة.