فجر السبت 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري دوت صفارات الإنذار في مناطق عدة بإسرائيل، وأعلن الإسعاف إصابة 16 شخصا جراء سقوط صاروخ على تل أبيب أطلق من اليمن.

 

وفي هذه الأثناء، بثت وسائل إعلام إسرائيلية مشاهد قالت إنها تظهر لحظة سقوط الصاروخ دون أن تعترضه منظومات الدفاع الجوي، وأوردت الشرطة أنها تلقت بلاغات عن أضرار في تل أبيب جراء سقوط الصاروخ اليمني.

 

وخلص تحقيق أولي أجرته قوات الدفاع الإسرائيلية إلى أن العديد من الصواريخ الاعتراضية فشلت في إسقاط الصاروخ بعد أن دوت صفارات الإنذار في المدينة الساحلية.

 

وقال جيش الدفاع الإسرائيلي في بيان "لا يزال الحادث قيد التحقيق، وقد تم بالفعل تنفيذ بعض الدروس المستفادة، سواء في مجال الاعتراض أو الإنذار".

 

وأعاد ذلك التساؤل عن مدى دقة منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، والتي أضيفت إليها مؤخرا منظومة "ثاد"، وهي نظام دفاع صاروخي أميركي يركز على اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى أثناء مرحلتها النهائية (مرحلة إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي)، إلى جانب طبقات متعددة، كل منها مكلف باعتراض تهديدات محددة على نطاقات وارتفاعات مختلفة.

 

فمثلا هناك القبة الحديدية، وهي مصممة بشكل أساسي للتهديدات قصيرة المدى، مثل الصواريخ وقذائف المدفعية وقذائف الهاون، وعادة ما يتم اعتراضها على مدى يتراوح بين 4 و70 كيلومترا.

 

يأتي بعد ذلك نظام مقلاع داود المصمم لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى والصواريخ ذات العيار الكبير، مع مدى اعتراض يتراوح بين 40 و300 كيلومتر، وأخيرا هناك منظومة "سهم" أو "آرو"، ومنها نظام "آرو 2" المصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى خارج الغلاف الجوي، ونسخته الأحدث "آرو 3" التي تصيب الأهداف على ارتفاعات أعلى ومدى أطول، وهو ما يجعلها مناسبة لاعتراض الصواريخ العابرة للقارات.

 

وغالبا ما يُنظر إلى نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي باعتباره أحد أكثر الأنظمة تقدما في العالم، ومع ذلك ظهر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن هناك سيناريوهات تمثل قيودا ونقاط ضعف في أداء هذه المنظومة.

 

إستراتيجيات الهجوم الكثيف

 

أولى هذه النقاط هي إغراق تلك المنظومة بالصواريخ، فمهما بلغ أي نظام للدفاع الجوي من القوة والدقة فإن لديه سقفا لقدرته على الصد، ويبدأ في فقدان فاعليته عند تجاوز هذا السقف.

 

وعلى سبيل المثال تمتلك كل بطارية من بطاريات القبة الحديدية نحو 60 صاروخا اعتراضيا، ويعتقد أن إسرائيل لديها 10 بطاريات أو أكثر قليلا من بطاريات القبة الحديدية العاملة، مما يعني أنها في حدها الأقصى قادرة على اعتراض "مئات الصواريخ" قبل أن يتعين عليها تجديد مقذوفاتها.

 

ويعني ذلك أنه بالنسبة لهجمات الصواريخ قصيرة المدى فإن هجوما مستمرا يتضمن إطلاق ألف إلى ألفي صاروخ على سبيل المثال في غضون فترة زمنية قصيرة جدا قد يجهد قدرة القبة الحديدية على الصد، وبالتالي يضمن مرور الصواريخ إلى أهدافها.

 

وعلى الوتيرة نفسها يمكن لهجوم منسق من مئات عدة من الصواريخ الباليستية متوسطة ​​المدى أن يضع منظومة مقلاع داود في حالة إجهاد، بل ويمكن لعشرات الصواريخ الباليستية طويلة المدى في وقت واحد أن تتسبب في درجة من الإجهاد لأنظمة "آرو 2″ و"آرو 3" وحتى "ثاد".

 

في الواقع، لقد سبق أن أعرب مسؤولون في الجيش الإسرائيلي عن مخاوف من تعرّض أنظمة الدفاع الصاروخي للإجهاد إذا أُطلق عدد كبير من القذائف في وقت واحد، وجاء ذلك في سياق توقع إسرائيل أن يتمكن حزب الله من إطلاق نحو 3 آلاف صاروخ وقذيفة كل يوم في خضم حرب شاملة، وهو ما يتجاوز قدرة الأنظمة على اعتراضها، وكان هذا بالضبط هو ما فعلته إيران في إحدى ضرباتها على إسرائيل، ولكن على نطاق صغير جدا.

 

ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، يشير تحليل صور الأقمار الصناعية للضربة الإيرانية إلى أنها تمكنت من إغراق أنظمة الدفاع الجوية الإسرائيلية في بعض المناطق المستهدفة.

 

مشاكل تقنية كامنة

 

كل هذا ولم نتحدث بعد عن المشاكل التقنية الكامنة في منظومة الدفاع الإسرائيلية على قوتها، فمثلا يرى ثيودور بوستول من معهد ماساشوستس للتقنية أن نسبة اعتراض القبة الحديدية للصواريخ القادمة من غزة أقل من 10%، ذلك لأن الصاروخ الاعتراضي في الأغلب لا يصيب الصاروخ القادم، بل ينفجر إلى جواره في مناورة لا تدمر الرأس الحربي، وبالتالي فإنه يسقط وربما ينفجر على الأرض رغم اعتراضه "تقنيا" بنجاح.

 

ويتفق هذا الرأي نسبيا مع تقييمات ريتشارد إم لويد خبير الرؤوس الحربية سابقا في شركة ريثيون، وآخرين من داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه، مثل روفين بيداتسور الطيار المقاتل السابق في جيش الاحتلال وأحد مؤيدي الأنظمة الدفاعية القائمة على الليزر، وموردخاي شيفر الحائز على جائزة الدفاع الإسرائيلية، والذين يقدرون الفاعلية الحقيقية للمنظومة بين 5 و40% بحد أقصى.

 

يأتي ما سبق في سياق نقطة مهمة هي أن الصواريخ الضاربة منخفضة التكلفة تستهلك الكثير من الصواريخ الاعتراضية عالية التكلفة، فاعتراض صاروخ واحد منخفض التكلفة (بضع مئات من الدولارات) باستخدام نظام اعتراض القبة الحديدية -الذي يقدر بنحو 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار للصاروخ الواحد- ليس مستداما أثناء الصراعات الطويلة الأمد.

 

صواريخ فرط صوتية

 

وإلى جانب ما سبق، فقد اعتاد الإسرائيليون استخدام منظومتهم الدفاعية لصد هجوم من صواريخ أضعف وأقل تقدما، سواء لأنها تفتقد التوجيه الدقيق فتسقط أصلا في أماكن غير مأهولة، أو لأن الصواريخ تمتلك مسارات بدائية يسهل تتبعها وضربها، لكن ذلك لم يستمر، وعلى سبيل المثال فإن الصاروخ الأخير الذي أطلقه الحوثيون يمثل مشكلة، ليس فقط لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، بل بشكل عام.

 

ويتسم الصاروخ -الذي سمي "فلسطين 2"- بمداه البعيد الذي يصل إلى 2150 كيلومترا، وتصل سرعته إلى نحو 19 ألفا و600 كيلومتر/الساعة، ويعني ذلك أنه يمكن أن يصل إلى هدفه خلال أقل من 10 دقائق، مما يترك القليل من الوقت للاعتراض، وإلى جانب تقنية التخفي عن طريق القدرة على عكس إشارات الرادار فإن ذلك لا شك يمثل مشكلة كبيرة للدفاعات الإسرائيلية.

 

وينضم "فلسطين 2" إلى فئة الصواريخ الباليستية الفرط صوتية، والتي تعرّف بأنها تلك التي تتمكن من تجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت.

 

وإلى جانب سرعتها العالية فإن لديها القدرة على المناورة على طول مسارها عبر تغيير اتجاهها إلى مسارات منخفضة قريبة من الأرض دون أن تفقد سرعتها، وبسبب ذلك ينطلق تحذير رادار الإنذار المبكر قبل وقت قصير جدا من الضربة، لدرجة أنه قد لا يوجد حينها شيء لفعله، إذ يكون الوقت بين استشعار اقتراب الصاروخ واستجابة الدفاعات الأرضية أطول من المدة اللازمة لوصول الصاروخ إلى الهدف.

 

وتتمتع هذه النوعية من الصواريخ بقدرة على المناورة أثناء التحليق، مما يجعل مسارها غير متوقع ويصعب تعقبها واعتراضها، خاصة أنها في الأغلب تعتمد على تصاميم تقلل بصمتها الرادارية والحرارية، مما يصعّب على أنظمة الرادار تتبعها.

 

وتأتي الصواريخ الفرط صوتية كواحد فقط من ترسانة التهديدات الأكثر تقدما التي تواجه المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، (انتشرت مؤخرا في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط)، والتي تضم كذلك الذخائر الموجهة بدقة، وهي صواريخ متقدمة مصممة لضرب الأهداف بدقة عالية باستخدام تقنيات توجيه متطورة، وصواريخ كروز المجنحة التي تجري كذلك على ارتفاعات منخفضة، مما يخفض قدرات منظومات الدفاع الجوي

 

تهديدات مسيرة

 

وإلى جانب ذلك، يشكل صعود المسيّرات -خاصة تلك المجهزة بالمتفجرات أو قدرات المراقبة- تحديا كبيرا لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، ومنذ اللحظة الأولى التي ابتُكرت فيها المسيّرات تسبب حجمها الصغير والمقطع الراداري المنخفض (آر سي إس) في مشكلات كبيرة للجيوش المعاصرة، بسبب صعوبة اكتشاف المسيّرات بواسطة أنظمة الرادار التقليدية، خاصة إذا طُليت بمواد تسهّل اختفاءها وتقلل انعكاسات الرادار.

 

وإلى جانب ذلك، فغالبا ما تحلّق المسيّرات على ارتفاعات منخفضة، إذ يمكن للتضاريس والمباني أن تعوق وصول الرادار وخطوط الرؤية، كما يسمح الطيران المنخفض للمسيّرات بالاندماج مع الفوضى الراديوية الموجودة بشكل طبيعي على شاشات الرادار، مما يجعل من الصعب التمييز بينها وبين الطيور أو مصادر الإشعاع الأرضي، كالهواتف والتلفاز وغيرها.

 

وعلى عكس الطائرات المأهولة -التي تطير بسرعات كبيرة وتجري في مسارات يمكن التنبؤ بها نسبيا- يمكن للمسيّرات أن تطير ببطء أو تمارس "الحوم"، أي أن تدور أعلى منطقة محددة لفترة من الزمن أو أن تتحرك بشكل غير متوقع، وهو ما يتناقض مع قدرات الرادارات الحديثة التي حُسّنت قدراتها لتتبع الأهداف الأسرع، مما يجعلها غير ملائمة للتعامل مع المسيّرات.

 

كما تحتوي العديد من المسيّرات على محركات أصغر تُنتج حرارة أقل مقارنة بالطائرات التقليدية، مما يجعل اكتشافها أصعب باستخدام أجهزة الأشعة تحت الحمراء أو أجهزة استشعار الحرارة الأخرى، خاصة أنها تمتلك حدا أدنى للتوقيع الصوتي، أي أنها ذات صوت خفيض نسبيا بسبب محركاتها الأصغر والدفع الكهربائي الذي تعمل به.

 

وكانت هذه المزايا كذلك السبب في نجاح عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في شقها التقني، وقد بدأت العملية بالتدريب المشترك لجنود كتائب القسام، في عملية خداع كبرى لاستخبارات جيش إسرائيل.

 

وفي لحظة الانطلاق لاختراق 17 نقطة محددة سلفا في السياج الأمني انهمر غطاء نيراني عبر إطلاق 5 آلاف صاروخ، ثم استُخدمت المسيّرات لاختراق الأهداف الإستراتيجية وضربها على طول السياج، ومثّل ذلك تحديا للقبة الحديدية التي لم تتطور بشكل كافٍ لمواجهة الطائرات المسيرة أو التعامل مع عدد كبير من الصواريخ التي تطلق دفعة واحدة.

 

تنويع الضربات

 

وفي حين تم تصميم أنظمة مثل مقلاع داود وآرو لمواجهة الصواريخ المجنحة مثلا فإن فاعليتها في التعامل مع التهديدات المتزامنة من منصات متعددة لا تزال بحاجة إلى اختبار كامل في المعركة.

 

وتمتلك الصواريخ الباليستية أسلوبا هجوميا يختلف عن المسيّرات، والتي يختلف أسلوبها الهجومي بدوره عن صواريخ كروز، فالأولى تنطلق للغلاف الجوي ثم تعود مصوّبة نحو الهدف، والأخرى تحلّق أعلى منطقة الهدف لفترة قبل الانقضاض، والثالثة تحلّق على ارتفاع منخفض وتتمكن من مراوغة الرادارات.

 

ويمكن استخدام أسلحة تختلف في أساليبها القتالية لتنفيذ حرب أسلحة مشتركة، وهو أسلوب قتالي يسعى إلى دمج الأسلحة القتالية المختلفة للجيش لتحقيق تأثيرات تكاملية.

 

وعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الطائرات المسيّرة لمهاجمة رادارات الدفاع الجوي في المراحل الأولى من هجوم شامل، وهنا ستتحول قدرات الدفاع الجوي الأخرى لصد هجوم المسيّرات، مما يترك الطريق مفتوحا أمام ضربات صاروخية باليستية وأخرى بصواريخ كروز فلا تتمكن الدفاعات من صدها جميعا، خاصة مع اختلاف تكتيكات عمل كل منها.

 

أضف إلى ذلك أن المسيّرات نفسها عادة ما تنطلق في صورة أسراب متنوعة الوظائف والمدى والقدرة، بعضها يضرب مباشرة والبعض الآخر يتسكع جويا بانتظار نقطة ضعف تحددها مسيّرات الاستطلاع، مما يزيد تعقيد الضربة، ويمكن لذلك أن يأتي في سياق ضربات متعددة الاتجاهات من نطاقات جغرافية مختلفة.

 

الاعتماد على التكنولوجيا

 

تعتمد الأنظمة المتقدمة مثل القبة الحديدية على خوارزميات متطورة للتنبؤ بالمسارات وتحديد المقذوفات التي تشكل تهديدا، وذلك بالأساس هو جزء من سر قوتها، لكن هذه التكنولوجيا ليست مضمونة، والأخطاء قد تؤدي أحيانا إلى تفويت الاعتراضات.

 

وعموما، فإن الاعتماد الشديد على التكنولوجيا في الجيش الإسرائيلي يأتي مع تحديات ومشكلات كبيرة، إذ يؤدي الاعتماد الشديد على الأنظمة المترابطة إلى زيادة التعرض للهجمات الإلكترونية، مما قد يؤدي إلى تعطيل العمليات الحرجة أو المساس بالبيانات.

 

كما تعتمد الأنظمة المتقدمة من هذا النوع على بنية أساسية مثل شبكات الاتصالات والطاقة، وقد تؤدي الضربات المستهدفة لهذه البنى الأساسية إلى تعطيل الأصول العسكرية الرئيسية.

 

وإلى جانب ذلك، قد يؤدي الإفراط في الاعتماد على الأنظمة الآلية والمدفوعة بالتكنولوجيا إلى تقليل أهمية المهارات العسكرية التقليدية، مما يجعل الجيش أقل قدرة على التكيف في البيئات المحرومة من التكنولوجيا.

 

وفي هذا السياق، يتطلب الحفاظ على التكنولوجيا المتطورة وترقيتها وصيانتها موارد مالية كبيرة، مما يضغط على ميزانية الدفاع بمرور الوقت، خاصة أن جهات مثل الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان أو حماس في فلسطين تستخدم دائما أساليب غير تقليدية منخفضة التقنية مثل الأنفاق وحرب العصابات والتكتيكات السيبرانية لاستغلال النقاط العمياء التكنولوجية، وهذه الأساليب عادة ما تكون أرخص بفارق كبير من المنظومات المستخدمة لتحييدها.

 

وأشارت إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي "يستعد للرد على الهجمات التي شنها الحوثيون ضد إسرائيل خلال الأيام الأخيرة الماضية".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اسرائيل الحوثي منظومة الدفاع الجوی الإسرائیلیة الصواریخ البالیستیة الدفاع الإسرائیلی اعتراض الصواریخ على سبیل المثال القبة الحدیدیة من الصواریخ المسی رات إلى جانب مما یجعل ذلک أن

إقرأ أيضاً:

الترسانة النووية للرئيس الـ47.. ما الأسلحة التي يستطيع ترامب أن يهدد بها العالم؟

نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا يسلط الضوء على الاستراتيجيات التي يعتزم الجيش الأمريكي تطبيقها في السنوات القادمة لتطوير قدراته وتعزيز هيمنته، وأبرز الأسلحة التي ستكون تحت تصرف رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب خلال ولايته الثانية.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب سيمتثل في البداية لميزانية الدفاع لسنة 2025، والمقدرة بـ865 مليار دولار، واستراتيجية الدفاع الوطني التي اعتُمدت في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2022.

وترجح الصحيفة إجراء تعديلات جذرية في استراتيجيات الجيش الأمريكي خلال السنوات القادمة، استنادًا إلى دراسات وتجارب من أهمها تلك المتعلقة بالخبرة المكتسبة من الحرب الروسية الأوكرانية.



الردع الشامل للأعداء
أوضحت الصحيفة أن مسألة الردع الاستراتيجي تمثل أولوية بالنسبة لوزارة الدفاع الأمريكية، وأضافت أن البنتاغون يرى أن الأسلحة النووية ستكتسب في المستقبل القريب تأثيرا ردعيا لا يمكن لأي عنصر آخر من عناصر القوة العسكرية أن يحل محله.

لذلك يعتزم البنتاغون -وفقا للصحيفة- تحديث قدراته النووية الاستراتيجية والبنية التحتية الإنتاجية والقاعدة العلمية والهندسية.

وقد تم إنشاء معظم أنظمة الردع النووي في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن العشرين وما قبل ذلك. وبعد عدة عمليات تحديث، من المنتظر أن تنتهي صلاحية جميع الأنظمة العاملة حاليًا في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.

وحسب الصحيفة، تعتقد وزارة الدفاع الأمريكية أن إعادة تمويل المنصات النووية وأنظمة التسليم وأنظمة الدعم المرتبطة بها سوف تتطلب استثمارات كبيرة على مدى العشرين عاماً المقبلة.

ومن المقرر أن يحل الصاروخ الباليستي العابر للقارات "إل جي إم-35 إيه سينتنيل" محل الصاروخ الباليستي العابر للقارات "مينتمان 3" والذي تم تطويره في سبعينيات القرن العشرين.

وحسب المطورين، سيحتفظ صاروخ "إل جي إم-35 إيه سينتنيل" بخصائص التكيف السابقة، مع توفير قدرات وأمان وموثوقية أكبر. كما سيتم استبدال صاروخ "إيه جي إم 86" الذي دخل الخدمة سنة 1982.

ومن المنتظر أن يتم تطوير الغواصة النووية الاستراتيجية "كولومبيا" لتعويض الغواصات النووية الاستراتيجية من طراز "أوهايو" انطلاقا من تشرين الأول/ أكتوبر 2030. وقد انطلقت أشغال بناء السفينة الأولى من هذا المشروع في أيلول/ سبتمبر 2020.

وأضافت الصحيفة أنه من المقرر تخصيص أموال إضافية للصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات من طراز "يو جي إم-133 ترايدنت 2". ومن المقرر أن تظل هذه الصواريخ في الخدمة مع البحرية الأمريكية طوال فترة خدمة الغواصات من طراز "أوهايو"، أي إلى أوائل أربعينيات القرن الحادي والعشرين، وهو الموعد المحدد لنشر أولى الغواصات النووية من طراز كولومبيا.

كما دخلت القاذفات الاستراتيجية من طراز "نورثروب غرومان بي-21 رايدر" مرحلة الإنتاج الكامل في السنة المالية 2024. وتؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن هذه الطائرات، عند دخولها الخدمة، ستكون طائرات منخفضة التكلفة مجهزة بتقنيات متطورة. كما تؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن القاذفة ستشكل عنصرا رئيسيا في ترسانة مشتركة من الأسلحة التقليدية والنووية.

ومن المنتظر أن تحل مقاتلات "إف 35" القادرة على حمل الأسلحة النووية والعادية محل المقاتلات القديمة من الجيل الرابع، بما في ذلك "إف 15 إي"، وستكون مخصصًة لتنفيذ مهمات الردع النووية لحلف الناتو.

وقد حصلت بعض مقاتلات "إف-35 إيه" التي تمتلكها الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الأوروبيين على شهادة القدرة التشغيلية النووية في بداية السنة المالية 2024.

التفوق الجوي
ذكرت الصحيفة أن المجمع الصناعي الدفاعي الأمريكي يستمر بالتركيز في المجال الجوي على تنفيذ مشروع "الجيل المقبل من الهيمنة الجوية"، والذي يقوم على نشر مجموعة كاملة من الأنظمة المتصلة، والتي يمكن أن تشمل المقاتلات والطائرات المسيرة والأقمار الصناعية ومنصات الفضاء الإلكتروني.

في هذه المرحلة، يتمثل الاستثمار الرئيسي في الطائرة المقاتلة من طراز "لوكهيد مارتن إف-35 لايتنينغ الثانية"، والتي ستكون العمود الفقري للقوات الجوية.

في إطار برنامج "إف-35"، يتم تطوير وإنتاج وتوريد ثلاثة أنواع من مقاتلات الجيل الخامس الضاربة، وهي النسخة التقليدية للإقلاع والهبوط "إف-35 إيه" والمخصصة لسلاح الجو، ونسخة الإقلاع القصير والهبوط العمودي "إف-35 بي" لمشاة البحرية، و"إف-35 سي" الخاصة بالقوات البحرية.

وفقًا للبنتاغون، فإن خاصية التخفي التي تتميز بها طائرة "إف-35"، وأجهزة الاستشعار المتطورة والتكامل الوظيفي الذي يسمح بتبادل المعلومات بشكل سلس، كلها مميزات تجعل هذه الطائرة أذكى وأكثر فتكًا وقدرة على الصمود في ساحات المعارك.

كما يستمر تمويل نظام الطائرات المسيرة التابع للبحرية الأمريكية من طراز "بوينغ أم كيو-25 ستينغراي"، التي ستوفر لوزارة الدفاع ناقلة وقود مسيرة من شأنها مضاعفة القوة الضاربة لجناح حاملة الطائرات مع توفير المراقبة البحرية.



وأضافت الصحيفة أن ميزانية السنة المالية 2025 تتضمن أيضًا شراء طائرة نقل من طراز "بوينغ كيه سي-46 بيغاسوس"، والتي ستحل محل الناقلات القديمة. كما تتضمن ميزانية السنة المالية 2025 تمويل جهود القوات الجوية الأمريكية لاستبدال أسطول طائرات الإنذار المبكر المحمولة جوا من طراز "بوينغ إي 3 سينتري" بأخرى من طراز "بوينغ 737".

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة خصصت مبالغ لتمويل مختلف أنظمة الحرب الإلكترونية. بالإضافة إلى التعديلات الحالية على طائرة الحرب إلكترونية من "بوينغ إي إيه-18 جي غرولير"، فإن جهاز التشويش من الجيل القادم سيضمن إمكانيات متقدمة في مجال الهجوم الإلكتروني الجوي ضد رادارات الدفاع الجوي المتقدمة.

وتتضمن ميزانية السنة المالية 2025 أيضًا تخصيص أموال لتعزيز قدرة نظام التحذير في طائرة "إف-15 إيغل"، ونظام الإجراءات الإلكترونية المضادة المتكامل في طائرة "إف/إيه-18 هورنت".

التفوق على الأرض
وقالت الصحيفة إن وزارة الدفاع الأمريكية تخطط لاتخاذ القرار النهائي بشأن الصورة المستقبلية والهيكل التنظيمي للقوات البرية الأمريكية في سنة 2040 خلال العامين المقبلين.

وتخطط المؤسسة العسكرية الأمريكية لمعرفة ماهية ساحات المعارك والبيئة التشغيلية في المستقبل المنظور، ومما لا شك فيه أن هذه الدراسات سوف تتأثر إلى حد كبير بالخبرة القتالية المكتسبة من النزاع المسلح في أوكرانيا، وفقا للصحيفة.

ويعد مشروع التقارب التابع للجيش الأمريكي، والذي انطلق في 2020 ويهدف إلى تحسين قدرات الجيش، منصة للقيام بهذه التجارب.

ينص المشروع على استبدال الدبابات التقليدية بدبابات روبوتية ونقل جزء كبير من الأعمال العسكرية الشاقة، وخاصة المهام عالية المخاطر، إلى الآلات والروبوتات بدلاً من الجنود. وقد خصصت ميزانية 2025 حوالي 13 مليار دولار لتحديث الأسلحة والمعدات العسكرية للجيش الأمريكي وسلاح مشاة البحرية، بما في ذلك المركبات المدرعة متعددة الأغراض ومركبات القتال البرمائية ومركبات المشاة القتالية.

الهيمنة في البحار والمحيطات
تتضمن طلبات الميزانية للسنة المالية 2025 تخصيص 48.1 مليار دولار للاستثمار في القوة البحرية الأمريكية، ببناء ست سفن جديدة، بينها غواصة نووية متعددة المهام من طراز "فيرجينيا"، ومدمرتين من فئة "آرلي بيرك" مزودة برادار متطور، وسفينة إنزال من فئة "سان أنطونيو"، وسفينة إنزال متوسطة الحجم.

وتتضمن ميزانية السنة المالية 2025 تمويلًا إضافيًا لبناء حاملات طائرات جديدة تعمل بالطاقة النووية من فئة "جيرالد فورد" و"يو إس إس جون إف كينيدي"، المقرر تسليمها إلى البحرية في 2025، و"يو إس إس إنتربرايز" المقرر دخولها الخدمة في 2028، فضلا عن حاملة أخرى من فئة "يو إس إس دوريس ميلر".

ومن المقرر وضع حجر الأساس للناقلة "دوريس ميلر" في كانون الثاني/ يناير 2026، وإطلاقها في تشرين الأول/ أكتوبر 2029، ودخولها الخدمة في 2032.

ما المتوقع من ترامب؟
وذكرت الصحيفة أن من المتوقع تخصيص حوالي 143.2 مليار دولار للبحث والتطوير والاختبار والتقييم، ويشمل ذلك الاستثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس ومختلف أنواع التجارب.



ومن المنتظر تخصيص 17.2 مليار دولار للعلوم والتكنولوجيا، بما في ذلك الاستثمارات في البحوث الأساسية بقيمة إجمالية تبلغ 2.5 مليار دولار.

وحسب البنتاغون، تتيح هذه الإجراءات للقوات المسلحة الأمريكية تحقيق مزايا مستدامة في إدارة العمليات العسكرية.

وختمت الصحيفة أنه من المستبعد أن يتخذ الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أي قرارات في المستقبل القريب بمراجعة البرامج والتمويلات المعتمدة سابقا لتطوير قدرات الجيش الأمريكي.


مقالات مشابهة

  • الدفاع الجوي الروسي يعلن إسقاط عدد من الطائرات الأوكرانية المسيرة
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • الترسانة النووية للرئيس الـ47.. ما الأسلحة التي يستطيع ترامب أن يهدد بها العالم؟
  • الدفاع الجوي الروسي يدمر 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل في عدة مقاطعات
  • رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة التعبوى لأحد تشكيلات القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي
  • الفريق أحمد خليفة يشهد مشروع مراكز القيادة لأحد تشكيلات القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي
  • رئيس الأركان يشهد المرحلة الرئيسية لأحد تشكيلات القوات الجوية والدفاع الجوي
  • كوريا الجنوبية تطور منظومة لاعتراض الصواريخ لتعزيز دفاعها ضد الشمال
  • روسيا تعلن اعتراض 11 مسيرة أوكرانية في مجالاها الجوي
  • زيلينسكي يطالب بإمداد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي