هل أصبح المقاومون مرتزقة ودواعش؟!
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
هناك سؤالٌ كبير يطرح نفسه بقوّة منذ أن شرعت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في حملتها الشرسة ضدّ المقاومة في جنين إلى حدّ الساعة، وهو: ما الذي تجنيه السلطة من هذه الحملة المشبوهة التي لا تخدم إلا أجندة الاحتلال؟!
في العقود الثّلاثة الماضية، كانت السلطة الفلسطينية تمنع أيّ عمل مقاوِم في الضفة الغربية، بذريعة أنّها تُفاوض الاحتلال على دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 جوان 1967، أمّا الآن وقد توقّفت المفاوضات نهائيًّا، وانهار مسلسل “السّلام” الكاذب، وأكّد الاحتلال مرارا رفض قيام أيّ دولة فلسطينية ولو كانت منزوعة السلاح، فلماذا تصرّ السلطة الفلسطينية على محاربة المقاومة في الضّفة نيابة عن الاحتلال؟!
الاحتمالُ الأرجح هو أنّ السلطة تريد أن تُثبت للاحتلال وأمريكا أنّها لا تزال موجودة وتسيطر على الأوضاع في الضفة الغربية أملا في أن يمنحاها دورا في غزة بعد نهاية الحرب، لذلك قامت بهذا الهجوم الكاسح على مخيّم جنين وحاصرت عشرات المقاومين هناك، لتصفيتهم أو نزع سلاحهم واعتقالهم، وقد قتلت إلى حدّ الساعة ثلاثة منهم وفي مقدّمتهم قائد كتيبة جنين، يزيد جعايصة، الذي يطارده جيش الاحتلال منذ 4 سنوات كاملة ولم يستطع الوصول إليه، فوصلت إليه هذه الأجهزة واغتالته!
منذ 7 أكتوبر 2023 إلى اليوم، قتلت أجهزة السلطة 13 مقاوما بالضفة الغربية واعتقلت 150 آخر، أغلبهم مطارَدون ومطلوبون للكيان، كما قام الاحتلال باغتيال العديد من المقاومين الذين طاردتهم أجهزة السلطة وفشلت في اغتيالهم أو اعتقالهم ومنهم “أبو شجاع” في طولكرم، أليس هذا تكاملا بين الطرفين، يؤكّد أنّ أجهزة هذه السلطة أصبحت ذراعا أمنيّا للاحتلال وتؤدّي دورا لا يختلف عن “جيش لحد” المنهار في جنوب لبنان؟! ألا تدرك السلطة أنّها بهذا الدور المخزي تريد تأبيد احتلال فلسطين وتصفية قضيّتها؟!
والمُثير للاشمئزاز أكثر أن يظهر أحد قادة هذه الأجهزة في قناة عربية، ويقول إنّ هدف الحملة في جنين هو “محاربة المرتزقة والمأجورين والدواعش الذين يعملون لصالح أجندات إقليمية ويريدون تحويل الضّفة إلى غزّة ثانية؟!”.
كأنّها تقول له: أنهِ ما بدأته في غزة، أمّا المقاومة في الضِّفة فسنريحك من عبئها
لو كانت هذه السُّلطة تعقل، لدفعتها المجازر الوحشية التي يرتكبها الاحتلال في غزة وتدمير بنيتها التحتية منذ أزيد من 14 شهرا، وحملات التجويع والتهجير والتطهير العرقي لسكّانها، فضلا عن انهيار مسلسل “السّلام” معه بعد 31 سنة كاملة من اتّفاق أوسلو، إلى التوبة والعودة إلى أحضان شعبها ودعم مقاومته الشريفة في الضِّفة، لكنّها للأسف فقدت كلّ قيم الوطنية والعروبة والشهامة والإحساس بالعزّة والكرامة، وانبطحت تماما للاحتلال وخنعت.
وبدل أن توجِّه سلاح 60 ألفًا من عناصرها الأمنية للدفاع عن الفلسطينيين بالضّفة ضدّ الانتهاكات اليومية للاحتلال وقطعان مستوطنيه، آثرت أن تتحوّل إلى ظهير له، تكمل ما عجز عنه في شتى معاقل المقاومة هناك، وكأنّها تقول له: أنهِ ما بدأته في غزة، أمّا المقاومة في الضِّفة فسنريحك من عبئها!
يكفي هذه السُّلطة خزيًا ما كشفه موقع “أكسيوس” الأمريكي من أنّ بعض مسؤوليها أطلعوا مسبقا إدارة الرئيس بايدن ومستشاري ترامب، على عملية جنين، وأنّ المنسّق الأمني الأمريكي، مايك فنزل، اجتمع بقادة أمن السُّلطة قبل العملية لـ”مراجعة خططهم”، وبعدها طلبت الولايات المتحدة من الكيان السَّماح لها بتزويدهم بالمُعدّات والذخائر، لإنجاز “مَهمّتهم” هناك.
وقد كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية أنّ الاحتلال سيقدّم لهم مُعدّات عسكرية متطوّرة وفي مقدّمتها أجهزة إبطال العبوّات الناسفة، إضافة إلى زيادة التنسيق الأمني بين الطرفين، ومع ذلك تسمّي السلطة هذه المهمة القذرة “حماية الوطن!”، وتُشيطن المقاومة الشريفة وتجرّمها، أيّ عار هذا؟!
السُّخط الشعبي ضدّ السلطة الفلسطينية يتنامى في الضِّفة، والمظاهرات تملأ الشوارع في جنين ونابلس وطولكرم ومعاقل أخرى، وحتى بعض عناصر الشرطة وقياديين من “فتح” بدأوا يتململون ويعارضون هذه الحملة الأمنية التي تتساوق مع المخططات الصهيونية والأمريكية، وبمرور الأيام قد يتحوّل التململ إلى رفض لمواجهة الأشقاء في مخيّم جنين، وحينها يصبح انهيارُ السلطة تحصيل حاصل؛ فحينما رفض الجيشُ السوري القتال، لم تستطع روسيا، القوة العظمى الثانية في العالم، إنقاذ نظام الأسد وانهار في ظرف 12 يوما فقط، فعلى السلطة أن تعتبر وتعود إلى أحضان شعبها بدل الاستقواء الأجوف بأعداء الأمّة والبشرية: أمريكا والاحتلال.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة جنين الاحتلال الضفة الاحتلال جنين المقاومة الضفة أمن السلطة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة فی فی الض فی غزة
إقرأ أيضاً:
أهالي مخيم جنين يشتكون من عقوبات جماعية مع استمرار حملة السلطة الأمنية
هذا يوم مشمس في مخيم جنين (شمال الضفة الغربية) يستغلّه الأطفال للهو واللعب، حيث الشمس المصدر الوحيد المتوفر للحرارة هنا منذ أكثر من 30 يوماً.
مع اقتراب الغروب، كان الجو يزداد برودة والظلمة تمتد إلى داخل المنازل، فلا كهرباء في بيوت المخيم وشوارعه، ولا مصادر للإنارة، وحتى من يمتلك مولدات كهربائية منزلية لا يتمكن من تشغليها لعدم توفر الوقود.
وبحسب الأهالي، فإن قوات أمن السلطة الوطنية الفلسطينية أصدرت تعليمات لمحطات التعبئة في المنطقة بعدم تزويد مخيم جنين بأية كمية من الوقود.
وتقول رحيل حنون (22 عاماً) "الجو بارد جداً خاصة في الليل ومع ساعات الصباح الأولى. هذه الأيام مشمسة، لكن مع أي منخفض جوي سيكون الوضع كارثيا في المخيم، كيف يمكننا الاستمرار بالعيش بدون كهرباء ولا تدفئة؟".
عرض هذا المنشور على Instagramتمت مشاركة منشور بواسطة Shatha Hanaysha (@shathahanaysha)
شهر بدون كهرباءتقول المواطنة "اليوم ندخل في اليوم 33 لحصار المخيم، وخلال هذه الأيام وصلتنا الكهرباء لمدة ساعتين فقط، وذلك بعد تنسيق كبير لدخول الطواقم الفنية من أجل إصلاح المحوّلات المعطلة، بعدها قطعت مرة جديدة وعاد الظلام والبرد إلى البيوت".
إعلانويتهم أهالي المخيم أفراد أمن السلطة بإطلاق النار على المحولات الرئيسية المزودة للكهرباء، مما تسبب في احتراقها. ورغم محاولات شركة الكهرباء إصلاحها مرات عدة فإن حالات إطلاق النار عليها تكررت بشكل مستمر.
وبحسب "كهرباء جنين" فإنه خلال 14 ساعة تعرضت شبكة الكهرباء بالمخيم إلى 3 اعتداءات متتالية. وتقدر الشركة كلفة إصلاح أصغر المحولات الكهربائية هناك بنحو 70 ألف شيكل (قرابة 19 ألف دولار) بينما يوجد في المخيم ومحيطه قرابة 14 محولا تتعرض للاعتداءات وإطلاق النار خلال الحملة المستمرة.
بلا دراسةتدرس رحيل فصلها الأخير في الجامعة، لكنها منذ بدء الحصار الأمني الفلسطيني على المخيم لم تستطع اللحاق بمحاضراتها ومتابعة دروسها. وتقول إنها واحدة من مئات الطلاب في المدارس والجامعات الذين حكم عليهم بضياع فصل دراسي من دون ذنب، بسبب حصار المخيم.
وتضيف "الفصل الدراسي في مدارس محافظة جنين مستمر على حاله، ولا يعطله شيء، لكن طلاب المخيم فقدوا حقهم في الوصول إلى المدارس داخل وفي محيط المخيم. وإن كان باستطاعة طلاب المراحل المتقدمة تجاوز الوقت الضائع، فكيف يمكن لطلبة المرحلة التأسيسية تجاوزه".
ورغم اقتراب الفصل الدراسي الأول في المدارس الفلسطينية من نهايته وبدء الامتحانات الفصلية، فإن طلبة المخيم لن يستطيعوا تقديمها.
وفي حين أن بعض العائلات أرسلت أبناءها بالمرحلة الثانوية إلى أقربائهم في المدينة والقرى القريبة لمتابعة حصصهم وامتحاناتهم، إلا أن قرابة 1640 طالبا وطالبة -يدرسون في 4 مدارس داخل المخيم وحده- بات مصير سنتهم الدراسية مهددا بالضياع.
وقد اعتبر رولاند فريديتش مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بالضفة الغربية، في تصريح نشره مع بداية حملة السلطة الأمنية في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن "مخيم جنين يعيش حلقة مفرغة من العنف يجعله غير صالح للسكن أصلا، وأن أكثر القطاعات تضرراً هو التعليم حيث أغلقت المدارس وتعطلت العملية التعليمية مما يهدد مستقبل الطلبة في المنطقة".
إعلان تكدّس النفاياتفي شوارع المخيم المدمرة والمجرّفة أصلاً بفعل الاقتحامات الإسرائيلية السابقة، تكدست أكوام النفايات وأكياس القمامة، بعد منع مركبات نقلها من دخول المخيم، مما ينذر بوضع صحي خطر في التجمع ذي المساحة الصغيرة والذي يسكنه قرابة 14 ألف نسمة.
ويصف سكان المخيم ما يحدث بـ"العقوبات الجماعية" التي تفرضها عليهم السلطة الفلسطينية، في حين أن المطلوبين في حملتها الأمنية فئة محددة وصغيرة تسميهم "خارجين عن القانون".
وتعود رحيل لتقول "بهذه الطريقة نعتبر كلنا خارجين عن القانون، أنا وعائلتي وجيراني وكل نساء وأطفال ورجال المخيم، نُعاقب بالحصار والحرمان من مقومات الحياة الاساسية لأن الأمن الفلسطيني يلاحق مجموعة من الخارجين عن القانون كما يقولون، أين العدل في هذا الادعاء؟ وكيف نقتنع بهذه الرواية؟".
وتضيف "الكثير من المرضى لا يجدون العلاج، بعضهم يحتاج إلى أدوية بشكل مستمر أو نقل للمشافي، أو حتى أجهزة أكسجين وتنفس، عدا الأمان المنعدم في كل المخيم، فالاشتباكات لا تتوقف والرصاص يصل لكل زاوية".
وعلى مدى الأيام الماضية بدأت الروائح الكريهة تخرج من أكوام النفايات، بينما اشتكى عدد من أصحاب المحال التجارية -التي تبيع اللحوم والدواجن المجمدة- من تلفها بعد قطع الكهرباء، وصعوبة نقلها.
ويقول المواطن "ع ك" إنه يبيع الدواجن في دكانه الواقع بساحة المخيم "وبعد قطع الكهرباء فسدت كل البضاعة، الناس يتصلون بي بشكل مستمر لأن الرائحة في المحل قوية جداً، هذا وضع كارثي، البضائع المجمدة تلفت وستخرج منها الديدان إن لم استطع نقلها".
ومع بداية الأسبوع الحالي، خرجت دعوات من داخل المخيم وقرى غرب جنين لأصحاب الشاحنات للقيام بحملة تنظيف وإفراغ النفايات ونقلها من المخيم، لكن الحواجز الأمنية للسلطة الوطنية الموجودة على مداخل المخيم منعت المركبات والشاحنات من دخوله.
حصار مخيم جنين يستمر منذ شهر تحت شعار "ملاحقة الخارجين عن القانون" (أسوشيتد برس) مياه شحيحةفاقم الحصار المفروض على مخيم جنين أزمة نقص المياه فيه، والتي لم تُحل أصلاً، بعد اقتحام قوات الاحتلال الأخير للمخيم قبل أكثر من شهرين.
إعلانويقول ابن المخيم محمد أبو كامل إن الطواقم الفنية كانت تعمل على إعادة خطوط المياه التي جرفها الاحتلال للمنازل هنا، لكن الحملة الأمنية للسلطة الفلسطينية أوقفت عملية إصلاحها. واليوم يقضي السكان أيامهم بانتظار خزانات المياه المتنقلة والتي لا يُسمح بدخولها إلا بعد عمليات تنسيق معقدة، ناهيك عن إصابة خزانات المياه الموجودة على أسطح المنازل بالرصاص خلال الاشتباكات المسلحة "وبصورة متعمدة أحيانا لإفراغها".
وفي الليل يجتمع شبان المخيم لإيقاد النار بين حارات المخيم الضيقة، ويقولون إنها الطريقة الوحيدة للتدفئة وإنارة الطرقات حيث يستأنس الأهالي بها أيضا، ويمضون وقتهم مجتمعين. لكن أصوات الرصاص المستمرة تقطع هدوء تلك الجلسات. وتقول سيدة مسنة "عليهم حل هذه الأزمة، لقد تعِبنا".