فليتشر: سنُبقي لبنان في صلب الاهتمامات
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
ابدى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية طوم فليتشر تفاؤله بمستقبل سوريا، إلا أنه تحدث عن تحديات كبيرة المتعلقة بإعادة إعمار البنى التحتية وإعادة توحيد البلاد.
في حديث الى" النهار" قال المهمة أمام الشعب السوري ضخمة. اجتزت المسافة من بيروت إلى الحدود مع تركيا مروراً بدمشق وحلب وحمص وإدلب، وشاهدت الدمار.
تحدثت مع الكثير من السوريين، وشعرت بتفاؤل، وهناك أيضاً انتظار وترقب، وخصوصاً لمعرفة ما إذا كانت النساء والفتيات سيُمنحن دوراً مهماً حقيقياً في مستقبل سوريا.
النساء والفتيات أساسيات لعملنا في الميدان الإنساني، ولكنّهن أيضاً أساسيات في مستقبل سوريا.+هل ناقشت هذا الأمر مع السلطات الجديدة؟-بالطبع، وقلت إن هذه ليست مجرد كلمات. إنها إحدى الطرق التي سنختبر بها احتمالات الشراكة. هل ستكون سوريا دولة شاملة ودولة تجمع الجميع من جديد؟ وهل ستكون مكانًا تشعر فيه النساء والفتيات بأنّ لديهنّ مستقبلًا؟+ماذا سمعت من السوريين، ما هي مطالبهم الأكثر إلحاحاً التي نقلوها إليك؟- الكثير من النازحين يتحدثون عن حاجاتهم إلى الغذاء والماء والكهرباء. وما قالوه لي هو أنّه إذا حصلنا على هذه الأشياء الثلاثة، سنعود أكثر الناس كرمًا وتعاطفًا. سنقدّم المساعدات إلى دول أخرى في المنطقة. العديد منهم يحاولون العودة إلى مناطقهم، ولكن هناك الكثير من الذخائر غير المنفجرة، لذا يجب نزع هذه الذخائر حتى يكون آمناً لهم العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم.
+ من خلال المناقشات مع المسؤولين، هل لاحظت أيّ تحوّل في استعدادهم للتعاون مع الأمم المتحدة؟- في ظلّ النظام السابق، واجهنا الكثير من المشاكل المتعلقة بالتصاريح والتأشيرات والأذونات اللازمة لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري. وكان من الواضح جدًا في هذه المحادثات أنّ الإدارة المؤقّتة حريصة جدًا على إزالة أيّ عقبات أمام عملنا. وقد تلقّيت هذا التأكيد من أعلى المستويات خصوصاً في شأن استخدام جميع المعابر الحدودية لإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات، وهو أمر ضروري بالنسبة إلينا. نحن في حاجة إلى استخدام كلّ هذه النقاط الحدودية المختلفة لأنّ الحاجات كبيرة في جميع أنحاء سوريا، وأيضًا في لبنان.
+ لم تبدِ مساعدة وزير الخارجية الأميركية باريرا ليف عجلة لرفع العقوبات المفروضة على سوريا. هل تعرقل العقوبات العمليات الإنسانية؟-لا نزال قادرين على الحصول على الإمدادات الإنسانية الرئيسية، لكن هناك حاجة كبيرة أيضاً لإعادة إعمار سوريا ولإعادة ثقة الناس في سبل عيشهم. وبالتالي فإنّ العقوبات تعوق الكثير من هذا العمل، وأملي أن نتمكّن من اتخاذ الخطوات العملية التي نحتاج إليها حتى يمكن تقديم الحجة لرفع هذه العقوبات. كما سمعت شخصًا يقول إنّ السبب الحقيقي لهذه العقوبات لم يعد في سوريا، إنّه في موسكو.
والسؤال الرئيسي هنا هو هل هناك ظروف مواتية لتقديم المساعدات؟ هل يمكننا أن نثق كمجتمع دولي بوجود شريك حقيقي يضع مصالح الشعب السوري في صميم جدول الأعمال؟
+هل توصّلتم إلى تقييم حقيقيّ لحجم الحاجات الإنسانية في سوريا؟
- إنها كبيرة. سبعة من كلّ عشرة أشخاص يحتاجون إلى دعم، وهذه الحاجات لن تختفي. وثمة عدد كبير من الأشخاص الذين يتنقّلون.
عندما كنت عند معبر المصنع، رأيت عدداً كبيراً من السوريين العائدين إلى بلادهم، ولكن أيضاً كان هناك أشخاص ينتقلون في الاتجاه المعاكس. وهذا يجعل عملنا أكثر تعقيداً.
+ماذا سيكون مصير اللاجئين السوريين في لبنان؟ كان الشعب اللبناني كريماً جداً... هو أكبر المانحين هنا، بل إنه أكبر من المجتمع الدولي بسبب الترحيب الذي قدّمه للاجئين السوريين. والآن أعلم من خلال التحدّث إلى العديد من السوريين أنّهم يريدون العودة إلى مدنهم. ولكن في الكثير من الحالات لا تزال المخاطر قائمة. فالألغام الأرضية لا تزال موجودة. والبنية الأساسية ليست موجودة. والكثيرون دُمرت منازلهم.
+ولكن النظام لم يعد موجوداً... لذا فإن الأمر سيستغرق بعض الوقت. والعودة رهن بالمكان الذي ينتمون إليه. المهم هو وجوب تقديم الدعم لهم للعودة عندما يصبح ذلك آمنًا لهم. وقد أجريت هذه المحادثات في تركيا أيضًا. وسأذهب إلى الأردن غدًا.
+إذا سيبقى اللاجئون يتمتعون بالمكاسب التي يحظون بها؟ -لا يزال لدينا مهمة وواجب دعم أولئك الذين يحتاجون إلى مساعدة، وهؤلاء لبنانيون وسوريون.
أعتقد أن جميع السوريين الذين التقيت بهم حريصون جدًا على العودة، لكنهم يحاولون فقط تهيئة الظروف المناسبة ليكونوا آمنين للقيام بذلك. +مع تحوّل الاهتمام العالمي إلى سوريا، هل سيصير لبنان جبهة منسية بالنسبة إلى الأمم المتحدة؟ -لا ينبغي أن ننسى لبنان. لم أتوقّف قط عن الإيمان بلبنان. كنت دائمًا متفائلًا جدًا بشأن مستقبل لبنان، وما زلت أشتري أسهمًا في لبنان من أجل المستقبل.
وعلينا واجب والتزام كمجتمع دولي للاعتراف بما مرّ به لبنان. ليس فقط الصراع الأخير، الذي كان مروّعًا. وعلي إبقاء لبنان في صميم الاهتمام الدولي وضمان حصوله على التمويل اللازم.
إن الأمرين مترابطان. من واجبي أن أضمن حصول المجتمعات على الدعم الذي تحتاج إليه. ولكن هذا يعني أيضاً بأنني أدرك حجم الاحتياجات هنا في لبنان، والتي هي شديدة ومتنامية، وأننا لا بدّ وأن نحصل على هذا الدعم. والآن، أصبحت البيئة التمويلية صعبة بالنسبة إليّ وإلى المجتمع الدولي. فالمانحون ليسوا أسخياء كما كانوا في السابق.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من السوریین الکثیر من فی لبنان
إقرأ أيضاً:
مهنتان محرمتان على السوريين انتعشتا بعد سقوط النظام
دمشق– متكئا على سيارته القديمة في مدخل سوق الشعلان وسط العاصمة السورية دمشق، يقف وائل سعد الثلاثيني وهو يصيح بأعلى صوته "صرّاف صرّاف" وقد ألصق لافتة بقربه تعرّف المارّة بمهنته الجديدة.
وبالقرب من وائل، يصطف أيضا بائعو العصير والخضار والفواكه والفروج ينافسونه جميعا بالنداء نفسه مع اصطفاف عدد من السيارات وقد ألصقت عليها لوحة "دولار ويورو" ووضع أصحابها أكواما من النقود السورية فوقها لجذب أنظار الزبائن.
هذا المشهد حديث الساعة في سوريا، فقبل أقل من شهرين كان من يحمل بجيبه مبلغا من المال حتى لو كان 100 دولار أو يورو يمشي خائفا من أن يكتشف أمره من قبل أجهزة أمن النظام، فهذا كان من المحرمات ومن تضبط معه أي عملة نقدية أجنبية يواجه عقوبة سجن قد تصل إلى 7 سنوات وغرامات مادية قاسية.
وائل يدرك أن هذه المهنة ليست دائمة لكنه يستثمرها في الوقت الراهن لسد الاحتياجات المعيشية لأسرته (الجزيرة نت) مهنة طارئةيقول وائل للجزيرة نت "نحاول كسب رزقنا بأي وسيلة كانت خاصة في الأوضاع الراهنة حيث لا توجد مجالات كثيرة متوفرة للعمل".
ويضيف أنه يقوم ببيع وشراء العملات الأجنبية مثل الدولار واليورو من الناس في الشارع خاصة المغتربين وذلك تسهيلا عليهم، فهو وزملاؤه الجدد في المهنة موجودون في الأسواق ولا يحتاج الأمر بالزبائن للذهاب إلى شركات الصرافة أو البنوك التي في أغلب الأحيان لا تتوفر لديها تلك العملات.
ويشير وائل إلى إدراكه أنها "مهنة طارئة وقد لا تستمر طويلا لكنه يحاول أن يكسب لقمة عيشه ويسد احتياجات عائلته المعيشية"، وفق تعبيره.
إعلانونوّه أنه سابقا كان فقط عناصر الأمن والشبيحة وأعوان النظام المخلوع من يجرؤون على القيام بهذا الأمر وفي الخفاء، ومن يريد أن يبيع أو يشتري دولارات أو يوروهات فإن عليه استخدام أسماء تمويهية وشيفرات مثل البقدونس أو النعناع أو غيرها، أما اليوم فالعملات الأجنبية أصبح سوقها مثل أسواق الخضار والفواكه وحتى أصحاب المحلات في هذه الأسواق باتوا يعملون بهذه المهنة.
بائع الدواجن أصبح يعمل أيضا في مهنة الصرافة في بعض أسواق دمشق (الجزيرة نت) "حتى بالين الياباني"ولا يكتفي أصحاب هذه المهنة الطارئة بالتعامل مع العملات الأجنبية بيعا وشراء فحتى أصحاب المحلات والمطاعم في دمشق باتوا يتعاملون بها؛ فالمغتربون العائدون إلى سوريا كثر ومعظمهم يحمل العملات التي يتعامل بها في بلدان اللجوء أو الاغتراب ولا يوجد منافذ رسمية كثيرة كافية لتلبية احتياجاتهم من العملة المحلية.
يقول مازحا أحمد المصري العامل في أحد مطاعم الوجبات السريعة، قرب ساحة يوسف العظمة وسط دمشق، للجزيرة نت "بتنا نتعامل بكل العملات سواء اليورو أو الدولار أو الليرة التركية وحتى لو بالين الياباني، المهم أن نعمل ونلبي طلبات الزبائن".
محال البقالة في سوريا باتت تبيع البنزين والمازوت في ما يشبه الحلم للسوريين (الجزيرة نت) المحرمة الثانيةوالمهنة الثانية التي كان محرما على السوريين العمل بها هي بيع المحروقات إذ كان الأمر مقتصرا على عناصر الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد شقيق رئيس النظام المخلوع وكذلك الشبيحة.
أما اليوم فتنتشر على مختلف الطرقات العامة بسطات كثيرة لبيع المحروقات من بنزين ومازوت وغاز وغيرها، وهو ما يشبه ما يسميه السوريين حاليا "بأحلام نومة العصر" حيث يرى الشخص في منامه أشياء غريبة لم يكن ليتوقع حدوثها.
إحدى بسطات بيع المحروقات في الطريق المؤدي إلى ساحة الأمويين بدمشق (الجزيرة نت)وبالقرب من فندق "الفور سيزون" الشهير وسط دمشق وعلى الطريق السريع المؤدي إلى ساحة الأمويين، أوقف أحمد الصباغ سيارته على جنب الشارع ليعرض بضاعته من مازوت وبنزين وجرار الغاز ويستقبل زبائنه بالترحيب والابتسامات.
إعلانيقول الصباغ إنه امتهن هذه المهنة منذ أسابيع قليلة إذ بات بعض التجار يحصلون على تلك المواد عن طريق لبنان ويوزعونها عليهم كباعة للمفرّق، وهم بدورهم يقومون بوضع مربح بسيط يلبي احتياجات معيشتهم مع أسرهم وفي الوقت نفسه يلبي احتياجات الزبائن.
ويشير إلى أن السوريين اعتادوا في السنوات الماضية على القلة في كل شيء خاصة المحروقات، فقد كان النظام يوزع عليهم كميات ضئيلة جدا عبر الرسائل وما تسمى بالبطاقات الذكية، أما اليوم فأنت تستطيع أن تشتري الكمية التي تريدها وبأسعار جيدة والأهم دون خوف.
وقبل سقوط النظام في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي عانى السوريون كثيرا من أزمة وقود خانقة وآلية توزيعها عليهم من قبل وزارة النفط؛ فقد كان يتم إرسال رسائل نصية على الجوالات تحدد محطة الوقود التي يجب على أصحاب المركبات التوجه إليها للحصول على كمية ضئيلة كل أسبوع أو أسبوعين، مما يضطرهم للجوء إلى السوق السوداء التي يتحكم بها عناصر النظام وشبيحته.