جنبلاط في دمشق: الطريق آمنة الى قصر الشعب وعاصفة حول مزارع شبعا
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
شكلت الزيارة التي قام بها امس الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على رأس وفد درزي كبير من مشايخ الدروز ونواب كتلة "اللقاء الديموقراطي" الى دمشق، ولقائه للمرة الاولى القائد العام للادارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، حدثاً بارزاً تخطى في دلالاته البعد الدرزي الصرف او الجانب المتصل بتهنئة القيادة الجديدة في سوريا بعد التخلص من نظام بشار الأسد، اذ ارتسمت ملامح رسم معالم العلاقات الجديدة بين لبنان و"سوريا الجديدة" سواء في المواقف التي عبّر عنها جنبلاط والشرع، او في مسارعة الوفد الاشتراكي الى تسليم فريق الشرع مذكرة عن تصوره لطبيعة العلاقات بين دولتين ذات سيادة.
وكتبت" اللواء": بين الميلاد ورأس السنة، تظهر للعيان سيرورة العلاقات اللبنانية- السورية، بعد المحطة الرئيسية التي تمثلت بالنائب السابق وليد جنبلاط على رأس وفد درزي نيابي وسياسي وروحي، يتقدمه النائب تيمور جنبلاط رئيس اللقاء الديمقراطي وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابو المنى.
وإذا كان جنبلاط أطلق عاصفة من نوع «حام وبارد» في آن واحد،تمثلت باعتبار مزارع شبعا سورية، وهي تخضع للقرار 242، وبالتالي لا شأن للبنان بتحريرها، منطلقا الى علاقات ندية بين لبنان، وسوريا بادارتها الجديدة، ممثلة بزعيمها «هيئة تحرير الشام» احمد الشرع، الذي ساق جملة من المواقف التطمينية للبلد المثخن بالجراح من ممارسات العهد السابق.
وأبدت اوساط ليست بعيدة عن الاجواء الشيعية عن ارتياحها للتصريحات التي ادلى بها الجولاني، ووصفتها بأنها طي لصفحة مؤلمة، واشارة لمرحلة من الهدوء والاستقرار على جبهة لبنان بكل مكوناته وسوريا الجديدة.
وكتبت" الاخبار":وفيما قدّم زعيم «المختارة» صيغة مذكّرة إلى الشرع طالبت بالنديّة في العلاقات بين البلدين وأهميّة ترسيم الحدود بينهما والكشف عن مصير المعتقلين والمخطوفين اللبنانيين في السجون السوريّة، يؤكد عدد من الاشتراكيين «أنّنا لا نقدّم أنفسنا مكان الدّولة، فهي التي ستعمد إلى تأسيس العلاقة مع الدّولة السورية ومتابعتها». ويرفض هؤلاء اعتبار أن في زيارة جنبلاط تسرّعاً في ظل عدم اتضاح صيغة الحكم النهائيّة في دمشق بعد، معتبرين أن «جنبلاط كان أوّل المبادرين إلى زيارة سوريا لكوْنه احتضن هذه الثورة وكانت له مواقف متقدّمة منها. وبالتالي كان لا بد من التهنئة بانتصارها والإطاحة بنظام الأسد». وأكدوا أنّ «اللقاء كان جيّداً ويبنى عليه، وخصوصاً أنّ مواقف الشرع كانت في منتهى الدقّة والذكاء، وأعطى مقاربة واقعيّة في شأن الوضع السوري والعلاقات بين الدّولتين، وبدا ذكياً وإيجابياً ومنفتحاً حتّى في التعبير عن شكل العلاقة المستقبليّة مع حزب الله، حينما أشار إلى أنّها صفحة وطويت، وسوريا على مسافةٍ واحدة من كل القوى اللبنانيّة».
وقالت مصادر متابعة لزيارة وفد مشايخ درزيّة لبنانيّة، بتكليفٍ من شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز، الشيخ سامي أبي المنى، إلى محافظة السويداء، حيث التقوا مشايخ الدروز السوريين، إنّ «هؤلاء أيّدوا خلال اللقاء معهم خطوة النائب السابق وليد جنبلاط بزيارة سوريا، واعتبروا أنّها تصبّ في إطار حمايتهم وإبعاد شبح الفتنة عن جبل الدّروز، كما أنهم سيكونون إلى جانب الحكم السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع». في المقابل، أرسل جنبلاط إلى مشايخ السويداء رسالة مفادها «ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وعمقها العربي أمام مطامع الاحتلال الإسرائيلي».
وكتبت" نداء الوطن": أتت زيارة سيد المختارة وليد جنبلاط أمس إلى دمشق لترفع الستارة عن نمط جديد من القيادة السورية. وأدلى رئيس الإدارة الجديدة لسوريا أحمد الشرع بمواقف من العلاقات بين لبنان وسوريا على أساس السيادة والاستقلال لكل من البلدين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وأعلن أن "سوريا ستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني".
وفوجئ الوفد الموسع برغبة الشرع بمخاطبة اللبنانيين عبر حشد من وسائل الإعلام اللبنانية متخطياً كل الحواجز التي تفرضها الضرورات الأمنية التي تحيط بالمسؤول السوري. وهكذا اندفع الإعلاميون ليحاوروا الشرع في كل المواضيع التي كانت محاطة بالكتمان ومنها ما يتعلق بملكية مزارع شبعا ومستقبل العلاقات بين القيادة السورية الجديدة وبين الشيعة سواء في لبنان أو في سوريا وصولاً إلى مصير الاتفاقات والمعاهدات التي تم إبرامها بين سوريا ولبنان في ظل النظام السابق.
أدلى الشرع بما أدلى به، في إطار بدا من خلاله أنه غير ميّال لعلاقات يجري تدبيرها تحت الطاولة. وذهب إلى المدى الذي كان مسكوتاً عنه في زمن النفوذ السوري والإيراني عندما أعلن الشرع "أن سوريا كانت مصدر قلق وإزعاج وكان تدخلها في الشأن اللبناني سلبياً .كما أن النظام السابق عمل مع الميليشيات الإيرانية على تشتيت شمل السوريين. والعمل الذي قمنا به كان عملاً سَلِساً بأقل الخسائر ودخلنا إلى حواضر المدن الكبرى ولم تهدم فيها قطعة واحدة". ومضى إلى القول: "إن نظام الأسد المخلوع اغتال كمال جنبلاط وبشير الجميّل ورفيق الحريري".
وبحسب معلومات «الديار»، فان بعد زيارة جنبلاط الى دمشق ستتوالى زيارة الوفود اللبنانية الى سوريا ، من دون استبعاد زيارات رسمية يقوم بها وزراء في الحكومة اللبنانية في الفترة المقبلة. وتشير المصادر الى ان «واشنطن التي اسقطت الجائزة التي كانت مرصودة لمن يدلي بمعلومات عن الجولاني، تدرس جديا اسقاطه و»هيئة تحرير الشام» من لوائح الارهاب، كما وقف العمل بقانون قيصر» ، مرجحة ان يحصل ذلك في الاشهر الاولى من العام الجديد.
وجاء في" النهار": الزيارة الجنبلاطية – الدرزية لدمشق، هي الاولى لجنبلاط منذ اكثر من 13 عاما وتميزت بحفاوة وحرارة متبادلتين، فان جنبلاط محاطا بشيخ العقل الشيخ سامي ابي المنى، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط ونواب "اللقاء الديموقراطي" والوفد، خاطب قائد الادارة الجديدة لسوريا احمد الشرع الذي لفت انظار الاعلام بلباسه الرسمي وبربطة العنق، قائلا: "من جبل لبنان من جبل كمال جنبلاط نحيي هذا الشعب الذي تخلص من الاستبداد والقهر، التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر ونتمنى ان تعود العلاقات اللبنانية - السورية من خلال السفارات وان يحاسب كل الذين اجرموا بحق اللبنانيين وان تقام محاكم عادلة لكل من اجرم بحق الشعب السوري وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ". وأضاف "الجرائم التي ارتبكت بحق الشعب تشابه جرائم غزة والبوسنة والهرسك وهي جرائم ضد الإنسانية ومن المفيد ان نتوجه الى المحكمة الدولية لتتولى هذا الامر والطريق طويل وساتقدم بمذكرة حول العلاقات اللبنانية السورية وعاشت سوريا حرّة ابية حرة".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العلاقات بین ولید جنبلاط
إقرأ أيضاً:
مستقبل علاقة دمشق بالفصائل والحركات الفلسطينية
تضمنت قائمة الشروط التي تقدمت بها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الإدارة السورية الجديدة لتخفيف العقوبات الاقتصادية عنها، إخراج الحركات والفصائل الفلسطينية، المرتبطة بإيران، من سوريا. وأوردت تقارير سوريا أخبار اعتقال قياديين من حركة الجهاد الإسلامي بتهمة التخابر مع إيران، الأمر الذي تم تفسيره على أنه بداية حملة على الحركات الفلسطينية المتواجدة في دمشق والتي يزيد عددها عن عشرة فصائل، يتبنى أغلبها خط المقاومة الذي قادته إيران في العقد الأخير.
تثبت الوقائع أنه بعد سيطرة إدارة الشرع على سوريا، انفرطت أغلب هياكل الفصائل الفلسطينية التي تعاونت مع إيران، واختفى أغلب قياداتها وكوادرها، ولا سيما الجبهة الشعبية "القيادة العامة"، والصاعقة، وفتح الانتفاضة، بالإضافة إلى تشكيلات ظهرت أثناء الثورة السورية، ولم يبق من هذه الأجسام سوى الشخصيات والأفراد العاملين في السياسة وإدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، في ظل ملاحقة إدارة الشرع لكل التشكيلات التي كانت حليفة لنظام الأسد، ومطالبة المجتمع الفلسطيني في سوريا إلقاء القبض على تلك القيادات التي نكّلت بالفلسطينيين والسوريين في مرحلة الثورة على بشار الأسد.
المرحلة القادمة قد تشهد مزيدا من الاعتقالات لبعض القيادات الفصائلية الفلسطينية في دمشق، ما دامت هذه القيادات بالأصل موضوعة على قائمة المطلوبين بحسب تعاونهم مع نظام الأسد. وقد اختفت في سوريا، ومنذ لحظة سقوط النظام، جميع الرموز العسكرية الفلسطينية مثل معسكرات التدريب والهياكل العسكرية للفصائل، ولا يتوقع عودتها
ومنذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة في سوريا، في بداية سبعينيات القرن الماضي، خرجت الساحة السورية من جبهات المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد إسرائيل، وظلت الساحة السورية في أحسن الأحوال ساحة تدريب لبعض الكوادر الفلسطينية القادمة من الأراضي المحتلة، ولا سيما المنضوين ضمن الفصائل التي لها علاقات جيدة مع دمشق في تلك المرحلة، في إطار سعي حافظ الأسد إلى هندسة المقاومة الفلسطينية لتوظيفها في خدمة سياساته الإقليمية والظهور بمظهر المتحكم بتفاعلات ومسارات أهم قضية إقليمية وعالمية.
أما الإدارة السورية الجديدة، فمن الواضح أنها تسير في طريق قطع العلاقات مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وهي تعترف بعنوان فلسطيني واحد هو السلطة الفلسطينية، من دون أن يؤثر ذلك على حقوق الفلسطينيين في سوريا، ومن ثم استحالة أن تكون سوريا ساحة عمل للفصائل التي تتبنى نهج المقاومة ضد إسرائيل لأسباب عدّة:
أولا: حاجة إدارة الشرع للاعتراف الدولي وإزالة العقوبات الاقتصادية، ما سيدفع هذه الإدارة للابتعاد عن كل القضايا الإشكالية التي قد تعيق تحقيق هذه الأولويات بالنسبة للإدارة السورية الجديدة. وليس خافيا أن الشرع، وبعض مسؤولي إدارته، أعلنوا أنهم ليسوا في صدد دخول صراعات مع إسرائيل التي استعادت سيطرتها على قمّة جبل الشيخ، واحتلت شريطا واسعا من مناطق جنوب سوريا، وستبقى إدارة الشرع لسنوات قادمة تكافح من ّأجل الحصول على الاعتراف الدولي وإزالة العقوبات، ما دامت إدارة ترامب تدرك مدى أهمية هذه الأوراق في تطويع النظام الحاكم في دمشق.
ثانيا: تسعى إدارة الشرع إلى الاندماج في البيئة العربية والتكيّف مع توجهاتها الإقليمية والدولية، ما يعني أنها ستنخرط في الخط المعادي لسياسات إيران وحلفائها في المنطقة، ما يزيد من عمق الهوّة مع الفصائل الفلسطينية التي اتبعت النهج الإيراني في المقاومة.
ستتوجه إدارة الشرع إلى تبني النهج العربي في التعامل مع القضية الفلسطينية، من خلال تركيز العلاقات مع سلطة رام الله المعترف بها دوليا، وعدم المساس بالنشاطات المجتمعية والإغاثية الفلسطينية في سوريا، والمتوقع أن تكون تحت إشراف السفارة الفلسطينية
ثالثا: ضعف أوراق سوريا بعد تدمير قدرتها العسكرية واستنزاف طاقاتها الى أبعد الحدود، يفرض على إدارة الشرع تبني مقاربات تصالحية مع البيئتين الإقليمية والدولية، والابتعاد عن كل ما هو إشكالي، لسد الذرائع وتقليل المخاطر.
رابعا: عدم حاجة القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة لهذا النمط من العمل من خارج الساحات، بعد انهيار "حلف المقاومة"، وخروج الساحة اللبنانية من حسابات الفصائل الفلسطينية، والتطورات الحاصلة في اليمن، كل ذلك يثبت بالبرهان أن المساعدة العسكرية لفلسطين من خارج الحدود ستكون تكاليفها أكبر من جدواها، وهذا يعني نهاية نمط الساحات الخارجية بعد أن ثبت أنه غير مجد وغير مؤثر في الصراع مع إسرائيل.
على ذلك، فإن المرحلة القادمة قد تشهد مزيدا من الاعتقالات لبعض القيادات الفصائلية الفلسطينية في دمشق، ما دامت هذه القيادات بالأصل موضوعة على قائمة المطلوبين بحسب تعاونهم مع نظام الأسد. وقد اختفت في سوريا، ومنذ لحظة سقوط النظام، جميع الرموز العسكرية الفلسطينية مثل معسكرات التدريب والهياكل العسكرية للفصائل، ولا يتوقع عودتها تحت أي ظرف في المرحلة المقبلة.
في المقابل، ستتوجه إدارة الشرع إلى تبني النهج العربي في التعامل مع القضية الفلسطينية، من خلال تركيز العلاقات مع سلطة رام الله المعترف بها دوليا، وعدم المساس بالنشاطات المجتمعية والإغاثية الفلسطينية في سوريا، والمتوقع أن تكون تحت إشراف السفارة الفلسطينية في دمشق.
x.com/ghazidahman1