الدوران داخل الدائرة الخبيثة..الى متى
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
الدوران داخل الدائرة الخبيثة..الى متى
حيدر المكاشفي
من كوارث تاريخنا السياسي ما بعد الاستقلال وحتى يوم الحرب اللعينة هذا، تلك الدائرة الخبيثة التي أفرزها الأداء السياسي المعطوب والتناحرات الجهوية، التي كانت تتسبب في تقويض عملية الانتقال الديمقراطي، مفسحة بذلك المجال لتدخل القوات المسلحة (الجيش) في الشأن السياسي، بالا ستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري مسنود بظهير سياسي حزبي، وهكذا نشأت ما اصطلح على تسميته ب (الدائرة الخبيثة) في الادبيات السياسية، ووفقا لتاريخ الحكم الوطني بعد الاستقلال، بدأت الدائرة الخبيثة بقيام نظام حكم برلماني ديمقراطي (حكومة الازهري الاولى 1954_1956)، أعقبها نظام حكم عسكري (انقلاب عبود)، ثم ثورة شعبية أطاحت بالحكم الانقلابي وتشكيل حكومة انتقالية (ثورة أكتوبر 1964)، ثم نظام برلماني ديمقراطي، ثم انقلاب نميري، فانتفاضة شعبية اطاحت بالحكم الانقلابي (انتفاضة أبريل 1985)، ثم حكم ديمقراطي برلماني (حكومة الصادق ما بعد انتفاضة أبريل)، ثم انقلاب الاسلامويون العسكري في (1989)، ثم ثورة ديسمبر الباسلة وتكوين حكومة مدنية لانجاز التحول المدني الديمقراطي، ليقطع عليها الطريق انقلاب البرهان حميدتي في أكتوبر 2021، وصولا الى محطة الحرب الحالية، وهكذا دواليك استمرت الدوامة والدوران داخل الدائرة الخبيثة، وما تزال البلاد تدور في هذه الدائرة المغلقة ولم تعرف بعد طريق الخروج منها، كلما وضعت رجلا على عتبة الخروج زلت وانزلقت مرة أخرى وعادت الى منتصف الدائرة، لتبدأ دورة جديدة من نوع اخر
حرب ثم أزمة فضائقة وبالعكس، ضائقة ثم أزمة فحرب، مثلها مثل البصات السفرية التي تقضي عمرها الافتراضي جيئة وذهابا بين محطتين، هذا اذا لم يقض عليها حادث قبل أن تهلك بفعل الزمن والاهلاك، لقد أرهقتنا هذه البلايا وأثخنت بلادنا بالجروح والندوب، ولكن رغم ذلك لن نقطع العشم ونظل نتمسك ولو بخيط أمل واه، ولن نقنط أبدا من رحمة الله، فلا بد أن تنتهي يوما كل الحروب ونحلحل كل الأزمات ونعبر الضوائق وينطلق المارد من قمقمه، فكلنا نعرف ونشهد أن بلادنا بما تحوز من خيرات ونعم دفينة وظاهرة، تملك كل مقومات الانطلاق والريادة لتحتل مكانها بين الأقوياء من الدول الناهضة بل والمتقدمة، فقط لو أن أهلها أحالوا ما علموه عنها الى برامج عمل، ولكن قبل ذلك عليهم أن يعرفوا قدرهم وقدر بلادهم، فيترفعوا عن الصغائر ويقبلوا بقلب رجل واحد على المهام الكبيرة، وهذا لن يتأتى الا اذا تساموا على حظوظ النفس الشخصية والذات الحزبية، والتقى الجميع على صعيد واحد، أما بغير ذلك فأبشر بطول سلامة يا فقر وبيضي وأفرخي يا حروب ومدي رجليك يا أزمات.
إن أي متأمل في حال البلاد منذ نيلها الاستقلال وإلى اليوم، لن يجدها إلا على حالها السيء وبؤسها المقيم، بل يجده مع هذه الحرب المدمرة المهلكة قد تدحرج إلى الأسوأ، وكأن قدر أهلها المسطور أن يعيشوا تاريخا دائريا حلزونيا لا مخرج منه، وهل يحتاج أحدكم إلى دليل يرشده إلى هذه الدائرة المفرغة التي ظلت البلاد تدور فيها كما يدور جمل العصّارة وهو مغمض العينين عكس عقارب الساعة، ويتأرجح بينها كما يتأرجح بندول الساعة مع الفارق، من حيث إن دوران الجمل وما يصاحبه من (عصر) له منتوج مفيد، وتأرجح البندول يحرّك الزمن إلى الأمام، بينما دوران بلادنا على نفسها لا يورثها غير إعادة إنتاج مشاكلها وأزماتها، وتأرجحها بين همومها وقضاياها يجذبها إلى الخلف ويدحرجها إلى الأسفل على عكس حركة التاريخ والحراك الإيجابي للمجتمعات، ولا أدل على ذلك من بعض أزماتنا المتخلفة التي ما نزال نرزح تحتها رغم أنها أصبحت عند كثير من الأمم والشعوب القريبة منا والشبيهة بنا من ذكريات الماضي الأليمة، فمشاكلنا ظلت هي هي، وأزماتنا هي هي، وخلافاتنا هي هي، وخيباتنا هي هي، منذ بداية تأسيس الدولة الوطنية وإلى يوم الناس هذا، ظلت مشكلة الكهرباء والمياه هي ذاتها، والمواصلات والوقود والغاز هي نفسها على مر العقود..فمتى يا الهي الخروج من هذا التاريخ الدائري..
الوسومالاستقلال الانقلابات التاريخ السياسي الدائرة الخبيثة حيدر المكاشفي
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاستقلال الانقلابات التاريخ السياسي
إقرأ أيضاً:
مهرجان القمح في مليحة يعزز ممارسات الأمن الغذائي
الشارقة - وام
انطلقت فعاليات النسخة الأولى من مهرجان القمح الذي تنظمه دائرة الزراعة والثروة الحيوانية بالشارقة في مزرعة القمح الواقعة في مدينة مليحة، ويشهد مجموعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية الموجهة والتعليمية إلى جانب عروض حية لعمليات الحصاد والطحن، ومنافذ بيع متعددة لمنتجات القمح المحلية وورش عمل تفاعلية حول الزراعة المستدامة.
حضر افتتاح المهرجان، الذي يستمر حتى 27 فبراير المقبل الدكتور المهندس خليفة مصبح الطنيجي رئيس الدائرة، وسلطان علي سيف علي الكتبي رئيس المجلس البلدي لمنطقة مليحة، ومحمد عبيد بن مطار الطنيجي مدير إدارة فرع المنطقة الوسطى لدائرة الزراعة والثروة الحيوانية، وعلي حارب المنصوري مسؤول مرعى مليحة، إلى جانب أعضاء المجلس البلدي لمنطقة مليحة، وأعيان المنطقة الوسطى، وعدد من المسؤولين، ومديري الإدارات، وموظفي الدائرة.
وقال الدكتور المهندس خليفة مصبح الطنيجي إن مهرجان القمح يندرج ضمن حزمة المبادرات والأنشطة المجتمعية التي تنظمها الدائرة لتعزيز مفاهيم وممارسات الأمن الغذائي المستدام وترسيخ سلوكيات أفراد المجتمع للمحافظة على الموارد الطبيعية، مشيراً إلى أن المهرجان يتزامن مع الاحتفال بمرور ثلاثة أعوام على بدء المشروع الغذائي الحيوي في زراعة وحصاد القمح في إمارة الشارقة.
وأكد أن المهرجان يسهم في تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية من خلال إبراز أهمية زراعة القمح كمكون رئيسي في تعزيز الأمن الغذائي وبلوغ مستهدفات الاكتفاء الذاتي والمخزون الاستراتيجي لكل المنتجات الزراعية في الإمارة، إلى جانب دوره في دعم الاقتصاد المحلي والترويج للزراعة المحلية المستدامة وتعزيز ثقافة الاستدامة وزيادة الوعي بهذا المحصول الاستراتيجي المهم وصولاً إلى الحياة الصحية السليمة والنشطة.
وأوضح أن المهرجان يدفع جهود الإمارة قدماً في مجال تشجيع الاستثمار الزراعي ودعم المزارعين المحليين المشاركين في الحدث من خلال عرض منتجاتهم وإبراز جهودهم الزراعية إلى جانب منح قيمة مضافة لجهود الترويج السياحي والثقافي المرتبط بالمجال الزراعي فضلاً عن البرامج والفقرات الترفيهية المقدمة للزوار.