عربي21:
2025-02-08@22:15:20 GMT

هل من مصلحة تونس تخريب العلاقة بينها وبين سوريا؟

تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT

لا يزال بعض التونسيين يشككون في عملية التغيير الكبرى التي تجري حاليا في سوريا، ومنهم من يعتقد بأن مؤامرة حيكت من قبل جهات متعددة للتخلص من بشار الأسد ونظامه. وأحيانا تقرأ مقالات وتطلع على بيانات وتستمع لتعليقات تصيبك بالدوار، وتستغرب قدرة البعض على الإغراق في الخيال إلى درجة تجاوز حدود اللامعقول. ولو طلع عليهم حاكم سوريا السابق، وأعلمهم بصحة الكثير مما قيل عنه وعن نظامه، لما صدقوه، ولحاولوا أن يعيدوه إلى رشده.

حتى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لم تسلم من هذا المنزلق، وهو ما بدا واضحا في بيان صدر مؤخرا عن مجلسها الوطني، وحاول رئيسها "رفع الالتباس" للحد من خراب مالطا.

إنها حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة.

حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة
لا يزال مقر السفارة السورية بتونس ينتظر تعيين سفير جديد ليخلف السفير الذي كلفه الأسد قبل بضعة أشهر. ورغم أن وزارة الخارجية التونسية صححت موقفها بعد انحيازها الكامل لصالح النظام المنهار، واتهمت المعارضة بالإرهاب، لم يطرأ في هذا الملف تطورات جديد، واكتفت الجهات الرسمية بمتابعة الشأن السوري من خلال تقارير السفارة التونسية في دمشق. وبدا واضحا أن تونس حاليا ليس لها خيوط تربطها بأطراف سورية يمكن الاعتماد عليها لحماية مصالحها في المستقبل.

ومن المتوقع أن يتم خلال الأيام القادمة تعيين سفير جديد سيكون بالتأكيد تابعا لهيئة تحرير الشام أو قريب منها، وستكون السلطات التونسية مضطرة حسب التقاليد للتعامل معه من أجل تحسين العلاقات الثنائية وحماية مصالح البلدين. عندها لن تكون الأيديولوجية أو الانتماء السابق لأحمد الشرع إلى تنظيم القاعدة عائقا، وإنما ستعمل رغبة الطرفين على طي صفحة الماضي، وتعهد كل منهما بعدم التدخل في شؤون الآخر. لهذا سيبقى العديد من أولئك الذين يعزفون على وتر "الإرهاب القادم" من سوريا ‘لى تونس في حالة تسلل، أو يضعون أنفسهم في تعارض مع سياسة الدولة ومصالح تونس.

ليس القصد من هذا السياق لجم الصحفيين والسياسيين، ومنعهم من التطرق للملف السوري، فذلك أمر مشين لا ينصح به، ولكن المطلوب هو التعامل مع الحالة السورية بدون أفكار مسبقة. فسوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر استقبال القائد العام للإدارة الجديدة فاروق الشرع، نائب الرئيس السابق بشار الأسد، ودعوته للمشاركة في الحوار الوطني، الذي سيحضره ممثلون عن مختلف مكونات الشعب السوري. والجميع يعرفون وزن فاروق الشرع، وأهمية مشاركته في الفترة الحساسة في لقاء سيحدد طبيعة المرحلة القادة من مستقبل سوريا.

وقد لقيت هذه المؤشرات استحسانا واسعا من قبل الكثيرين من داخل الشام ومن خارجه، فليس من المنطقي أن يتعمد بعض التونسيين رغم ذلك إلى حجب هذا الجانب المشرق من المشهد، ويواصلون الحديث عن الأوضاع السورية بنفس الأسلوب الشاذ والمحشو بكثير من الأخطاء والمغالطات. وبدل أن يراجع هؤلاء خطابهم السابق، يصرون على خلط الأوراق والمعلومات من أجل ضرب خصوم لهم في الداخل لا علاقة لهم بما يجري في دمشق.

سوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية
فقصة التونسيين الذين باعوا أنفسهم لداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة، لا يمكن اعتمادها لفهم الصراع الدائر في تونس بين السلطة ومعارضيها، أو لتلغيم العلاقات التونسية السورية التي يجب الدفع بها نحو الانفتاح والتعاون.. فهذه الورقة أصبحت محروقة وفاقدة للمصداقية وغير مقنعة، إذ هناك متغيرات تثبت العكس تماما. فالعداء أصبح مستحكما بين هذه الجماعات وبين "هيئة تحرير الشام"، ولا يوجد مؤشر واحد يؤكد وجود خطة لدى القيادة السورية الحالية تهدف إلى الإضرار بتونس ومصالحها، هذه فكرة وهمية يجب طردها من الأذهان وعدم التأسيس عليها.

فاستقبال السفير السوري الجديد في الدوحة لممثل حركة النهضة يجب ألا يفهم بكونه عملا عدائيا ضد النظام التونسي، وإنما يمكن تفسيره بكونه انفتاح من قبل السلطة الجديدة في دمشق على مختلف الدول والحركات، خاصة تلك التي أيدت ما حدث ووصفته بالثورة المباركة مثلما فعل راشد الغنوشي في رسالة التهنئة، بل ذهب إلى أكثر من ذلك عندما تحدث عن أحمد الشرع باعتباره "القائد الصامد". لكن مع ذلك، لم يصدر بيان من شأنه أن يمس من تونس ومن أمنها القومي، إذ سبق لأحمد الشرع أن استقبل مسؤولا تركيا رفيع المستوى، وكان مصحوبا بشخصية من مصر محكوم عليها بالإعدام، ومع ذلك اكتفت القاهرة بتسجيل الحدث دون أن تجعل منه قضية لإحداث أزمة دبلوماسية مع السلطات السورية الجديدة، خاصة وقد سبق لأحمد الشرع أن قال في تصريح له إن الثورة السورية انتهت و"لن نسمح بتصديرها".

يجب بناء الثقة بين تونس وسوريا، دون أن يعني ذلك التخلي عن الحذر وعدم الانتباه لم قد يحدث في الطريق. يقول المثل التونسي "اقرأ سورة ياسين وأمسك بيدك حجرا "، فالشام بلد عزيز على قلوب التونسيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسيين سوريا علاقات تحرير الشام سوريا تونس علاقات تحرير الشام مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

شولتس يؤكد للشرع استعداد ألمانيا لدعم إعمار سوريا

تلقى الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الجمعة، اتصالا هاتفيا من المستشار الألماني أولاف شولتس الذي أكد استعداد بلاده لدعم إعادة إعمار سوريا.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، في بيان، إن شولتس أعرب خلال المكالمة التي استمرت زهاء ساعة عن تهنئته للشعب السوري على نجاحه في إنهاء حكم نظام بشار الأسد.

وأضاف أن المستشار الألماني والرئيس السوري "اتفقا على أنه من الضروري الآن إطلاق عملية سياسية" تشمل "جميع السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية".

كما ذكر المتحدث أن شولتس تعهد للشرع بدعم سوريا "حرة وآمنة لكل أطياف شعبها"، وأكد له "الأهمية المستمرة لمكافحة الإرهاب من أجل الأمن في سوريا والمنطقة والعالم".

من جانبها، قالت الرئاسة السورية، في بيان، إن شولتس هنأ الشرع بتوليه منصب الرئاسة وعبّر عن سعادته "بالخلاص من نظام الأسد المجرم وتحرير الشعب السوري، كما عبر عن دعمه للخطوات التي تتخذها الإدارة الجديدة على المستوى الشعبي والسياسي في سبيل حفاظها على السلم الأهلي".

المستشار الألماني بمكالمة هاتفية يؤكد دعم بلاده للإدارة السورية الجديدة.#سوريا #ألمانيا pic.twitter.com/BJZlmLSpLz

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) February 7, 2025

إعلان

بدوره، شكر الرئيس السوري المستشار الألماني على مواقف بلاده "التي دعمت الشعب السوري واستقبلت اللاجئين السوريين طيلة السنين الماضية".

وأضاف البيان أن الشرع تحدث عن "خارطة الطريق التي تنتهجها الدولة السورية على صعيد المرحلة الانتقالية والحوار الوطني وتشكيل الحكومة الشاملة، إضافة إلى المساعي الحثيثة لإزالة العقوبات الاقتصادية والتي صرح المستشار بشكل واضح عن ضرورة إزالتها بشكل فوري".

وأشارت الرئاسة السورية إلى أن شولتس أبدى تأييده لخطوات الشرع في "إدارة المحادثات لاستكمال وحدة الأراضي السورية وخاصة في منطقة شمال شرق سوريا"، كما جرى بحث "التحديات الأمنية في سوريا وضرورة العمل بشكل مشترك لحفظ الأمن والاستقرار في سوريا".

وتبذل الإدارة الجديدة جهودا لحث القوى الغربية على رفع العقوبات عن سوريا حتى تستطيع النهوض بالبلاد وإعادة إعمارها، مشددة على أن أسباب فرض العقوبات زالت بسقوط نظام الأسد.

وكانت فصائل المعارضة السورية المسلحة قد بسطت، في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، سيطرتها على العاصمة دمشق، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، منها 53 عاما من سيطرة عائلة الأسد.

مقالات مشابهة

  • الشيباني: بحثنا مع الجزائر جهود رفع العقوبات الدولية عن سوريا
  • الجزائر تدعم سوريا في المرحلة الدقيقة من تاريخها المعاصر
  • سوريا.. الشرع يلتقي المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية
  • الرئيس اللبناني لـ أحمد الشرع: ندعم وحدة الأراضي السورية
  • حملة إيرانيّة على سوريا..عبر العراق
  • انتحار سيدة بسبب خلافات أسرية بينها وبين زوجها بقنا
  • شولتس يؤكد للشرع استعداد ألمانيا لدعم إعمار سوريا
  • في اتصال هاتفي.. المستشار الألماني يؤكد للرئيس الشرع دعم بلاده للإدارة السورية الجديدة
  • جدل العربية في اسم سوريا.. ماذا تعرف عن أسماء الدولة السورية خلال مئة عام؟
  • لطيفة الدروبي: ماذا نعرف عن سيدة سوريا الأولى؟