دعا محللون سياسيون إلى ضرورة التريث، وإجراء مشاورات موسعة بين مختلف الأطراف والمكونات السورية، قبل الذهاب إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل المزمع عقده الفترة المقبلة، والذي قيل إنّ مهمته الأساسية بلورة رؤية مشتركة لكيفية إدارة المرحلة الانتقالية في البلاد.

وأكدت الإدارة السياسية الجديدة في سوريا أنها تعتزم الدعوة لعقد هذا المؤتمر، مشددة على أنه سيضم كل القوى السياسية في الداخل والخارج، وسيشمل كل الطوائف الدينية ومكونات المجتمع المدني وكافة الفئات الاجتماعية، وكذلك ممثلين عن الفصائل المسلحة ومن وصفوا بالمستقلين والكفاءات العلمية.

ويرى مدير مركز جسور للدراسات، محمد سرميني، أن مؤتمر الحوار الوطني استحقاق سياسي مهم، لأنه سيجهز لمرحلة تاريخية في حياة سوريا، بعد إسقاط نظام الرئيس المخلوع الأسد، لكن من الضروري أن يكون هناك تريث وعدم استعجال، فلابد أن تكون هناك معايير في اختيار المشاركين، بالإضافة إلى إجراءات تنفيذية وأخرى تطبيقية من خلال لجنة تحضيرية، ووضع أهداف واضحة لهذا المؤتمر.

وقال سرميني إن التركيز -الفترة الحالية- يجب أن يكون على الأولويات التي يحتاجها السوريون، لأن المرحلة القادمة "سيكون فيها دستور جديد وحكومة جديدة وبناء عقد اجتماعي بين السوريين، ولذلك من الضروري عدم الاستعجال في الذهاب إلى مؤتمر الحوار الوطني".

إعلان

وكانت مصادر كشفت للجزيرة يوم الجمعة الماضي إن الإدارة الجديدة تعمل على عقد اجتماع موسع لإطلاق حوار وطني شامل بشأن المرحلة الانتقالية وآلية إدارة شؤون الدولة الفترة المقبلة بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وأوضحت أن الإدارة الجديدة أكملت تحضيراتها للاجتماع، وسيتم عقده خلال الأيام المقبلة، وستحضره كل الهيئات وممثلون عن الشعب السوري ومكوناته.

ويشاطر الدكتور عبد المنعم زين الدين، وهو منسق عام في الثورة السورية، فكرة سرميني القائلة بضرورة عدم الاستعجال بالذهاب إلى مؤتمر الحوار الوطني، واقترح أن تعطى فرصة أكبر للمشاورات بين السوريين حتى يتم ضمان مشاركة كل التكتلات والشخصيات والمكونات دون محاصصة ودون فرض شخصيات معينة من قبل دول إقليمية ودولية.

وأشار إلى تخوف بعض السوريين من أن تكون هناك "ضغوط دولية تأتي بفلول من النظام المخلوع لحضور مؤتمر الحوار الوطني" مؤكدا أن السوريين يرفضون مشاركة من تلطخت أيديهم بالدماء، لأنهم سيكونون معرقلين لأي حوار وأي نتائج يتم التوصل إليها، و"من المهم جدا أن تكون اللبنة الصحيحة لبناء سوريا من الذين قاموا بالثورة وممن هم حريصون على مصلحة البلد ومن كل شرائح المجتمع الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء".

وفي هذا السياق، كشف مدير مركز جسور للدراسات -في حديثه ضمن الوقفة التحليلية "مسار الأحداث"- أن القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وجه دعوة إلى فاروق الشرع (نائب الرئيس المخلوع) لحضور مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده.

رعاية وليس تدخلا

كما شدد زين الدين على ضرورة استبعاد التدخلات الخارجية في الشأن السوري، وقال "دور الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية رعاية مؤتمر الحوار وليس التدخل فيه، ونفس الأمر ينطبق على بقية الدول".

وبينما أشار إلى عدم وجود مطالب خارجية بمؤتمر الحوار هذا، حذر مدير مركز جسور للدراسات من أن حصول فراغات أو فجوات على مستوى المشاركين في المؤتمر سيفتح المجال للتدخل الأجنبي، حيث سيتم التحجج بعدم مشاركة مكون معين أو جهة ما.

إعلان

وبحسب رأي جيروم دريفون المحلل المتخصص في النزاعات بمجموعة الأزمات الدولية، فإنه "من المستحيل استبعاد التدخل الأجنبي" في موضوع مؤتمر الحوار، ورجح أن تكون لبعض بلدان الخليج وتركيا وأوروبا بعض الأدوار لأن هذه الدول تريد تحقيق مصالح اقتصادية وسياسية، مشيرا إلى أن سوريا بحاجة إلى مساعدة دولية لدفع اقتصادها ولرفع العقوبات الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مؤتمر الحوار الوطنی أن تکون

إقرأ أيضاً:

إيكو دوبلر على الجغرافيا السياسية الجديدة بالمنطقة في ظل سوريا الجديدة

إيران وتفكك خارطة النفوذ في الشرق الأوسط

على مدار عقود، بنت إيران خارطة نفوذ إقليمي معقدة في الشرق الأوسط عبر استغلال الجغرافيا السياسية للدول العربية. اعتمدت هذه الخارطة على ممر استراتيجي يمتد من العراق إلى سوريا ولبنان، وصولاً إلى اليمن، حيث غذّت طهران الإرهاب والتطرف عبر دعم الميليشيات المسلحة وتصدير أيديولوجيات متطرفة هدفت إلى زعزعة استقرار المنطقة وتعطيل مسارات التنمية.

لكن سقوط نظام بشار الأسد، الحليف الأهم لإيران، شكّل نقطة تحول جذرية في تفكك هذه الخارطة. لم يكن سقوط النظام السوري مجرد إنهاء لحكم استبدادي، بل كان بمثابة ضربة مركزية أسقطت الحلقة الأهم في مشروع إيران الإقليمي. ومع هذا السقوط، انكشفت أعماق التدخلات الإيرانية في المنطقة، مما أتاح فرصة لإعادة رسم الجغرافيا السياسية على أسس جديدة، بعيدة عن الإرهاب والتطرف.

صورة الإيكو السياسي.. كشف خفايا التغيرات الجيوسياسية

كما تكشف صورة الإيكو الطبي أعماق الجسم وتسلط الضوء على مشكلات خفية، فإن التحولات السياسية في سوريا تُبرز خفايا المشهد الجيوسياسي في المنطقة. سقوط نظام الأسد عمل كموجة إيكو سياسية فضحت عمق التدخلات الإيرانية، وكشفت عن الدور الذي لعبته الأيديولوجيات المتطرفة في تأجيج الصراعات وزعزعة استقرار الدول العربية.

هذا الإيكو لم يتوقف عند الكشف، بل أظهر أيضاً فرصاً غير مسبوقة لإعادة بناء المنطقة، حيث بدأت ملامح جديدة من التعاون الإقليمي تظهر لتُعيد صياغة الجغرافيا السياسية بعيداً عن الخرائط التي اعتمدت على الصراعات.

سوريا.. كسر الحلقة المركزية في خارطة النفوذ الإيرانية

كانت سوريا تمثل الحلقة الأهم في مشروع إيران الإقليمي. عبر دعمها لنظام الأسد، استغلت إيران الجغرافيا السورية كممر استراتيجي يربط مراكز نفوذها في العراق ولبنان واليمن. كما استخدمت الأراضي السورية كقاعدة لنقل الأسلحة ودعم الميليشيات المسلحة، ما عزز هيمنتها في المنطقة.

لكن التدخل الإيراني لم يكن العامل الوحيد في تعقيد المشهد السوري. التدخل الروسي، الذي ركز على تعزيز مصالح موسكو الجيوسياسية، أضاف طبقة أخرى من التعقيد، إلى جانب الأيديولوجيات المتطرفة التي غذتها أطراف متعددة. كل ذلك حول سوريا إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية وأدى إلى انتشار الإرهاب على نطاق واسع.

كانت سوريا تمثل الحلقة الأهم في مشروع إيران الإقليمي. عبر دعمها لنظام الأسد، استغلت إيران الجغرافيا السورية كممر استراتيجي يربط مراكز نفوذها في العراق ولبنان واليمن. كما استخدمت الأراضي السورية كقاعدة لنقل الأسلحة ودعم الميليشيات المسلحة، ما عزز هيمنتها في المنطقة.سقوط نظام الأسد أنهى هذه الحلقة المركزية وأعاد للسوريين فرصة استعادة سيادتهم وبناء دولة جديدة. هذا السقوط كشف هشاشة التدخلات الخارجية، وفتح المجال لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة بشكل يخدم الاستقرار الإقليمي.

لبنان.. انعكاس الإيكو السياسي على الساحة الداخلية

سقوط نظام الأسد في سوريا انعكس مباشرة على لبنان، الذي كان جزءاً من خارطة النفوذ الإيراني عبر حزب الله. مع انهيار الحلقة السورية، بدأ لبنان يشهد تغيرات سياسية نوعية:

1 ـ تحرر من الهيمنة: تراجع الدعم الإيراني وانحسار تأثير النظام السوري مكّنا لبنان من فرصة بناء نظام سياسي أكثر استقلالية.

2 ـ تقليص الصراعات الداخلية: ضعف قدرة حزب الله على فرض هيمنته قلّل من احتمالية الصراعات المسلحة، مما يفتح المجال أمام الدولة لإعادة بناء مؤسساتها وتجلى ذلك بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان وتكليف رئيس جديد للحكومة وضع فيه حلفاء إيران في صف المعارضة.

3 ـ التنمية والاستقرار: الاستقرار السياسي في لبنان يعزز فرص جذب الاستثمارات والتنمية الاقتصادية التي طالما أعاقتها الصراعات والتدخلات الإيرانية.

لبنان الآن أمام فرصة للتحول من ساحة صراع إلى حلقة تواصل في نظام إقليمي جديد، مما يعزز استقراره الداخلي وموقعه في المنطقة.

خارطة جديدة للجغرافيا السياسية في المنطقة

سقوط نظام الأسد لم يكن مجرد انتكاسة للمشروع الإيراني، بل أتاح فرصة لرسم خارطة جديدة للجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط. هذه الخارطة تقوم على التعاون بين الدول الإقليمية لتحقيق التوازن والاستقرار.

1 ـ توازن إقليمي جديد: تراجع النفوذ الإيراني خلق فرصة لتحقيق توافقات إقليمية تعزز من الأمن والاستقرار.

2 ـ تعزيز الاستقلال الإقليمي: خروج التدخلات الخارجية من سوريا يعيد صياغة علاقات المنطقة على أسس من السيادة الوطنية والمصالح المشتركة.

3 ـ إعادة بناء الجغرافيا السياسية: التغيرات الجديدة تربط حلقات التأثير الإقليمي بشكل يحقق استقراراً مستداماً في المنطقة.

معالجة جذور الإرهاب عبر الدولة المدنية

إن سقوط نظام الأسد وانهيار المشروع الإيراني يمثلان فرصة لمعالجة جذور الإرهاب في المنطقة. سوريا الجديدة تستطيع أن تُعيد بناء مؤسساتها على أسس وطنية ومدنية، بعيداً عن الأيديولوجيات التي استغلت الفوضى لإضعاف الدولة.

بناء الدولة المدنية لا يقتصر على المؤسسات السياسية فقط، بل يشمل تمكين المجتمع من تجاوز الانقسامات، مما يعزز مناعة الدول ضد التطرف والإرهاب. سوريا المستقرة ستكون نموذجاً لدولة تتخطى الأزمات وتُعيد بناء نفسها كجزء من منظومة إقليمية مستقرة.

التنمية والاستقرار.. الإيكو السياسي في خدمة المستقبل

كما تكشف موجات الإيكو الطبي الخفايا لتحسين وظائف الجسم، فإن الإيكو السياسي الذي أحدثته التحولات في سوريا يُظهر مسارات جديدة للتنمية والاستقرار.

1 ـ النمو الاقتصادي: مشاريع إعادة الإعمار في سوريا ستفتح الباب أمام استثمارات ضخمة تدعم الاقتصاد الإقليمي.

بناء الدولة المدنية لا يقتصر على المؤسسات السياسية فقط، بل يشمل تمكين المجتمع من تجاوز الانقسامات، مما يعزز مناعة الدول ضد التطرف والإرهاب. سوريا المستقرة ستكون نموذجاً لدولة تتخطى الأزمات وتُعيد بناء نفسها كجزء من منظومة إقليمية مستقرة.2 ـ التوازن السياسي: عودة سوريا كدولة مستقلة تُعيد التوازن إلى المنطقة، وتُقلل من الفراغات التي كانت تستغلها قوى خارجية.

3 ـ تمكين الدولة المدنية: بناء نظام سياسي مستقر يُظهر كيف يمكن للمنطقة تجاوز التدخلات الخارجية وتعزيز التنمية المستدامة.

صورة الإيكو السياسي.. خفايا الفرص الإقليمية الجديدة

التحولات الجيوسياسية التي أحدثها سقوط نظام الأسد أظهرت خفايا جديدة للمشهد الإقليمي:

1 ـ ربط الجغرافيا السياسية: سقوط المشروع الإيراني فتح المجال لإعادة ربط الجغرافيا السياسية على أسس التعاون.

2 ـ تحقيق الاستقرار: التغيرات تُوفر بيئة مواتية للتنمية والاستقرار، بعيداً عن التدخلات والصراعات.

3 ـ رؤية جديدة للمنطقة: مع تراجع التطرف والإرهاب، يمكن للمنطقة أن تدخل مرحلة جديدة تقوم على السلام والازدهار.

ختاماً.. الإيكو السياسي كبوصلة للشرق الأوسط الجديد

الإيكو السياسي الذي أحدثه سقوط نظام الأسد وانحسار الدور الإيراني يُعد بوصلة لرؤية جديدة في الشرق الأوسط. هذه الموجات السياسية لا تكشف فقط عن أعماق المشكلات التي صنعتها التدخلات الخارجية، بل تسلط الضوء على إمكانيات بناء مستقبل مستقر للمنطقة.

سوريا الجديدة تمثل المحور الذي تنطلق منه هذه التحولات، حيث يعاد رسم خارطة النفوذ والجغرافيا السياسية على أسس من التعاون والتنمية. كما تكشف صورة الإيكو عن الجوانب الخفية لتحسين وظائف الجسم، فإن هذا التحول السياسي يكشف عن فرص كامنة لإعادة بناء المنطقة لتكون أكثر استقراراً وازدهاراً.

من بوابة سوريا، يمكن للشرق الأوسط أن يدخل حقبة جديدة تُحقق فيها الشعوب طموحاتها، وتُرسم فيها خرائط سياسية تخدم السلام والنمو المستدام..

مقالات مشابهة

  • الشيباني: الأكراد في سوريا يضيفون جمالاً وتألقاً لتنوع الشعب السوري
  • رئيس وزراء قطر: يتعين علينا التفاؤل بحذر عند التعامل مع الإدارة الجديدة في سوريا
  • سوريا الجديدة: كيف تعيد ترتيب أوراق المغرب العربي؟
  • سوريا.. قسد ترفض تسليم "سجون المتطرفين" للإدارة الجديدة
  • بين انفتاح وحذر وترقب.. مواقف الدول العربية من سوريا الجديدة
  • مسعود بارزاني يبحث مع المجلس الوطني الكوردي نتائج الحوار في سوريا
  • أخطر ما يواجه سوريا الجديدة
  • «بوتين» يهنّئ «ترامب»: منفتحون على الحوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة
  • إيكو دوبلر على الجغرافيا السياسية الجديدة بالمنطقة في ظل سوريا الجديدة
  • إدارة سوريا الجديدة تتلف 100 مليون حبة كبتاغون