ليس مستغرباً أن يطلق على المسكن الأمن العقاري، لأنه ببساطة من أهم ما يسعى له الإنسان في حياته، ربما قبل المأكل والمشرب ألا وهو السكن والمسكن والأراضي، ومن جانب آخر يأتي الاستثمار فيه أيضا سواء كمدن سكنية أو زراعية أو صناعية أو خدمية ..للنهوض أكثر بهذا القطاع الاقتصادي الهام في ظل الطلب المتزايد عليه في الآونة الأخيرة مع أن الفرص في الاستثمار كثيرة ومتعددة إلا أن أكثرها رواجا الفرص في الأراضي والعقارات، فمعظم أفراد المجتمع من القادرين اتجهوا للاستثمار فيه لأسباب عدة تشترك جميعها في هدف واحد وهو تحقيق عوائد جيدة على المديين القصير والطويل مثل الحصول على سكن مستقر أو دخل ثابت في حالة التأجير، أو تنمية رأس المال في البيع والشراء، ولأن العقار والأرض يعتبران مصدراً ممتازاً للدخل الثابت، فمن خلال تأجيره يقدم عوائد منتظمة تساهم في تحقيق الاستقرار المالي لمالكة، حيث لا يفقد العقار قيمته مع مرور الوقت، بل يميل في الغالب إلى الازدياد، وكذلك يتيح لكل مستثمر للأراضي والعقارات تحقيق أرباح جيدة عند استغلاله أو بيعه.
لا شك أن ارتباط وانتشار وازدياد مكاتب العقارات والأراضي حاليا انعكاس لنهضة عقارية ملموسة ولهذا الزخم القائم وهي خدمات مطلوبة لتنفيذ الكثير من عمليات البيع أو الشراء أو التأجير.. الأمر الذي يسهم بشكل أو بآخر في التقريب بين البائع أو المؤجر أو المشتري أو المستأجر والمستثمر.
لكن الإشكالية القائمة أن هناك أساليب خاطئة لدى الكثير ممن لديهم أو ليس لديهم تراخيص لمزاولة مهنة التسويق العقاري أو ما يعرف بمكاتب العقارات أو الدلالين أو السماسرة مفاهيم مغلوطة وغير صحيحة، مفادها أن دورهم هو المزايدة والمضاربة في الأسعار دون بقية الشروط والضوابط بغرض الحصول على أكبر عائد من نسبة الدلالة وهذا ما يسمى بفوضوية الأسعار ومن الأهمية بمكان أن يتجه «أي المكاتب و الدلالون» إلى تقويم دورهم الصحيح ليثبتوا وجودهم السليم في السوق العقارية ومعرفة التحديات الكبيرة، ومن أبرزها الفجوة بين المعرفة والخبرة المكتسبة من السوق والمتغيرات السريعة فيها، الأمر الذي أدى به إلى حد ما إلى التخبط والعشوائية، لأن الفجوة بين الممارسة والتعلم من السوق الحقيقية وبين التطبيق العملي لهذه المعرفة في الميدان مثل كيفية التعامل مع الفروقات المكانية والزمانية والمواصفات والضمانات والخدمات وفيما بينهم ومع ملاك العقارات والأراضي والعميل والإجراءات النظامية مع الجهات المختصة، إذ يفتقر العديد منهم إلى المهارات الاحترافية والقانونية اللازمة لبناء علاقات قوية ومنضبطة، مما يضعف المصداقية في إبرام عقود البيع أو التأجير، الأمر الذي أظهر الكثير من مشاكل الغش والتدليس، لذلك فإن للمكاتب العقارية أهمية كبيرة في مجال العقارات لما تقوم به من دور مهم ومؤثر، كونها تقدم العديد من التسهيلات في التعاملات العقارية، فهي توفر للعملاء الخبرة والمعلومات والمعرفة الصحيحة والخدمات التي يحتاجونها للتوجه بشكل صائب نحوها، فصاحب المكتب العقاري يستطيع أن يساهم في التسويق والترويج للعقارات والأراضي ولطالبيها وطريقة عرضها وكيفية جعلها تنتشر وتصل إلى عدد كبير من الناس ليحقق عمليات بيع وتأجير أكثر وأيضا مسؤول عن التفاوض والوصول إلى إتمام التعاقد مع العملاء بأسعار مشجعة ومتوازنة لا تهضم حقوق الأطراف المتعاقدة بمن في ذلك السمسار.
وحتى يؤدي المكتب العقاري دوره ويحقق المعادلة المتوازنة في السوق العقاري، يجب أن يكون لدى من يديره فهم عميق للسوق ومثلث الاستثمار في العقار(البائع والمشتري المستأجر ) وبشكل كامل ومتابع للتطورات والمتغيرات والتقلبات التي تحدث باستمرار لهذه السوق، كنتيجة لسوء وضعف التنظيم والإدارة وسبب لمستوى التخبط والإرباك وكلاهما أرهقا ويحملان جورها الجميع، وليؤدي المكتب العقاري والدلالون والسماسرة خدماتهم بشكل سليم بعيدا عن التلاعب أو التعقيد والمضاربة الظالمة فلا يمنع أن يتعامل المكتب العقاري مع الوسطاء المرخصين (الدلالين والسماسرة) بدلاً من حالة الإرباك في هذه السوق بعد تدريبهم للحصول على رخصة مزاولة المهنة وبين التطبيق العملي لهذه المعرفة في الميدان، إذ أصبح أكثر الناس يعملون في مجال السمسرة والوساطة العقارية، وهي مهنة خدمية لها قواعدها واثرها ملموس لدى الجميع.
وتأتي مسؤولية الجهات المعنية في أهمية إجراء عملية التقييم والقيام بجملة من الأدوار الحيوية والواضحة وبذل جهود مستمرة تكون مصاحبة لوضع وطرح المعالجات لتدفع بهذا القطاع في الاتجاه الصائب وتكون النتائج إيجابية وتشاركية بين كل أفراد المجتمع والمكتب العقاري والدلالين والجهات المعنية بشفافية دون ترك الحبل على الغارب ومن هنا تأتي أهمية وضع الدراسات والسياسات والإجراءات في التقييم من كافة الجوانب على أن يتم البداء بالمواصفات من حيث المميزات والعيوب أو المكان والنوع والمساحة وكذلك كل التعاملات والشكاوى التي قد تنشأ بين الملاك والمشترين والمستأجرين وغيرها من الأشياء التي تساعد على تقريب السعر بشكل سليم وعادل وحقيقي دون تضخم ومضاربة، لتبقى الثروة العقارية وتنميتها وحمايتها والاستثمار فيها مرهونة بتحقيق الأمن العقاري، الذي يتطلب المزيد من التطوير والتحديث، وإيجاد الحلول لضمان مبدأ الأمان والحماية المستدامة لرؤوس الأموال والمستهلكين والمستأجرين والمستثمرين، والتحكم بالعرض والطلب وأسعار الأراضي والعقارات عند مستويات تنافسية متوازنة ومقبولة تعود على الاقتصاد الوطني بالنمو والتطور.
وبالتالي فإن تنظيم السوق العقارية وحماية حقوق جميع أطراف العلاقة التعاقدية في التعاملات البيعيه أو الإيجارية أو الاستثمارية، لا شك أن ذلك يحتاج إلى الأتمتة في تسريع الإجراءات التي تمكن من المتابعة والإنجاز وسد الثغرات من خلال بناء وإنشاء قاعدة بيانات دقيقة ليكون ذلك هو الأساس في أي اختلاف وبالتالي تتحقق الشفافية والوضوح وبما لا يدع مجالاً للشك عبر منصة عقود بنماذج تطلقه الجهات المعنية ورقيا وإلكترونيا ليحل مكان القديم في مثل هذه التعاملات ويعالج أي إشكاليات تظهر وتكون الأجهزة الحكومية المختصة هي المرجع الأول والمعنية في كل تفاصيل العمليات والإجراءات لأنها عقود مهمة جدا ولها آثار اقتصادية واجتماعية، لا بد أن تعتمد على منهجية وحكومة نظامية متكاملة، ونماذج موحدة تسهم في تحسين جودة وكفاءة التعاملات العقارية، بما يعزز النمو والاستدامة في هذا القطاع.
*باحث في وزارة المالية
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: المکتب العقاری
إقرأ أيضاً:
“وزارة الحج”: 14 فبراير موعدًا نهائيًا لتعاقدات مكاتب شؤون الحج على الخدمات
حددت وزارة الحج والعمرة 14 فبراير 2025م الموافق 15 شعبان 1446هـ موعدًا نهائيًا لإنهاء تعاقدات مكاتب شؤون الحج في مختلف الدول على الخدمات الخاصة بحجاجها لموسم حج هذا العام 1446هـ, مؤكدة ضرورة إتمام هذه التعاقدات عبر منصة “نسك مسار” المخصصة لحجاج الخارج.
وأوضحت الوزارة أنها وضعت جدولًا زمنيًا دقيقًا للمهام المطلوبة من مكاتب شؤون الحج، يتضمن ثماني مراحل رئيسية، حيث بدأت مرحلة التعاقد على الخدمات بتاريخ 20 ربيع الثاني 1446هـ الموافق 23 أكتوبر 2024م، وتنتهي في 15 شعبان 1446هـ الموافق 14 فبراير 2025م.
وفي سياق تحقيق أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، شددت الوزارة على أهمية الالتزام بالاشتراطات التي وضعتها الجهات المختصة في المملكة، بما في ذلك متطلبات النقل الجوي والبري، إلى جانب الالتزام بالتعليمات الأمنية والصحية والإجرائية المنصوص عليها في اتفاقية شؤون الحج بين الوزارة ومكاتب شؤون الحج بالدول المختلفة.
اقرأ أيضاًالمملكةدرجات الحرارة والطقس المتوقع ليوم الأحد 19 يناير 2025
وأفادت بأنه بعد انتهاء هذه المرحلة لن تُقبل أي تعاقدات إضافية، حيث سيتم تحديد الحصص الفعلية للحجاج القادمين من مختلف الدول، على أن تبدأ مرحلة إصدار التأشيرات مباشرة.
ودعت الوزارة, مكاتب شؤون الحج إلى توعية الحجاج بضرورة الالتزام بأنظمة وتعليمات الحج، والتأكد من الحصول على التأشيرات والتصاريح من القنوات الرسمية؛ منوهة بأهمية حمل البطاقات التعريفية، مثل بطاقة “نسك”، فور وصولهم إلى المملكة.