23 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، بدا الإعلام السوري الرسمي في حالة ارتباك عميق أمام الأحداث المتسارعة.

لكن سرعان ما خلع عباءة النظام السابق وتلوّن بألوان علم الاستقلال ذي النجوم الثلاث، الذي بات رمزًا للمعارضة. هذا التحول المفاجئ يعكس طبيعة الإعلام الذي ظل لعقود أداة للدعاية والترويج لسرديات السلطة، قبل أن يتحول بنفس السلاسة لخدمة المنتصر الجديد.

طوال سنوات النزاع، فرض نظام البعث وعائلة الأسد قيودًا صارمة على الإعلام، حيث حوّلوه إلى آلة تسويق سياسي، بينما حُرمت البلاد من صحافة حرة ومستقلة. ومع تفاقم الأزمة، توقفت الصحف الورقية عن الصدور منذ 2020، تاركةً المشهد الإعلامي يقتصر على منصات النظام الدعائية.

لكن مع سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة على دمشق، توقف الإعلام الرسمي فجأة.

وكالة “سانا” لم تنشر شيئًا لأكثر من 24 ساعة، والتلفزيون الرسمي اكتفى ببث مقاطع أرشيفية. وبعد ساعات من الصمت، ظهرت عبارات تمجّد “انتصار الثورة السورية”، مرفقة بدعوات لحماية الممتلكات العامة.

لم يتوقف الأمر عند الخطاب، بل تجاوزه إلى تغييرات مرئية؛ فقد بدّلت وكالة “سانا” شعارها على منصات التواصل الاجتماعي إلى تصميم جديد يحمل اللون الأخضر ونجوم العلم الثلاث. تبنّت الوكالة خطابًا مختلفًا يعكس توجهات السلطة الجديدة، بينما تسارع إعلاميون لتغيير صورهم الشخصية وحذف أي محتوى قد يربطهم بالنظام السابق.

في هذا السياق، سعت وسائل إعلام خاصة كصحيفة “الوطن”، المعروفة بهامش نقدها المحدود، إلى تبرئة نفسها من ارتباطها بالنظام السابق. نشرت الصحيفة تصريحات لمالكها وضاح عبد ربه يؤكد فيها أن الصحيفة “كانت تنفّذ التعليمات فقط”، متعهداً بالعمل تحت مظلة السلطات الجديدة. بينما اختارت إذاعة “شام إف إم” وقف البث مؤقتاً ثم إنهاء عملياتها بالكامل، تاركة موظفيها يواجهون مصيرًا مجهولًا.

هذه التحولات السريعة في المشهد الإعلامي أثارت مخاوف عميقة لدى الصحافيين. بيان وزارة الإعلام الجديدة، الذي تعهد بمحاسبة “الإعلاميين الحربيين”، أثار قلق العاملين في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة التي كانت محسوبة على النظام. فبينما يُطالب البعض بالمصالحة الإعلامية، يرى آخرون أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها بحق من تورط في تبرير الجرائم.

وسط هذه الفوضى، بدأ بعض وسائل الإعلام المحلية العودة تدريجيًا إلى النشر، بينما لا تزال مؤسسات أخرى تحاول التكيف مع التغيرات الجديدة. هذه التحولات السريعة تعكس واقعًا إعلاميًا جديدًا في سوريا، حيث يقف الإعلاميون بين مطرقة محاسبة الماضي وسندان التكيف مع سلطة جديدة تُعِد نفسها لبناء خطاب مختلف، وإن كان يحمل في طياته تهديدات مماثلة لما عاشوه لعقود.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

شاهد: أحمد الشرع ممتطيا الحصان الأسود.. ظهور غير رسمي للرئيس السوري

أثار الرئيس السوري أحمد الشرع تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار مقطع فيديو له وهو يمتطي حصانا أسود.

وظهر الشرع في الفيديو مرتديا سترة جلدية وبنطال جينز أسود، ما منح إطلالته طابعا غير رسمي. وقد اعتبر العديد من المتابعين هذا الظهور مميزا، خاصة مع ركوبه حصانا عربيا.

الرئيس الفارس أحمد الشرع pic.twitter.com/mR58CrznUN

— مُضَر | Modar (@ivarmm) February 19, 2025

View this post on Instagram

A post shared by AlSharqiya TV قناة الشرقية (@sharqiyatv)

ومنذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، قبل أكثر من شهرين ونصف، أصبح الرئيس الحالي أحمد الشرع محط أنظار السوريين، الذين يتابعون عن كثب تفاصيل حياته وتحركاته. ومع تسارع الأحداث التي تشهدها البلاد بعد 14 عاما من الثورة، بات الشرع حديث مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية.

وانتشر مقطع فيديو وصور للرئيس السوري أحمد الشرع وهو يمتطي الفرس الأسود على نطاق واسع بين النشطاء، حيث أبدى الكثيرون إعجابهم بمهاراته في الفروسية، وأطلق عليه البعض لقب "فارس الشام".

فارس الشام ????????#الرئيس_أحمد_الشرع pic.twitter.com/Wz2aMOSNB8

— ˺الطرف الخجول❤️☘︎︎˻‏ (@4Gh94) February 19, 2025

الحصان الأصيل لا يليق إلا بالأصيل ????
صورة للرئيس أحمد الشرع اليوم #أحمد_الشرع #الرييس_احمد_الشرع #سوريا_الان pic.twitter.com/r3DpqZQFb1

— معاذ الدمري Mouaz ALdoumary (@MAldoumary) February 19, 2025

إعلان

وبعد 14 عاما من حرب دامية على الشعب السوري، دمّرت البنية التحتية لسوريا، وشرّدت الملايين من أبنائها، بدا سقوط نظام بشار الأسد مشهدا لم يكن يتوقعه كثيرون بهذا الشكل السريع وبهذه السهولة النسبية.

وفي فجر الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، فُتح سجن صيدنايا، الذي يصفه السوريون بـ"المسلخ البشري"، ليخرج منه آلاف المعتقلين. وفي تلك اللحظة، أيقن الشعب السوري أن ثورته قد نجحت، وأن نظام بشار الأسد قد سقط.

وأصبح أحمد الشرع رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية وسابقا كان قياديا في المعارضة المسلحة. ولد عام 1982، وبدأ طريقه مع تنظيم القاعدة في العراق لمقاومة الغزو الأميركي للبلاد، فسجن على إثرها 5 سنين، ثم انتقل لاحقا إلى سوريا وأسس "جبهة النصرة" فرعا للقاعدة وعرف حينئذ باسم الجولاني، ولاحقا أعلن انشقاقه وفك ارتباطه عنها في يوليو/تموز 2016 لاختلافه معها على المنهج، وأعلن تأسيس "جبهة فتح الشام"، وصارت لاحقا تعرف بـ"هيئة تحرير الشام".

مقالات مشابهة

  • وفد صيني يلتقي الرئيس السوري وتحفظات على رفع العقوبات
  • في تحول خاطف.. كيف اختفت رموز نظام الأسد من أسواق دمشق وحلّت محلها ألوان الثورة؟
  • دعوة رسمية لوزير الخارجية السوري لزيارة العراق
  • أحمد حسون.. مفتي سوريا في النظام السابق
  • محطة "القدم" للقطارات بدمشق.. إرث عثماني دمره نظام الأسد
  • مجزرة التضامن يوم قتل نظام الأسد فلسطينيين وسوريين بدمشق وردمهم في حفرة
  • مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق فيلم “ليلة الصفراء”
  • شاهد: أحمد الشرع ممتطيا الحصان الأسود.. ظهور غير رسمي للرئيس السوري
  • مصير الحماية المؤقتة الممنوحة للاجئين السوريين بتركيا بعد سقوط الأسد
  • سوريا.. بعد سقوط نظام الأسد هل سترفع العقوبات عنها؟