المسلة:
2025-03-04@10:14:00 GMT

العرب بين حداثة الزيف وأزمة الوعي

تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT

العرب بين حداثة الزيف وأزمة الوعي

23 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة:

العرب بين حداثة الزيف وأزمة الوعي: نحو قراءة أعمق للمشهد الراهن

 رياض الفرطوسي

في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، يقف الوطن العربي أمام مفترق طرق تاريخي، حيث تتداخل أزمات الداخل مع ضغوط الخارج، مما يؤدي إلى إعادة تشكيل خرائطه السياسية والثقافية. بيد أن هذا المشهد لا يُفهم فقط من خلال قراءة سطحية للأحداث، بل يتطلب العودة إلى جذور الأزمات البنيوية التي تعصف بالمنطقة منذ عقود.

حداثة القشور: قراءة في تجربة الخليج.

عندما يُذكر الخليج العربي، تقفز إلى الأذهان صور ناطحات السحاب، الأبراج المذهلة، ومشاريع البنية التحتية الفاخرة. ولكن هل هذه المظاهر تعكس جوهر الحداثة؟ يرى الشاعر أدونيس أنها ليست سوى “خيام محورة بالإسمنت”، تعبيراً عن حداثة سطحية تخلو من الفكر والثقافة.

وهذا النقد يعززه البروفسور كريستوفر دافيدسون في كتابه “ما بعد الشيوخ: الانهيار المقبل للممالك الخليجية”، الذي يحذر من هشاشة هذه الأنظمة رغم ما يبدو عليها من استقرار.

فالأزمات المالية والسياسية تظل كامنة، وما تجربة دبي المالية عام 2009 إلا مثالاً واضحاً على ذلك . المعضلة تكمن في عقلية الصحراء التي لم تتجاوز حدودها رغم مظاهر الحداثة.

تلك الأبراج ليست سوى استعارة مادية للهيمنة المؤقتة، حيث يتم شراء كل شيء: الإعلام، الأمن، وحتى الوقت.

ولكن الزمن لا ينتظر، وهو يعمل عكس مصالح هذه الأنظمة التي تتكئ على استراتيجيات مؤقتة لا تستشرف المستقبل.

ممكن الاستشهاد بخرائط الخراب من ليبيا الى اليمن : من ليبيا إلى الجزائر، ومن تونس إلى مصر، ومن سوريا إلى اليمن، تتوالى الحرائق، دون أن يُشار إلى الجناة الحقيقيين.

الدول التي تدعي الاستقرار ليست بريئة؛ بل أسهمت بشكل أو بآخر في تأجيج الصراعات داخل الجوار، لتصبح تلك البلدان “دروساً في الخراب” لكل من يجرؤ على المطالبة بالحرية . ولعل ما نشهده من انهيارات ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة لانحراف المعايير العامة وهيمنة الأنانية الفردية.

عندما تُفسد القيم، وتصبح الفوضى الأخلاقية هي القاعدة، يتحول الصادق إلى غبي والكاذب إلى شاطر، وينقلب الميزان ليصبح اللص بطلاً، والأمين خاسراً.

عندها، يصبح الانهيار الأخير للدولة أو الأمة مسألة وقت لا أكثر . لذلك فأن معركة الوعي طويلة ‘ ووسط هذا المشهد الكارثي، يصبح من واجب المثقف والكاتب استباق الأحداث وتحليل الظواهر بعمق.

لا تكفي المقالات الشعرية أو الوصفية التي تكرر ما يعرفه الجمهور، بل يجب تقديم رؤى تسهم في وعي الناس بمصيرهم والطريق الذي يسيرون فيه، والذي غالباً ما يُرسم من قوى كبرى باستخدام أدوات محلية.

الاستنتاج هو ان الازمة ثقافية قبل ان تكون سياسية .

في النهاية، تبقى الحقيقة واضحة: لا حضارة بلا ثقافة، ولا حداثة بلا فكر.

المعضلة الكبرى في العالم العربي ليست فقط في الأنظمة السياسية، بل في العقلية التي تدير المشهد، والتي لا تزال متشبثة بقوالب الماضي. الأزمة هي أزمة فكر قبل أن تكون أزمة سياسة، والمطلوب ليس تغيير الأشكال فحسب، بل الغوص في معركة وعي طويلة تعيد بناء العقل الجمعي على أسس فكرية وفلسفية تعبر عن روح العصر، لا عن قوالب الإسمنت والزجاج.

عندما نقرأ علامات زوال الأمم والإمبراطوريات، نجد أن الانهيار غالباً ما يبدأ بانحلال القيم وتراجع اللغة والفنون والأدب، وسيادة منطق “كل شيء عادي”.

في ظل هذه المعايير المقلوبة، يصبح الانهيار الأخير مسألة وقت، إذا لم يتم التصدي لهذه الأزمة بعقلية تعيد صياغة الوعي الجماعي، وترتكز على بناء ثقافة جديدة تستوعب تحديات العصر وتعيد للعقل العربي دوره الحضاري.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

لقاء طارئ للزبيدي مع حكومة عدن يتجاهل استمرار الانهيار الاقتصادي ومعاناة المواطنين

الجديد برس|

أعاد رئيس المجلس الانتقالي، المنادي بانفصال جنوب اليمن، السبت، رفع علم اليمن  طواعية  في عدن، معقل الرئيس .. يتزامن ذلك مع تطورات بملف اليمن وسط ترقب  شلل تام بالحياة في مناطق سيطرته.

وتداولت وسائل اعلام تابعة للانتقالي صور  للقاءات عقدها  عيدروس الزبيدي  مع مسؤولين بحكومة عدن .. ويظهر علم اليمن لأول مرة في خلفية صورة اللقاء الذي عقدت بمكتب الزبيدي في حين غابت اي رموز او اعلام للانتقالي او حتى للجنوب الذي يدعي تمثيله.

وافادت وسائل اعلام الانتقالي بان اللقاءات كرست لما وصفته بتصعيد من وصفتهم بـ”الحوثيين” وتداعياتها في إشارة إلى تجاهل الازمات التي تعاني منها عدن.

وهذه المرة الأولى التي يهرب فيها الزبيدي إلى اليمن بعد سنوات من مناورته بورقة الانفصال والجنوب.

وكان الزبيدي وصل عدن قبل أيام بعد نحو 9 اشهر  على مغادرتها إلى مقر اقامته في ابوظبي.

ولم يتضح ما اذا كان رفع الزبيدي لعلم اليمن  يعكس اتفاقا مع شركائه في السلطة الموالية للتحالف جنوب اليمن  ام لأهداف أخرى، لكن تزامن رفع العلم مع حالة الانهيار في كافة مجالات الحياة بالمدينة التي تعد بمثابة “عاصمة مؤقتة” مؤشر على توصل الزبيدي إلى قناعة باستحالة قدرته ومجلسه ، سلطة الامر الواقع، على احتواء الانهيار.

ويعد رفع العلم، بحسب خبراء، ضمن تهيئة الانتقالي أنصاره لقبول عودة المجلس الرئاسي والذي كان صعد ضد الانتقالي وصولا إلى طرد أعضائه من عدن مع ان غالبيتهم يتبعون المجلس الانتقالي.

في المقابل،  وجه رشاد العليمي ، رئيس المجلس الرئاسي ، رسالة صادمة للانتقالي والسكان في مناطق سيطرة مجلسه.

وكشف العليمي في تغريدة له عن كارثة محتملة  جراء التصعيد الأمريكي المرتقب ضد صنعاء.

ودعا العليمي اتباعه للاستعداد لما وصفها بالارتدادات لازمة “الحوثي” في إشارة إلى تضرر مناطق سيطرته من تبعات تصنيف انصار الله على لائحة الإرهاب الامريكية  حيث يتوقع اعلان الإدارة الامريكية الجديدة عقوبات ضد شركات وبنوك تجارية تعمل في شمال وجنوب اليمن دون استثناء.

وتحذيرات العليمي تأتي في ظل وضع هش تعاني منه مناطق سيطرته في ظل بلوغ انهيار العملة والخدمات مستويات  عالية جدا.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد العربي للجولف يطلق سلسلة بطولات الجولف العربية (AGS)
  • فيديو. طوابير السياح وأزمة سيولة خانقة بشبابيك الأبناك في الأيام الأولى لرمضان بمراكش
  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • القطاع الصناعي في العراق يواجه خطر الانهيار: أكثر من نصف المصانع متوقفة والتحديات تهدد المستقبل
  • هل تبخرت وعود ترامب الذهبية بعد الانهيار الحاد في العملات الرقمية؟
  • فهمي عبد الحميد أنقذني من الانهيار.. سحر رامي تتحدث عن كواليس نجاحها
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • رمضان في غزة.. حصار وأزمة إنسانية ومساجد مدمرة وحرب مستعرة
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجيع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • لقاء طارئ للزبيدي مع حكومة عدن يتجاهل استمرار الانهيار الاقتصادي ومعاناة المواطنين