إسناد مرحلة الطمأنة السورية بالسلع
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
أحسنت الإدارة الجديدة لسوريا حينما أتاحت المجال للوزراء الجدد الحديث إلى وسائل الإعلام، لطمأنة السوريين على إداركهم للمشاكل المتعلقة بشؤون وزاراتهم وسيرهم في طريق تخفيفها خلال الفترة الانتقالية، على أن تكون هناك خططا شاملة للتطوير خلال المرحلة المقبلة، وعرض الواقع الصعب الذي استلموه من النظام السابق، والذي يحتاج إلى نفقات كبيرة لتغييره وإلى بعض الوقت، حتى لا يتعجل الجمهور حصاد ثمارا سريعة من تراكمات سلبية ظلت لعقود وحتى ينخفض سقف توقعاتهم حاليا.
فهذا وزير النقل يشير إلى الواقع المزرى للسكك الحديدية، والذي لا يصلح معه شراء قطارات جديدة حيث يتطلب الأمر تغييرا شاملا للبنية التحتية المتمثلة في القضبان، كما يشير إلى سرقة بعض المُهمات من مطار دمشق يتطلب الأمر تعويضها حتى يمكن إعادة الرحلات إلى دول العالم، وها هو وزير الزراعة يشير إلى معاناة المزارعين في شراء التقاوي والأسمدة وحاجتهم لقروض مصرفية لشرائها، ومشكلة نقص المياه المرتبطة بتركيا دولة المنبع للنهرين أو من سيطرة الأكراد على مسار مجرى مائي.
ويشير وزير التجارة إلى أن كثيرا من المصانع مغلقة وكثيرا من المعامل تحتاج لتكهينها لقدم آلاتها لعقود ماضية، ويذكر وزير التعليم أن هناك 6500 مدرسة قد دمرت كليا أو جزئيا بسبب الحرب خلال السنوات الماضية، من بين إجمالي 18 ألفا و400 مدرسة في للبلاد مما سيدعو إلى العمل فترتين دراسيتين لاستيعاب الطلاب البالغ عددهم أربعة ملايين.
وهكذا نجم عن تنوع المتحدثين تناول العديد من القطاعات من حيث التركة الموروثة، أو الإجراءات العاجلة التي تمت لتوفير الأمن للأفراد والمنشآت، وتوفير الخدمات من خبز ومياه وكهرباء واتصالات، مع تكفل القائد العام أحمد الشرع بإرسال رسائل الطمأنة للداخل والخارج، سواء بالنسبة لاستيعاب الجميع داخل النظام الجديد واحترام المرأة، أو عدم تصدير الثورة السورية إلى أية بلدان أخرى، وحرصه على التعاون مع دول الخليج، والحرص على العلاقات الطيبة مع الجميع خاصة دول الجوار التي أكد عدم التدخل في شؤنها.
الممارسة العملية تزيد خبرة الوزراء
وقد يرى البعض أن بعض الوزراء ليست لديهم مهارات الحوار الإعلامي بشكل محترف، يجاري الإعلاميين القادمين من فضائيات عربية أعلى مهنية مما تعودوا على لقائه في إدلب من قبل، أو أن حديثهم يخلو من البيانات الرقمية الدقيقة للأمور التي يتناولونها، أو أنهم قد غضوا أبصارهم عن النظر إلى المذيعات اللاتي حاورنهم، مما أفقد الحوار خاصية التواصل البصري بين المحاور والضيف، وربما رأى البعض أن بعضهم يفتقد إلى النظرة المستقبلية لمجال تخصصه من خلال تركيزه على المسائل الجزئية الحالية.
وكل ما سبق فيه الكثير من الصحة، مع الأخذ في الاعتبار أعمار الوزراء المتوسطة وقلة سنوات خبرتهم في وزارة الإنقاذ في إدلب، وقصر فترة توليهم لمناصبهم الجديدة التي تبلغ أسبوعين فقط، ولهذا ستزيد خبرتهم الإعلامية والعملية مع الممارسة. وأتذكر هنا ما حدث في لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى المصري في فترة الرئيس محمد مرسى، حينما سعت لتطوير المؤسسات الصحفية الحكومية، وطلبت الإطلاع على دراسة لأوضاع تلك المؤسسات قام بها مكتب محاسبة شهير بتكليف من مجلس الشورى، ولكنها فشلت في مسعاها، لتعرف بعد ذلك أنه كانت هناك تعليمات من جهات بالسلطة بمنع إمدادهم بأية معلومات.
وهنا نذكر واقع عمل وزارة الداخلية في النظام الجديد، التي لم تجد من يستقبلها من العاملين القدامى حتى يسلموها الملفات التي يبنون عملهم على أساسها، حيث وجدوا أبنية مهجورة ليس فيها أحد وتم حرق بعضها خلال حرق الملفات الموجودة فيها لطمس الدلائل على تصرفات القيادات، ولعل ذلك يفسر لماذا لجأت الإدارة الجديدة للإستعانة بوزراء حكومة الإنقاذ في إدلب، لتولي مهمة حكومة تصريف الأعمال في دمشق حتى بداية آذار/ مارس المقبل.
مخاوف التضخم مع زيادة الأجور
وأتصور أن هناك جهات داخل النظام الجديد تختص بالرؤية الشاملة لمستقبل سوريا من مختلف النواحي، مع تكفل الوزراء بالنواحي التنفيذية اليومية، ويرجح ذلك ما تردد عن إجراء حوار وطني أوائل العام المقبل، والتدرج في استكمال المناصب الإدارية كما حدث مؤخرا بتعيين وزير للدفاع وآخر للخارجية ومسؤولة لمكتب شؤن المرأة، وكذلك التصريح بالاتجاه إلى مضاعفة أجور العاملين في الوزارات بنسبة 400 في المائة، والتوجه إلى تحرير الأسعار في الأسواق.
وأتوقف عند قرار مضاعفة أجور العاملين بالحكومة أربعة مرات مع نهاية الشهر كما تردد، وتبرير بعض الخبراء ذلك بأنه لن يتسبب في رفع الأسعار المرتفعة أصلا، بدعوى أن التضخم الموجود في سوريا ليس ناجما عن كبر الطلب وإنما بسبب نقص العرض للسلع، وهنا نذكر بأن زيادات الأجور التي قررها الرئيس التركي قد ساهمت في استمرار ارتفاع معدلات التضخم بتركيا، وهو ما حدث في مصر أيضا مما دفع صندوق النقد الدولي للضغط على الحكومة المصرية لتقليل إصدار النقد وعدم التوسع في زيادات الأجور.
فحتى يتم حصار التضخم والذي يمثل المشكلة الرئيسية لدى الأسر السورية حاليا، فلا بد أن يصاحب رفع الأجور المرتقب بسوريا، زيادة كمية المعروض من السلع والخدمات، لأن زيادة الأجور وحدها تعي أن تطارد أموال كثيرة سلعا قليلة مما يؤدى للمزيد من التضخم. ولا يكفي ما ذكره وزير التجارة من أن إزالة الحواجز في الطرق قد زاد من حركة التجارة بين محافظات سوريا مما زاد من المعروض السلعي، وكذلك حديثه عن أن مواجهة الفساد والإتاوات المفروضة على السلع قد قلل من قيمتها لدى التجار، فالأمر يتعلق بزيادة المعروض من السلع والخدمات بكم أكبر يوازى كمية الأموال الضخمة التي سيحصل عليها العاملون بالحكومة.
وهو أمر تكتنفه الصعاب من حيث تدبير العملات الأجنبية لاستيراد الطعام والوقود، كما أن غالب انتاج النفط والغاز الطبيعي والسلع الزراعية يقع في نطاق المنطقة التي يحكمها الأكراد، كما يتطلب الحصول على المنتجات الزراعية من الأراضي الخاضعة لسلطة النظام الجديد عدة أشهر حتى يتم الحصاد، ونفس الأمر لدورة التشغيل داخل المصانع، وتوافر المحروقات لنقل البضائع وانتقال العمالة.
البحث عن تعويض لغير الموظفين
وهنا يصبح الاستيراد هو الحل الأسرع لزيادة المعروض السلعى خاصة من دول الجوار الجغرافي لأن الاستيراد من دول بعيدة جغرافيا سيستغرق بعض الوقت إضافة إلى استمرار عقوباتها المفروضة على سوريا، وهنا نخشى من تأثير العوامل السياسية على إمداد سوريا باحتياجاتها الغذائية، خاصة من دول مثل مصر والأردن ما زال إعلامها المعبر عن سلطاتها يتخذ موقفا متشددا من النظام السوري الجديد، وهنا يمكن التدخل من قبل هؤلاء لتفضيل تصدير الخضر والفاكهة الأردنية إلى إسرائيل مثلا، على تصديرها إلى سوريا بحجة قوة العملة الإسرائيلية بالمقارنة لضعف العملة السورية.
لكن تعدد دول الجوار يمكن أن يساهم في تجزئة وتوزيع الاحتياجات عليها، وأبرزها تركيا التي بلغت قيمة صادراتها في العام الماضي لسوريا حسب البيانات التركية مليارين و38 مليون دولار، ذهب معظمها لمنطقة إدلب والشمال السوري، مما يعني زيادة الاحتياجات منها حاليا، ولأن تركيا دولة مستوردة للنفط والغاز الطبيعي مثل الأردن ولبنان يتطلب الأمر تعدد الموردين.
وكانت الصادرات المصرية لسوريا خلال العام الماضى قد بلغت حسب البيانات المصرية 305 ملايين دولار، كما بلغت الصادرات الأردنية لسوريا حسب البيانات الأردنية في العام الماضي 118 مليون دولار، وبلغت الصادرات اللبنانية لسوريا 126 مليون دولار ولا تتوافر بيانات عن قيمة الصادرات العراقية لسوريا. وتشير الأرقام السابقة إلى إمكانية زيادة قيمة تلك الواردات السورية من دول الجوار، حيث أشارت البيانات الأمريكية إلى أن النصيب النسبي للدول التي استوردت منها سوريا عام 2022، كانت بنسبة 45 في المائة من تركيا، و20 في المائة من الإمارات، و9 في المائة للصين و8 في المائة للبنان و7 في المائة لمصر.
ولعلنا نركز على أهمية تعزيز المعروض السلعى بالأسواق السورية بالتزامن مع زيادة الأجور وحرية التسعير للسلع التي أعلن عنها، لأن تسبب زيادة الأجور وحدها في ارتفاع معدلات التضخم سيؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور في النظام الجديد، وإمكانية زيادة عوامل عدم الاستقرار الاجتماعي، خاصة وأن البيانات الرسمية السورية لعام 2022 قد أشارت إلى أن عدد المشتغلين في سن 15 عاما فأكثر قد بلغ 4 ملايين و551 ألف شخص، موزعين ما بين: مليون و697 ألفا يعملون في الخدمات، و850 ألفا بالتجارة والفنادق والمطاعم و 672 ألفا بالزراعة و500 ألف بالصناعة، و483 ألفا بالتشييد والبناء و294 ألفا بالنقل والتخزين والاتصالات، و56 ألفا بالمال والتأمين والعقارات.
وبلغ عدد العاملين في الدولة 912 ألفا، منهم 472 ألفا من الذكور و440 ألفا من الإناث، ليجيء تصريح الوزراء الجدد بعدم دوام جانب من العمالة الحكومية بالوزارات بعد سقوط الأسد، مما يعني أن العدد الموجود حاليا أصبح أقل، فعندما تقوم حكومة تسيير الأعمال برفع الأجور للموظفين بالحكومة بنسبة 400 في المائة، والذي نتوقع أن يتسبب في ارتفاع الأسعار، فماذا تفعل باقي الشرائح العاملة خارج الحكومة وهي الأكثر عددا لمواجهة الأسعار المتوقع ارتفاعها؟
x.com/mamdouh_alwaly
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التضخم سوريا الأسعار السلع سوريا اقتصاد تضخم أسعار سلع مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام الجدید زیادة الأجور دول الجوار فی المائة من دول
إقرأ أيضاً:
في النزاع التجاري الأمريكي الصيني.. أين موقعنا؟
اشعل أشعلها الرئيس الأمريكي ترامب حربا تجارية دولية، بدأت بفرض رسوم إضافية بنسبة 20 في المائة على كل السلع المستوردة من الصين، إلى جانب تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على مجموعة كبيرة من السلع الواردة للولايات المتحدة من المكسيك وكندا، وفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم والسيارات من أنحاء العالم، وفرض رسوم جمركية على نحو مائة دولة بنسبة 10 في المائة، ورسوم بنسب تتراوح ما بين 11 في المائة إلى 50 في المائة على 56 دولة، إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين.
وقد أسفر الموقف في الوقت الحالي عن تعليق الرسوم التي تزيد من 10 في المائة بالنسبة للدول الاثنتين والثمانين لمدة ثلاثة أشهر، باستثناء الصين التي زادت نسب الجمارك على سلعها الواردة للولايات المتحدة على مراحل لتصل إلى 145 في المائة، وردت الصين بفرض رسوم على السلع الأمريكية الواردة إليها؛ تدرجت حتى بلغت 125 في المائة، مع استمرار باقي الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على باقي دول العالم سارية، خاصة على واردات الصلب والألومنيوم والسيارات من أنحاء العالم.
ويظل السؤال عن موقع دولنا العربية والإسلامية من تلك الحرب التجارية. فإذا بيانات منظمة التجارة الدولية لعام 2023 تشير إلى احتلال الصين المركز الأول، في الصادرات السلعية الدولية تليها الولايات المتحدة في المركز الثاني، فقد جاءت الإمارات العربية في المركز الخامس عشر دوليا، بسبب كبر قيمة عمليات إعادة التصدير فيها وليس فقط الصادرات المحلية، والسعودية في المركز الخامس والعشرين تليها ماليزيا، وإندونسيا في المركز الثامن والعشرين، تليها تركيا، لتتضمن قائمة الثلاثين الأوائل في الصادرات الدولية خمس دول إسلامية.
عجز تجاري في 33 دولة إسلامية
وفي قائمة الثلاثين الأوائل في التجارة السلعية الدولية كانت الصدارة للصين تليها الولايات المتحدة، وتضمنت القائمة خمس دول إسلامية بمجيء الإمارات في المركز الخامس عشر بسبب عمليات إعادة التصدير، وتركيا في المركز الرابع والعشرين بسبب كبر قيمة وارداتها السلعية، وماليزيا في المركز السادس والعشرين، والسعودية في المركز الثامن والعشرين، وإندونيسيا في المركز الثلاثين.
وإذا كان العجز التجاري الأمريكي المزمن مع دول العالم والذي يعود إلى عام 1976 وما بعده، هو السبب الرئيس لفرض الولايات المتحدة تلك الرسوم الجمركية على 185 دولة في العالم لتحسين ميزانها التجاري، فإن الصين تحظى بفائض مستمر بميزانها التجاري مع دول العالم منذ عام 1994، كما حظيت بتحقيق فائض في تجارتها مع الولايات المتحدة عبر الأعوام الأربعين الممتدة من 1985 وحتى العام الماضي حسب البيانات الأمريكية.
وفي عام 2023 حققت 33 دولة أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي عجزا تجاريا سلعيا مع دول العالم، مقابل 24 دولة حققت فائضا من مجمل أعضاء المنظمة السبع والخمسين، وتضمن ذلك تحقيق 12 دولة عربية عجزا تجاريا غالبيتها من الدول المستوردة للنفط، مقابل فائض في عشر دول عربية غالبيتها من الدول المُصدرة للنفط.
وكان الموقف التاريخي للميزان التجاري السلعي في أبرز الدول الإسلامية، تحقيق تركيا عجزا تجاريا مستمرا مع العالم منذ عام 1947 أى منذ 78 عاما بلا انقطاع، وتحقيق مصر عجزا تجاريا مستمرا منذ عام 1974، كما حققت كل من باكستان وبنجلاديش عجزا مستمرا في الأعوام الثلاثين الأخيرة، بينما حققت ماليزيا فائضا تجاريا لأكثر من عشرين عاما، وكذلك إندونيسيا التي غلب عليها الفائض خلال السنوات الثلاثين الأخيرة عدا خمس سنوات فقط، وشمل الفائض بالطبع الدول المصدرة للنفط كالسعودية والإمارات وقطر والكويت وكازاخستان وغيرها.
18 دولة إسلامية تحت الرسوم العالية
ولحقت رسوم ترامب في الثاني من الشهر الحالي كل الدول الإسلامية والعربية عدا الصومال التي لم ترد بالقوائم، وكانت نسبة 10 في المائة هي السائدة فيما عدا 18 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي شملتها الرسوم، التي تزيد عن نسبة 10 في المائة منها ست دول عربية، وهي الرسوم التي تم تعليقها حاليا لمدة 90 يوما، لكنها لم تلغ وما زالت الدول معرضة لتنفيذها، حيث اتهم البيت الأبيض الدول الثلاثة والثمانين بتطبيق رسوم جمركية عالية على السلع الأمريكية التي تدخلها، بالإضافة لوجود حواجز غير جمركية فيها، منها عدم كفاية إنفاذ حقوق الملكية وحواجز الاستثمار، والدعم الحكومي والتمييز لصالح الشركات المملوكة للدولة، والرشوة والفساد.
والدول الثمانية عشر الإسلامية هي: سوريا بنسبة 41 في المائة، والعراق 39 في المائة، وجويانا الواقعة في أمريكا الجنوبية 38 في المائة، وبنغلاديش 37 في المائة، وإندونيسيا 32 في المائة، وليبيا 31 في المائة، والجزائر 30 في المائة، وباكستان 29 في المائة، وتونس 28 في المائة، وكازاخستان 27 في المائة، وماليزيا وبروناي 24 في المائة لكل منهما، وكوت ديفوار 21 في المائة، والأردن 20 في المائة رغم وجود اتفاقية تجارة حرة أمريكية معه، وأقل من ذلك لموزمبيق ونيجيريا وتشاد والكاميرون.
تراجع الصادرات الصينية والأمريكية والتراجع المتوقع للنمو فيهما نتيجة الحرب التجارية سينعكس على وارداتهما من دول العالم، مثلما حدث للنفط الذي تراجعت أسعاره نتيجة تلك الحرب التجارية، وهو ما يؤثر سلبا على إيرادات الدول المصدرة للنفط، وكذلك على الدول المستوردة للنفط، حيث ستتأثر قيمة الاستثمارات الواردة إليها من الدول النفطية
وأشارت البيانات الأمريكية إلى تحقيق الولايات المتحدة عجزا تجاريا مزمنا مع العديد من الدول الإسلامية، وهو العجز التي امتد لأربعين عاما متواصلة منذ عام 1985 مع إندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش وكوت ديفوار، وكذلك مع نيجيريا فيما عدا أربع سنوات، ومع باكستان والعراق منذ عام 1997، ومع كازاخستان منذ عام 2007، ومع الأردن وتونس منذ 2018، ومع جويانا منذ 2020، ومع الجزائر وليبيا منذ 2021، ومع سوريا في العام الماضي بعجز قيمته أقل من تسعة ملايين دولار!
21 في المائة من واردات الدول الإسلامية صينية
ونظرا لإضرار الحرب التجارية الدائرة حاليا بكل من الولايات المتحدة والصين نظرا لارتفاع نسب التعريفات الجمركية بينهما، مما سيؤثر على تجارتهما مع باقي دول العالم، يمكن توقع التبعات السلبية على تجارة الدول الإسلامية السبع والخمسين معهما، حيث بلغ نصيب الصين من صادرات الدول الإسلامية عام 2023 نسبة 16.6 في المائة، كما حازت الصين على نسبة 21.3 في المائة من وارداتها و19 في المائة من تجارة الدول الإسلامية، أما نصيب الولايات المتحدة خلال نفس العام فقد بلغ 6 في المائة من الصادرات، و5 في المائة من الواردات، و5.5 في المائة من تجارة الدول الإسلامية مع العالم.
وأشارت بيانات صندوق النقد العربي إلى أن نصيب الصين من التجارة السلعية العربية، خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة قد تصاعد من 9 في المائة عام 2009 حتى اقترب من 16 في المائة عام 2020، ليعود إلى 13.5 في المائة عام 2023، أما نصيب الولايات المتحدة في التجارة العربية منذ عام 2000 وحتى العام الأسبق، فقد تذبذب ما بين أقل نسبة عام 2020 حين بلغت 5 في المائة وأعلى نسبة عام 2002 والبالغة 10 في المائة، مع تأثر النصيب النسبي للتجارة العربية لكليهما بسعر النفط والذي يشكل نسبة كبيرة من صادرات العرب للصين، ونسبة أقل لصادرات العرب للولايات المتحدة التي تحولت إلى دولة مصدرة للنفط والغاز الطبيعى المُسال في السنوات الأخيرة.
وهكذا فإن تراجع الصادرات الصينية والأمريكية والتراجع المتوقع للنمو فيهما نتيجة الحرب التجارية سينعكس على وارداتهما من دول العالم، مثلما حدث للنفط الذي تراجعت أسعاره نتيجة تلك الحرب التجارية، وهو ما يؤثر سلبا على إيرادات الدول المصدرة للنفط، وكذلك على الدول المستوردة للنفط، حيث ستتأثر قيمة الاستثمارات الواردة إليها من الدول النفطية، وكذلك قيمة تحويلات العمالة الخارجة من تلك الدول النفطية، كذلك ما ترتب على الرسوم على الصلب والألومنيوم والسيارات، وتهديد ترامب بفرض رسوما على سلع أخرى كالأخشاب والأدوية.
x.com/mamdouh_alwaly