سلط معهد أمريكي الضوء على المخاطر المترتبة على إهمال منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي غير المستقرة في ظل الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي على سفن الشحن الدولية على مدى أكثر من عام.

 

وقال معهد الشرق الأوسط الأمريكي (MEI) في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن أزمة وجود الحوثيين في اليمن الذي أحدث حالة من عدم الاستقرار بمنطقة البحر الأحمر والقرن الافريقي خلال أكثر من عام، تتطلب نهجاً استشرافياً لحل مشكلة اليمن من قبل المجتمع الدولي.

 

ونقل المعهد عن الباحثة ميريت ف. مبروك قولها إن هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، والتي شلت أحد أكثر الطرق البحرية أهمية في العالم، هي مثال واضح على كيف يمكن لقضية محلية ظاهريًا أن تتحول بسرعة إلى مشكلة عالمية.

 

وأضافت أن إلقاء نظرة سريعة على الاضطرابات الحالية في البحر الأحمر والقرن الأفريقي قد يدفع المراقبين إلى الاعتقاد بأن المنطقة تغرق فجأة في حالة من الاضطراب.

 

وأضافت أن الحوثيين في اليمن هم في مركز هذا عدم الاستقرار، حيث كانت الميليشيا المدعومة من إيران تهاجم الشحن على طول أحد أكثر الطرق البحرية أهمية في العالم، احتجاجًا على الهجوم الإسرائيلي على غزة.

 

وترى أن الصراعات في السودان والصومال وإثيوبيا ــ التي تمر جميعها بمراحل انتقالية هشة من مختلف الأنواع ــ تنتشر إلى ما هو أبعد من حدودها، مما يخلق مجموعة جريئة من الجهات الفاعلة القادرة على تحدي المصالح الغربية وتشكيل تهديد مباشر لها. وتتلقى هذه الجهات الفاعلة الدعم من جهات خارجية. ولكن هذه التطورات لم تحدث فجأة.

 

وذكرت أنه خلال فترة ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترامب السابقة، أصبحت دول الشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا، متورطة بشكل متزايد في منطقة القرن الأفريقي. مع أراضيها الصالحة للزراعة وموانئها بالإضافة إلى موقعها الحاسم كحلقة وصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي والهادئ والبحر الأبيض المتوسط، كانت المنطقة دائمًا مهمة للغاية بالنسبة لدول الخليج".

 

غياب الدور الأمريكي

 

وقالت "بعد عدة سنوات، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا. فقد تفككت عملية الانتقال في السودان إلى حرب أهلية مدمرة أسفرت عن مقتل أكثر من 60 ألف شخص وتسببت في أكبر أزمة نزوح في العالم".

 

وأثار الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال لاستئجار ميناء مقابل اعتراف إثيوبيا بالجمهورية الانفصالية غضب الصومال، التي اقتربت من مصر وإريتريا، مما زاد من إثارة القدر الذي كان يهدد بالفعل بالغليان، حسب الباحثة.

 

وأوضحت أن الولايات المتحدة ظلت ثابتة في غيابها. لم تعط إدارة بايدن الأولوية للأزمات في منطقة القرن الأفريقي على وجه الخصوص بأي طريقة ذات مغزى؛ وفي حين أنه من السابق لأوانه استخلاص أي رؤى واقعية حول كيفية تعامل إدارة ترامب مع الأمر، فمن غير المرجح أن تكون أكثر انخراطًا. سيكون هذا خطأ.

 

وأفادت الباحثة ميريت ف. مبروك إننا بحاجة إلى استراتيجية دبلوماسية تضمن عدم تحول بلدان المنطقة إلى مجرد كرات قدم سياسية للقوى الخارجية المتنافسة.

 

وقالت "لابد أن تركز المساعدات الأميركية على النمو الشامل والحكم الشرعي لدعم نقاط الضعف المتمثلة في الفقر والصراع؛ ولابد من التأكيد على الصلة المباشرة بين المنطقة والتجارة والأمن العالميين. ولا شك أن الاهتمام الدولي بالبحر الأحمر والقرن الأفريقي ليس بالقليل، وإذا لم تتخذ الولايات المتحدة خطوات لضمان مصالحها الأساسية هناك، فإنها تخاطر بالتشرد".

 

طموح حوثي لتأكيد نفسه كقوة إقليمية

 

بدروها الباحثة اليمنية غير المقيمة ندوى الدوسري، قالت إن الحوثيين أظهروا باستمرار قدرتهم على استخدام المفاوضات كآلية للمماطلة والعنف كوسيلة لانتزاع التنازلات من الحكومة اليمنية والسعوديين والمجتمع الدولي. وقد سمح هذا النمط، الذي كان واضحا منذ بداية الحرب، للمجموعة بتأمين مزايا تكتيكية.

 

ونقل المعهد عن الدوسري قولها "كما تم تقويض خريطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 من خلال تصرفات الحوثيين، بما في ذلك الهجمات غير المسبوقة على الشحن في البحر الأحمر وإسرائيل. وقد أدت هذه الأفعال إلى ضربات انتقامية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، مما زاد من تعقيد الصراع".

 

وترى أن هجمات الحوثيين، التي وصفت بأنها جزء من "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس"، تهدف ظاهريا إلى الضغط على إسرائيل بشأن حرب غزة. في الواقع، إنها تعكس طموحات الحوثيين لتأكيد أنفسهم كقوة إقليمية".

 

وأضافت "داخليا، أسسوا نظاما استبداديا ثيوقراطيا يتميز بالقمع والتلقين المنهجي. وفي إطار تكثيف عمليات التجنيد، أعلن الحوثيون أنهم جندوا 370 ألف مقاتل جديد، وفي صيف عام 2024 وحده، تخرج 1.1 مليون طفل من معسكرات التدريب الإيديولوجية الخاصة بهم. وهذا يؤكد التزامهم بعسكرة المجتمع.

 

وتابعت الدوسري "خارجيًا، يبرز الحوثيون باعتبارهم الوكيل الإقليمي الأكثر قدرة لإيران، وخاصة في ضوء انهيار نظام الأسد في سوريا والضعف الشديد لحزب الله في لبنان. وتمكنهم قدراتهم العسكرية المتنامية، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة التي تزودهم بها إيران، من تهديد الشحن الدولي. كما أنهم يعملون على إنشاء "محور التعطيل" الخاص بهم، وتشكيل تحالفات مع جماعات إرهابية مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والشباب في الصومال، وتنظيم الدولة الإسلامية".

 

وأشارت إلى أن التعاون الناشئ مع روسيا، بما في ذلك تجنيد المقاتلين لأوكرانيا ودعم الهجمات في البحر الأحمر، يسلط الضوء بشكل أكبر على اتصالاتهم العالمية المتوسعة. وهذا لا يضع الحوثيين في موقف التهديد المحلي فحسب، بل وأيضًا كقوة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة الأوسع، مما يقوض المصالح الغربية ويصدر نموذجهم الثوري.

 

تضيف الدوسري بالقول "لقد شجع عمى المجتمع الدولي عن هذه الحقائق الحوثيين منذ عام 2014 ويستمر في ذلك اليوم، مما يسمح لهم بإعادة تشكيل المشهد الإقليمي بما يتماشى مع طموحاتهم الإيديولوجية".

 

وللتعامل مع تعقيدات الصراع في اليمن، قالت الدوسري "يتعين على المجتمع الدولي، والآن إدارة ترامب القادمة، أن يتعلموا من أخطاء الماضي. لقد كان صعود الحوثيين إلى السلطة مدفوعًا باستراتيجيات قصيرة الأجل وتفاعلية فشلت في معالجة طموحات الجماعة الأوسع. تقدم هذه اللحظة فرصة للولايات المتحدة لتبني نهج استراتيجي تقدمي يعطي الأولوية للحلول طويلة الأجل على إدارة الأزمات".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا البحر الأحمر القرن الأفريقي الحوثي فی البحر الأحمر المجتمع الدولی فی ذلک

إقرأ أيضاً:

احتفاء عربي بتحطيم مقاتلة أميركية أثناء تفاديها صواريخ الحوثيين

في حادثة حظيت بتفاعل واسع على المنصات العربية، سقطت طائرة أميركية من طراز "F-18" أثناء تواجدها على متن حاملة الطائرات "هاري إس ترومان" في البحر الأحمر، وذلك خلال عمليات بحرية أجرتها القوات الأميركية أمس الاثنين.

ووصف نشطاء ومتابعون عرب الحادثة بأنها إنجاز رمزي للمقاومة اليمنية ونقطة تحول في ميزان الردع في المنطقة، خصوصًا مع تعرّض مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين لغارات شبه يومية منذ أن أعلنت واشنطن في 15 مارس/آذار عن بدء عملية عسكرية تهدف إلى وقف هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان بثته قناة المسيرة الفضائية، أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين، يحيى سريع، أمس الاثنين أن قواتهم ردّت على "مجازر العدوان الأميركي" من خلال استهداف حاملة الطائرات ترومان وقطعها الحربية في البحر الأحمر.

وأكد سريع أن العملية تمّت باستخدام صواريخ مجنحة وباليستية وطائرات مسيّرة، موضحًا أن الاشتباك استمر "طوال الساعات الماضية" بين القوات البحرية اليمنية وقوات الحاملة الأميركية.

ورأى عدد من المغردين أن اليمن بات يشكل إحراجًا كبيرًا للولايات المتحدة، معتبرين أن إسقاط طائرة F-18 يُعد "ضربة قاسية" للجيش الأميركي، ووصف البعض المشهد بأنه تحوّل من التهديد إلى التنفيذ.

عاجل | مسؤول أمريكي للجزيرة: مقاتلة إف 18 سقطت من على متن حاملة الطائرات ترومان أثناء مناورتها لتفادي نيران #الحوثيين
-يقصد ????الامريكي #هروب_تكتيكي ..
-تفاديا لصدمة للشعب الامريكي والحلفاء العرب الاعترافات الامريكية تدريجياً..
-الخوف الامريكي من انهيار ثقة الحلفاء من السلاح ال???????? pic.twitter.com/wDDTK7ulfQ

— مروان علي الأحمدي (@mroanalialahmde) April 28, 2025

إعلان

وأشار آخرون إلى أن الحادثة تؤكد جدية تصريحات رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، الذي كان قد لوّح سابقا بأن الرد سيكون "قاسيا ومزعجا"، معتبرين أن المشهد يعكس قدرة وتطورًا يمنيا متسارعا يقابله تراجع وانسحاب أمريكي واضح.

كما تحدث البعض عن تغييرات متكررة في الحاملات الأميركية واستقدام حاملة تلو الأخرى، حتى وصل العدد إلى خمس حاملات طائرات، في ظل ما وصفوه بـ"خسائر اقتصادية ومعنوية وهيبة تتعرض لها واشنطن يوميًا".

وكتب أحد المغردين قائلًا: "تم إسقاط طائرة أمريكية من نوع F-18 فوق البحر الأحمر. سيعترف الأميركيون بذلك، ولكن بطريقة كاذبة".

في المقابل، جاءت الرواية الأميركية مختلفة، فقد نقلت شبكة CNN عن مسؤول أميركي أن سقوط المقاتلة F-18 كان نتيجة انعطاف كبير قامت به حاملة الطائرات "ترومان" لتفادي صواريخ أُطلقت من قبل الحوثيين أثناء تعرض القطع البحرية الأميركية لهجوم في البحر الأحمر.

وعلّق مدونون على الرواية قائلين: "رواية جيدة نوعًا ما، لكنها ليست الحقيقة!".

وتساءل النشطاء بسخرية: "كيف وفي عام 2025، ومع هذا التقدم التكنولوجي الهائل وأجهزة التحسس المتطورة، تسقط طائرة متقدمة مثل F-18 من على حاملة طائرات متطورة؟ لا بد أن الأمر عدائي!".

لم نسمع ولم نقرأ في التأريخ العسكري سقوط طائره حربيه من حاملة طائرات في البحر.رغم كان التطور العسكري والتقدم التكنلوجي كان متواضعا.
كيف اليوم وفي عام ٢٠٢٥ وهذا التقدم التنكلوجي الهائل وأجهزت التحسس المتقدمه تسقط طائره متطوره أف ١٨ من حاملة طائرات متقدمه في البحر!قد يكون عدائيا. pic.twitter.com/GhDSyEWu4a

— نجيب حسن العبيدي (@Dhvz4NGNb32u9PQ) April 29, 2025

وأضافوا :"لم نقرأ في التاريخ العسكري عن سقوط طائرة حربية من حاملة طائرات في البحر، حتى عندما كان التطور العسكري والتكنولوجي متواضعًا".

إعلان

ومنذ بدء الضربات الأميركية في مارس/آذار الماضي، أعلن الحوثيون مرارا استهداف حاملتي الطائرات الأميركيتين ترومان وفينسون، بيد أن مسؤولين أميركيين قالوا إن أيا من السفن الأميركية في البحر الأحمر لم تُصب.

مقالات مشابهة

  • احتفاء عربي بتحطيم مقاتلة أميركية أثناء تفاديها صواريخ الحوثيين
  • تحول استراتيجي.. كيف أسقطت قوات صنعاء مقاتلة “إف-18” وأجبرت حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” على الفرار؟
  • كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن؟
  • 68 قتيلا في قصف أمريكي على مركز للمهاجرين بشمال اليمن
  • صحيفة عبرية: واشنطن تواجه معضلة بشأن الحوثيين في اليمن.. بين التصعيد أو الانسحاب (ترجمة خاصة)
  • فوكس نيوز: حرب ترامب في اليمن صراع يهدد بالتحول إلى مستنقع يستنزف قدرات واشنطن العسكرية (ترجمة خاصة)
  • غارات أمريكية على سفينة إسرائيلية مُحتجزة لدى الحوثيين في اليمن
  • "القهوة اليمنية هي الأفضل".. لماذا المقاهي اليمنية تجد نجاحًا في أمريكا؟ (ترجمة خاصة)
  • موقع مركز الأمن البحري الدولي: “أزمة البحر الأحمر فضحت انعدام الثقة بين واشنطن وأوروبا”
  • موقع الحرب الأمريكي: ما هي الدفاعات الجوية التي يمتلكها الحوثيون في اليمن فعليًا؟ (ترجمة خاصة)