22 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: يروي الجنود السوريون شهاداتهم حول أسباب الهزيمة التي عجلت بسقوط نظام بشار الأسد، مشيرين إلى عيوب جوهرية في الأداء العسكري للنظام، وضعف الاستعدادات، وسيطرة الفساد، بالإضافة إلى انهيار الروح المعنوية والاعتماد المفرط على الحلفاء الخارجيين.

التقرير الذي أعدته صحيفة لوموند يتناول روايات حية من جنود وضباط عايشوا الأيام الأخيرة من حكم الأسد.

الجندي السابق حسن، الذي خدم لسنوات طويلة كحارس شخصي في أمن الدولة، يصف حالة الفوضى التي اجتاحت الجيش مع تصاعد هجمات المعارضة، مشيراً إلى انسحاب الوحدات العسكرية من الجبهات الاستراتيجية وانعدام التوجيه من القيادة.

يتحدث عن لحظات الخوف والارتباك في صفوف الجنود عندما هرب كبار الضباط دون تنبيه القوات، تاركينهم لمصير مجهول.

الجنود المجندون قسراً كانوا الحلقة الأضعف في هذا الصراع، كما يروي هشام، المجند الشاب الذي تم تكليفه بمهام قتالية دون تدريب كافٍ. هشام يشرح كيف اضطر إلى تنفيذ أوامر قصف مناطق مأهولة بالمدنيين خوفاً من العقوبات القاسية، في ظل نظام كان يعاقب جنوده بوحشية على أدنى مخالفة. الخدمة العسكرية التي امتدت إلى أجل غير مسمى أجبرت الآلاف على الهروب أو رشوة الضباط للعودة إلى ديارهم، مما أدى إلى ضعف الجبهات وتآكل الثقة داخل الجيش.

على المستوى الاستراتيجي، كان الاعتماد على الحلفاء الروس والإيرانيين مفتاحاً لبقاء النظام لسنوات، ولكن مع تراجع دعم هؤلاء الحلفاء في الأشهر الأخيرة، أصبح انهيار الجيش وشيكاً. الجنود الذين كانوا يعملون تحت إشراف الإيرانيين أو حزب الله تلقوا رواتب أفضل، لكنهم واجهوا نفس الفساد الذي ينخر في المؤسسة العسكرية السورية. تركزت القرارات في أيدي المستشارين الأجانب، بينما فقدت القيادة السورية السيطرة على الأحداث.

حالة الفساد المستشرية كانت محور حديث الكثير من الجنود. عمار حسين، أحد المجندين الذين خدموا شمال حمص، يتحدث عن الظروف المعيشية البائسة والتدريب غير الكافي، ويقول إن الرواتب كانت تُنهب من قبل الضباط، مما زاد من الغضب الشعبي والاستياء بين الجنود.

عمار يرى أن النظام كان من المفترض أن يسقط منذ وقت طويل، لولا تدخل الحلفاء الخارجيين في اللحظات الحاسمة لإنقاذه.

مع تصاعد هجوم المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام ووصولهم إلى أبواب دمشق، لم يقدم الجيش السوري مقاومة تُذكر. انهيار الوحدات النظامية أمام الهجمات المتسارعة كان نتيجة انعدام التنسيق والخطط الواضحة. قوات المعارضة تمكنت من السيطرة على مناطق استراتيجية مثل حلب دون مقاومة كبيرة، مما أدى إلى حالة من الصدمة والانهيار الكامل بين صفوف الجيش.

أحد الضباط السابقين في الاستخبارات العسكرية يعزو سقوط النظام إلى عدة أسباب رئيسية: انهيار الجيش بسبب الاعتماد على مجندين يفتقرون للخبرة والعدد الكافي، والفساد الذي أنهك المؤسسة العسكرية، والغضب الشعبي الناتج عن سوء الأحوال المعيشية. حتى بين العلويين، الذين يُعتبرون من أكبر داعمي النظام، بدأ الاستياء يتزايد، مما أدى إلى ضعف الحاضنة الشعبية للنظام.

الخلاصة أن أسباب الهزيمة تمتد من الجبهات العسكرية إلى الداخل الشعبي والسياسي، حيث أدت مجموعة من العوامل المتشابكة إلى انهيار سريع ومفاجئ للنظام. هذه الشهادات تسلط الضوء على التحديات التي واجهها الجيش النظامي السوري في أيامه الأخيرة وتفضح القصور البنيوي في نظام الأسد الذي اعتمد على القوة والقمع لكنه فشل في مواجهة ديناميكيات التغيير السريعة.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

ماذا حققت الحملات الأمنية ضد فلول نظام الأسد في حمص؟

حمص– أعلنت إدارة العمليات العسكرية في محافظة حمص انتهاء عمليات ملاحقة فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد عدة مراحل مرت بها هذه العملية على مدى 45 يوما، بالتزامن مع استمرار عمل مراكز التسوية التي تمنح عناصر وضباط النظام السابق بطاقات حماية مؤقتة بعد تسوية أوضاعهم وتسليم السلاح الذي بحوزتهم.

وقد تمت عمليات ملاحقة فلول النظام السابق في حمص على عدة مراحل من الإعلان عن فتح مراكز التسوية، إلى تفتيش وملاحقة عدد من فلول النظام ومصادرة الأسلحة التي بحوزتهم، في إطار سياسة وضع السلاح فقط بيد الدولة.

قبلان يعلن انتهاء ملاحقة فلول النظام السابق في حمص (الجزيرة) بدء مرحلة جديدة

يقول مسؤول العلاقات العامة في محافظة حمص حمزة قبلان -في حديث خاص للجزيرة نت- إن عمليات ملاحقة فلول النظام البائد في محافظة حمص انتهت، بعد العمل لما يقارب الشهر ونصف الشهر من الملاحقة، والتمكن من إلقاء القبض على معظمهم، وكان ذلك من خلال عدة مراحل:

الأولى: بدأت بافتتاح مراكز التسوية وتوجيه نداءات، لكل من يملك أو يحمل السلاح سواء كان عنصرا أو ضابطا من النظام السابق، بالتوجه لمراكز التسوية التي تم الإعلان عنها لتسوية أوضاعهم وتسليم سلاحهم والحصول على بطاقة حماية مؤقتة، وفي هذه المرحلة كان التجاوب ضعيفا من قبل حملة السلاح وعناصر وضباط النظام، فتم الانتقال للمرحلة الثانية. الثانية: في هذه المرحلة بدأت قوات إدارة الأمن والقوات العسكرية بحملة التفتيش وملاحقة الفارين من فلول قوات النظام البائد، وحصل في هذه المرحلة مساعدة كبيرة من قبل الأهالي والمدنيين، وتمكنت قوات الأمن من اعتقال عدد كبير من الشخصيات والمطلوبين في الوقت الذي فر قسم منهم، بينما ضبطت كميات كبيرة من السلاح. الإفراج عن عناصر نظام الأسد الذين لم يثبت تورطهم في إراقة الدماء (الجزيرة)

وأضاف قبلان "في هذه المرحلة تم التحقيق مع الأشخاص الذين تم اعتقالهم والاشتباه فيهم عبر الأجهزة الأمنية المختصة، ومن ثبت تورطه بارتكاب جرائم ويده ملطخة بالدماء ما يزال موقوفا وسيحال إلى القضاء، ومن لم يثبت عليه أي جرم بدأنا بالإفراج عنهم عبر مراحل متتالية".

إعلان

ولفت إلى أنه بعد هذه المرحلة تم الإعلان عن انتهاء مرحلة ملاحقة الفلول في محافظة حمص لأنها حققت أهدافها، واستطاعت الوصول إلى هدف الحملة الرئيسي، وتمكنت من النجاح في مهمتها ضمن عمل منضبط ومنتظم.

وأوضح أن المرحلة التالية ستركز على البحث عن المطلوبين والهاربين من قبضة العدالة الذين لم نستطع إلقاء القبض عليها في المرحلتين الأولى والثانية، وهذه المرحلة ستكون من خلال مذكرات توقيف واستدعاء شخصي من قِبل إدارة الأمن العام والنيابة العامة، وستستمر حتى إلقاء القبض على كل المطلوبين.

خروج عدد من عناصر النظام السابق بعد تحقيقات أولية في حمص (الجزيرة) تكاتف شعبي

وحسب قبلان فإن الهدف هو "الوصول إلى سوريا جديدة بعيدة عن الجرائم والمجرمين وبعيدة عن الفلول الذين يحاولون باستمرار إثارة القلائل والتخريب لزعزعة أمن البلد".

ولفت إلى أن الفلول الذين كانوا وما زالوا يعيشون على دماء السوريين "لا يناسبهم ولا يعجبهم ما وصلنا إليه من ضبط الأمن والاستقرار الإداري خلال فترة زمنية قياسية لا تتجاوز الشهر بعد سقوط النظام السابق وترك إرث متهالك ومترهل في جميع القطاعات".

ونوه مسؤول العلاقات العامة في المحافظة إلى وجود تكاتف شعبي -من أهالي حمص من كل المكونات- مع الإدارة الجديدة "وهذا لم ولن يعجب الفلول" لذلك سينشطون من جديد، ولكن "من خلال إدراكنا ووعينا لهذه المرحلة سنحاول تضييق الخناق عليهم لمنع أي عمل يعكر صفوَ البلاد".

ساحة الساعة الأبرز في مدينة حمص السورية (الجزيرة)

وتابع "نرسم الآن أن تكون حمص أجمل، وذلك من خلال الانخراط في عمل جماعي بين الإدارة الجديدة ومكونات الشعب جميعها في حمص، ومن خلال الجلسات التي نعقدها باستمرار مع أبناء حمص وجدنا حب العمل من الجميع وسط رغبة بالعيش بأمان والوصول إلى دولة جديدة حضارية مختلفة عن السابق".

إعلان

وأضاف أن الجميع في حمص يمد يده للمساعدة والعون رغم المآسي والجراح والفقر والبُنية التحتية المتهالكة والدمار الحاصل في عدد من الأحياء بشكل شبه كامل.

حمص بحاجة إلى إعادة إعمار وعودة الخدمات الأساسية (الجزيرة) خدمات

قال قبلان إن "تطوير الخدمات موضوع صعب علينا بمفردنا إذا لم تتضافر الجهود المؤسساتية والمحلية والدولية والمجتمعية، وهذا ما وجدناه فعلا من خلال الأفكار التي بدأت تُطرح من قبل الأهالي والشباب الذين أطلقوا بعض المبادرات وبدؤوا بتنفيذها مثل إزالة الأنقاض وترميم بعض البيوت وتزيين الشوارع وإزالة رموز النظام السابق".

وأضاف أنه بالتعاون مع محافظ حمص بدأت الفعاليات المجتمعية بوضع خطة عمل متكاملة حيث سيتم ترتيب العمل من حيث الأهمية "فنحن سنبدأ بما نحن قادرون عليه وأيضا ما يمكن أن يساهم المجتمع فيه، وهكذا ننهض سوياً في إعادة بناء حمص".

وأشار إلى أن عودة الكهرباء هي الأهم كخطوة أولى لأنها تنعش الحياة المدنية والاقتصادية وأيضا تساهم بتحقيق الأمان بشكل كبير جدا، ولكنها تحتاج إلى الكثير من العمل وخاصة في ظل ترهل الشبكة التي تركها النظام السابق وتمت سرقة كل محتوياتها الأساسية من كابلات نحاسية ومحولات كهربائية.

ولفت إلى أنه تم وضع خطة يتم من خلالها الآن إصلاح الشبكات وصيانتها، ولكنها تحتاج إلى فترة ربما تطول قليلاً وتحتاج للصبر من الجميع.

مقالات مشابهة

  • وثائق للمخابرات السورية توثّق انهيار النظام ومحاولات لإنقاذه.. هذا ما نعرفه
  • حسن عبد الغني المتحدث باسم إدارة العمليات العسكرية بسوريا
  • شهادات ناجين من هجوم الغوطة الكيميائي
  • كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تشكيل الجيش وأوامره التنفيذية بطردهم
  • سوريا.. الأمن العام يعتقل عناصر من نظام الأسد
  • الجولاني يطلب تسليم “الأسد” من أول وفد روسي يزور دمشق
  • ماذا حققت الحملات الأمنية ضد فلول نظام الأسد في حمص؟
  • ترامب يوقع أمرا بإلغاء التحوّل الجنسي في الجيش
  • إدارة العمليات العسكرية السورية تطلق سراح أفراد من النظام السابق
  • ترامب يوقّع أمرًا تنفيذيًا لطرد المتحولين جنسيًا من الجيش الأمريكي