بين تفاؤل حذر وتحديات معقدة .. هل تنجح جهود الهدنة في غزة ؟
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
غزة- مراسل «عُمان» - بهاء طباسي:
تخيم حالة من الترقب المشوب بالتفاؤل الحذر على الأجواء في قطاع غزة، وسط الحديث عن جهود حثيثة تقودها مصر وقطر للتوصل إلى اتفاق تهدئة ينهي الحرب المستمرة على القطاع منذ أكثر من 14 شهرًا.
وبينما تستمر المفاوضات بوتيرة مكثفة بين الأطراف المختلفة، تبقى الصورة النهائية للاتفاق غير مكتملة، ما يجعل الساحة مفتوحة على كافة السيناريوهات.
تطورات المشهد الميداني والدبلوماسي
وفقًا لمصادر فلسطينية مطلعة، فإن الحديث عن اتفاق وشيك قد يكون مبالغًا فيه، حيث أكدت قناة «كان» العبرية أن «الطريق لا تزال طويلة حتى الإعلان عن اتفاق»، رغم الجهود المكثفة التي تُبذل من قبل الوسطاء. وأضافت ذات المصادر أن المفاوضات تركز على عدة قضايا محورية، أبرزها الإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وضمان عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله.
صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية سرّبت أن صفقة التبادل المقترحة ستتم على مرحلتين؛ المرحلة الأولى، التي تعتمد على صيغة سبق أن طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال الصيف الماضي، ستمتد على مدار 42 يومًا وتشمل إطلاق سراح كبار السن والمرضى والمجندات الإسرائيليات. في المقابل، ستقوم إسرائيل بإعادة انتشار جزئي لقواتها، بما في ذلك الانسحاب بشكل شبه كامل من محوري نتساريم وفيلادلفيا.
موقف حماس: مرونة مشروطة
مصدر قيادي في حركة حماس أشار إلى أن الحركة تتعامل مع هذه المفاوضات بجدية، لكنها تتمسك بمطالبها الرئيسية، وعلى رأسها الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين دون استثناء.
وأضاف المصدر: «إننا ندرك تعقيد الموقف، لكننا نثق بقدرتنا على تحقيق مكاسب وطنية تليق بتضحيات شعبنا».
حماس ترى أيضًا أن عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية في شمال القطاع شرط غير قابل للمساومة.
وأكد القيادي، الذي فضل عدم ذكر اسمه: «الاحتلال يحاول استخدام هذا الملف كورقة ضغط، لكننا نصر على أن تكون العودة كاملة وغير مشروطة».
موقف إسرائيل: حسابات داخلية وضغوط خارجية
على الجانب الإسرائيلي، يبدو أن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو تواجه تحديات كبيرة في إدارة هذا الملف. فرغم التصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون كبار لصحيفة «يسرائيل هيوم» بأنهم «قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق معقد للغاية»، إلا أن التفاصيل النهائية لم تُحسم بعد.
إسرائيل تشترط إخضاع النازحين العائدين لتفتيش أمني دقيق، ما يعكس مخاوفها من إمكانية استخدام هذه العودة كغطاء لعمليات تسلل أو نقل أسلحة. كما أنها تسعى لتجنب أي خطوات قد تُفسر كتنازل أمام حماس، في ظل الضغط الداخلي المتزايد من المعارضة.
دور الوسطاء: مصر وقطر في قلب الحدث
تلعب كل من مصر وقطر دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين. مصدر مصري مسؤول أكد أن القاهرة تُجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف.
وأشار إلى أن «الهدف الأساسي هو التوصل إلى اتفاق يضمن تهدئة طويلة الأمد ويضع حدًا لمعاناة المدنيين في قطاع غزة». لكن مصدر مصري آخر نفى ما تردد من أنباء عبر وسائل إعلام عدة عن زيارة مرتقبة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى القاهرة.
من جانبه، أوضح مسؤول قطري أن الدوحة تعمل بالتنسيق مع مصر والمجتمع الدولي لدفع العملية التفاوضية قدمًا.
وأضاف: «نحن نركز على الجوانب الإنسانية في هذه المرحلة، خاصة ما يتعلق بالإفراج عن الأسرى وتخفيف الحصار».
أهالي غزة: تفاؤل حذر وسط المعاناة
في مخيمات النزوح في قطاع غزة، يتابع المواطنون بقلق وحذر ما يجري خلف الكواليس.
يقول أكرم عبدالعزيز، 53 عامًا، أحد سكان مدينة غزة: «سمعنا عن الكثير من الاتفاقات في السابق، لكنها غالبًا ما كانت تنهار بسبب تعنت الاحتلال. نأمل أن تكون هذه المرة مختلفة».
وأضاف أكرم، لـ«عُمان» خلال حديثه: «لا نريد سوى العودة إلى منازلنا بكرامة وأمان. لقد تعبنا من التنقل بين الملاجئ المؤقتة والحياة في الخيام».
وتابع: «نحن نعيش حالة من الانتظار القاتل، فالأخبار تأتي متضاربة. نأمل أن يكون هناك حل قريب يعيد لنا الاستقرار».
عاصم طلال ، شاب جامعي، 21 عامًا، يعبر عن وجهة نظر أكثر تشاؤمًا: «لا يمكننا الوثوق بسهولة بهذه المفاوضات. حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، هناك دائمًا احتمال لانهياره في أي لحظة. نحن نريد سلامًا حقيقيًا، وليس مجرد هدنة مؤقتة».
احتمالات النجاح والفشل
يرى المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، أن نجاح الاتفاق يعتمد على قدرة الوسطاء على تجاوز العقبات الرئيسية، خاصة ما يتعلق بملف النازحين والأسرى.
ويقول الرقب: «إذا استمرت الأطراف في التمسك بمواقفها دون تقديم تنازلات، فمن الصعب أن نرى اتفاقًا قريبًا».ويضيف لـ«عُمان»: «دور الوسطاء مهم جدًا، لكن الضغط الدولي هو العامل الحاسم. إذا شعر أحد الأطراف بأنه يستطيع التهرب من التزاماته دون عواقب، فقد نشهد انهيارًا سريعًا لأي تفاهمات يتم التوصل إليها».
ويوضح الرقب أن الظروف الميدانية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مسار المفاوضات: «الواقع على الأرض معقد للغاية. هناك أزمات إنسانية خانقة، وضغوط على حماس من الداخل، وأيضًا ضغوط على نتنياهو من المعارضة والمجتمع الدولي. هذه العوامل قد تدفع الأطراف إلى تسريع التوصل لاتفاق، لكنها أيضًا قد تُعقد الأمور إذا لم تتم إدارتها بحذر».
على النقيض، يرى المحلل الإسرائيلي، يوسي ميلمان، أن الحكومة الإسرائيلية قد تضطر للموافقة على بعض مطالب حماس، خاصة في ظل الضغوط الدولية.
ويقول ميلمان: «نتنياهو يدرك أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، لكن أي تنازل قد يُفسر كضعف. هذا المأزق هو ما يجعل المفاوضات صعبة للغاية».
ويضيف ميلمان: «إسرائيل تريد تهدئة طويلة الأمد، لكن هناك مخاوف من أن تُستخدم فترة التهدئة لإعادة تسليح حماس. لذلك، فإن أي اتفاق سيشمل آليات مراقبة دقيقة، وهو ما قد يكون نقطة خلاف جديدة».
وفي تعليقه على المرحلة المقبلة، يوضح المحلل السياسي الإسرائيلي المتخصص في قضايا الأمن والاستخبارات والدفاع: «حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن تنفيذه على الأرض سيكون التحدي الأكبر. نحن نتحدث عن وضع هش للغاية، وأي خطأ صغير قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر».
بين الواقع والمأمول
في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية لتحقيق تهدئة في قطاع غزة، يبقى الأفق مليئًا بالتحديات. وبينما يترقب سكان غزة بقلق أي بارقة أمل، يظل النجاح مرهونًا بمدى قدرة الأطراف على تقديم تنازلات متبادلة. وحتى ذلك الحين، يبقى التفاؤل الحذر سيد الموقف.
ولكن، لا يمكن تجاهل تعقيدات الواقع التي تجعل تحقيق تهدئة دائمة أمرًا بالغ الصعوبة. إن استمرار المعاناة الإنسانية في غزة والضغوط الداخلية على جميع الأطراف يُبقي احتمالية انهيار أي اتفاق واردة.
ومع ذلك، فإن الوصول إلى صيغة تهدئة مؤقتة، ولو كانت هشة، يُعد خطوة صغيرة لكنها مهمة نحو تهدئة طويلة الأمد. الأهم الآن هو مدى قدرة الأطراف، بدعم الوسطاء، على إدارة التفاصيل الدقيقة للاتفاق لضمان عدم الانزلاق مجددًا في دوامة الحرب.
وبينما يعيش سكان غزة بين التفاؤل والشك، يبقى الأمر المؤكد هو أن الحاجة إلى حل جذري ومستدام تتجاوز الترتيبات المؤقتة. هذا الحل يجب أن يضمن حياة كريمة للشعب الفلسطيني، مع تحقيق الأمن والاستقرار لجميع الأطراف المعنية، وإلا ستظل غزة رهينة للصراعات المتكررة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التوصل إلى اتفاق فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
اقرأ في عدد «الوطن» غدا .. «تقارير»: مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل تقترب من الحسم
تقرأ في عدد «الوطن» غدًا السبت، موضوعات وقضايا جديدة من وجهات نظر مختلفة، حول الشأنين المحلي والدولي، وإلى أبرز العناوين:
الصفحة الأولى«تقارير»: مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل تقترب من الحسم
جيش الاحتلال يواصل عدوانه.. و«الأمم المتحدة» تدعو للسماح للوكالات الإنسانية بالعمل بحرية فى «غزة والضفة»
«التـأميـن».. ركيزة للاقتصاد وحماية من المخاطر
«الإسكان»: توفير السكن الملائم للمواطنين خطة قومية للدولة«تتضمن 184 قيادة».. أكبر حركة تغيير فى تاريخ المحليات
الصفحة الثانية«التعليم العالى»: 20 جامعة أهلية تقدم برامج دراسية حديثة تواكب متطلبات سوق العمل
«عاشور»: دعم رئاسى لا محدود لإنجاز المنشآت وتجهيزها بأحدث الوسائط التكنولوجية لتقديم تجربة تعليمية فريدة
مباحثات «مصرية - سعودية» لزيادة الاستثمارات فى مشروعات الطاقة
«الزراعة»: إصدار 1109 تراخيص لأنشطة ومشروعات الثروة الحيوانية والداجنة والعلفية
«الصحة» تطلق مشروع الأرشفة المركزية للأشعة
«التدخل السريع» ينقذ مسناً قضى نصف عمره فى الشارع بلا مأوى
الصفحة الثالثةسياسيون: «إعلان القاهرة» لقمة الدول الثمانى النامية يرسم خارطة طريق للتنمية.. وفرصة ذهبية لتأكيد ريادة مصر الإقليمية
وسائل الإعلام العالمية ترصد أصداء القمة.. وإشادة بجهود الدول الأعضاء فى دعم «غزة» ومساندة سوريا
استشهاد 23 فلسطينياً فى غارات إسرائيلية على غزة.. ومستوطنون يحرقون مسجداً شمال «سلفيت»
الصفحتان الرابعة والخامسة«التـأميـن».. ركيزة للاقتصاد وحماية من المخاطر
325.9 مليار جنيه قيمة أصول الشركات حالياً بزيادة 34.6%
81.7 مليار دولار قيمة السوق العالمية لمنصات التأمين الرقمية.. ونمو متوقع بمعدل سنوى مركب 13.8% ليصل إلى 156.0 مليار دولار بحلول 2028
رئيس «اتحاد التأمين»: القانون الجديد سيزيد عدد المتعاملين بالسوق
«التأمين الموحد» نقلة مهمة فى تطوير التشريعات المنظمة للقطاع
«فريد»: نسبة الأقساط للناتج المحلى الإجمالى لا تتجاوز 1% وتغيير الواقع يتطلب مناهج جديدة لزيادة الكفاءة.. وتعزيز دور القطاع المحورى لتحقيق نمو اقتصادى قوى ومُستدام
الصفحة السادسةالنائب أحمد بدوى: لا يجوز تحقيق الأرباح وجنى الأموال على حساب أمن واستقرار الدول
رئيس «اتصالات النواب»: تعديلات قانون تقنية المعلومات تتضمن عقوبات مشددة لمروجى الشائعات ومواجهة المراهنات
حذرنا منصة «تيك توك» من بث محتويات غير أخلاقية واتفقنا على مراجعة محتواه وحجب الأكونتات الخادشة للحياء
نقيب المهندسين: حققنا نقلة نوعية فى ملف المعاشات واستمرار العمل بقانون النقابة القديم يهدر حقوق الأعضاء
طارق النبراوى: نقدم منحاً تدريبية مجانية تشمل التخصصات الجديدة كالذكاء الاصطناعى والهندسة البيئية
الصفحة السابعة
إنجازات «العمل»: خفض البطالة ودعم العمال
ترسيخ ثقافة الأعمال الحرة والتركيز على الحرف ومهن المستقبل
توفير ملايين فرص العمل أدى لتراجع البطالة من 13.3% إلى 6.7%.. وصرف 6 مليارات جنيه منحاً للعمالة غير المنتظمة.. ورقمنة مكاتب العمل فى 27 محافظة
تنظيم 1٫8 مليون دورة تدريبية استفاد منها آلاف المتدربين.. وتحديث ورش التبريد والتكييف فى مراكز التدريب المهنى بالتنسيق مع جهاز حماية البيئة
وزير العمل: ظهور قانون العمل الجديد قريباً وتطبيقه على كل من يعمل بأجر فى مصر
الدولة أنفقت 4.5 مليار جنيه لدعم العمالة غير المنتظمة فى جائحة «كورونا» وإطلاق منصة لميكنة الخدمات بالمحافظات
الصفحة الثامنةالشخصية المصرية والدراما فى عالم متغير
«عاشق سارح فى الملكوت»
«قلوب بيضاء» يتفوق عالمياً فى الفنون الشعبية
طلاب صيدلة يتبرعون بالدم للمرضى: 13 سنة ومكملين