وزير الخارجية والهجرة يعقد لقاء افتراضيًا مع أعضاء الجالية المصرية بأستراليا
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
في إطار الجهود المستمرة لتعزيز التواصل مع أبناء مصر في الخارج، شارك د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة يوم الأحد 22 ديسمبر فى لقاء افتراضي مع أعضاء الجالية المصرية في أستراليا، والذي نظمه السفير/ نبيل حبشي نائب وزير الخارجية للهجرة، بحضور السفير/ هاني ناجي سفير جمهورية مصر العربية في أستراليا، والقنصل العام/ محمد خليل قنصل عام جمهورية مصر العربية في سيدني، والقنصل العام/ هيثم مختار قنصل عام جمهورية مصر العربية في ملبورن.
أكد الوزير عبد العاطي حرص وزارة الخارجية على توفير الرعاية للمواطنين المصريين في أستراليا، مشيراً إلى ان الارتقاء بجودة الخدمات القنصلية للمواطنين والعمل على رفع كفاءتها تتصدر أولويات عمل الوزارة. واستعرض جهود الوزارة لتطوير منظومة العمل القنصلي عبر رقمنة الخدمات القنصلية لتيسير الخدمات والمعاملات القنصلية وتقليص المدة الزمنية للخدمة، موجهاً بتنظيم المهمات القنصلية للمدن الأسترالية لتيسير تقديم الخدمات القنصلية.
أشاد الوزير بالدور الفاعل للجالية المصرية في أستراليا بالمجتمع الأسترالي، معرباً عن اعتزاز الدولة بهم وتعويلها على الدور المشرف الذي يقومون به في تمثيل الوطن، داعياً إياهم على المساهمة الفعالة في العملية التنموية بالوطن، وممارسة حقوقهم الدستورية بالمشاركة في الاستحقاقات الدستورية المختلفة، والحفاظ على التواصل مع الوطن، وغرس مفاهيم الانتماء والوطنية في أبناء مصر من الجيلين الثاني والثالث، وحرص سيادته على الاستماع لاستفسارات ومقترحات المشاركين في اللقاء.
ومن جانبه، استعرض السفير/ نبيل حبشي الفرص الاستثمارية المختلفة والمزايا التي توفرها الدولة للمواطنين المصريين في الخارج، والخطوات التي تم اتخاذها منذ ضم وزارة الدولة للهجرة (سابقاً) إلى وزارة الخارجية لتطوير مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في الخارج وتعزيز التواصل معهم، من خلال استعراض أهم نتائج النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين في الخارج الذي عقد في شهر أغسطس الماضي، وتوضيح مختلف الآليات المستحدثة لتيسير التواصل مع أبناء الوطن بالخارج عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أشار نائب وزير الخارجية إلى المبادرات المختلفة التي تم استحداثها لخدمة المصريين بالخارج مثل إتاحة التحويلات من الخارج عبر تطبيق "انستاباي"، والتنسيق الجاري مع البنك المركزي لتقديم المزيد من الخدمات المصرفية للمصريين في الخارج، فضلاً عن المشروعات الجاري التنسيق بشأنها مع وزارة الإسكان وجهات الدولة المختلفة لتوفير وحدات سكنية، وأراضي للمصريين في الخارج بأسعار تنافسية. كما سلط الضوء على توجيهات السيد وزير الخارجية والهجرة بتقديم كافة التسهيلات لأبناء مصر في الخارج من الجيلين الثاني والثالث من الراغبين في زيارة مصر للتعرف على الثقافة والحضارة المصرية العريقة، بجانب الاطلاع على أهم المشروعات القومية والإنجازات التي حققتها الدولة في مختلف المجالات، تعزيزاً لروح الانتماء لدى النشء المصري ودعم دورهم المحوري في الترويج لمصر كواجهة سياحية واستثمارية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الخارجية الخارجية والهجرة د لقاء افتراضيا أعضاء الجالية المصرية أستراليا عبد العاطي وزارة الخارجية المجتمع الاسترالي وزیر الخارجیة والهجرة فی أسترالیا التواصل مع فی الخارج
إقرأ أيضاً:
الدولـة وتـحـدّي العـولمـة
على أنّه ليس الاجتماعُ العصـبـويُّ الانقسـاميُّ هـو كـلَّ ما يتهـدّد بناءَ الدّولـة الوطنـيّـة من عـوامل. صحيحٌ أنّه أشـدُّ تلك العوامل في الدّاخـل فـتكًا بسلطان الدّولة المركزيّ، وتضييـقًا على وَلايتـها السّياسيّـة على المجتمع والشّـعب، وتمـزيقًا للنّسيـج الاجتماعيّ والوطنيّ، وخاصّـةً حين يبلُغ انكفـاءُ العصبيّات على نفسها حـدَّ الشّعور بقـدرة الواحدة منها على الاستـقلال بكيانها،
أو على بسط سلطانها على غـيرها، وتوسُّـلِ السّلاح والمؤسّسات المليـشياويّة سبيلًا إلى ذلك. وصحيحٌ أنّ عـوامل الدّاخل هي العوامل الأساس في إنتاج ظاهـرةٍ أو حالـةٍ اجتماعيّـة وتـقريرِها؛ مع ذلك، ينبغي أن لا نتجاهل الآثار الحاسمة التي تعود إلى العـوامل الخارجيّـة في تشكيل الظّـواهـر والأوضاع والمؤسّسات في عالم اليوم، بدعـوى أنّ انتحالَ مثـل هـذا التّعليل يقـود إلى التّحلُّـل، أو إلى التّمـلُّص، من واجـب نقـد الدّاخل الاجتماعيّ والسّياسيّ، وتعليـقِ مشكلات ذلك الدّاخل وأزْماته على «شـمّاعـة الخارج»؛ كما بات يُـقال اليوم في بعضِ الخطـابِ النّـقـديّ. ولعلّ هذا الخطاب يَـذْهل عن حقيقـة جنوحـه، بهـذا الكـلام، للتّـستّـر على مسؤوليّـاتِ خارِجٍ متـغـلِّـبٍ ووضْـعِها، بدلًا من ذلك، على ذمّـةِ داخـلٍ قد يكُون وهْـنُـه ثمرةً من ثمرات مغلوبيّـتِه وسطوةِ خارجِه عليه. والحقُّ أنّ التّـشديد على مركـزيّـة العامل الخارجيّ في تكوين الأوضـاع والظّواهر يُـبرّرُه انتصـابُ حقيـقـتيـن/آلـيّـتـين كبيرتـيْـن في العالم المعاصر، وفي العلاقات بين مكـوّناته من مجتمعاتٍ ودولًا:
أولاهـما أنّ فعْـل العامل الخارجيّ زاد أثـرًا في قضايا أيِّ مجتـمعٍ منذ أمكن للنّظام الرّأسـماليّ أن يتـخطّـى حـدوده القـوميّـة فيصير عـالمـيّـًا، من جهـة، ومنذ أنِ انـتـهتْ رسْـملة العالـم - بأيـدي الاستـعـمار- إلى إلحـاقٍ كامـلٍ لبِـنَى المجتمعات والبلـدان المستعـمَرة بالبِنى الميتْـروپـوليّـة الرّأسماليّـة من جهـة ثانيـة. هكذا شرعت حقائـقُ الدّاخل الاقـتصاديّـة والاجتماعيّـة، في أيّ مجتـمعٍ، تـتـقـرَّر من قِـبَـل خـارجٍ (ميتـروپـول) متـحكِّـم في مجمـل النّـظام الاجتماعيّ- الاقـتصاديّ لذلك المجتمع التّابـع. إنّ هـذه اللّحـظة العالميّـة للرّأسمـال - التي أنجبـت نظـام التّـبعـيّـة - هي التي آذنـتْ بقيـام عـلاقـةٍ جديدة بين عـوامل الخارج وعـوامل الدّاخـل صارت فيها الأخيـرةُ تَـبَـعاً للأولى، وخاضعـةً لأحكامها. وهي علاقـة تَـعَـزّزت بمفاعيـل قيام نـظامٍ مؤسّـسيّ دولـيّ (= الأمـم المتّـحدة) ومنظـومةٍ قانونـيّـة ملازِمـة؛ حيث بات على الدّاخـل الاجتماعيّ والسّيـاسيّ في أيّ بلـد أن يخضـع للكـثير من أحكـام ذينـك النّـظام والقـانـون.
ثانـيهـما أنّ فعْـل عـوامل الخارج يَـتحـوّل، مع تـواتُـرِه وانـتـظامـه المطّـرد، بفعـل تَـعاقُـب الزّمـن، إلى فِـعْـلٍ أشبـه ما يكـون بالدّاخـليّ. بيان ذلك أنّـه حين تَـنْـحكم أوضـاعُ الدّاخـل بعـوامـل من خارجٍ تصير هـذه العـوامل في حُـكم الدّاخلـيّـة؛ لأنّـها هي التي تـقـرِّر عمليّـة التّـطـوّر، باستـمرارٍ، وعلى نحـوٍ يبـدو معه أنّ فـعْـل العامـل الدّاخـليّ ليس أكـثر من استجـابـةٍ آليـةٍ لفـعل العامـل الخارجيّ. ولئـلاّ يُـفْـهَم من هذا أنّـنا نُسْـقط من الحسبان استـقـلاليّـة فعل العامل الدّاخـليّ،
نـقـول إنّ ثـنائـيّة الدّاخـل/ الخارج تـتغـيّر شكـلًا، في مثـل هـذه الحال، فلا تعـود ثنائـيّةَ حـدَّيْـن متـخارجيـن لا وشيجـة تقـوم بيـنهما، بـل يقـع تَـدَاخُـلٌ مفـتوحُ الجانبيـن بين حـدّيْـها، فيصبح الخارجُ - حـينها - داخـلًا والدّاخـلُ خارجـًا. وما من شـكٍّ في أنّ هـذه اللّحظـة من العـلاقة بينهما هي التي أسّـست لها العـولمـةُ وآلياتُـها حين أجـبَرتِ العالـم على أن يصير ساحـةً مفـتوحةً لكـلّ أنـواع الاستـباحـة والاستـباحة المضادّة، من غير أن يحْـتاز من أسباب الحمايـة ما كـان يملـكـه في الماضي لصـوْن الاستـقلال والسّـيادة.
العولمـة، اليـوم، هي ذلك العامـل الخارجيّ الذي ينـتصـب عائـقًا أمام قيـام دولـةٍ وطنيّـة أو، قُـلْ، أمام استـكمال أَظْـهـرِ شروط كـينونـتها: السّيادة الوطنيّـة. إذا كان يمكن أن نـفهم ظاهـرة الحـدّ النّـسبيّ من الاستقـلاليّـة التّـامّـة لأيّ دولـةٍ في العالم، من خـلال سريان مفـعول قـانون التّـعاوُن بينها وبلـوغِـه، أحيـانًا، عـتبة الاعـتماد المتبادَل، - وهذا من الظّـواهر المحمـودة التي فرضتها حقائقُ التّـعـقُّـد والتّـشابُـك بين المصالـح - في عالم اليوم - فإنّ فـقـدان تلك الاستـقلاليّـة جملةً (في القرار الوطنـيّ)، وفـقـدان السّـيادةِ معها لا يُـبقي لدولـةٍ من نفسها إلاّ اسـمَها؛ وذلك، بالـذّات، ما يقـع لكـلّ دولـةٍ وطنـيّـة صغرى في العالم اليـوم. والأَطَـمُّ من طامّـة مصادرةِ السّـيادة واستـقلالـيّةِ القرار الوطـنيّ أنّ بعض تلك الدّول الصّـغرى يجد نفسـه، اليـوم، عرضةً لعمليّـة تفـكيكٍ كيانيّ جديدة، ضمن هندسـة أنـثـروپـو- سياسيّـة جديـدة مَبْـناها على تفـجير تناقضـات الاجتماع العصـبـويّ الانقسـاميّ، وإعادةِ تركيبـه على أساسِ تـكويـن دويـلاتٍ على مـقاس عصبـيّـاتـه،
أو تأليفِ سلطـةٍ مركَّـبَـةٍ من تلك القـوى العصـبـويّـة تخـتصُّ كـلٌّ منها بحصّـةٍ من تلك السّـلطـة! ولقد كان الوطـن العربيّ عرضـةً للعمليّـتـيْـن معـًا منذ مطلع هذا القرن: تَمَـزَّق سودانُـه إلى دولتـيْـن قامت ثانيـتُـهُـما (في جنوبـه) على مبـدأ الدّيـن؛ وتَـوَزَّع عِـراقُـه بين جماعـاتٍ ثلاث تقاسمـت - بموجب دستور پـول بريـمر- السّلطـة فيه على أساسٍ أقـواميّ (= الكـرد) وعلى أساسٍ مـذهـبيّ (شيعة وسنّـة)، وما خفـيَ أعظـم!
وكمـا أنّ عـوامل الخارج وعـوامل الدّاخل بات يَسـتـدعـي بعضُهـا بعـضًا، في عصـر العـولمة، حتّى ما عـاد يسْـهُـل التّـفريقُ بيـنها أو تمييـزُ أنصبـةِ كـلِّ واحـدٍ منها في ما يجـري، كذلك الصّـلةُ بين العـولمـة والتّـفـكُّـك الاجتماعيّ والسّـياسيّ الدّاخـليّ. تبـدو صلةُ الارتباطِ هـذه شاذّةً ومجافيـة لمنطـق كـلٍّ من الحـدّيـن؛ إذْ منطـق العـولمـة هو التّـوحيـد، فيما منطق التّـفكّـك هو الذّهـاب بالجـزء الواحـد إلى أجـزائـه الأصغـر. هذا في الظّـاهر فقـط، لأنّ منطق العولمـة هـو، بالتّـعريف،
توحيد العالـم بعـد تـفكيكـه على نحـوٍ يكون فيه ذلك «التّـوحيـد» إعـادةَ تركيبِ ما تَـقَـسَّم على منـوالٍ جديد! هذه عمليّـةٌ جارية في أصقاع عديدة من العالم منذ ثـلث قـرن، وكان ضحاياها أكثر من مجتمعٍ ودولة، وسيكون لها ضحايا في المستـقبل، ولم يكـد يُـفْـلت منها سوى الدّول الكـبرى التي باتت شريكـة لدول الغـرب في صناعة حقائـق العـولمـة.
التّحديّاتُ عظيمةٌ، إذن، أمام إرادة بناء الدّولة الوطنيّـة: من داخـلٍ مزدحمٍ بأنواع المقاومات الاجتماعـيّة والثّـقافـيّـة التّـقـليديّـة؛ ومن خارجٍ مدفوعٍ إلى أبعد نقطةٍ من جنون الهيمنة. وليس عليها - وعلى مَن يحملون مشروعها - سوى مقاومة فِعْـلَ هذيْن الفاعليْن والإصرار على الاستمرار في المشروع.