وزير الإعلام السوري لـعربي21: سنعزز الحريات ونعيد هيكلة مؤسسات النظام
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
قال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال السورية، محمد العمر، إن حكومته ستعمل على تعزيز الحريات العامة في البلاد، وستقوم بإعادة هيكلة للمؤسسات الإعلامية القديمة بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوري.
وأضاف العمر في لقاء خاص مع موفد "عربي21" أن العمل جار على إعادة تقييم الخبرات والكفاءات الموجودة، بهدف "إعادة الانطلاق من جديد بالمؤسسات الإعلامية لنعيدها إلى الشعب السوري لتلبي تطلعات شعبنا بإعلام حر وشفاف".
وشدد المسؤول السوري على أن "النظام المجرم استأثر بالمؤسسات الإعلامية السورية لطمس إجرامه الذي ارتكبه ضد الشعب السوري"، مؤكد البدء بإعادة "هيكلة المؤسسات الإعلامية، وبدأنا بوكالة سانا الرسمية التي عادت إلى العمل وهي في طور التطور".
ولفت إلى أن فرقا إعلامية "باشرت عملها وسيكون هناك فترة تجريبية للانطلاقة الجديدة كي يتم لاحقا تفعيل المؤسسات الإعلامية بشكل كامل".
وقال: "وجدنا مؤسسات إعلامية ذات تقنيات قديمة ومترهلة ولم تكن شاملة للطاقات الإعلامية، ونطمح للتعاون مع الإعلاميين السوريين الموجودين في كل دول العالم وفي الداخل".
وتعهد العمر بتعزيز حرية الصحافة والتعبير في البلاد قائلا: "حرية الصحافة لم تكن موجودة في سوريا وأي شخص يعارض رواية النظام يتم التعامل معه بشكل أمني (..)الإعلام الدولي والإقليمي لم يكن مسموحا له بالعمل له في عهد النظام المخلوع ما لم يطابق سردية النظام".
وأضاف: "سنتيح المجال لكل وسيلة إعلامية ترغب بنقل صوت السوريين ما لم يتعارض ذلك مع سيادة سوريا وتماسك النسيج الاجتماعي المتنوع لدينا (..) في سوريا المحررة سنحاول خلق بيئة عمل محفزة لممارسة العمل الصحفي الحر". مضيفا: "تجربتنا في شمال غرب سوريا كانت شاهدة على ذلك".
وتتوالى التعيينات في الحكومة السورية الجديدة التي بدأ تشكيلها في أعقاب سقوط النظام السابق.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية محمد العمر المؤسسات الإعلامية سوريا سوريا نظام الأسد المؤسسات الإعلامية محمد العمر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
عن تجربة الطاهر التوم الإعلامية
شهدت لقاء الطاهر التوم المنشور قبل أيام، ولم أزدد إلا يقيناً وشواهداً بأن الرجل كان له الفضل في إحداث نقلة نوعية في الإعلام السوداني لم يحدثها شخص مثله، والخلاف السياسي مع مواقف الرجل لا يستطيع إلغاء هذه الدعوى ولا التأثير عليها! وأنا هنا لا أتكلم عن القدرة البيانية والبلاغة الخطابية للطاهر التوم “كإعلامي ومقدمي البرامج الحوارية”، وإنما اتحدث عن الطاهر التوم “كمدير إعلامي” و/أو “عقل إعلامي”.
أحسب أنني كنت من أكثر المتابعين للقاءات الطاهر التوم منذ العام 2014 وبرامج الطاهر على قناة النيل الأزرق قبل انتقاله إلى سودانية 24. وأعتقد أن لقاء الطاهر الأخير هو توثيق وتأريخ لتجربته الطويلة والواسعة في الإعلام السوداني. فالطاهر التوم هو أهم من وثق إعلامياً لحياة وتجارب أبرز رموز السياسة والفكر والفن والأدب السوداني (من كل الأطياف) في العشرين سنة الماضية. وبرنامجه الذي كان يحمل اسم “مراجعات” في قناة النيل الأزرق والذي استمر لأعوام أكبر شاهد على هذا الأمر، بل أعتقد أن برنامج مراجعات والذي تحول لاحقاً ل “صالون سودانية 24” أفضل بمراحل من برنامج أسماء في حياتنا لعمر الجزلي. بل فتح الطاهر المجال والابواب لمهارات واعدة مثل غسان علي عثمان ولعبة قناة سودانية 24 دوراً مركزياً في توفير منصة متميزة لغسان عبر برنامج “الوراق” الذي استمر لقرابة السبعة أعوام من التوثيق الفكري والثقافي لأهم الأدبيات والكتابات في التاريخ السوداني بكل جوانبه. وأحسب أن المتابع لقضايا الفكر والسياسية السوداني لابد أن يكون للطاهر التوم لهذا التوثيق الواسع عبر برنامج “مراجعات” و “صالون سودانية 24” ولتوفير منصة لبرامج جادة أخرى مثل “الوراق.
أعتقد أن هنالك ميزتان في الطاهر جعلته ينال هذا الحظ والمكانة في تاريخ الإعلام والنشر السوداني، أولها قدرته على الفعل وعلى تحويل الأفكار إلى واقع. ففكرة التوثيق إعلامياً لتجارب رموز الفكر والسياسة هي فكرة معروفة ومنتشرة في كل العالم، لكن الطاهر كان هو الإعلامي الذي حول هذه الفكرة لإنجاز حقيقي. الصفة الثاني، والتي لا تقل أهمية عن الأولي، الاستعداد النفسي لسماع الآخر (السياسي والفكري) ومجادلته وتوفير منصة أو فرصة لعرض أفكاره للناس والجمهور، وهذه والله صفة عزيزة جداً في الواقع السوداني المليء بضعاف النفوس الذين لا يستطيعون أن يستمعوا إلا لأصواتهم أو أصوات من يتفقون معهم فكراً، وديل والله كثر جداً في واقع الفكر والسياسة في السودان!
من زاوية تانية، الطاهر التوم هو أول من ابتدر فكرة مناقشة الأحداث السياسية والاجتماعية الكبرى التي كانت تشغل الرأي العام بصورة راتبة وفيها درجة جيدة من تمثيل كل وجهات النظر (مع أنه في بعض المرات كان يقوم باختيار ضيوف ضعيفين في تمثيل وجهة النظر التي لا يتفق معها) في صورة حوار جادي. وكان يقوم بذلك بصورة أسبوعية في قناة النيل الأزرق، ثم طور البرنامج بشكل موسع وأكثر احترافية وجدية وبصورة شبه يومية في برنامج “حال البلد” في سودانية 24. ويمكن للمرء أن يقارن درجة حيادية الطاهر التوم (في زمن ديكتاتوري) وكيف وقدرته على استضافة متحدثين من كل الاتجاهات المعارضة ومسألته الجريئة للحكومة التنفيذية في عهد الإنقاذ، بحيادية تلفزيون السودان في الفترة الانتقالية تحت سلطة “قحت” ولقمان الذي كان مسؤولاً عن قناة السودان، والذي كان لا يستضيف إلا أعضاء الحكومة أو قوى الحرية والتغيير في مناقشة القضايا الخلافية! في هذا السياق أيضاً، فالطاهر التوم كان من أوائل الإعلاميين السودانيين الذين حرصوا على الرد بصورة مباشرة على تجاوزات الإعلام الخارجي (المصري/الخليجي) عندما يتم السخرية من السودان و/أو السودانيين.
من زاوية ثالثة، فسلسلة لقاءات “المنتدى الاقتصادي” التي كانت تنظمها قناة سودانية 24 والتي استمرت تقريباً لعامين من 2017-2018 وعقدت أحد عشر لقاءً، وكان الطاهر التوم مقدما لبعض هذه اللقاءات، تعتبر من أفضل الأمثلة على المنتديات القومية الدورية التي كانت تناقش الأحداث الاقتصادية الكبري التي تهم مستقبل الاقتصاد السوداني مع توفير منصة للمتخصصين من “مختلف الاتجاهات” لعرض بضاعتهم وأفكارهم. وبالإضافة إلى الاستمرارية والضيوف المهمين أصحاب الثقل الرمزي والفكري، فمن أهم المميزات في سلسلة اللقاءات دي أنها جمعت بين مناقشة القضايا المستقبلية والمهمة من جهة، والقضايا الاقتصادية الراهنة والساخنة من جهة أخرى، ولم تكن مشغولة كلياً بتناول قضايا اقتصادية ذات طابع واستقطاب سياسي ساخن كل الوقت حتى تجذب المشاهدين وتزيد عدد المشاهدات، لذلك فقد كانت هذه اللقاءات من أميز المشاريع الاستراتيجية المستقبلية. تجربة المنتدى الاقتصادي لم تستمر بعد التغييرات التي طرأت في سودانية 24 بعد الثورة، ولم تستطيع أي جهة أخرى منذ العام 2018 إطلاق تجربة مشابهة لها في الإعلام السوداني.
أيضاً، من أهم المساهمات المركزية للطاهر التوم والتي تعرفت عليها من غسان علي عثمان ومن لقائه الأخير هو تجربته الرائدة في تأسيس “هيئة الخرطوم للثقافة والنشر” التي أضافت للمكتبة السودانية كتب مركزية من أهمها كتب البروف العمدة عبد الله علي إبراهيم، ومشروع نشر 1000 كتاب في الثقافة السودانية. أخيراً، النقلة النوعية التي أضفتها قناة سودانية 24 في الإعلام السوداني (من ناحية جودة التصوير) ونوعية البرامج والتفاعل عبر المنصات المختلفة كان للطاهر التوم فيها مساهمة كبيرة إن لم تكن مساهمته هي الأهم.
أخيراً، فالمشكلة الأولي في الطاهر كانت في طبيعة التحالفات والاصطفاف التي قرر الوقوف معها في الأوقات المصيرية من حراك ديسمبر، مع أنه حاول في اللقاء الأخير تبرير تلك المواقف بالتوسل ب”الحكمة بالأثر الرجعي” وأنه ما نراه اليوم من الواقع كان قد تلمسه منذ ذلك الوقت، وبناء عليه قام بذلك الاصطفاف وتلك المواقف. أما المشكلة الثانية والأهم، أن الطاهر التوم بعد ثورة ديسمبر ترك كل ذلك الإرث الواسع والمساهمات الإعلامية غير المسبوقة، ووقع في شرك “الإعلام السياسي” المشغول بالخصومة السياسية والانتصار على الخصم السياسي، فانتقل الطاهر من موقع “الإعلامي” إلى موقع “السياسي”، وإن توسل في فعله السياسي بالإعلام وأدوات الإعلام. وبذلك يكون خصومه قد نجحوا في اخراجه من دائرة تميزه وجره إلى “دافوري السياسة السودانية”!
أتمنى مثل غيري ممكن استفادوا من تجربة الطاهر الرائد، أن يقوم الطاهر بتعديل هذا المسار المهني الجديدة، والعودة ولو جزئياً أو تدريجياً إلى الطاهر “الإعلامي” صاحب المبادرات التوثيقية والبرامج الاستشرافية الفذة.
خالد عثمان الفيل
إنضم لقناة النيلين على واتساب