يكشف ملف قضائي تعرضه محكمة الجنايات الإبتدائية بدارالبيضاء في نهاية الشهر الجاري، عن تفاصيل مثيرة. ارتبطت بوقائع خطيرة ارتكبها المتهم الوقوف ” بلحساني يعقوب. راح ضحيتها هذه المرة شخصيات ثقيلة، منهم برلمانيون. وقضاة أعضاء بالمجلس الأعلى للقضاء وبالمحكمة الدستورية،بالإضافة إلى إطارات سامين وموظفين بهيئات رسمية في مقدمتهم وزارة التضامن.

حيث كان المتهم يمتهن النصب، من دولة اليونان منتحلا تارة صفة مدير التشريفات برئاسة الجمهورية تارة وتارة أخرى منتحلا صفة عقيد في بالأمن الخارجي، حيث يراسل ضحاياه عبر تطبيقة ” واتساب” ورسائل ألكترونية، موهما إياهم بتقلدهم وظائف حساسة وهامة بالدولة، ثم يطالبهم بإرسال له، مبالغ مالية بقيم متفاوتة، بالعملتين الوطنية والصعبة ، قبللا أن ينكشف أمره وتلاعباته التي جنى منها ثروة بطريقة احتالية تمكن رجال الأمن من فك لغزها في الوقت المناسب.

وفي ملف الحال يتابع “بلحساني يعقوب ” 25 سنة، المنحدر من منطقة الغزوات لولاية تلمسان ، “بن هني محمد”، عسكري ينحدر من ولاية تيارت “بوعنيفة نضال” القاطنة بولاية سكيكدة، بجناية عرقلة سير المؤسسات العمومية أو الاعتداء على أعوانها وممتلكاتهم أو عرقلة تطبيق القوانين والتنظيمات، النصب استعمال لقب متصل بمهنة منظمة قانونا حددت السلطة العمومية شروط منحها وجنحة التهديد.

كما يتأسّس في القضيّة ما لا يقلّ عن 7 أشخاص كأطراف مدنية  ، من بينهم برلمانيون بالمجلس الشعبي الوطني ويتعلق الأمر بالبرلماني المدعو “خ. توفبق” و” النائب ” ع.مارية”، و” ب.محفوظ، ، إلى جانب قضاة وأعضاء بالمحكمة  الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء كل من “ع. فتيحة”، وبالإضافة إلى موظفين وإطارات بوزارات  بهيئات رسمية.

“وقائع وتفاصيل نصب واحتيال”

تعود وقائع إلى غضون شهري جويلية وأوت من سنة 2022، حيث قام المدعو ” بلحساني يعقوب” بإرسال رسائل إلكترونية لمختلف الإطارات منتحلا صفة مدير التشريفات برئاسة الجمهورية تارة وتارة أخرى منتحلا صفة عقيد في بالأمن الخارجي.

حيث كان المتهم يوهم ضحاياه بتوليهم مناصب هامة وحساسة، وبالمقابل يلحّ عليهم إرسال ملفاتهم الإدارية له عبر تطبيقة “واتساب”، وبطريقة مستعجلة من أجل تعيينهم في تلك المناصب،مع طلبه إرسال مبالغ مالية بقيم مختلفة عبر حسابات بريدية تابعة لمؤسسة بريد  الجزائر وأخرى بالعملة الصعبة.

وباشرت المصالح الأمنية فتح تحقيق قضائي ضد ” بلحساني يعقوب”، انطلاقا من سماع الضحية  النائب البرلماني مكلف بالجالية الوطنية في الخارج ” خ.توفيق”، مصرحا المعني أنه بتاريخ 4 سبتمبر 2022، وخلال حضوره فعاليات افتتاح  جلسة أشغال المجلس الشعبي الوطني في دورته العادية، تلقى مكالمة هاتفية من الخارج عبر تطبيقة ” واتساب” من ضخص قدم نفسه على أساس أنه اللواء ” ك.جمال الدين” المدير العام للأمن الداخلي وأنه اتصل به من مكتب رئيس المجلس ” بوغالي” مبلغا إياه أن المخابرات الخارجية أخبرته با،ه سوف يتغيب عن الإففتاح لتواجده بالخارج ثم أقفل الخط، ليعاود الإتصال به مجددا طالبا منه إسداء خدمة للوطن، من خلال دفع مبلغ مالي يقدر ب 500 أورو،بصفة مستعجلة لجهة معينة باليونان قصد تحرير أعوان يشتغلون لصالح المخابرات الجزائرية بالخارج، على أساس أن المخابرات المغربية هي من ألقت القبض عليهم، كما يحتاج  هذا المبلغ دون دون المرور على القنوات الرسمية.

مضيفا أنه طلب  منه مقابلة هذا الشخص لكنه تحجّج بأنه غير متواجد في الجزائر وأنه يمكنه مقابلته بعد أسبوع ، وبعد مضي 3 ايام أعاد الإتصال به من رقم دول خاص بدولة اليونان لكنه لم يتكلم مع المتصل.

حيث وبتاريخ 24 أكتوبر 2022، تقرر ضم ملف اخر للضحية ” ليلى .ع” عضو بالمحكمة الدستورية عبر مراسلة من نيابة الجمهورية على إثر تلقيها مكالمات من طرف المتهم.

وفي نفس الملف تعرضت الضحية المسماة  “ع.مارية” نائبة برلمانية، والعضو في لجنة المالية، حيث أفادت أنها بتاريخ 16 أكتوبر 2022، من رقم ثابت من أمانة ولاية الجلفة، وطلب منها أن ترد عليه فورا عبر تطبيقة ” واتساب”، وتضمنت الرسالة  تويقيع باسم ” عبد العزيز خالف” مدير الديوان برئاسة الجمهورية، حيث وبمجرد قرائتها الرسالة رن هاتفها وبدى أن الشحص المتصل محترم،وأخبرها أنه مكلف من طرف رئيس الجمهورية لأختيارها للذهاب برفقة عائلتها في مهمة رسمية إلى ألمانيا، وهذا بعد بموافقة جهاز المخابرات، ولما سألته عن سبب هذا الإختيار أجاباها أنه بسبب سمعتها الجيدة ومداخلاتها الرائعة في البرلمان، كما أطلعها بأنه على معرفة تامة بتفاصيل عائلتها، وطلب منها أن ترسل له نسخ من جواز سفرها وجواز سفر زوجها وأولادها أيضا، مع جواز سفر أي شخص مؤهلا لكي ينوب عنها في هذه المهمة.

مضيفة أنها أرسلت له جواز سفر زميلها بالجامعة،وكل الوثائق المطلوبة، كما طلب منها أن تزوده بالشهادات المتحصل عليها، منها محضر تنصيبها بالبرلمان، وقالت أنها لما  وصلت إلى مقر المجلس توجهت إلى مديرية الموظفين وطلبت منهم استرجاع جواز سفرها فأخبروها بأنه لا يمكن ذلك لانه محجوز لسفرية رسمية، فقامت بربط هذا الرد ببنفس الشخص طنا منها أن الأمر يتعلق بنفس المهمة.

وأضافت الضحية أنه بنفس اليوم تلقت اتصالا أخر طالبا منها أرسال الوثائق المطلوبة لتكون ممثلة للجزائر في القمة العربية، فأرسلت له كل الوثائق، بما فيه مضحر تنصيبها بالبرلمان، وفي أمسية نفس اليوم طلب منها إرسال له رسوم اإلإعتماد المقدرة ب 3 ألاف أورو عنها وعن النائب عنها في المهمة، ولدى استفسارها منه باعبار ان الدولة هي تتكفل بهذه المصاريف أجابها أن السبب يكمن في صعوبة تحويل الأموال الخاصة بالمهمات للخارج، وأجابته بأنها سوف تتصل بوزارة الخارجية للاستفسار حول هذا الأمر إلا أنه رفض على أساس أن المخابرات لا تتعامل مع وزارة الخارجية.

وقالت الضحية النائب أنها أخبرته بأنها بصدد االسفر إلى تركيا في مهمة رسمية، فوردت إليها مكالمة هاتفية في ليلة نفس اليوم منن دولة تركيا عب  واتساب تحمل صورة  السفير الجزائري هناك ” م.سفيان” رفقة رئيس دولة تركيا مع رسالة محررة باللغة الفرنسية مضمونها ” عزيزي المستشار الديبلوماسي السيدة “ماريا.ع” بناء على تعليمات السلطة العليا للبلاد في انتظار حضوركم لتركيا، وأطلب منكم اعلامي بتاريخ وصولكم وتاريخ مغادرتكم، وبعد هذه الرسالة اتصل بها نفس الشخص وأعلمها أن سفير الجزائر بتركيا أرسل لها رسالة ترحيب وأعلمته بذلك، وهنا بدأ المتههم بإقناعها بقبول مهمة السفر إلى ألمانيا مقابل امتيازالت كبيرة، فطلبت منه أن مقابلته رسميا، كما أعربت عن شكوكها في شخصه، فطلب منها مقابلته غذعلى الساعة 9 صباحا برئاسة الجمهورية في اليوم الموالي على أساس أنه مدير ديوان رئيس الجمهورية، ثم بعدها أرسل لها رسالة أخرى يطلب منها تأجيل الموعد إلى غاية الساعة الثالثة زوالا، ولدى اتصالها بمصالح ولاية الجلفة للاستفسار عن هوية المتصل فأخبروها أنهم هم من قاموا بتسليم رقمها له، فقامت بالإتصال مباشرة بسفير الجزائر بتركيا وأعلمته بأمر الرسالة التي تلقتها منه، فأجابها بأنه لم يقم بإرسال أي رسالة،وعليه قمت تقرير مفصل لدى رئيس المجلس الشعبي الوطني.
وفي نفس القضية تم تبليغ أودعت القاضية والعضو بالمجلس الأعلى للقضاء للسماع أليها خذحول التقرير المرفوع للنائب العام لدى المحكمة العليا ، وبخصوص شكوى أخرى قدمها المدعو ” ر.جمال” رئيس الديوان بوزارة التضامن المودعة ضد نفس الشخص.

والجدير بالذكر فإن المتهم ” بلحساني يعقوب” معاقب ب 10 سنوات حبسا نافذا في قضية مشابهة تم عرضها بالقطب الجزائي المتخصص بالجرائم الإلكترونية بمحكمة دار البيضاء قبل أسابيع من الأن.

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: محاكم برئاسة الجمهوریة بلحسانی یعقوب على أساس أن منها أن

إقرأ أيضاً:

من قتل جلحة الجنرال المشاغب في الدعم السريع ولماذا يصمت الجيش السوداني؟

الخرطوم- لا يزال السودانيون يتداولون الحكايات والسيناريوهات المختلفة عن مقتل القائد الميداني البارز في قوات الدعم السريع، رحمة الله المهدي، الشهير باسم "جلحة"، الذي لقى مصرعه بالخرطوم يوم الثلاثاء الماضي.

ويُعتبر "جلحة" واحدا من أشهر قادة الدعم السريع، بحيث كان يتنقل بقواته من مختلف المحاور بين الخرطوم والجزيرة وكردفان، وينشط بشكل لافت على وسائط التواصل الاجتماعي.

في هذا التحقيق، تحاول الجزيرة نت الوقوف على الروايات المختلفة عن مقتل "جلحة" المثير للجدل، حيث يقول مراقبون إن العملية تمت بأسلوب المافيا في تصفية المنافسين. وثمة من تحدث عن خفايا اتصالات بين "جلحة" والجيش ومن قام بدور الوسيط في هذه الاتصالات.

وثمة تفاصيل كثيرة عن الخلاف بين جلحة والرجل الثاني في قوات الدعم السريع وهو الجنرال عبد الرحيم دقلو شقيق قائدها محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي".

#جلحة
28 يناير 2025م

أعلنت عناصر من #مليشيا_الجنجويد خبر وفاة رئيس حركة شجعان #كردفان والمنضم ل المليشيا جلحة رحمة الله في إحدى المعارك مع الجيش.

وحقيقة الأمر أن جلحة إنسحب من محاور الجزيرة مع عدد من قواته إلى مدينة #بارا وظل يتردد بين بارا و #أم_روابه إلى قبل أيام قليلة
(1\2) pic.twitter.com/z0sHLkMGkV

— أخبار شرق كردفان (@EastKordofan) January 28, 2025

تساؤلات عن قتله

يوم الثلاثاء الماضي، نعى بعض قادة قوات الدعم السريع الجنرال رحمة المهدي "جلحة". لكن لم تكن الكلمات كافية لإزالة اللبس حول غياب الجنرال المثير للجدل حيث قفزت تساؤلات عن كيف وأين أدرك الموت "جلحة"؟

إعلان

وقبل أن يجد الناس إجابات عن أسئلتهم، كانت رواية أخرى تقول إن جلحة تعرض للتصفية على أيدي رفاقه في الدعم السريع إثر خلافات لم تكن مخفية بين الرجل الذي يعشق الظهور في السوشيال ميديا والحركة المسلحة التي يتحرك قادتها بحذر وفي صمت حتى تحسبهم أمواتا.

بدايات مشاغب

من فراغ البادية العريض، برز الشاب النحيل رحمة المهدي المعروف بـ"الجنرال جلحة". ويحاول الكاتب الصحفي محمد حامد جمعة فك شفرة البدايات للقائد المشاغب ويقول للجزيرة نت، إن جلحة لم يتلقَّ تعليما نظاميا، لكنه ظهر مع المناخ الذي أعقب اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الحكومة السودانية وقت ذاك والحركة الشعبية بقيادة دكتور جون قرنق في عام 2005، والتي شجعت بما جلبته من منافع لجنوب السودان من تنامي تيارات مطلبية خاصة في المناطق المنتجة للبترول في جنوب وغرب كردفان.

هنا يقدم "جلحة" نفسه باعتباره قائدا لحركة أسماها "شجعان كردفان"، وفي روايات أخرى يقدم نفسه قائدا لقوات "التدخل السريع"، والتي تملك جيشا جرارا يمكن أن يخوض حروبا عابرة للدول والقارات.

وهذا الزعم يصفه مصدر أمني بـ"الوهم". ويقول المصدر للجزيرة نت إن جلحة لم يكن يملك قوات ضخمة بل قوته لم تتجاوز الـ200 فرد في أفضل الأحوال.

بندقية للإيجار

من بوادي كردفان، مضى الشاب جلحة إلى ليبيا يبتغي فرص العيش الكريم، لكن ليبيا تجتاحها ثورة شعبية تقلب الأوضاع رأسا على عقب في عام 2011. وباتت القوى العسكرية الليبية تستقوي على بعضها ببنادق رجال من دول الجوار. وظاهرة البنادق الأجيرة في ليبيا عُقدت لها المؤتمرات الدولية لتفكيكها وتسريحها وإعادتها لبلاد المنشأ.

ومن بين حمَلة هذه البنادق الأجيرة كان الشاب رحمة المهدي والذي بات في صفوف قوات الجنرال خليفة حفتر، ولم ينتبه كثير من الناس لهذا الشاب والذي كثيرا ما يعتلي المنابر الإسفيرية ليقول حديثا بعضه يغضب والآخر يضحك.

إعلان

بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023 بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني ومقتل عدد من قيادات الدعم السريع جاب قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو ميادين الدول المجاورة ليعيد استيراد البندقية المغتربة. وفي سبتمبر/أيلول من نفس العام عاد جلحة للسودان منضما لقوات الدعم السريع.

وهنا، يقول الصحفي محمد حامد نوار، إن "جلحة" لم يكن على توافق كبير من شقيق حميدتي ونائبه، عبد الرحيم دقلو. كما أظهر نبرة استعلائية واستقلالية عن الدعم السريع حيث كان يقدم نفسه باعتباره قائدا لقوات "التدخل السريع" وأحيانا يبرز على الهواء عضلاته القبلية في إطار الصراع القبلي المسكوت عنه داخل "الدعم السريع"، خاصة بين قبيلتي "الرزيقات" و"حميدتي"، و"المسيرية" التي ينتمي إليها "جلحة".

شبيه القذافي

يعتقد مصدر أمني تحدث للجزيرة نت، أن "جلحة" كان يتجنب خوض المعارك الكبيرة بجانب الدعم السريع، وهو ما يتفق معه الصحفي محمد حامد جمعة، ويضيف أن "جلحة" اعتمد على "الحلقوم" وتخصص في الخطب الحماسية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

يعتقد جمعة أن جلحة كان ذكيا في تعامله مع الميدان الحربي فقد كان أيضا يبرز وجها رحيما حينما يتجنب مهاجمة المدن أو ينتقد علانية الذين يقومون بذلك كما حدث مع ضابط الدعم السريع عمر شارون الذي عنف شيخا كبيرا في ولاية الجزيرة فتصدى له جلحة على الملأ موبخا.

يرى محمد حامد جمعة أن جلحة كان متأثرا في أدائه السياسي المسرحي  بشخصية العقيد القذافي المتقلبة المزاج والمشاغبة، وتمنح اللكنة الليبية التي يتحدث بها "جلحة" المقاربة وجها آخر. وكذلك يتقمص شخصية "حميدتي"؛ فتجري على لسانه اللغة البسيطة والعميقة في الوقت ذاته.

واستخدم "جلحة" كثيرا الأمثلة الشعبية وفي مرات أخرى آيات القرآن الكريم. وبين هذا وذاك قدم خطابا شعبويا غير متماسك، وجد آذانا تستمع له ربما لفرط غرابته أو لبساطته. لكن المصدر الأمني وهو لواء متقاعد من المخابرات السودانية يلخص شخصية جلحة للجزيرة نت ويصفه بالمسرحي المهرج.

إعلان خلافات معلنة وخفية

خلافات الجنرال "جلحة" كانت كثيرة حيث عبّر عن بعضها علانية؛ إذ قال في إحدى خطبه إنه قائد "قوات التدخل السريع" وفي تغريدة أخرى منح نفسه رتبة فريق، وفي ثالثة تحدى قائد قوات الدعم السريع، بشكل غير مباشر حينما قال إن كان هنالك من يرى أنه رضع لبن الإبل في إشارة للقبائل البدوية التي ينتمى لها الجنرال حميدتي، فإنه من أبناء القبائل التي ترعى الأبقار.

وهنا يشير الصحفي جمعة إلى أن الخلاف الأبرز كان بين "جلحة" والرجل الثاني في قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وسبب هذا الصراع "المنافسة على مقعد الرجل الثاني في قوات الدعم السريع، وتغذيه أحاسيس بالتعالي القبلي بين الرجلين".

لكن الخلاف الأشهر وقع حينما وصف عمران عبد الله، مستشار حميدتي، "جلحة" بأنه "مجرد جندي"، فكاد ذاك التصريح يشق قوات الدعم السريع المكونة في غالبها من قبيلة الرزيقات، فيما يعتبر "جلحة" من أبرز وجوه قبيلة "المسيرية". وفي وجه ضغوط كثيرة اضطرّ مستشار حميدتي للاعتذار علنا عن تصريحاته التي أغضبت "جلحة".

اتصالات مع الجيش

بعد أن سيطر الجيش السوداني والقوات المساندة له على مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، لم ينسحب جلحة إلى خطوط دفاع الدعم السريع في شمال الولاية قريبا من العاصمة الخرطوم.

ويرسم محمد حامد جمعة طريق خروج "جلحة" من الجزيرة، وهو قرار يشير إلى ذكاء الرجل وربما اقترابه من الجيش السوداني، لكن بحسب جمعة فإنه كان يخطط للعودة لكردفان ليكون قريبا من أهله "المسيرية"، وفي الوقت ذاته يتفادى الميدان الساخن.

لكن فيما يعتقد جمعة، فإن الرجل المتطلع بات تحت الرقابة في الآونة الأخيرة فلم يجد مناصا أن يبقى في المنطقة الرمادية قريبا من الجيش السوداني بشرق النيل شرقي ولاية الخرطوم.

يقول مصدرنا الأمني الرفيع إن الجيش السوداني أجرى اتصالات مع الجنرال "جلحة" بعد أن رأى تباعد المسافة بينه وبين قادة الدعم السريع. وهو أمر يفصّل فيه محمد حامد جمعة ويقول إن الاتصالات بدأت عبر بعض القيادات في تنسيقية أبناء قبيلة المسيرية.

إعلان

وحسب جمعة، فإن أعيان القبيلة وجدوا ضوءا أخضر في مساعيهم من قبل الجيش السوداني، وأن قيادات في الجيش كانت ترغب بالاستثمار في شخصية جلحة المستقلة وكذلك انتسابه لقبيلة كبيرة ومؤثرة.

ما رواية الدعم السريع؟

جاءت رواية الدعم السريع حول مقتل الجنرال "جلحة" على لسان عمر جبريل، الذي نعاه في تغريدة على منصة "إكس"، مشيرا إلى مقتله دون تقديم إيضاحات سوى إبراز بطولته.

وتواصلت الجزيرة نت مع القيادي بقوات الدعم السريع حسبو أبو الفقراء، والذي أكد مقتل جلحة في كردفان مع عدد من القادة الميدانيين بعد أن استهدفته طائرة مسيّرة تتبع للجيش السوداني.

لكن آخرين في قوات الدعم السريع أكدوا أن مقتله كان منطقة شرق النيل ومن بين هؤلاء من قدم نفسه بأنه سائقه الشخصي وآخر من كان معه حيث يفيد، في رسالة مصورة، أن قائده قتل في منطقة "الكدرو" شمالي الخرطوم بحري يوم الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني الجاري، حيث تم استهدافه بمسيّرة للجيش السوداني، ويقسم السائق على تبرئة الدعم السريع من دم "جلحة".

أما أسرته، فحسب بيان نشره الباشا طبيق مستشار قائد الدعم السريع، فإن ابنها مات إثر غارة بمسيرات الجيش السوداني استهدفته وشقيقه موسى.

رئيس مجلس السيادة القائد العام البرهان يتفقد الخطوط الأمامية بمنطقة الجَيلي (وكالة الأنباء السودانية) هل ثمة رواية للجيش؟

لم يتحدث الجيش رسميا عن واقعة مقتل "جلحة"، لكن هنالك قطاعات ترى أنه تمت تصفيته على يد رفاقه في قوات الدعم السريع، ومن بين هؤلاء الناشط أحمد سليمان قور، والذي يرى في تصريحات لصحيفة الكرامة، أن "جلحة" تمت تصفيته بشكل دموي من قبل قوات الدعم السريع. ويقر قور بأنه كان أحد الذين ناشدوا "جلحة" بالانسحاب من قوات الدعم السريع والانضمام لصفوف الجيش السوداني.

ويضيف الصحفي حامد جمعة، المزيد من الغموض لحكاية مقتل "جلحة"، حيث يتساءل لماذا جاء مقتله في الوقت نفسه مع مقتل عدد من القادة الآخرين في الدعم السريع؟، والذين يجمع بينهم أنهم من إثنيات أخرى غير قبيلة الرزيقات، وأن الشكوك تدور حول ولائهم للدعم السريع مثل القائد الطاهر جاه الله، القادم من بادية الشكرية في وسط السودان، واثنين من أبناء قبيلة الرشايدة في شرق السودان.

إعلان

ويرى جمعة أن الدعم السريع بات مؤخرا "قوة عمياء" تعمل بأسلوب المافيا في تصفية الشهود والقادة المنافسين.

وعن صمت الجيش، يقول جمعة إنه ليس من مصلحة الأخير منح خصمه صك براءة من دماء قائد بارز ومعروف في صفوف الدعم السريع خاصة أن غياب "جلحة" أو تغييبه تزامن مع زخم انتصارات الجيش وانكسارات الدعم السريع.

وهنا يقدم اللواء المتقاعد في المخابرات السودانية معتصم الحسن رواية أكثر تفصيلا؛ حيث يقول إن جزءا من خلافات "جلحة" مع قيادات الدعم السريع كانت حول الحقوق المادية لجنوده، وكذلك اعتذاره عن المشاركة في العمليات العسكرية التي تلت تحرير ولاية الجزيرة على يد الجيش السوداني في 11 يناير/كانون الثاني.

ويضيف اللواء الحسن أنه تم استدراج "جلحة" من قبل الدعم السريع لمنطقة شرق النيل بالخرطوم حيث تمت تصفيته هناك. وهو اتجاه يمضي فيه القيادي بالقوة المشتركة التي تقاتل بجانب الجيش السوداني عثمان ذو النون، والذي طلب في تسجيل على منصة "إكس" من عشيرة "جلحة" عدم أخذ ثأرهم من قتلة ابنهم بمفهوم قبلي بل عبر الانخراط في صفوف الجيش السوداني، وذلك درءا للفتنة القبلية.

لكن حسبو الفقراء؛ القيادي البارز في قوات الدعم السريع، يرى في رواية تصفية جلحة "دعاية سمجة تستهدف الفتنة بين منسوبي الدعم السريع". بيد أن غياب الجنرال "جلحة" في هذا التوقيت يمكن أن يحسب كخسارة فادحة لقوات الدعم السريع التي تتعرض لضغوط في ميادين القتال.

مقالات مشابهة

  • برلمانيون: الحشد الشعبي عند معبر رفح أبلغ رسالة لرفض التهجير ومساندة موقف الدولة
  • يا لثارات الجنرال جلحة !!
  • نائب رئيس جماعة مولاي يعقوب: مصالح العمالة تخرق القانون وتتدخل في اختصاصات الجماعة 
  • من قتل جلحة الجنرال المشاغب في الدعم السريع ولماذا يصمت الجيش السوداني؟
  • خطاب السيد رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع للشعب السوري
  • برلمانيون إماراتيون: "عام المجتمع" يعزز قيم التعاون والتكاتف بين الأفراد
  • مصدر أمني: إلقاء القبض على سكرتير رئيس الجمهورية بجريمة الرشوة
  • سكرتير رئيس الجمهورية في قبضة النزاهة بتهمة الرشوة
  • أخبار التوك شو| العاصفة الشمسية.. موعدها وتأثيرها على الاتصالات والإنترنت.. رئيس الوزراء يوجه رسائل هامة للشعب المصري
  • تجاوزنا المرحلة الصعبة.. رئيس الوزراء يوجه رسائل هامة للشعب المصري