سلطنة عمان.. جهود متسارعة للوصول للحد الآمن للدَّين
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
الدَّين عند أدنى مستوياته في 5 سنوات.. وتراجع مستمر منذ 2021
تعجيل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في الجانبين المالي والاقتصادي:
- نجاح مستهدفات الخطة المالية متوسطة المدى
- ترشيد الإنفاق العام ورفع كفاءته
- زيادة الإيرادات غير النفطية
- حسن إدارة المحفظة الإقراضية عبر سداد قروض عالية الكلفة واستبدالها بكلفة أقل
- تحسين المركز المالي لسلطنة عمان مدعوما بآفاق إيجابية لسياسات التنويع واستمرار الاقتصاد في النمو
في تطور مهم تشهده خطط الضبط المالي والوصول للاستدامة المالية في سلطنة عمان، أعلنت وزارة المالية الأسبوع الماضي أن وحدة السياسات المالية الكلية بوزارة المالية قدرت الحد الآمن للدَّين العام عند نحو 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الحد الذي يمكن الحكومة من الوفاء بمتطلبات الدين العام والحفاظ في الوقت نفسه على مستويات النمو الاقتصادي.
ويأتي وضع حد آمن للدين استكمالا لحزمة الإجراءات والخطط التي تستهدف احتواء مخاطر الدين على المركز المالي للدولة، وقد نجحت سلطنة عمان في خفض المخاطر بشكل ملموس ووجهت الدين نحو تراجع مستمر منذ عام 2021، بفضل العديد من الإجراءات والمبادرات التي اتخذتها الحكومة في السنوات الأخيرة منها تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى وترشيد الإنفاق العام ورفع كفاءته، وزيادة الإيرادات غير النفطية، وحسن إدارة المحفظة الإقراضية عبر سداد قروض عالية الكلفة واستبدالها بقروض ذات كلفة أقل.
وساهم تعجيل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في الجانبين المالي والاقتصادي على مدار السنوات القليلة الماضية في تحسن المركز المالي لسلطنة عمان مدعوما بآفاق إيجابية لسياسات التنويع الاقتصادي واستمرار الاقتصاد في النمو بمعدلات جيدة واحتواء معدل التضخم عند مستويات معقولة.
وتعد المستويات الحالية للدين العام إنجازا مهما لسلطنة عمان التي تمكنت أيضا من تعزيز نمو الاقتصاد الوطني خاصة مع بقاء أسعار النفط عند مستويات مواتية وتسارع جهود وخطط التنويع الاقتصادي.
وخلال العامين الماضي والجاري، واصلت سلطنة عمان سداد القروض بوتيرة جيدة مستفيدة من عائدات النفط الإضافية، كما تم سداد بعض القروض قبل موعدها، وساهم ذلك في دفع حجم الدين العام بحلول العام الجاري إلى أقل مستوى له في نحو 5 سنوات، وحتى نهاية النصف الأول من العام الجاري انتهت سلطنة عمان من سداد أكثر من 1.5 مليار ريال من القروض الحكومية لينخفض الدين العام إلى 16.3 مليار ريال عماني.
وكان الدين قد اتجه للصعود المتسارع منذ التراجع الحاد للنفط في عامي 2014 و2015، وبلغ الدين العام لسلطنة عمان مسـتويات غير مسبوقة واقترب من 21 مليار ريال عماني في عام 2021، وقفـزت كلفة خدمة الدين العام بشكل كبير نتيجة زيادة الاقتراض، وارتفعت كلفة الدين إلى نحو مليار ريال عماني، ونجح نهج السداد المبكر واستبدال الديون الأعلى كلفة في تحقيق خفض جيد لأعباء الدين خلال العام الماضي.
وكان حجم الدين وكلفته على طريق الصعود المستمر ما لم يتم تنفيذ حزمة الإجراءات التي تضمنها الخطة المالية متوسطة المدى منذ 2020، ووفق الخطة، كانت سلطنة عمان تستهدف خفض معدل الدين العام للناتج المحلي الإجمالي من 80 بالمائة في 2020 إلى 60 بالمائة في 2024، كما كانت توقعات صندوق النقد الدولي عند بدء تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى ترجح تراجع الدين العام في سلطنة عمان بحلول 2026 إلى نحو 47 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ومع التحسن المستمر في المركز المالي لسلطنة عمان، عدّل الصندوق بشكل متواصل توقعاته بشكل إيجابي للمركز المالي ومعدل الدين العام المتوقع كنسبة من إجمالي الناتج المحلي نظرا لتوجيه الإيرادات النفطية الاستثنائية نحو سداد الدين العام مما مكّن سلطنة عمان من خفض الدين بشكل كبير يفوق التوقعات.
وإلى جانب نجاح خطط التوازن المالي، أحدث نمو الناتج المحلي الإجمالي وتوجهه المتزايد نحو التنويع أثرا إيجابيا كبيرا في النظرة للآفاق المستقبلية لسلطنة عمان التي حققت نموا بنحو 4.3 بالمائة في عام 2022، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل النمو الاقتصادي نسبة 1.3 بالمائة في عام 2023؛ على أن يعاود النمو بوتيرة أعلى في 2024، كما ترجح توقعات الصندوق استمرار انخفاض معدلات التضخم نتيجة التراجع في أسعار المواد الغذائية وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، كما رصدت عديد من التقارير الدولية ثمار الإصلاحات الهيكلية الحثيثة في سلطنة عمان والتي ساهمت بفاعلية في احتواء المخاطر وخفض الدين، مع التقدم نحو تعزيز الآفاق المستقبلية للاقتصاد عبر مزيد من الإصلاحات في سوق العمل وتوسعة مظلة الحماية الاجتماعية، والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية، مع كفاءة متزايدة في الأداء والحوكمة في الجهاز الإداري وفي الشركات المملوكة للدولة، فيما تتسع هذه الآفاق الإيجابية مع جدية التحولات في بنية الاقتصاد عبر تسريع وتيرة التحول الرقمي لكافة الخدمات الحكومية، ودعم تنوع وتعدد روافد النمو عبر توفير بيئة أعمال تشجع وتحفز المستثمرين وتوالي اقتناص الفرص التي تتيحها التحولات في أسواق الطاقة نحو المصادر المتجددة.
وخلال السنوات القليلة الماضية، ومع انطلاقة الرؤية المستقبلية، ظل ملف الدين العام في صدارة الأولويات التي تتعامل معها سلطنة عمان للوصول إلى الاستقرار والاستدامة المالية كممكن أساسي لإنجاح مستهدفات الرؤية المستقبلية عمان 2040، اعتمادا على تحديد ثوابت أساسية لتوجهات الاستقرار المالي تتسم بالوضوح والشفافية ومن ضمنها إعداد مشروع قانون خاص بالدين العام بهدف استدامته عند الحدود الآمنة التي تتيح المضي قدما في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة وإنجاح مستهدفات الرؤية المستقبلية.
ومن المتوقع أن يتم الإعلان قريبا عن بيانات الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان عن النصف الأول من العام الجاري، وفي ظل أسعار جيدة للنفط، وتراجع الحاجة للتمويل الخارجي، واستمرار نمو الاقتصاد يمكن لسلطنة عمان الوصول قريبا للحد الآمن للدين الذي يرتبط بعديد من العوامل في مقدمتها متوسط أسعار النفط وحجم الفائض أو العجز المالي المتحقق خلال العام، ومعدل النمو الاقتصادي، وحجم الارتفاع في الإيرادات غير النفطية كمصدر لتنويع الإيرادات العامة ومصادر تمويل الميزانية، فضلا عن مدى التوازن المستهدف في توزيع العائدات الإضافية ما بين سداد الدين وتعزيز النمو الاقتصادي.
وفي جانب تمويل الميزانية العامة، كانت توقعات وزارة المالية تشير إلى حدوث انخفاض سنوي في نسبة الاحتياجات التمويلية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي من 22 بالمائة في 2020 إلى 10 بالمائة فقط خلال أعوام 2021 و2022 و2023، وأدى ارتفاع أسعار النفط إلى تراجع ملموس في الاحتياج للتمويل الخارجي، وبلغت الإيرادات العامة للدولة بنهاية النصف الأول من العام نحو 6.3 مليار ريال عماني مع تسجيل متوسط فعلي للنفط عند حوالي 83 دولارا للبرميل، ومتوسط إنتاج للنفط بحو 1.061 مليون برميل يوميا، وكانت التقديرات الأولية للميزانية العامة قد اعتمدت على متوسط للنفط هذا العام عند 55 دولارا للبرميل، وأدى ارتفاع النفط إلى تحقيق الميزانية العامة للدولة بنهاية النصف الأول من العام فائضا ماليا يقدر بـ656 مليون ريال عماني مقارنة بـ748 مليون ريال عماني في الفترة نفسها من عام 2022، مع تراجع الإنفاق العام الفعلي بنحو 255 مليون ريال عماني بنسبة انخفاض 4 بالمائة مقارنة مع النصف الأول من عام 2022.
وفيما يتعلق بتقدم جهود التنويع وانعكاساتها على المركز المالي للدولة، فخلال العام الماضي، حقق الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان نموا بمعدل جيد عند 4.3 بالمائة وهو ما رفع حجم الناتج المحلي من 34 مليار ريال عماني في نهاية 2021 إلى ما يزيد على 44 مليار ريال عماني بنهاية العام الماضي وهو ما يعني ارتفاع القيمة المضافة لمختلف قطاعات الاقتصاد بحوالي 10 مليارات ريال خلال عام 2022، وساهم النمو الجيد للاقتصاد، مصحوبا بتواصل سداد القروض، في دفع نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي للتراجع إلى حوالي 37.7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، ومع استمرار نمو الاقتصاد خلال العام الجاري وانتهاء سداد جانب جديد من القروض استمر الدين العام في التراجع بنهاية النصف الأول من هذا العام.
وتشير التوقعات إلى أن الاقتصاد العماني سيواصل النمو هذا العام والعام القادم، وهو ما يعني مزيدا من ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وانخفاضا إضافيا في نسبة الدين للناتج المحلي الأمر الذي يتيح لسلطنة عمان الاقتراب من تحقيق المستهدف الآمن للدين العام على مدى زمني يتراوح بين القصير والمتوسط مع إمكانية تراجع نسبة الدين إلى ما يقرب من ثلث الناتج المحلي الإجمالي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی الإیرادات غیر النفطیة النصف الأول من العام ملیار ریال عمانی النمو الاقتصادی نمو الاقتصاد العام الجاری الدین العام لسلطنة عمان بالمائة فی سلطنة عمان خلال العام عام 2022 فی عام
إقرأ أيضاً:
إسناد مناقصات طرق بـ300 مليون ريال في 2024
مسقط- العُمانية
قال المهندس يوسف بن عبد الله المجيني مدير عام الطرق والنقل البري بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات إن الوزارة تسعى لتنفيذ عدد من المشروعات ضمن الخطة الخمسية العاشرة وفقًا لمصفوفة المشروعات لعام 2025، مشيرًا إلى أن فتح الطرق يمثل أهمية اقتصادية وسياحية ولوجستية تعمل على ربط المحافظات وتحقيق التنوع الاقتصادي الذي تنشده الحكومة.
وشهد قطاع الطرق في سلطنة عُمان تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية؛ إذ تحرص وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات على تخطيط وتصميم وإنشاء شبكة واسعة من الطرق السريعة والمتطورة وفق أحدث المواصفات الفنية المعتمدة دوليًّا.
وأضاف المجيني أن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات قامت بالتنسيق مع مجلس المناقصات خلال عام 2024 بإسناد عدد من مشروعات الطرق شملت كافة محافظات سلطنة عُمان بتكلفة أكثر من 300 مليون ريال عُماني. وأوضح أن من أبرز مشروعات الطرق التي تم إسنادها هي 3 حزم من ازدواجية طريق السلطان سعيد بن تيمور (أدم- ثمريت) التي تبدأ من ولاية هيما إلى ولاية ثمريت، ويتضمن إنشاء طريق مزدوج، إضافة إلى جميع وسائل السلامة المرورية من حواجز حديدية والخطوط الأرضية وعدد من العبارات الصندوقية؛ حيث أُسند هذا المشروع لـ3 مقاولين ومن المتوقع البدء في تنفيذه خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأشار إلى أن الوزارة تقوم بتنفيذ الأعمال المتبقية لمشروع طريق السلطان تيمور بن فيصل (الباطنة الساحلي) الذي بلغت نسبة الإنجاز فيه حوالي 4 بالمائة، وأن الأعمال الإنشائية فيه تمضي بوتيرة متسارعة وتتماشى مع الخطة الزمنية التي وضعتها الوزارة.
وحول مشروع طريق السلطان فيصل بن تركي (دبا - ليما - خصب) بمحافظة مسندم، أوضح المجيني أن هذا المشروع يعد من أهم المشروعات الاستراتيجية التي تنفذها الوزارة؛ إذ بلغت نسبة الإنجاز فيه حوالي 27 بالمائة، وتم افتتاح طرق الخدمة (الطرق الترابية) بنسبة 100 بالمائة من أجل التسهيل على المقاول المنفذ للمشروع والذي يعمل بوتيرة متسارعة لتحقيق البرنامج الزمني الذي تم إعداده، مشيرًا إلى أن المشروع سيعمل على تسهيل وانسيابية الحركة المرورية بين ولايات محافظة مسندم، بالإضافة إلى تعزيز المجالات الاقتصادية والسياحية.
وفيما يتعلق بالأعمال المتبقية بطريق السلطان تركي بن سعيد (الشرقية السريع)، أوضح أن نسبة الإنجاز بالمشروع وصلت حوالي 20 بالمائة وتم الانتهاء من استكمال طريق جديد وافتتاحه أمام الحركة المرورية بطول 4 كيلومترات يبدأ من بداية ولاية الكامل والوافي إلى منطقة "طهوة" بالولاية. وأضاف أنه بالنسبة لطريق وادي بني خالد، تم إسناد المشروع إلى إحدى الشركات المختصة، والمقاول حاليًّا في فترة التصميم وسيستغرق 6 أشهر وسيتم تنفيذ الطريق الجديد بديلًا عن الطريق الحالي مع تنزيل الميول بالطريق. وأشار إلى أنه يتم حاليًّا استكمال الربط بين طريق السلطان قابوس بن سعيد (طريق الباطنة العام) وبين طريق الباطنة السريع بنسبة وصلت إلى 90 بالمائة، متوقعًا أن يتم استكمال جميع الحزم الرابطة بين الطريق خلال المنتصف أو الربع الأخير من هذا العام. وأكد مدير عام الطرق والنقل البري بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أن أطوال الطرق المسفلتة وصلت بنهاية عام 2024 إلى 16 ألف كيلو متر والمتبقي 17 ألف كيلو متر، موضحًا أن الطرق التي تقوم بها الوزارة حاليًّا هي إعادة تأهيل الطرق ورفع كفاءتها.