في الرد على رد مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية بخصوص بيان الادعاء بعسكرة زمزم
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
أمجد فريد الطيب
٢١ نوفمبر ٢٠٢٤
لا يزال مركز الخاتم عدلان، الذي يبدو أنه لعب دورًا بارزًا في صياغة وترويج البيان الكاذب الذي انتقدناه في مقالنا السابق (كلمات قاتلة: كيف تم استغلال التضليل وجهود المناصرة الإنسانية للتمهيد للهجوم على معسكر زمزم للنازحين في شمال دارفور) المنشور بتاريخ 16 ديسمبر 2024، يحاول استغباء الناس باستخدام شعارات المناصرة الإنسانية والمجتمع المدني.
في الرد على رد مركز الاستنارة و{التبرير}، نورد الآتي:
1.
لم يتحدث رد مركز الاستنارة عن التزوير الفاضح الذي قاموا به بإيراد أسماء وتوقيعات منظمات بلغ عددها، حسب ما أعلنت بنفسها حتى الآن، 14 منظمة، في بيان لم تطلع عليه أصلاً لتوافق على أو ترفض متنه. كيف وردت توقيعاتهم في بيانكم يا مركز الاستنارة؟
قبل مناقشة المضمون وإسهابكم في الحديث عن “حق الزمالة” في (المجتمع المدني)، ربما تخبروننا كيف سمحتم لأنفسكم بمثل هذا التدليس الذي لا يخدم سوى تقديم تبريرات لجرائم الميليشيا في قتل السودانيين.
أما منهج المزايدة على طريقة “خلوها مستورة”، فهو النهج الذي ابتدعته حكومة الإنقاذ، ويبدو أنكم تريدون نسخه عنها. لنضع الحقائق كما هي فعلاً ونحاسب الواقع بما هو عليه: لماذا أوردتم أسماء وتوقيعات 14 منظمة لم تطلع على البيان أصلاً لتوافق أو ترفض محتواه في بيانكم الكاذب؟
2.
هل تحتاج ميليشيا قوات الدعم السريع إلى مبررات لجرائمها؟ نعم، تحتاج! وكذلك تحتاجون أنتم لترويج مثل هذه المبررات والأكاذيب لتبرير تماهيكم وتحالفكم معها وانخراطكم في حملات الترويج السياسي لها، التي تقومون بها بمثل هذه الأكاذيب التي لا تأبه كثيرًا لموت السودانيين في زمزم وغيرها بواسطة قصف الميليشيا.
بدلاً من محاولة استغباء الناس ومحاولة استلابهم برص كلمات كثيرة تظنون أن بلاغتها قد تكفي لتضليل الناس، ربما عليكم أن تراجعوا أنفسكم وما الذي تساهم فيه أفعالكم مثل هذه.
بيانكم هذا جزء من حملة تضليل ممنهجة ظللنا نشاهدها منذ اندلاع هذه الحرب، تحاول تبرير حرب الميليشيا وجرائمها بأي سبيل كان. وما يحدث الآن في زمزم من قصف مستمر تقوم به قوات الدعم السريع منذ مطلع ديسمبر دليل واضح وفاضح على ذلك.
3.
تقولون إن القوات المشتركة أنشأت الارتكازات وأدخلت الأسلحة إلى المعسكر. لن أجادلكم كثيرًا، ولن اسألكم انشأت الارتكازات ضد من؟ فجراح هجمات حليفتكم المليشيا على الجنينة واردمتا لا يزال غائراً. لكنني سأتوجه إلى مركز الاستنارة هذا بسؤال مباشر: هل يوجد في معسكر زمزم منصات لإطلاق الطائرات المسيّرة ودبابات وأسلحة ذات مدى متوسط وثقيل كما ورد في بيانكم أم لا؟ أم أن هذا الادعاء الذي جاء في 16 نوفمبر 2024 كان مجرد تمهيد إعلامي للهجمات المتوحشة التي تشنها ميليشيا قوات الدعم السريع - التي تتحالفون معها - على المعسكر منذ مطلع ديسمبر؟!
ونسألكم وأنتم مركز “استنارة وتنمية بشرية”، هل لا تدركون أن كثيرًا من أهالي زمزم هم من عائلات وأسر المقاتلين في قوات الحركات المسلحة الدارفورية الذين يقاتلون الآن في صفوف القوات المشتركة دفاعًا عن أهلهم وحمايتهم من المصير الذي تعرض له أهالي الجنينة على يد قوات الميليشيا التي تتحالفون معها؟ هل لا تدركون ذلك فعلاً، أم أن دماء هؤلاء السودانيين هي ثمن مقبول لإشباع شبقكم الفاسد للسلطة، حتى لو جاءت من فوهات بنادق ودوشكات ميليشيا قوات الدعم السريع؟
وأسألكم بالله، ومعسكر زمزم قديم منذ زمن حكم البشير، ماذا لو كانت هجمات الدعم السريع الحالية حدثت على معسكر زمزم أيام حكم البشير وبنفس المبررات، وجود اسلحة وارتكزات واحتماء مقاتلين من قوات الكفاح المسلح بين أهلهم بالمعسكر؟ ماذا كان سيكون موقفكم؟ وهل كنتم ستنخرطون في توزيع وتدبيج نفس التبريرات لقصف وقتل النازحين؟ هل تدركون فعلا ما الذي يعنيه حماية المدنيين في مناطق الحرب، كما تدعون ان هذا هو هدفكم! ام تحسبون ان هذه الدماء رخيصة وليس لها وجيع؟
لا أقول لكم سوى ما قلته من قبل: إذا لم تخشوا عواقب فعالكم، فاختشوا قليلاً!
4.
تتحدثون في بيانكم عن تصريح المبعوث الأمريكي توم بيريليو، وهو التصريح الذي جاء بتاريخ 14 ديسمبر لتبرير ما ورد في بيانكم الصادر بتاريخ 16 نوفمبر! وبعيدًا عن نقاش مدى حجية تصريحات المبعوث الأمريكي، الذي ما طفق يثني على التزام ميليشيا قوات الدعم السريع بقواعد الاشتباك في جنيف، فإن تصريحه نفسه استند إلى بيانكم الصادر لترويج فرية عسكرة زمزم وتبرير هجمات الدعم السريع عليه بأثر رجعي، ولم يكن له مصادر خاصة بالحكومة الأمريكية. وبالطبع، فإن لكم كمركز استنارة مرموق من الوسائل ما يجعلكم وغيركم قادرًا على الوصول إليه وسؤاله عن ذلك.
5.
تنكرون في بيان ردكم أن سكان المعسكر قد نفوا مظاهر التسليح الواردة في بيانكم، بل وتضعون خطًا تحت ما ورد في مقالي عن ذلك وتصفونه بأنه كذبة! ولكن للغرابة، فإن عددًا مقدرًا من أعضاء مركزكم هم أعضاء في مجموعة المناصرة الخاصة بالمجتمع المدني السوداني، التي أثير فيها النقاش حول بيانكم الكاذب.
للأسف، تقاصرت شجاعتكم عن المشاركة في ذلك النقاش الذي وردت فيه تأكيدات عدة على كذب وعدم صدقية المشهد الحربي للدبابات والطائرات المسيّرة والأسلحة المتوسطة والثقيلة الذي وصفتموه في زمزم في بيانكم الكاذب. هذه محاولة بائسة للدفاع عن كذبة تُستخدم الآن لقتل الناس.
5 (متابعة):
إن إصراركم على تكرار الكذبة وإعادة تدويرها يجعلني أسألكم مرة أخرى: ما الذي تودون الوصول إليه عبر ذلك، وأنتم ترون الآن بأعينكم الآثار القاتلة التي ساهمت فيها، والتي تحيق بالنازحين في معسكر زمزم؟ كم من الناس ينبغي أن تقتلهم قوات الدعم السريع حتى تفيقوا إلى حجم الكارثة التي تحيق بالسودانيين، وتنخرطون أنتم في تبريرها والترويج لها؟ لماذا تعتبرون أن حيوات السودانيين ومعاناتهم وتشريدهم وتقتيلهم هي ثمن معقول ومقبول لتحقيق مطامحكم ومطامعكم أياً كانت؟
إن محاولتكم المزايدة بشعارات المجتمع المدني والمناصرة الإنسانية، وأنتم أبعد ما تكونون عنها، وتسخيرها في خدمة أجنداتكم، لا تُخفي الحقيقة عن أحد. إن بيانكم ليس بريئاً، وليس مجرد خطأ معلومة او سوء تقدير. فاللغة بحسب دريدا ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل هي أداة تُستخدم لفرض تصورات محددة عن الحقيقة، تجعل الهيمنة تبدو طبيعية، وهذا هو عين ما فعله بيانكم يا مركز الاستنارة والتنمية البشرية في جعل هذه الهجمات التي تشنها المليشيا التي تتحالفون معها تبدو طبيعية ومبررة. خطابكم ليس بريئا على الاطلاق، ولا ينطلق من ركائز واجبات المجتمع المدني في الدفاع عن الناس. فعندما يتم استخدام الكلمات كادوات للتضليل وتوزيع الاكاذيب وترويج روايات بديلة تخدم الفاشست كما تفعلون، تصبح اللغة نفسها اداة للقمع. وبيانكم الكذوب مثال لذلك فهو حجر بناء لسردية تبرر لهيمنة فاشية الدعم السريع وتحويل الفظائع والجرائم التي ترتكبها الي افعال طبيعية ومبررة. ما تقومون به هو إجتهاد مُتقن لتحويل الظلم والقمع الي ضرورة وفضيلة!
السادة في مركز الاستنارة:
ليس لدي منافسة معكم أو مع غيركم في شأن عام أو خاص. هذه عقلية بائسة تسيطر عليكم وعلى آخرين ممن يعتقدون أن المواقف في الشأن العام تُتخذ بحساب المكاسب والخسائر. وطننا يعيش في كارثة وشعبه يعاني من أقسى محنة مرت عليه في تاريخه، وأنتم وآخرون اخترتم أن تكونوا في جوقة تبرير لهذه المعاناة والمأساة باستغلال نفوذ رمزي تظنون أنه يمنحكم شيكاً على بياض لتحديد ما هو صواب وما هو خطأ، حتى ولو جاء ذلك في شكل مغالطة تفضحها أعين الناس في وضح النهار.
وما أدل على ذلك من المناشدة التي وجهتموها في بيانكم لزملائكم الذين انسحبوا من البيان بالعودة إليه، دون أن تأخذوا بالاً أنهم لم ينسحبوا، وهم لم ينضموا إليكم أصلاً في التوقيع على البيان المزور. لقد قمتم بزج أسمائهم فيه دون علمهم، سعياً وراء تضخيم أكوام التضليل والتدليس.
للأسف، وأنتم تزينون اسم مركزكم باسم رجل عظيم وهب حياته وتاريخه للدفاع عن ما اعتقد وأمن بأنه الحق والحقيقة، فقد دنستم اسمه بتحولكم إلى مجرد أداة لممارسة الهيمنة الإعلامية في خدمة أجندة فاشية تخدم ميليشيا الدعم السريع التي تتحالفون معها ومن يقف خلفها، عبر الترويج لأكاذيب تبرر جرائمها. حتى اني استحيت من ذكر اسمه مقروناً بمركزكم في متن هذه الكتابة.
إن الدفاع عن المجتمع المدني وعن قيمه ومصداقيته لا يحدث على طريقة “خلوها مستورة”، التي تحاولون الدعوة إليها في فقرات بيانكم الأخيرة، بل بالاعتراف بالخطأ والتراجع عنه، كما ذكرتم. فالحق احق ان يتبع، ذلك ان كنتم تعرفون من ارث الخاتم عدلان الذي تتسمون باسمه شيئا.
ولعلكم، وأنتم ترون عواقب ذلك، تعيدون النظر فيما ساهمتم فيه من قتل السودانيين الآن في معسكر زمزم وزيادة عذاباتهم ومعاناتهم.
أما الحديث عن التأهيل الأخلاقي
الذي رميتمونا بقلة حظنا منه في معرض نقدكم، فلن أعاف تذكيركم بغرابة أن يأتي ذلك من مركز ذاع عنه صيت تهم الفساد المالي والإداري، واستخدام تمويله في الرشاوى السياسية والصراع على مرتبات تمويل المركز، حتى انفجر ذلك بانقسام حزب سياسي (حركة حق، 2011)، وبعدها تم إجبار مديره السيد الباقر عفيف على الاستقالة من رئاسة مجلس أمناء منظمة الديمقراطية أولاً لتفادي التحقيق في تهم فساد وخداع للمنظمة (2015 - 2016).
لم يعفِ مركزكم حتى عن استغلال حوجة شعبنا والجهود الإنسانية العظيمة التي تقوم بها غرف الطوارئ وقت الحرب، لاقتطاع 12٪ من أي تمويل من المانحين للجهود الإنسانية التي تقوم بها الغرف كمصاريف إدارية لمركز الاستنارة، الذي لا يتعدى جهده تلقي الأموال في حسابه البنكي ثم تحويلها إلى الغرف، مع مواصلة الابتزاز بعد ذلك لرفع النسبة المخصصة للمركز إلى 20٪ من المنح المخصصة لقوت السودانيين وغوثهم في زمن الحرب.
الابتزاز، يا أعزائي في مركز الاستنارة، تمارسونه أنتم وتقتاتون عليه.
وصاحب هذه الكتابة قضى ردحاً طويلاً من عمره متنقلاً بين معتقلات الإنقاذ وحكمها الشمولي، بما لا يدع عنده مساحة للاستجابة لهذه المزايدات الرخيصة. ليس لنا بطحة في الشأن العام لنتحسسها خوفاً من بذاءات جوقة مناصريكم وحلفائكم في الميليشيا وخارجها. فانظروا أي أجندة تخدمونها واستقيموا في شأن السودانيين، ولا تحاولوا ابتزاز الناس للصمت عن أفعالكم. فهذا محال.
وإن لم تخشوا عواقب أفعالكم، فاختشوا منها.
فشعبنا لا يستحق أن تُهرق دماؤه قرباناً لمطامعكم في خدمة الميليشيا ومن يقف خلفها.
أمجد فريد الطيب - بدون حلفائه الذين لم تذكروهم خشية او تقية
21 ديسمبر 2024
amjedfarid@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: میلیشیا قوات الدعم السریع المجتمع المدنی معسکر زمزم
إقرأ أيضاً:
???? مقتل قادة الدعم السريع.. ما وراء العمليات المباغتة؟
الخرطوم- تعرّضت قوات الدعم السريع في السودان لضربات موجعة، خلال الأسابيع الأخيرة، طالت عددا من قادتها الميدانيين الذين كانوا رأس الرمح منذ بدء معارك أبريل/نيسان 2023 ضد الجيش السوداني.
وتمكن الجيش مؤخراً من تحييد أكثر من 6 قادة بالدعم السريع أبرزهم: مهدي رحمة الشهير بـ”جلحة”، واللواء عبد الله حسين، والعميد الطاهر جاه الله، والقائد الميداني سليم الرشيدي، والقائد الميداني عبد الرحمن قرن شطة.
وسبقهم عدد من القادة الميدانين الذين تعرضوا للقتل منهم: المقدم عبد الرحمن البيشي أبرز القادة المؤثرين داخل الدعم السريع، وعلي يعقوب الذي أوكل إليه مهمة السيطرة على الفاشر، وكذلك اللواء عيسى الضيف.
الصف الأول
وفي بداية الحرب أواسط أبريل/نيسان 2023 كاد الدعم السريع أن يفقد عناصر الصف الأول من قادته الميدانيين حيث سجل مقتل نحو عشرة منهم حينها. ففي اليوم الثالث للحرب تمكن الجيش السوداني من قتل اللواء مضوي حسين ضي النور الذي كان يُعد أبرز سواعد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
ووفقا لمصدر ميداني تحدث للجزيرة نت، تمكّن الجيش السوداني من تحييد ضي النور، بمنطقة جبرة جنوبي الخرطوم، والذي عمل مديرا لاستخبارات الدعم السريع في وقت سابق وقائدا للقطاع شرق البلاد، وهو واحد من مؤسسي هذه القوات وكان ضمن نواتها الأولى.
إعلان
ولم يتوقف الأمر عند اللواء ضي النور، بل تمكن الجيش -الأيام الأولى أيضا- من تحييد المقدم موسى قارح قائد قوة العمل الخاص بالدعم السريع، في ضاحية شمبات، طبقا لمصدر في الجيش.
ويُعد قارح من أصلب عناصر الدعم السريع التي كان يعتمد عليها حميدتي في معركته مع الجيش، ويقود قوة من نخبة الدعم، وتمكن الجيش من اصطياده مبكرا وتحييد عدد آخر من العناصر المساندة له.
ولاحقا أيضا، تمكن الجيش من قتل المقدم عبد الرحمن البيشي عبر طلعة جوية طالته أثناء وجوده في بلدة طيبة اللحوين بولاية سنار جنوب شرقي البلاد.
ولعب المقدم البيشي دورا كبيرا في سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة، كما تمكن من السيطرة على مقر “الفرقة 17 مشاة” التابعة للجيش بمدينة سنجة وسط البلاد. وتمدد البيشي بقواته إلى تخوم مدينة الدمازين جنوب البلاد، وكان وثيق الصلة بقائد الدعم السريع.
وغربا، تمكّن الجيش والقوة المشتركة المتحالفة من تحييد القائد الميداني الأبرز اللواء علي يعقوب جبريل قائد قوات الدعم السريع وسط دارفور.
وكان اللواء جبريل قد تمكن في وقت سابق من السيطرة على مقر “الفرقة 21 مشاة” التابع للجيش بمدينة زالنجي وسط دارفور، ثم أوكلت له مهمة إسقاط “الفرقة السادسة مشاة” بمدينة الفاشر، قبل أن يتمكن منه قناص يتبع للفرقة ذاتها ويقتله بالمدينة نفسها.
هزائم وتخابر
وتصاعدت استهدافات قادة الدعم السريع بشكل لافت خاصة الآونة الأخيرة، حيث فقدت هذه القوات عددا من قادتها الميدانين في ولايتي الجزيرة والخرطوم.
وخلال الأسبوعين الماضيين، أعلنت قوات الدعم السريع مقتل عدد من القادة الميدانين، منهم مهدي رحمة “جلحة” الذي قاد قوات تعمل كمرتزقة في ليبيا قبل أن يعود إلى السودان ويتحالف مع “الدعم السريع” عبر قوة يطلق عليها “التدخل السريع” تخضع لقيادة حميدتي.
إعلان
وتبع “جلحة” مقتل العميد الطاهر جاه الله قائد ثانٍ لدى قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة (وسط) و3 قادة آخرين. ويوم الأحد، قُتل اللواء عبد الله حسين قائد ميداني بقوات الدعم السريع بالجزيرة، وتمكّن من السيطرة على مقر قوات الاحتياطي المركزي المساندة للجيش جنوب الخرطوم وشن هجمات عنيفة على سلاح المدرعات في أغسطس/آب 2023.
وعقب مقتل هؤلاء القادة بطريقة متسارعة، انتشرت اتهامات واسعة تشير إلى أن عمليات القتل ربما تمت بواسطة أيادٍ داخل قوات الدعم السريع التي يصفها العقيد ركن خالد ميكائيل القائد الميداني بالجيش -في تصريحات للجزيرة نت- بأنها عبارة عن “مليشيات تفتقد الضبط والربط، وليس لهم هدف أو غاية. لذا تنعدم فيهم روح الجندية وتقدير القادة”.
ورجح ميكائيل اغتيال قادة الدعم السريع على يد جنودهم بسبب ما سماه انعدام العقيدة التي توفر الحماية للقيادة “وأن الجند في الدعم السريع لا يعرفون تعليمات القادة”.
وقريبا من ذلك، يقول المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي أسامة عيدروس -للجزيرة نت- إن “الهزائم التي تلاحقت بالدعم السريع دفعت قيادتها للتخلص من بعض القادة الميدانيين بالاغتيال بعد اتهاماتهم المباشرة بالمسؤولية عن الهزيمة والتخابر مع الجيش”.
ويشير عيدروس إلى سبب آخر لاغتيال قادة الدعم السريع تتمثل في الاستحواذ على غنائم النهب والسلب التي حصل عليها القادة خاصة الكميات الضخمة من سبائك الذهب والنقد الأجنبي.
ومن جانب آخر، يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي الغالي شقيفات -للجزيرة نت- إن قادة الدعم الذين قُتلوا مؤخرا لم يتم اغتيالهم بل نالت منهم يد الجيش بعدة طرق. وأضاف أن هؤلاء القادة قتلهم الجيش في معارك ميدانية ولم تتم تصفيتهم على أيدي الدعم السريع.
وأشار شقيفات إلى أن قوات الدعم السريع تمكّنت في وقت سابق من قتل عدد من قادة الجيش “وهو أمر عادي في ظل استمرار المعارك الطاحنة”.
“عمل مشترك”
وهناك ثمة من يفسر مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية باعتباره عملا مشتركا بين الجيش وعناصر داخل الدعم السريع.
إعلان
فيقول ضابط رفيع بالجيش -للجزيرة نت، طالبا حجب اسمه- إن مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية “ناتج عن عمل استخباراتي دقيق للجيش عبر توفير معلومات عن تحركات القادة الميدانين قبل أن يتم استهدافهم بواسطة المسيّرات الحديثة للجيش”.
وأضاف أن الدعم السريع يعاني من خلافات داخلية وصلت قمة هرمه حيث توجد خلافات بين حميدتي وشقيقه “القوني” من جهة، والأخ غير الشقيق عبد الرحيم دقلو من جهة أخرى.
ويرى القائد الميداني بالجيش أن خلافات الدعم السريع على مستوى القادة ساهمت في مقتل عدد من القادة الميدانين مؤخرا عبر توفير معلومات للجيش للتخلص من بعض الموالين لحميدتي ويرفضون توجيهات عبد الرحيم دقلو.
مكاسب ميدانية
من ناحية أخرى، يرى محللون أن مقتل عدد من قادة السريع الميدانيين يصب في صالح الجيش السوداني لا سيما أن المستهدفين كانوا ذوي تأثير ونفوذ داخل الدعم السريع.
ويقول العقيد ميكائيل -للجزيرة نت- إن قتل قادة الدعم السريع يصبّ في صالح الجيش ميدانيا، وإن “كثرة الاغتيالات وسط مرتزقة الدعم السريع سيجني ثمارها الجيش ميدانيا”.
بيد أن للمحلل شقيفات، المقرب من الدعم السريع، رأي آخر حيث يقول -للجزيرة نت- إن مقتل قادة بقوات الدعم السريع لا يؤثر ميدانيا، وإن الأخيرة تمتلك عشرات القادة وقادرة على تعويض غياب أو مقتل أي قائد ميداني.
بينما يقول الخبير الإستراتيجي عيدروس إن عمليات الاغتيال التي طالت عددا من قادة الدعم السريع مؤخرا ستجعل هذه القوات أمام 3 خيارات: الهروب أو الاستسلام أو الموت.
عبد الرؤوف طه
5/2/2025
المصدر : الجزيرة