في ذكرى رحيله الستين.. إيسيسكو تحتفي بالمفكر المصري عباس العقاد
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
احتفت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" في الرباط، الجمعة، بالكاتب والمفكر المصري عباس محمود العقاد بمناسبة الذكرى الستين لرحيله.
وذكرت المنظمة، في بيان، أنها "نظمت مؤتمرا دوليا حول العقاد والعالم الإسلامي، بشراكة مع مكتبة الإسكندرية في مصر".
وقال المدير العام للمنظمة سالم بن محمد المالك إن "العقاد كان موسوعيا في ثقافته ملما بالتاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وهو ما تجلى في كتبه التي تجاوزت المئة، وجاب خلالها في فلك أرقى العلوم والمعارف".
وأضاف في كلمة ألقاها نيابة عنه عبد الإله بنعرفة، نائب المدير العام للإيسيسكو، وفق البيان، أن مؤتمر اليوم "يأتي في إطار احتفاء المنظمة بأعلام العالم الإسلامي ممن أسدوا خدمات جليلة وتركوا مآثر عدة".
بدوره، أكد مدير مكتبة الإسكندرية أحمد عبد الله زايد أن العقاد "مدرسة فكرية قائمة بذاتها، وقدم للعالم الإسلامي إرثا فكريا غنيا ومتنوعا، وجمع بين التراث الإسلامي والأصالة والمعاصرة".
وتابع أن العقاد "انفتح على الثقافات المختلفة، وسعى إلى بناء جسور للتواصل الفكري مع الغرب من خلال تقديم الإسلام بصفته حضارة عالمية قائمة على التسامح والعقلانية"، وفق البيان نفسه.
إعلانوأوضح أنه "فهم شخصيات التاريخ الإسلامي المحورية، وقدم تحليلا منهجيا لها في سلسلته الفريدة "العبقريات"، كما سخر قلمه للدفاع عن الإسلام في وجه التيارات التي حاولت التشكيك في عقيدة الأمة".
سيرة أديب العربية الكبيروُلِد عباس محمود العقاد في 28 يونيو/حزيران 1889 بأسوان، أقصى جنوب مصر، لأب مصري وأم كردية الأصل، وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1903، لكنه لم يتمكن من مواصلة تعليمه بسبب الظروف المادية الصعبة، ومع ذلك، بفضل الإرادة الصلبة التي قال إنه ورثها عن والدته، قرر العقاد أن يعلّم نفسه بنفسه ليصبح مثقفا وأديبا وشاعرا ومفكرا وروائيا. لم يقتصر اطلاعه على الكتب العربية فقط، بل تعلم الإنجليزية بنفسه، مما أتاح له الإبحار في الثقافات العالمية.
زار الشيخ محمد عبده مدرسته الابتدائية، وأشاد بدفتر الإنشاء الخاص به، متنبئا له بمستقبل باهر في الكتابة. وكان والد العقاد يأخذه إلى مجلس الشيخ أحمد الجداوي، أحد علماء الأزهر الشريف الذين تتلمذوا على يد جمال الدين الأفغاني.
في شبابه، قابل العقاد عددا من أعلام الأدب المصري والعربي مثل عبد العزيز البشري، وجورجي زيدان، وعبد القادر المازني، وعبد الرحمن شكري، كما شهدت حياته لقاءات مميزة، من بينها علاقته بالأديبة اللبنانية مي زيادة. وقد ساهمت تلك اللقاءات مع صفاء ذهنه وإصراره على المطالعة في نبوغه المبكر، لكنه لم يكن بمعزل عن المعارك الأدبية التي خاضها لاحقا.
معارك سياسية وأدبيةلم يتزوج العقاد قط، وعندما سُئل عن السبب، أجاب أنه لا يريد أن يشق على امرأة بسبب كثرة معاركه.
كانت أبرز معاركه السياسية مع الملك فؤاد الأول، عندما حاول إسقاط عبارتين من الدستور تنصان على أن الأمة مصدر السلطات، وأن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان. وقف العقاد أمام البرلمان وقال بقوة "إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه". كلفته هذه العبارة السجن 9 أشهر بتهمة العيب في الذات الملكية، وخلالها كتب قصيدته الشهيرة:
إعلانوكنت جنين السجن تسعة أشهر
فها أنذا في ساحة الخلد أولد
ففي كل يوم يولد المرء ذو الحجى
وفي كل يوم ذو الجهالة يلحد
استقر العقاد في القاهرة بعد وفاة أبيه عام 1907، وعمل في الصحافة والتدريس. خلال ثورة 1919، كان أحد مناصري حزب الوفد وزعيمه سعد زغلول، لكنه اصطدم بالوفد لاحقا، واعتزل السياسة تماما في عام 1935 ليتفرغ للتأليف.
في المجال الأدبي، خاض العقاد معارك طويلة، أبرزها مع طه حسين حول "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري، حيث قلل العقاد من خيال المعري. كما شهدت معاركه الأدبية صداما عنيفا مع مصطفى صادق الرافعي حول إعجاز القرآن الكريم.
أما مع أحمد شوقي، فقد وصف وزير الثقافة المصري الأسبق حلمي النمنم معركتهما بأنها اتسمت بالقسوة، حيث حاول العقاد أن ينزع عنه لقب أمير الشعراء.
العبقريات ومئة كتابترك العقاد إرثا يزيد عن مئة كتاب، أبرزها سلسلة "العبقريات"، التي شملت عبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعثمان ذو النورين، وعبقرية علي. وعندما سُئل عن سبب استخدامه "ذو النورين" بدلا من "عبقرية عثمان"، أجاب بأنه يرى في عثمان ملكا من ملائكة البشر وليس عبقريا فقط.
اعتُبرت "العبقريات" من أبرز ما كُتب في القرن الماضي، حيث واجهت دعاوى التغريب وأبرزت عبقرية الشخصيات الإسلامية التاريخية، مؤكدا جدارتها أمام بطولات غربية، ومن مؤلفاته: أول كتبه "الخلاصة اليومية" 1912، و"ساعات بين الكتب" 1914، و"الفلسفة القرآنية"، و"حقائق الإسلام وأباطيل خصومه"، و"أثر العرب في الحضارة الأوروبية"، و"المرأة في القرآن"، و"اللغة الشاعرة"، و"التفكير فريضة إسلامية" 1962، وسلسلة العبقريات، وقد ترجم بعض كتبه إلى لغات أجنبية.
إلى جانب ذلك، ترك العقاد مؤلفات تاريخية واجتماعية ودراسات نقدية ولغوية، بالإضافة إلى ديوان شعري ورواية وحيدة بعنوان "سارة"، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1959، في تكريم لمسيرته الإبداعية.
إعلانوقد نعى العقاد نفسه بقصيدة تعكس عمق رؤيته للحياة والموت:
إذا شيعتموني يوم تأتي منيتي
وقالوا أراح الله ذاك المعذبا
فلا تحملوني صامتين إلى الثرى
فإني أخاف القبر أن يتهيبا
ولا تذكروني بالبكاء وإنما
أعيدوا على سمعي القصيد فأطربا
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ذكرى رحيل أحمد خالد توفيق رائد أدب الفانتازيا والرعب العربي
تصادف اليوم ذكرى رحيل الأديب المصري أحمد خالد توفيق، أول رائد في أدب الرعب، الذي تُوفي في 2 إبريل (نيسان) 2018 عن 55 عاماً.
وخسرت الأوساط الثقافية برحيله شخصية أدبية متميزة حققت نجاحاً وحضوراً بارزاً، فقد كان يمارس نشاطه الأدبي، إلى جانب مزاولته مهنة الطب، وكان عضو هيئة التدريس واستشاري قسم أمراض الباطنة في جامعة طنطا، مسقط رأسه التي عاش فيها أغلب سنين عمره.
ولد توفيق بمدينة طنطا، في 1962 ودرس الطب وتخرج في جامعة طنطا في 1985 وحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة في 1997، ثم اشتهر بكتابة أدب الشباب والخيال العلمي والفانتازيا، ولقب بـ"العراب" وكان أيضاً مترجماً.
استهل رحلته الأدبية بكتابة "سلسلة ما وراء الطبيعة"، التي حققت نجاحًا كبيرًا، واستقبالًا جميلا من الجمهور، ما دفعه لمواصلة مجال الكتابة، ثم أصدر سلسلة "فانتازيا" في 1995، و"سلسلة سفاري" في 1996، وفي 2006، سلسلة دبليو دبليو دبليو.
وكان توفيق غزير الإنتاج، ومن أشهر أعماله الروائية، رواية يوتوبيا في 2008، التي تُرجمت إلى عدة لغات، وأُعيد نشرها، صدر له رواية "السنجة" في2012، ورواية مثل إيكاروس في2015، ثم رواية "في ممر الفئران" في 2016، كما صدرت له روايات أخرى مثل "قصاصات قابلة للحرق"، و"عقل بلا جسد" و"الآن نفتح الصندوق" التي تكونت من 3 أجزاء.
وكتب توفيق في الصحافة العديد من المقالات الدورية وتحديدا في مجلة الشباب لمؤسسة الأهرام، وفي جريدة التحرير وفي مجلّات وصحف أخرى منها صحيفة الاتحاد الإماراتية، أما على صعيد الترجمة فنشر سلسلة "رجفة الخوف"، التي تضمنت روايات رعب مُترجمة، كما ترجم رواية "نادي القتال" للكاتب تشاك بولانيك، ورواية "ديرمافوريا" و "عداء الطائرة الورقية " و" تشي جيفارا: سيرة مصورة"، وله أيضا بعض الكتابات الشعرية.
كما كتب القصة القصيرة، ونال جائزة عزوز العربية لأدب الطفل في 2018، عن قصته الميرانتي أميرالبحار. وتحولت العديد من أعماله لمسلسلات تلفزيونية، واشتهر بمقالاته الساخرة،
وكان أحمد خالد توفيق رائداً متميزاً في نتاجه الأدبي، فقد كتب "قصة تكملها أنت: قصة رعب تفاعلية" بمشاركة 4 مؤلفين شباب هم قراء محبون للأدب وليسوا كتابًا محترفين، في 2007 عن دار ليلى، وصدرت له روايات مصورة كوميكس، وفي 2017 صدر له كتاب "اللغز وراء السطور" أحاديث من مطبخ الكتابة: عن دار الشروق، حاول فيه فك لغز الكتابة بأسلوبه الساخر والممتع، حيث قدم وصفة سحرية من عصارة تجاربه ومن تجارب كبار الأدباء، في تجربة مفيدة وممتعة للقارئ والمؤلف معًا.
وانعكست مهنته طبيباً وأستاذاً جامعياً على سلاسل قصصه، ففي "ما وراء الطبيعة" البطل رفعت إسماعيل أستاذ جامعي لأمراض الدم، وفي سلسلة "سافاري"، يروي العراب مغامرات الطبيب الشاب علاء عبد العظيم في وحدة طبية دولية في الكاميرون، ليعالج المرضى من أوبئة القارة السمراء، وقد استفاد العراب من خبراته كأستاذ جامعي حاصل على درجة الدكتوراة في طب المناطق الحارة، ليبدع لنا عشرات القصص المختلفة عن المرض والأوبئة في أفريقيا عبر قصص "سافاري".