صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-13@12:01:29 GMT

من سوريا للسودان وبالعكس

تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT

من سوريا للسودان وبالعكس

 

من سوريا للسودان وبالعكس

فيصل محمد صالح

منذ أسابيع وكل الأنظار العربية تتجه نحو سوريا، فرحة ومشجعة ومرحبة في أغلب الحالات، ومشفقة ومتحيرة وحذرة في بعض الأحايين، ولكل ذلك أسباب قوية. من المؤكد أن هناك تعاطفاً كبيراً مع الشعب السوري بعد معاناته الطويلة، وفرحة حقيقية بأنه تخلص من نير الظلم والديكتاتورية وانفتحت أمامه آفاق جديدة، وطبيعي أيضاً أن يخالط ذلك بعض الحذر والإشفاق من أن تخفق التجربة السورية في منتصف الطريق كما حدث لتجارب ثورات «الربيع العربي» وما بعدها.

الناظر لمآلات هذه الثورات سيجد أن الحذر واجب ومبرر، فلم تنجُ أي من التجارب من انتكاسات حادة، أودت ببعضها تماماً، وجعلت بعضها الآخر يتأرجح. بل الأكثر إيلاماً أن بعض بلاد ثورات الربيع العربي انزلقت إلى مرحلة الحروب الأهلية والتمزق والانقسام. وبين هذا وذاك انقسم الناس، أقصد الذين كانوا يؤملون في هذه الثورات وليس أعداءها، في موقفهم اللاحق. قسم من الناس تعرَّض لانتكاسة حادة وأبدى ندماً على انخراطه في صفوف الثورة، ولو بالتشجيع من منازلهم، وبدا لهم أن حالة الاستقرار تحت الحكم الديكتاتوري ربما كانت أفضل حالاً من هذه الحالة، بينما انخرط قسم آخر في تحليل أسباب الانتكاسات وتنوعت مضاربه واتجاهاته.

في معظم تجارب «الربيع العربي» نجحت الحركة الجماهيرية في توحيد الشعوب حول مطلب إسقاط النظام، ثم واجهت بعد ذلك تحديات ما بعد مرحلة السقوط خالية الوفاض من النظرة العملية لمواجهة التحديات، أو بأسلحة أقل قدرة مما تتطلبه المرحلة ومواجهاتها. والأسلحة المقصودة هنا هي الفكر السياسي القادر على قراءة واقع البلاد وطبيعة التحديات والمنهج السليم للوصول للحلول وطرح برنامج عمل واقعي وممكن التحقيق في ظل الإمكانات المتاحة.

بعض التجارب افتقدت القيادة السياسية للحركة الجماهيرية لضعف الأحزاب والتنظيمات وغيابها الطويل عن الساحة نتيجة لعنف الأنظمة، وغياب تنظيمات المجتمع المدني والحركة النقابية فظهرت ملامح ضعفها منذ اللحظة الأولى وعجزها عن الوقوف في وجه الثورة المضادة ومراكز قوى النظام الذي سقط. وقد لا ينطبق هذا التوصيف على تجارب دول مثل تونس والسودان، في الأولى هناك مجتمع مدني قوي ومنظم وحركة نقابية فاعلة، مع طبقة وسطى قائدة ومستوى عالٍ من التعليم والثقافة، وفي حالة السودان هناك أحزاب تاريخية وحركة جماهيرية وتنظيمات نقابية صاحبة خبرات وتجارب طويلة في مقاومة الأنظمة الديكتاتورية.

في الحالتين، تونس والسودان، يبدو أن الخلافات بين القوى السياسية التي ساهمت في الثورة كانت هي نقطة الضعف الأساسية و«كعب أخيل» الذي استغلته القوى المتربصة بالتجربة. في حالة السودان كان المكون العسكري الذي صار شريكاً في مرحلة الانتقال، هو الخصم الذي يعمل على خلخلة السلطة المدنية لتسقط وينفرد بالحكم، وهو ما نجح فيه رغم حركة المقاومة الجماهيرية. لكن في تجربة تونس لا يبدو الأمر بهذا الوضوح؛ إذ إن المؤسسة العسكرية اتخذت موقف الحياد، ووصلت البلاد لمرحلة الانتخابات الحرة والمفتوحة، ثم حدث الانقلاب من داخل الصف المدني.

واحدة من النقاط التي تستحق الوقوف عندها هي أن هذه التجارب العربية لم تنظر لتجارب الدول القريبة منها، بل اكتفت بالنظر تحت قدميها، أو النظر بعيداً جداً؛ لهذا تكررت بعض الأخطاء بصورة كربونية من تجربة لأخرى. في متابعة لتجربة إحدى الدول العربية قرأت أنها أرسلت وفوداً إلى أميركا اللاتينية ودول البلقان لتتعلم منها تجربة الانتقال، ولا بأس من طلب العلم ولو في الصين أو أميركا اللاتينية، لكنها كررت أخطاء دولة مجاورة وبالمسطرة كما يقولون… حتى تم إجهاض مرحلة الانتقال.

الدرس المستفاد في كل هذه التجارب هو أن مرحلة الانتقال، طالت أو قصرت، هي مرحلة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقوم بها حزب أو تيار منفرد، أو أن يفرض عليها برنامجه السياسي مهما ظن أن لديه قوة جماهيرية أو أنه صاحب الفضل في صناعة الثورة، وأنها لا يمكن أن تمر بسلام إلا بتنازلات متبادلة. قد يكون مفهوماً، بل ومطلوباً، في كثير من التجارب، إبعاد تنظيم أو حزب النظام الذي تم إسقاطه من المساهمة في مرحلة الانتقال، لكن أي إبعاد لأي مجموعات سياسية أو اجتماعية أخرى سيعني السير في طريق الفشل.

لسنا في موقع الناصح لغيره، ونحن أبناء تجربة منتكسة، لكننا نأمل في أن تتجنب سوريا أخطاءنا وأخطاء غيرنا… لعل وعسى.

نقلا عن الشرق الأوسط

الوسومالانتقال الديمقراطي السودان تونس سوريا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الانتقال الديمقراطي السودان تونس سوريا

إقرأ أيضاً:

ثورة علمية: "ثني الماء" يفتح آفاقاً جديدة في التحكم بالأجسام العائمة

اكتشف فريق من العلماء الدوليين، من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة (NTU)، طريقةً لثني أمواج الماء، مما يُمكّنها من حبس الأجسام العائمة وتحريكها بدقة بشكل أشبه بالسحر.

وتعتمد هذه التقنية على توليد موجات ودمجها لابتكار أنماط سطحية معقدة، مثل الحلقات المتشابكة والدوامات، حيث كشفت التجارب أن هذه الأنماط تمتلك قدرة فريدة على جذب الأجسام العائمة القريبة واحتجازها، مثل كرات الرغوة الصغيرة بحجم حبات الأرز، وفقاً لما ذكره موقع "إنترستينغ إنجينيرينغ".
بدأ الفريق عمله بإجراء عمليات محاكاة حاسوبية قبل الانتقال إلى التجارب الفعلية، حيث استخدموا خزان مياه وهياكل بلاستيكية مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتوليد الأمواج. وتضمنت إحدى هذه التركيبات حلقة متصلة بـ24 أنبوباً مرتبطة بمكبرات صوت تُصدر أصواتاً منخفضة التردد، ما أدى إلى تشكيل تموجات مميزة على سطح الماء.
في التجارب، استخدم الباحثون كرات رغوية عائمة مصنوعة من البولي إيثيلين، تراوحت أقطارها بين 4.8 و12.7 ملم، بالإضافة إلى كرة تنس طاولة بقطر 40 ملم، وراقبوا كيفية استجابتها لحركة الأمواج، مما أكد نجاح التقنية في جذب هذه الأجسام والتحكم في حركتها.

ونجح الفريق في ابتكار تقنية متقدمة تعتمد على ضبط شدة الموجة وترددها، مع التحكم في تزامن حركة الموجات، مما أدى إلى تشكيل أنماط موجية معقدة تتميز بقدرتها على حصر الأجسام العائمة وتوجيهها بدقة استثنائية.

دقة في التحكم وحركة ثابتة

أظهرت التجارب أن هذه الأنماط الموجية قادرة على تثبيت الكرات في مكان واحد أو توجيهها على مسارات دائرية ولولبية، مع أدنى حد من الانحراف الذي لم يتجاوز 2-4 ملم. وعلى عكس التموجات العادية، تظل هذه الأنماط مستقرة حتى عند تعرضها لموجات خارجية طفيفة، ما يعكس مدى دقة وثبات هذه التقنية.


رؤية مستقبلية واستخدامات واعدة

أوضح شين ييجي، الأستاذ المساعد وأحد المشاركين في البحث، أن هذه التقنية تفتح آفاقاً جديدة في استخدام موجات الماء لتحريك أجسام عائمة بدقة. وأضاف أن الأبحاث المستقبلية قد تتجه لدراسة موجات أصغر بحجم الخلايا، والتي تقل مئات المرات عن الموجات الحالية، وكذلك موجات بحرية أكبر بألف مرة.


إلهام من موجات الضوء وتطوير التقنية

استند هذا البحث إلى عمل سابق لشين على موجات الضوء، حيث أثبتت تلك الدراسات كيف يمكن لموجات الضوء المُهيكلة أن تحجز الجسيمات الدقيقة وتحركها.

ويخطط الفريق حالياً لتوسيع نطاق التقنية عبر إنشاء أنماط مائية تحت السطح لتحريك الأجسام المغمورة، مع السعي لتقليص حجم هذه الأنماط إلى مستوى الميكرومتر، ما قد يتيح تحريك الخلايا والجسيمات المجهرية بدقة عالية دون الحاجة إلى ملامستها.


مقالات مشابهة

  • ثورة علمية: "ثني الماء" يفتح آفاقاً جديدة في التحكم بالأجسام العائمة
  • تطورات الوضع في سوريا| دخول الأزمة مرحلة انتقالية.. وخبير يكشف أسبابها
  • كيف تحسم المعركة نهائيا ضد الفلول والانقلابيين والانفصاليين في سوريا؟
  • وقفات في الأمانة تأييداً لقرار قائد الثورة باستئناف العمليات وتنديداً بجرائم التكفيريين في سوريا
  • هل انتهى التمرد في سوريا؟
  • غارات جوية وتوغل عل الأرض.. ما الذي يريده الاحتلال من سوريا؟
  • قوات سوريا الديمقراطية تندمج في مؤسسات الدولة وتعلن انتهاء مرحلة الانفصال.. خبير يعلق
  • ماذا نعرف عن الاتفاق الذي ينص على اندماج قسد ضمن مؤسسات الدولة في سوريا
  • دراسة..رحلات الهلوسة السيئة الناتجة عن المخدرات قد تؤدي إلى الوفاة
  • وزارة الخارجية : المملكة تُرحّب بتوقيع الاتفاق الذي يقضي باندماج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية