نداء إلى ضمير العالم.. فيليب لازاريني: «الأونروا» في أزمة وجودية.. والفلسطينيون في وضع محفوف بالمخاطر
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدى 75 عامًا، كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بمثابة شريان حياة لملايين الفلسطينيين، حيث تقدم التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية. ومع ذلك، حسبما يحذر فيليب لازاريني، المفوض العام للوكالة، فإن الأونروا تواجه تهديدًا وجوديًا، ليس كاستنتاج طبيعي ولكن من التفكيك المتعمد، مدفوعًا بأجندات سياسية.
وكتب لازاريني مقالًا يشرح فيه الموقف جاء فيه: قد يؤدي التشريع الأخير الذي اقترحه البرلمان الإسرائيلي إلى شل عمليات الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطع الخدمات الحيوية عن الملايين وإسكات شاهد حاسم على عقود من المعاناة الفلسطينية. لقد تلاشى غضب المجتمع الدولي الأولي إزاء هذه التطورات إلى الجمود، مما ترك الأونروا واللاجئين الذين تخدمهم في وضع محفوف بالمخاطر على نحو متزايد.
تآكل الالتزاماتإن المخاطر هائلة.. بالنسبة للاجئين، فإن فقدان القدرة على الوصول إلى خدمات الأونروا يعني الدمار على نطاق متعدد الأجيال. فبعيدًا عن الأزمة الإنسانية المباشرة، فإن الهجوم على الأونروا يتحدى الأسس ذاتها للنظام الدولي القائم على القواعد. ووفقًا للازاريني، فإن غياب العواقب السياسية أو الاقتصادية أو القانونية لانتهاكات القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة يقوض مصداقية النظام العالمي. إن الفشل في دعم اتفاقيات جنيف أو فرض أحكام المحاكم الدولية يهدد بتطبيع الإفلات من العقاب.
كما يسلط لازاريني الضوء على العداء المتزايد تجاه أولئك الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والقانون الدولي. يتم تشويه سمعة العاملين في المجال الإنساني، وإسكات الأصوات المعارضة، وتسعى حملات التضليل إلى صرف الانتباه عن حقائق الاحتلال والحرب. لا تستهدف مثل هذه الهجمات الأونروا فحسب، بل تهدف أيضًا إلى تآكل المعايير العالمية لحقوق الإنسان وسيادة القانون.
الأجندة الأساسيةيؤكد لازاريني أن أحد الأهداف الرئيسية لمنتقدي الأونروا هو نزع الشرعية عن وضع اللاجئين الفلسطينيين وإعادة تشكيل معايير الحل السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي حين تزعم إسرائيل تسلل حماس إلى الأونروا، فإن التحقيقات الشاملة دحضت هذه الادعاءات باستمرار.
وعلى العكس من ذلك، تتهم حماس الأونروا بالتواطؤ مع إسرائيل، مما يسلط الضوء على موقف الوكالة كضحية وليس مشاركًا في الصراع. وييواصل لازاريني قائلًا إنه من الأهمية بمكان أن وضع اللاجئين الفلسطينيين متجذر في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بغض النظر عن وجود الأونروا. إن تفكيك الوكالة لن يغير هذا الوضع ولكنه سيحرم الملايين من الدعم الحاسم.
مفترق طرقيقف المجتمع الدولي الآن عند مفترق طرق محوري. يؤدي أحد المسارات إلى الفوضى، حيث تتحمل إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، المسئولية الكاملة عن الفلسطينيين في غياب الرقابة الدولية. بينما يتضمن المسار الآخر تعزيز النظام القائم على القواعد وحل القضية الفلسطينية من خلال الوسائل السياسية. ويشير لازاريني إلى التحالف العالمي الذي تقوده جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، والذي يسعى إلى إحياء مبادرة السلام العربية وتمهيد الطريق لحل الدولتين. وفي هذا الإطار، فإن دور الأونروا حيوي، لضمان عدم التخلي عن الفلسطينيين، وخاصة في غزة، لمستقبل خالٍ من التعليم والأمل. ومن شأن انتقال الوكالة التدريجي للمسئوليات إلى دولة فلسطينية أن يفي بولايتها الأصلية.
من أجل العملعلى الرغم من الوضع المزري، يظل لازاريني متفائلًا بحذر. فالأدوات اللازمة لدعم التعددية والقانون الدولي موجودة، ولا تتطلب سوى الإرادة السياسية لنشرها. والبديل عالم يحكمه القوة النارية والدعاية، وذلك من شأنه أن يمثل فشلًا كارثيًا للقيادة العالمية.
ويرى لازاريني أن بقاء الأونروا لا يتعلق فقط بدعم الوكالة بل يتعلق أيضًا بالحفاظ على الإنسانية والعدالة والمبادئ التي تدعم التعاون الدولي.. ويتعين على العالم أن يقرر: هل سيتحرك لتجنب هذه الأزمة الوشيكة، أم سيسمح للأونروا بأن تصبح ضحية أخرى من ضحايا اللامبالاة؟
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأونروا فيليب لازاريني الامم المتحده اللاجئين الفلسطينيين فلسطين غزة المجتمع الدولي
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان تدخل عامها الثالث على وقع أسوأ أزمة إنسانية في العالم
دخلت الحرب في السودان، اليوم الثلاثاء، عامها الثالث منذ اندلاعها في 15 نيسان /أبريل عام 2023 بين الجيش وقوات "الدعم السريع، في ظل تدهور غير مسبوق للأوضاع الإنسانية في أزمة توصف بأنها "الأسوأ عالميا".
واندلعت المواجهات بين الجانبين عام 2023 لأول مرة في العاصمة الخرطوم، قبل أن تمتد إلى معظم ولايات البلاد، ما أدى إلى دوامة من العنف ودمار هائل في البنية التحتية، ونزوح ملايين المدنيين داخليا وخارجيا.
وتؤكد منظمات دولية أن السودان بات يشهد أكبر أزمة نزوح في العالم. وكانت مديرة المناصرة الإقليمية في منظمة "أوكسفام"، إليز نالبانديان، قالت في تصريحات سابقة إن "السودان الآن أسوأ حالا من أي وقت مضى. أكبر أزمة إنسانية، أكبر أزمة نزوح، أكبر أزمة جوع… إنها تحطم كل أنواع الأرقام القياسية الخاطئة".
ووفق بيانات الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف سكان السودان، أي ما يزيد عن 30.4 مليون شخص، بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، فيما اضطر أكثر من 11 مليون شخص للنزوح داخليا، ولجأ نحو 4 ملايين إلى دول الجوار.
وفي 26 آذار /مارس الماضي، شهد الصراع المتواصل تطورا ميدانيا لافتا بعد تمكن الجيش من استعادة القصر الرئاسي في الخرطوم بعد نحو عامين من سيطرة "الدعم السريع" عليه، في خطوة اعتُبرت تحولا محوريا في مجريات الحرب.
وخلال عامين من القتال، تعرضت الجسور ومحطات الكهرباء والمياه للتخريب، وتضررت مصافي النفط والمطارات، بينما طالت أعمال النهب المتاحف والأسواق، وسط انهيار شبه كامل للنظام الصحي.
وتفيد التقديرات بأن عدد القتلى تجاوز 150 ألف شخص، رغم أن الرقم الرسمي لا يزال عند 20 ألفا.
وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، دانيال أومالي، إن "هناك انتهاكات واسعة النطاق للقانون الإنساني الدولي في الصراع. جميع السكان المدنيين، بغض النظر عن مكان وجودهم في البلاد، عالقون بين طرف أو طرفين أو أكثر. وهم يتحملون وطأة كل شيء. الأعداد الهائلة مُذهلة".
ويواجه الأطفال السودانيون على وجه الخصوص أوضاعا مأساوية، إذ يتهدد أكثر من 3 ملايين منهم خطر الموت نتيجة الأمراض وسوء التغذية، فيما خرج 17 مليون طفل من مقاعد الدراسة، في واحدة من أكبر أزمات التعليم في العالم.
ومع دخول الحرب عامها الثالث، تزداد التحذيرات من كارثة ممتدة إذا لم يتحرك المجتمع الدولي، في حين تقول الأمم المتحدة إن المدنيين "لا يزالون يدفعون ثمن تقاعس العالم".