الجبهة المدنية آلية لإنهاء الحرب واكمال الثورة أم آلية للمشاركه فى العملية السياسية؟
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
إلى شعبنا: ( مد الخطوه وأمشى، تلقى الصعب فات)
( لما الدنيا تبكينى باقول دى مصيرها مبتسمة )
( طعن الخناجر ولا حكم الخسيس في) أحمد فؤاد نجم شاعر للفقراء مصرى .
♦️تبذل قوى وشخصيات ديمقراطية جهد مقدر فى محاولة توحيد المدنيين، ولكى تلتف قوى الثورة حوله ويحظى بالنجاح نحتاج أن نسبر غوره بمزيد من الحوار والنقاش المثمر والمنتج دون تربص أو تخوين .
♦️طريقان يتقاطعان فى بناء الجبهة المدنية طريق يحسبه الظمآن ماء يخضع بناء الجبهة المدنية ويكيفها وفق متطلبات العملية السياسية، بما فى ذلك التعجيل بقيامها كتجميع شكلى للقوى المدنية وبمحتوى لا يبعد كثيرا أو قليلا لللحاق بسوق العملية السياسية ، وطريق آخر فى السعى لبناء جبهة مدنية كفاحية ونضالية لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة واكمال مهام الثورة و مخاطبة جذور الأزمة وهنا فإن القيادة للشعب وقواه الحية فى جبهة مدنية وطريق صعب . إن نجاح بناء الجبهة المدنية شرط لإنجاح العملية السياسية بشكل مترابط وعضوى يكمن فى إختيار الطريق الثانى، رغم تعقيداته .
♦️الإنقلاب والحرب وجهان لعملة واحدة مصممة لإنهاء ثورة ديسمبر وإغراقها فى الدماء من قبل الفلول .
♦️طرح منبر جدة أطروحة وقف الحرب أولا ثم العملية السياسية ثانيا بمشاركة المدنيين، وهى أطروحة صحيحة فى تصميم عمليات السلام على طريقة وقف النزيف أولا ثم تشخيص المرض ومعالجته بعد ذلك ، ومن هنا تكاثرت الدعوات لبناء جبهة مدنية لمتطلبات العملية السياسية وهى قضية ذات سمات ومحتوى مختلف عن الجبهة التى تساهم فى إنهاء الحرب وتأسيس وبناء الدولة وإكمال الثورة وهى عملية نضالية ذات صله بثورة ديسمبر وإنجاز مهام الثورة السودانية عموما.
♦️إنهاء الحرب وعودة الحياة المدنية رغبة نبيلة تستحق الدعم والتأييد، لكن السؤال كيف تنتهي الحرب؟
ولمصلحة أى قوى إجتماعية؟
ووفق أجندة من ؟
وهل سنعيد النظام القديم ام نبنى نظاما جديدا ينهي الحروب؟
♦️تم تقسيم العمل بشبه إتفاق إقليمى ودولى بين منبرى جدة والإيقاد والإتحاد الأفريقي، بأن يتولى الأول وقف الحرب والثاني وحدة المدنيين فى إطار العملية السياسية وتشكلت كثير من المبادرات الداخلية والخارجية لتوحيد المدنيين لللحاق بالعملية السياسية بأكبر صف يتم تجميعه من القوى المدنية، والقوى المدنية ليس بالضرورة قوى الثورة والتغيير ، فهى عبارة بلا ضفاف تحتاج إلى ضبط وإحكام بما ذلك السؤال الهام حول من سيشارك فى إجتماع ٢٥ أغسطس ٢٠٢٣ الذى كان ينوى الإتحاد الأفريقي قيامه حتى قبل وحدة القوى المدنية نفسها، وحسنا أنه لن يقوم فى مواعيده دون تحضير كافي .
♦️يجرى الحديث عن توحيد المبادرات المدنية فى ٨ سبتمبر، السؤال على أى أساس؟ ووفق أى صيغة؟ وما هى القوى المكونة للوحدة ؟ وهل هو عمل من أعمال العملية السياسية؟
أم لتوحيد الحركة الجماهيرية ضد الحرب وتأسيس الدولة وإكمال مهام الثورة فعلا لا قولا !
♦️ تجرى محاولات خجولة وبعيدا عن الأضواء لضم واجهات ذات صلة بالمؤتمر الوطني المحلول والفلول، وهم إن لم يجدوا الميرى لا يستنكفون التمرغ فى ترابه .
♦️مكافأة المؤتمر الوطني على حربه مستيحلة ولن تنتج سلاما ، وهنا لا نقف ضد أى إسلامي إن وقف مع الحكم المدني وضد الحرب أينما وجد، والمؤتمر الوطني على كل حال ممثل مع أحد أطراف الحرب ودفع الله الحاج على هو الذى يقود أجندة المؤتمر الوطني بإسم ما تبقى من الدولة يساعده بخارى غانم أفندى الإسلامي وكادر الأمن من الدويم فى الخارج وفى الداخل أساطين المكر من البشير وعلى عثمان والجاز وهارون وكرتى وغيرهم ، فإنهاء الحرب بالفعل يجرى مع الإسلاميين الذين يسعون للدخول بصرفتين مع أحد أطراف الحرب وفى الجبهة المدنية إن أمكنا .
♦️وحدة القوى المدنية يجب أن تعنى فى الأساس وحدة قوى الثورة والتغيير قبل أن نصل إلى العملية السياسية، والعملية السياسية فى ظل الحرب ( عصيدة ملاحها فى الريف) فالمؤتمر الوطني يسعى لإطالة أمد الحرب وتحويلها الى حرب أهلية شاملة ويجب التصدى له .
♦️للوصول لعملية سياسية ذات جدوى يجب الفصل بين قيام جبهة مدنية لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة وإستكمال الثورة كتطور لازم لإستنهاض الحركة الجماهيرية وثقتها فى قدراتها فى مواجهة الحرب والفلول معا بضم كل الراغبيين فى إنهاء الحرب وإستكمال الثورة .
♦️الجبهة المدنية هى إنتقال من صيغة ٢٠١٩ والحكومة الإنتقالية ومن ثم مناهضة الإنقلاب التى إنتهت فى ١٥ ابريل٢٠٢٣ بإندلاع الحرب إلى مرحلة ثالثة تضم قوى الثورة والتغيير ومناهضى الحرب دون ترك ثورة ديسمبر خلفنا ومكافأة الفلول والقوى الخارجية التى تدعمهم ، واى حل نئ سوف يرجعنا للنار مرة أخرى .
♦️تأسيس الجبهة المدنية ترياق ضد اللتق والتلفيق والتوفيق وإعادة إنتاج النظام القديم بمخاطبة جذور الأزمة وحتى لا تصبح قوى الثورة كالأيتام فى موائد اللئام فى أى عملية سياسية تصمم على شاكلة سوق عكاظ ومؤتمر كنانة و مؤتمر الحوار الأول والثاني ومؤتمر سلام روتانا وحتى لا نكافى الفلول على حربهم، وسردية حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣ هى حرب الفلول وإم حروبهم الطويلة ضد الشعب السوداني.
♦️ أخيرا المبادرات الإقليمية والدولية تجد الترحيب والتقدير منا جميعا دون إستعجال أو تباطؤ ودن مزايدة أو تفريط ،فالتعويض والعوض الوحيد لما لحق بشعبنا من خسائر ودمار وإنتهاكات هو فى تغيير الإتجاه واستدامة الحلول ببناء دولة جديدة ديمقراطية للمواطنة بلا تمييز وتأسيس جميع المؤسسات بشكل مهنى غير محزبن وعلى رأس ذلك بناء القوات المسلحة.
سيكون شعبنا يوما ما يريد .
١٧ أغسطس ٢٠٢٣
//////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العملیة السیاسیة القوى المدنیة قوى الثورة جبهة مدنیة
إقرأ أيضاً:
عبد العزيز الحلو في لقائه مع قناة “الحدث”: خطاب بين الثورة والمأزق
في مقابلة مثيرة للجدل مع قناة "الحدث"، رسم عبد العزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية – شمال، ملامح خطابه السياسي الراهن، الذي جاء مشبعًا بأفكار إعادة التأسيس، لكنه لم يخلُ من التناقضات والتحديات الكامنة. وقد تنقل الحلو بين قضايا تتصل بجوهر الدولة السودانية، وتاريخها الدموي، وتحالفاتها الراهنة، وملامح المستقبل الذي يطرحه، وهو ما يستدعي قراءة تحليلية متأنية لمضامين الخطاب ودلالاته.
وثيقة التأسيس: عقد اجتماعي جديد أم مظلة لتحالفات متناقضة؟
يبدأ الحلو بتقديم ما أسماه "وثيقة تأسيس السودان الجديد"، بوصفها عقدًا اجتماعيًا يهدف إلى إعادة تشكيل النظام السياسي. تقوم الوثيقة على ثلاث دعائم رئيسية:
فصل الدين عن الدولة (العلمانية).
توحيد الجيوش عبر دمج المليشيات في جيش قومي مهني.
تطبيق لا مركزية حقيقية تُنهي هيمنة المركز على الأطراف.
غير أن اللافت في الخطاب، هو محاولة الحلو ربط هذه المبادئ الثورية بالتحالف مع قوى ذات سجل دموي، مثل قوات الدعم السريع، التي اعتبرها جزءًا من "الهامش" الموقع على الوثيقة، ما يطرح تساؤلات حول مدى التزام الموقعين الحقيقي بهذه المبادئ.
إدانة الجيش وتبرئة نسبية للدعم السريع
في سرده للتاريخ الدموي للصراع السوداني، وجّه الحلو سهام النقد العنيف للجيش السوداني، وخصّ حقبة التسعينيات باتهامات جسيمة، منها مجازر المساليت في 1992، مذكّرًا بأسماء قيادات عسكرية بارزة مثل محمد عثمان الدابي وعبد الفتاح البرهان.
لكن الأكثر إثارة للجدل، كان قوله إن انتهاكات الدعم السريع تمت "بأوامر من الجيش"، محاولًا تحميل المؤسسة العسكرية كل تبعات جرائم الحرب، بما فيها تلك التي ارتكبتها قوات حميدتي، والتي وثقتها منظمات دولية بشكل مستقل.
وبرغم توقيع الدعم السريع على وثيقة تلزمه بالمحاسبة، فإن تبرير الحلو لتحالفه معها باعتبارها "جزءًا من الهامش المهمش" لا يمحو تورطها العميق في جرائم دارفور وتجنيد الأطفال. فهل هو تحالف تكتيكي لموازنة قوة الجيش، أم مجازفة أخلاقية وسياسية ستكلفه الكثير؟
النقد الجذري للنظام القديم: الكيزان في مرمى النار
أعاد الحلو تعريف الجيش باعتباره الحارس الأخير للنظام القديم، ذي الخلفية الإسلامية، مشيرًا إلى أن الإسلاميين "استخدموا الدين كسلاح لقمع الأطراف". وتحت هذا التوصيف، جاء نقده لحكومة بورتسودان، التي وصفها بأنها:
تتبنى خطابًا تمييزيًا (مثل قانون الوجوه الغربية).
تعيد إنتاج مشروع "مثلث حمدي" الانفصالي.
توظف الدين في الحرب، كما في فتوى عبد الحي يوسف بقتل "ثلث الشعب".
وبذلك، رسم الحلو صورة لحكومة تسعى إلى إعادة إنتاج السودان القديم، في مقابل مشروعه للسودان الجديد القائم على العلمانية واللامركزية.
المستقبل كما يراه الحلو: بين الواقع والطموح
رؤية الحلو لمستقبل السودان ترتكز على تأسيس دولة مدنية علمانية، تعترف بالتعدد الإقليمي والإثني، وتضمن حكمًا لا مركزيًا حقيقيًا. ويقدم نموذج إدارات الحركة الشعبية في النيل الأزرق وجنوب كردفان كمثال على هذا التصور.
لكنه حذر من امتداد الحرب شرقًا نحو بورتسودان ومروي، ما لم تفتح الحكومة الباب أمام حل سلمي، وهي إشارة ضمنية إلى خيار الحرب الشاملة كأداة ضغط سياسي.
نقاط الإشكال: بين خطاب الحقوق وتحالفات الدم
التحالف مع الدعم السريع:
يحاول الحلو أن يلبس الدعم السريع ثوب الضحية، متجاهلًا دوره الأساسي في جرائم دارفور. الخطورة هنا أن التحالفات القائمة على المظلومية المشتركة قد تتحول إلى شراكة في العنف، لا مشروع للتحرر.
المغالطات الرقمية:
القول بمقتل "أربعة ملايين سوداني" على يد الجيش يفتقر للدقة، إذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى 300 ألف قتيل في دارفور، ومليوني نازح. استخدام الأرقام بهذا الشكل يُضعف من مصداقية الخطاب حتى لو حمل في طياته كثيرًا من الحقائق التاريخية.
الخطاب الانتقائي:
رغم نبرة العدالة والمحاسبة، لم يقدّم الحلو مراجعة ذاتية لسلوك الحركة الشعبية في مناطق سيطرتها، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات في جبال النوبة. العدالة الانتقائية تُقوّض أي مشروع وطني حقيقي.
السياق الأوسع: الهامش ضد المركز أم تفتيت الدولة؟
يرتكز خطاب الحلو على سردية "الهامش المظلوم" ضد "المركز المتغطرس"، وهو ما يبرر، في نظره، التحالف مع قوى مثل الدعم السريع. لكن هذا المنطق يُهدد بتحويل السودان إلى أرخبيل من المليشيات، لا دولة موحدة.
وإذا نظرنا إلى الخارطة الراهنة:
الدعم السريع يسيطر على أربع ولايات.
الحركة الشعبية تدير منطقتين.
حكومة بورتسودان تمسك بالشرق.
فنحن أمام واقع أقرب إلى تفتيت فعلي للدولة، حتى دون إعلان رسمي للانفصال.
دور المجتمع الدولي: غياب التوازن
اتهم الحلو الأمم المتحدة بالتغاضي عن جرائم الحرب، في إشارة إلى تعاملها المستمر مع الجيش كشريك سياسي. وهو نقد يعكس فجوة بين الخطاب المحلي والدعم الدولي، الذي غالبًا ما يتعامل ببراغماتية تحكمها توازنات القوى لا مبادئ العدالة.
خلاصة: خطاب ثوري في مأزق سياسي
يحاول عبد العزيز الحلو في خطابه أن يقدم نفسه كمحور لمشروع وطني بديل، يتجاوز الإسلام السياسي، والهيمنة المركزية، والانتهاكات الممنهجة. لكن مشروعه يصطدم بتحالفاته الهشة، وخطابه الانتقائي، والمشهد الجغرافي المفكك.
يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لثورة الهامش أن تنجح، إذا ما تبنّت أدوات النظام الذي ثارت عليه؟
zuhair.osman@aol.com