سواليف:
2025-03-05@18:14:12 GMT

التعليم بين الرؤية والواقع

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

#التعليم بين #الرؤية و #الواقع

الكاتب: عبد البصير عيد
لطالما كان للمعلم هيبته وللعلم قيمته الرفيعة في قلوب الناس على مر العصور، كما كانت الكتب تُكتب في صفات طالب العلم والقصص تروى والأمثال تضرب في شغف اكتساب العلم وتعلمه. إن القائمة تطول، لكن الزمان يتغير، فهذا التطور المتسارع جعل كثيراً من تلك الأقوال والحكم تشهد ملامح علاقات متغيرة مست طبيعة المعلم ومكانته، وسمات الطالب وشغفه، وباتت العملية التعليمية تواجه تحديات مختلفة في مختلف الأصعدة، لتخلق فينا أسئلة صعبة على رأسها: أين نحن الآن بين الرؤية المثالية للتعليم والواقع الذي نعيشه؟
لقد كان لتعليم هالته القدسية التي أحاطت به على مر التاريخ من ترسيخ المبادئ، وتعزيز القيم النبيلة، من أجل خدمة المجتمعات والارتقاء بها.

فهي رسالة تحمل في طياتها الإخلاص والإبداع، وهيبة تجعل المعلم مصدر احترامٍ وإلهامٍ للطلاب والمجتمع على حدٍ سواء.
كان الطالب يسعى للتعلم بكل إصرار غير مكترثٍ ببعد المسافات ولا وعورة الطرق، فقد كان الشغف دافعه والعزيمة زاده، يرحل في طلب العلم، وينهل من ينابيعه الصافية، مدركًا أن التعليم هو مفتاح مستقبله وأساس نهضته.
أما اليوم في عصرنا هذا، أصبح التعليم في العديد من الأحيان يخضع لتأثيرات خارجية أو داخلية، تؤثر على العملية التعليمية لتحويلها من رسالة أخلاقية نبيلة إلى معادلة حسابية مادية. وكنتيجة لذلك تتراجع قيم التعليم الأصيلة أمام التحديات اليومية التي تواجه المعلمين والطلاب على حدٍ سواء.
تُضاف إلى ذلك ظاهرة دخول بعض الأفراد إلى مهنة التعليم دون امتلاك رؤية واضحة أو شغف حقيقي، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم ومخرجاته، ليصبح التعليم جسداً لا روح فيه.
وتتعدى المشكلة إلى أبعد من مجرد تحويل التعليم إلى سلعة تجارية إلى مرحلة غياب الرؤية الحقيقية لدى بعض القائمين على التعليم. الرؤية التي تُغرس في النفوس، وتستند إلى حب المهنة والرغبة في تحقيق تغيير إيجابي. فلا شك في أن للجانب المادي طريقه وفلسفته في قطاع التعليم، لكن لا يمكن أن يُتَهَاوَن في جوهر العملية التعليمية وهي كونها رسالة ورؤية لها مكانتها، بل وهي حجر أساسها وركيزتها.
الرؤية ليست مجرد كلمات تُعلق على الجدران، أو تُكتب في التقارير، بل هي إيمان داخلي يتجلى في العمل اليومي للمعلم وبوصلة يهتدي بها العاملون كلهم في هذا المجال معلمين وقادة من أجل تقديم التعليم المطلوب بحب وشغف وإخلاص.
يواجه التعليم اليوم أجيالاً تعيش في عالم متغير يتطلب مهارات ومعارف مبدعة ومبتكرة. هؤلاء الطلاب هم بناة المستقبل، لكن إعدادهم لمواجهة التحديات يتطلب رؤية تعليمية متكاملة، تُوازن بين القيم المتوارثة والأصيلة والرؤية العصرية والحديثة واستشراف المستقبل.
ومع كل هذا لا ننكر أن المعلمين يواجهون تحديات كبرى، مثل التعامل مع طلاب مختلفي الخلفيات والاحتياجات، والضغط الناتج عن المناهج المكثفة، والتقنية المتسارعة، فضلاً عن ضعف التقدير المجتمعي في بعض الأحيان.
لذلك، ومن أجل إحداث فرق حقيقي، يجب أن يكون لكل فرد في مجال التعليم رؤيته الخاصة التي تُميّزه عن غيره. رؤية تقوم على المبادئ الأصيلة، والإبداع في مواجهة التحديات، والإيمان بأهمية الرسالة، فيجب ألا يفقد المعلم شغفه وبوصلته ورؤيته تجاه هذه المهنة النبيلة. هذه الرؤية يجب أن تكون صامدة أمام التحديات، فلا تُحيدها الظروف، أو تجعلها تتأثر بضغوط الحياة اليومية.
رغم تعقيد المشهد الحالي، لا بد أن نحافظ على أهم مبادئ هذه المهنة والعودة بها إلى بساطتها وقيمها الأولى. فالعودة إلى رؤية واضحة ومخلصة للتعليم ليست ترفًا، بل ضرورة لإعادة بناء الأجيال القادمة.
فحينما تغيب الرؤية، يصبح التعليم مجرد وظيفة، وقد يفقد المعلم شغفه، والطالب دافعيته، والمجتمع أمله في مستقبل أفضل. التعليم ليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل هو فن يحيى العقول، وأمانة تضمن بقاء القيم، وطريق لتحقيق النهضة. لهذا، يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق التوازن بين الرؤية المثالية للتعليم والواقع الذي نعيشه، واضعين نصب أعيننا أن التعليم هو أساس أي نهضة حضارية مستدامة.

كاتب وخبير تربوي

مقالات ذات صلة استنهاض هِمَم / مروى الشوابكة 2024/12/20

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: التعليم الرؤية الواقع

إقرأ أيضاً:

«الثقافي العربي» يناقش الرؤية الفكرية في أدب الطفل

محمد عبدالسميع (الشارقة)

أخبار ذات صلة «الشارقة للنقد التشكيلي» تطلق عنوان دورتها الـ 16 الأرقام الإيجابية ترفع ثقة «الفرسان»

نظم النادي الثقافي العربي مساء أمس الأول أمسية أدبية بعنوان «الرؤية الفكرية في أدب الطفل» تحدث فيها الكاتب السوري جيكار خورشيد، وأدارتها الإعلامية ريم عبيدات، بحضور الدكتور عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي، وعلي المغني نائب رئيس مجلس الإدارة.
وافتتحت عبيدات الجلسة بمقدمة، تساءلت خلالها: هل يولد الطفل صفحة بيضاء، أم أن روحه تأتي إلى العالم ممتلئة بأسئلة، لا تنتظر سوى أن تنطق؟ وما الطفولة إن لم تكن ولادة دائمة للأسئلة؟ الطفل، حين يرى ظله لأول مرة، لا يفكر في الضوء بل في الكينونة، حين يركض خلف الفراشة، لا يبحث عنها، بل عن سر الطيران، وحين يسأل: «لماذا؟»، فإنه لا ينتظر إجابة، بل يختبر صلابة العالم.
تجربة خلاقة
وأضافت ريم عبيدات: اليوم نلتقي في هذه الندوة لنناقش مشروعاً أدبياً عربياً يفتح نوافذ جديدة في مكتبة الطفل، ويمثل بداية لرحلة عميقة تأخذ الطفل العربي إلى تجربة فكرية خلاقة هو مشروع الكاتب السوري جيكار خورشيد الذي نشأ في أحضان مدينة حلب وتلقى تعليمه الأكاديمي في الأدب العربي في حمص، تألق منذ بداياته حين نالت مجموعته «ابن آوى والليث» جائزة الشارقة للإبداع العربي لأدب الأطفال سنة 2006، وأثمرت رحلته الإبداعية أكثر من 350 مؤلفاً منشوراً.
ونركز في هذه الجلسة على مشروعه الخاص الذي قدم فيه للأطفال رؤى فكرية مستمدة من فلسفة جلال الدين الرومي ونشر منه حتى الآن خمسة كتب.
البحث والاستكشاف
واستهل جيكار خورشيد مداخلته بالقول «إن الأطفال مغرمون بالأسئلة، فغالباً ما نسمعهم يسألون أسئلة عميقة حول الوجود والحياة، فمن أين ينبغي أن يحصل الطفل على إجابات مقنعة؟ الجواب عندي هو بالبحث والاستكشاف، فالإجابات الجاهزة المقولية لن تصنع طفلاً مبدعاً، ناقش الطفل أولاً واستمع إلى أسئلته باهتمام وبعدها اطلب منه أن يحدد الإجابات والحلول بنفسه من خلال البحث والتأمل، فالمناقشة والتأمل، مما يساعد على تقوية شخصية الطفل، وأنا مهمتي ككاتب للأطفال أن أفتح أبواب الخيال والإبداع من خلال نصوص إبداعية تحفزهم على التأمل، والسؤال والبحث عن الأجوبة. فلسفة الكتب التي أؤلفها للأطفال هي فلسفة محبة وسلام وتسامح وتعايش، هي فلسفة الإنسان، الإنسان الذي يبني، الإنسان الذي يداوي، الإنسان الذي يعلم، الإنسان الذي يسامح، الإنسان الذي يحب، الإنسان الذي يعمل، الإنسان الذي.. إلى آخر ذلك من القيم النبيلة».

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة ترد على الرؤية المصرية لإعمار غزة
  • رابط صحيفة أحوال المعلم وخطوات تسجيلها وطباعتها |تفاصيل مهمة لترقيات المدرسين
  • فاجعة تهز مدرسة بالمنيا: وفاة معلم يفارق الحياة أثناء شرح الدرس لطلابه
  • الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!
  • الأوهام الصهيونية بين التضليل والواقع: كيف يحول الإعلام هرطقات الاحتلال إلى مسلّمات؟
  • الرقابة الإدارية.. المفتاح السري لتحقيق "رؤية عُمان 2040"
  • مهمة في توثيق المسار الوظيفي.. رابط صحيفة أحوال المعلم 2025
  • لمناسبة عيد المعلم.. اقفال المدارس يوم الاثنين المقبل
  • "الثقافي العربي " يناقش "الرؤية في أدب الطفل"
  • «الثقافي العربي» يناقش الرؤية الفكرية في أدب الطفل