سواليف:
2025-04-11@08:06:02 GMT

التعليم بين الرؤية والواقع

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

#التعليم بين #الرؤية و #الواقع

الكاتب: عبد البصير عيد
لطالما كان للمعلم هيبته وللعلم قيمته الرفيعة في قلوب الناس على مر العصور، كما كانت الكتب تُكتب في صفات طالب العلم والقصص تروى والأمثال تضرب في شغف اكتساب العلم وتعلمه. إن القائمة تطول، لكن الزمان يتغير، فهذا التطور المتسارع جعل كثيراً من تلك الأقوال والحكم تشهد ملامح علاقات متغيرة مست طبيعة المعلم ومكانته، وسمات الطالب وشغفه، وباتت العملية التعليمية تواجه تحديات مختلفة في مختلف الأصعدة، لتخلق فينا أسئلة صعبة على رأسها: أين نحن الآن بين الرؤية المثالية للتعليم والواقع الذي نعيشه؟
لقد كان لتعليم هالته القدسية التي أحاطت به على مر التاريخ من ترسيخ المبادئ، وتعزيز القيم النبيلة، من أجل خدمة المجتمعات والارتقاء بها.

فهي رسالة تحمل في طياتها الإخلاص والإبداع، وهيبة تجعل المعلم مصدر احترامٍ وإلهامٍ للطلاب والمجتمع على حدٍ سواء.
كان الطالب يسعى للتعلم بكل إصرار غير مكترثٍ ببعد المسافات ولا وعورة الطرق، فقد كان الشغف دافعه والعزيمة زاده، يرحل في طلب العلم، وينهل من ينابيعه الصافية، مدركًا أن التعليم هو مفتاح مستقبله وأساس نهضته.
أما اليوم في عصرنا هذا، أصبح التعليم في العديد من الأحيان يخضع لتأثيرات خارجية أو داخلية، تؤثر على العملية التعليمية لتحويلها من رسالة أخلاقية نبيلة إلى معادلة حسابية مادية. وكنتيجة لذلك تتراجع قيم التعليم الأصيلة أمام التحديات اليومية التي تواجه المعلمين والطلاب على حدٍ سواء.
تُضاف إلى ذلك ظاهرة دخول بعض الأفراد إلى مهنة التعليم دون امتلاك رؤية واضحة أو شغف حقيقي، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم ومخرجاته، ليصبح التعليم جسداً لا روح فيه.
وتتعدى المشكلة إلى أبعد من مجرد تحويل التعليم إلى سلعة تجارية إلى مرحلة غياب الرؤية الحقيقية لدى بعض القائمين على التعليم. الرؤية التي تُغرس في النفوس، وتستند إلى حب المهنة والرغبة في تحقيق تغيير إيجابي. فلا شك في أن للجانب المادي طريقه وفلسفته في قطاع التعليم، لكن لا يمكن أن يُتَهَاوَن في جوهر العملية التعليمية وهي كونها رسالة ورؤية لها مكانتها، بل وهي حجر أساسها وركيزتها.
الرؤية ليست مجرد كلمات تُعلق على الجدران، أو تُكتب في التقارير، بل هي إيمان داخلي يتجلى في العمل اليومي للمعلم وبوصلة يهتدي بها العاملون كلهم في هذا المجال معلمين وقادة من أجل تقديم التعليم المطلوب بحب وشغف وإخلاص.
يواجه التعليم اليوم أجيالاً تعيش في عالم متغير يتطلب مهارات ومعارف مبدعة ومبتكرة. هؤلاء الطلاب هم بناة المستقبل، لكن إعدادهم لمواجهة التحديات يتطلب رؤية تعليمية متكاملة، تُوازن بين القيم المتوارثة والأصيلة والرؤية العصرية والحديثة واستشراف المستقبل.
ومع كل هذا لا ننكر أن المعلمين يواجهون تحديات كبرى، مثل التعامل مع طلاب مختلفي الخلفيات والاحتياجات، والضغط الناتج عن المناهج المكثفة، والتقنية المتسارعة، فضلاً عن ضعف التقدير المجتمعي في بعض الأحيان.
لذلك، ومن أجل إحداث فرق حقيقي، يجب أن يكون لكل فرد في مجال التعليم رؤيته الخاصة التي تُميّزه عن غيره. رؤية تقوم على المبادئ الأصيلة، والإبداع في مواجهة التحديات، والإيمان بأهمية الرسالة، فيجب ألا يفقد المعلم شغفه وبوصلته ورؤيته تجاه هذه المهنة النبيلة. هذه الرؤية يجب أن تكون صامدة أمام التحديات، فلا تُحيدها الظروف، أو تجعلها تتأثر بضغوط الحياة اليومية.
رغم تعقيد المشهد الحالي، لا بد أن نحافظ على أهم مبادئ هذه المهنة والعودة بها إلى بساطتها وقيمها الأولى. فالعودة إلى رؤية واضحة ومخلصة للتعليم ليست ترفًا، بل ضرورة لإعادة بناء الأجيال القادمة.
فحينما تغيب الرؤية، يصبح التعليم مجرد وظيفة، وقد يفقد المعلم شغفه، والطالب دافعيته، والمجتمع أمله في مستقبل أفضل. التعليم ليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل هو فن يحيى العقول، وأمانة تضمن بقاء القيم، وطريق لتحقيق النهضة. لهذا، يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق التوازن بين الرؤية المثالية للتعليم والواقع الذي نعيشه، واضعين نصب أعيننا أن التعليم هو أساس أي نهضة حضارية مستدامة.

كاتب وخبير تربوي

مقالات ذات صلة استنهاض هِمَم / مروى الشوابكة 2024/12/20

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: التعليم الرؤية الواقع

إقرأ أيضاً:

خبير أمريكي: تأكيد الولايات المتحدة مجددا اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه “رسالة تكرس الحقيقة والواقع على الأرض”

أكد الخبير الأمريكي ديفيد آرونسون، عضو مركز الأبحاث الأمريكي “The Heritage Foundation”، أن تأكيد الولايات المتحدة مجددًا على سيادة المغرب على الصحراء يعد بمثابة “رسالة قوية” تكرس “الحقيقة والواقع على الأرض”، ما يعزز المسار نحو السلام والاستقرار الإقليمي.

وفي تصريح له، أشار آرونسون إلى أن إعلان الولايات المتحدة الأخير يندرج في إطار تجديد التأكيد الذي قدمه الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب للملك محمد السادس، ويعكس استمرار الدينامية الإيجابية التي بدأها الاتفاق الثلاثي لعام 2020. وأضاف أن هذا الموقف يفتح آفاقًا جديدة للسلام في المنطقة.

وفي سياق المباحثات التي جرت يوم الثلاثاء في واشنطن بين وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ووزير الدولة الأمريكي ماركو روبيو، جدد الأخير تأكيد الولايات المتحدة على دعمها الكامل لسيادة المغرب على الصحراء، وهو موقف سبق أن اعتمدته الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب، والذي لاقى دعما من عدة دول أخرى.

وأضاف آرونسون أن العلاقات الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة، التي توطدت تحت قيادة الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي السابق ترامب، تعد بنموذج مثالي للتعاون المستقبلي. وأكد أن البلدين يتقاسمان قيمًا ومصالح مشتركة، بما في ذلك الالتزام الراسخ بالسلام والأمن والازدهار.

واستحضر الخبير الأمريكي التاريخ العريق للعلاقات المغربية-الأمريكية، حيث كان المغرب أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة في عام 1777. وأكد أن هذه العلاقة الاستراتيجية ستستمر في التطور، خاصة في مجالات التعاون العسكري والاقتصادي، مشيرًا إلى الاتفاقيات مثل “الاتفاق الثلاثي” و”تمرين الأسد الإفريقي” كأمثلة حية على هذا التعاون المتنامي بين البلدين.

مقالات مشابهة

  • تزايد الفجوة بين بيانات جيش الاحتلال والواقع برفح.. حماس لا زالت نشطة
  • حقق 50 مليون مشاهدة|وزير التعليم السابق ينشر فيديو عن علاقة المعلم بطلابه
  • ضبط قائد سيارة وضع كشافات تسببت في حجب الرؤية
  • خبير أمريكي: تأكيد الولايات المتحدة مجددا اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه “رسالة تكرس الحقيقة والواقع على الأرض”
  • «القيب» يبحث تبنّي رؤية موحدة للنهوض بمستوى التعليم
  • وفق 8 عناصر رئيسية.. "التعليم" تعتمد نموذجًا متكاملاً لتقييم المعلمين
  • عاجل - وفق 8 عناصر رئيسية.. "التعليم" تعتمد نموذجًا متكاملاً لتقييم المعلمين
  • التعليم بلا تمكين!!
  • مفاهيم الإصلاح والتغيير في الرؤية الإسلامية.. مشاتل التغيير (13)
  • مصر تحت وطأة الرياح.. رمال مثارة وانخفاض الرؤية وتحذير بحري