خبيرة إسرائيلية: سوريا تمثل منجم ذهب للإمارات
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
قالت الكاتبة الإسرائيلية، خبيرة القضايا الجيوسياسة والأزمات الدولية والإرهاب العالمي عنات هوشبيرغ مروم إن سوريا تمثل منجم ذهب للإمارات، رغم أن الأسد تركها وراءه أرضا محروقة.
وتابعت في مقال لها على صحيفة "معاريف" العبرية، إنه في "ظل الانهيار الدراماتيكي لنظام الأسد في دمشق، أعلنت الإمارات أنها قلقة جداً من الفوضى والتطرف ومن المساس بالوحدة الإقليمية لسوريا".
ولم يكن سقوط نظام البعث العلماني، بعد أكثر من 60 عاماً من الحكم الاستبدادي والقاسي، قد أدى إلى فوضى سياسية وأمنية خطيرة فحسب، بل إن الفراغ السياسي-الحكومي الذي نشأ نتيجة لانهيار مؤسسات الجيش والأمن التابعة للنظام السوري أصبح الآن مركز جذب للمنظمات الإرهابية، بحسب تعبيرها.
وتابعت: "علاوة على ذلك، يظهر التحليل الجيوسياسي والاستراتيجي الواسع أن سقوط النظام وتفكك سوريا، خاصة في سياق ضعف إيران وانهيار المحور الشيعي، يؤثر بشكل كبير على خريطة العلاقات والمخاطر في الشرق الأوسط. إن صعود الإسلام الراديكالي في سوريا، وخاصة بدعم من تركيا، هي عمليات وتطورات خطيرة للغاية. كل هذه الأمور تعكس وضعاً جديداً وقابلاً للانفجار، يعزز من حجم التهديد الأمني، ويقلب موازين القوى في العالم الإسلامي ويؤثر على مستقبل سوريا ومصير المنطقة بأسرها".
وأشارت إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، لأول مرة بعد خمسة عقود من حكم العلويين في سوريا، حدث تغيير ضخم في خريطة البلاد. اتضح أن الدول غير العربية - بما في ذلك إسرائيل وإيران وتركيا - هي التي تتنافس هذه الأيام على تشكيل وجه سوريا وتنظيم حكمها الجديد.
وقالت إنه في هذا السياق، في الإمارات وفي العديد من الدول العربية بقيادة السعودية ومصر والأردن، هناك قلق متزايد بشأن دعم تركيا وقطر لهيئة تحرير الشام، وبعض هذه المليشيات مرتبطة بحركة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها تهديداً كبيراً لها. إلى جانب احتمالية أن تقوى فروع "الإخوان" في مختلف أنحاء الشرق الأوسط والخليج، فإن سيطرة هذه المليشيات المسلحة بسرعة على أراض واسعة في وسط سوريا، مع مهاجمتها للقوات الكردية بمساعدة الجيش التركي، تعمق من حدة الأزمة.
ورأت أن "كل هذه الأمور تزيد من عدم اليقين وعدم الاستقرار الأمني، مما يؤثر على جميع دول المنطقة ويهدد بتهديد استقرار إمارة الإمارات".
ونوهت إلى أنه "لم يكن من دون سبب أن كبار المسؤولين في أبوظبي دعوا هذا الأسبوع إدارة بايدن في واشنطن إلى تجنب التعاون مع الفصائل التي أسقطت النظام في دمشق وتؤسس الآن الحكومة الجديدة في سوريا. واتهم أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، الرئيس السوري بالمسؤولية عن الانهيار السياسي لنظامه لفشله في الاستفادة من حبل النجاة الذي قدمته له في وقت سابق الدول العربية بما في ذلك أبوظبي".
في هذه النقطة، من المهم توضيح أن الإمارات هي واحدة من الدول العربية القليلة التي اعترفت بسوريا في عام 2018، واستضافت لأول مرة الرئيس الأسد في أبوظبي، بل وقادت عملية إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية في عام 2023. وبينما تقوم بدور حاسم في إعادة بناء مكانة سوريا وسمعتها في العالم الإسلامي، فإن القيادة الإماراتية دعمت تجديد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية ومصر والبحرين ودول أخرى معها، بعد انقطاع العلاقات نتيجة الأزمة التي اندلعت هناك في 2011.
إلى جانب الدعم الاقتصادي لإعادة بناء الدولة والاقتصاد السوري المتدهور فإن هذه الخطوات تمثل خطوة سياسية واقتصادية هامة للغاية بالنسبة لإمارات الخليج. ذلك رغم الفجوات الإيديولوجية والخلافات العميقة بينها، وخاصة مع قطر. إنها خطوة استراتيجية تهدف إلى تعميق العلاقات مع إيران ووقف تعزز سيطرتها ونفوذها في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط.
علاوة على ذلك، في الرؤية الاستراتيجية لقيادة الإمارات، فإن إعادة دمج الأسد في المنطقة وإعادة بناء النظام في دمشق تهدف إلى تعزيز مصالح الإمارات خارج منطقة الشرق الأوسط. بخلاف تعزيز موقفها القيادي مقابل السعودية وتقوية مكانتها في دول الخليج، وزيادة الروابط مع روسيا، التي منعت مع إيران انهيار النظام في دمشق في 2015، سعت حكومة أبوظبي إلى منع انقسام العالم العربي الذي قد يؤدي إلى تعميق الشقاقات الداخلية بين الدول. ذلك خصوصاً في ظل تصاعد الصراع بين الصين والولايات المتحدة.
في هذا السياق، لم يكن تسريع عملية التطبيع مع سوريا، خاصة منذ 7 أكتوبر، هو فقط ما حدث، بل إن الإمارات استغلت ذلك ودعت دمشق إلى تجنب التدخل في حرب إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة. كل هذا في الوقت الذي لم تنتقد فيه سوريا - رغم انتمائها إلى المحور الراديكالي - العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وهذا إنجاز دبلوماسي بحد ذاته، مما يعزز بشكل أكبر أهمية اتفاقات أبراهام، بحسب الكاتبة.
بناءً على كل ما سبق، فإن سقوط نظام الأسد يضع سياسة الإمارات الخارجية أمام اختبار. إن تأثيرها في سوريا يتطلب منها تقديم تنازلات كبيرة بشأن إنجازاتها الدبلوماسية، وتبني نهج جديد واستمرار الحوار مع أي حكومة جديدة قد تقوم في دمشق. إن تقويض الاستقرار في سوريا، الذي يؤثر بالفعل على المجال الأمني الإقليمي، من المتوقع أن يؤدي إلى استمرار فرض العقوبات الدولية عليها.
مع ذلك، فإن الضغط من أبوظبي والرياض على إدارة بايدن في واشنطن، خاصة في هذه الأيام، للمطالبة بتجنب تجديد العقوبات على سوريا في ظل انتهاء صلاحيتها في 20 ديسمبر، قد يسمح لهما باستثمار موارد ضخمة في تطوير وإعادة بناء الدولة والاقتصاد السوري.
وختمت بأنه على الرغم من أن نظام الأسد ترك وراءه "أرضاً محروقة"، فإن هذه الحالة تمثل "منجم ذهب" بالنسبة لهما. إذ إن حل قضية اللاجئين السوريين، والاستثمار في تطوير وبناء البنية التحتية للطاقة والنقل والتجارة في سوريا - المتوقع أن يستمر حوالي عشر سنوات ويصل إلى نحو 400 مليار دولار وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة - من المرجح أن يجلب عوائد استراتيجية هائلة. أي أنها ستعزز وتوسع وتسارع نمو اقتصادات الخليج التي ستؤثر على اقتصاد سوريا ودول المنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية سوريا الإمارات تركيا سوريا تركيا الاحتلال الإمارات هيئة تحرير الشام صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة الشرق الأوسط فی سوریا فی دمشق
إقرأ أيضاً:
سوريا وقطر تبحثان إعادة الإعمار
دمشق - قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن المناقشات مع وفد قطري في دمشق الخميس 30يناير2025، شملت إعادة الإعمار في البلاد التي مزقتها الحرب، وذلك خلال أول زيارة لرئيس دولة منذ الإطاحة بشار الأسد.
وتأتي زيارة الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد أقل من شهرين من إطاحة المتمردين بقيادة الإسلاميين بالأسد، بعد يوم من تعيين الزعيم السوري أحمد الشرع رئيسا مؤقتا لفترة انتقالية غير محددة. كما تأتي بعد زيارة قام بها رئيس وزراء قطر في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال الشيباني خلال مؤتمر صحفي مع وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي "ناقشنا إطارا شاملا للتعاون الثنائي بشأن إعادة الإعمار" في البلاد التي دمرتها نحو 14 عاما من الحرب الأهلية.
وقال إن محادثاتهم تناولت "قطاعات حيوية بما في ذلك البنية التحتية والاستثمار والخدمات المصرفية، مما يمهد الطريق للانتعاش الاقتصادي والصحة والتعليم".
ورحب الخليفي بإعلان السلطات السورية الأربعاء "انتهاء المرحلة الثورية والانتقال إلى مرحلة إقامة الدولة".
وأضاف في المؤتمر الصحفي أن الدوحة ستواصل "تقديم الدعم المطلوب على كافة المستويات الإنسانية والخدمية، وكذلك فيما يتعلق بالبنية التحتية والكهرباء".
وعلى النقيض من الدول العربية الأخرى، لم تستعد قطر علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا في عهد الأسد، وكانت من أوائل الدول التي دعمت التمرد المسلح الذي اندلع بعد أن سحقت حكومته انتفاضة سلمية في عام 2011.
وقالت السلطات السورية الجديدة يوم الأربعاء إن الشرع كلف بتشكيل هيئة تشريعية انتقالية، كما أعلنت حل كل الجماعات المسلحة التي شاركت في الإطاحة بالأسد، بالإضافة إلى جيش الحكومة السابقة.
وكانت جماعة الشرع الإسلامية قادت الهجوم الذي أطاح بالأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول.
- "زيارة تاريخية" -
وصل أمير قطر اليوم الخميس إلى دمشق في "زيارة رسمية" حيث كان في استقباله الشرع، وفق بيان للديوان القطري.
وقالت السفارة السورية في الدوحة لوكالة فرانس برس إن الشيخ تميم سيلتقي الشرع "في زيارة تاريخية" ستتناول "التعاون والمساعدات في عدة قطاعات".
وكانت قطر الدولة الثانية، بعد تركيا، التي أعادت فتح سفارتها في العاصمة السورية بعد الإطاحة بالأسد، وحثت على رفع العقوبات.
وفي أثناء زيارة له في وقت سابق من هذا الشهر، تعهد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني بدعم إعادة تأهيل البنية التحتية في سوريا.
وقال إن الاتفاق يتضمن تزويد سوريا بـ200 ميغاواط من الكهرباء وزيادة الإنتاج تدريجيا.
وقال مصدر دبلوماسي أيضا إن قطر تدرس خططا لمساعدة سوريا في دفع رواتب القطاع العام.
وفي هذا الشهر أيضا، التقى وزراء من الحكومة الانتقالية السورية، بمن فيهم الشيباني، برئيس الوزراء القطري في أول زيارة لهم للدولة الخليجية منذ توليهم السلطة.
وفي 23 ديسمبر/كانون الأول، ترأس الخليفي أول وفد قطري رفيع المستوى إلى دمشق بعد خلاف دبلوماسي استمر 13 عاما.
ويعد أمير قطر هو الأرفع مستوى بين سلسلة من المسؤولين الأجانب الذين زاروا دمشق منذ ديسمبر/كانون الأول.
وزار وفد من روسيا، الحليف الوثيق للزعيم االسابق الأسد، هذا الأسبوع، فيما زار دمشق أيضا وزراء خارجية أو مسؤولون كبار من دول بما في ذلك فرنسا وألمانيا وتركيا.
وقالت وزارة الدفاع السورية، الخميس، إن وفدا عسكريا تركيا رفيع المستوى زار البلاد أيضا.
Your browser does not support the video tag.