عصر التفاهة والدعارةعندما تُقدَّم النماذج الفاسدة كقدوة
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
بقلم الخبير المهندس حيدر عبدالجبار البطاط ..
يعيش العالم اليوم مرحلةً يمكن وصفها بعصر التفاهة حيث يتم تصدير الفاسدين والعاهرات كقدوات تُحتذى ويتم تقديمهم كنماذج للنجاح والشهرة.
هذه الظاهرة ليست مجرد مصادفة بل هي جزء من استراتيجية تهدف إلى تدمير القيم الأخلاقية والإنسانية وتحويل المجتمعات إلى قطعانٍ تُقاد بسهولة لتحقيق مصالح القوى المسيطرة.
صعود التفاهة إلى القمة
في هذا العصر يتم إعلاء قيمة المظاهر على الجوهر فيُقدَّم التافهون كنجوم المجتمع بينما يتم تهميش المثقفين وأصحاب القيم.
يُروَّج لهؤلاء عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ويتم تسليط الأضواء على حياتهم الخاصة وأسلوب عيشهم السطحي.
الهدف من ذلك هو خلق حالة من الانبهار لدى الناس وخاصة الشباب ليعتقدوا أن التفاهة والفساد هما الطريق الأسهل للنجاح.
تحطيم القيم لفرض السيطرة
تدمير القيم المجتمعية ليس عشوائيًا، بل هو خطوة مدروسة لتحقيق السيطرة.
عندما تسقط القيم يسهل السيطرة على الشعوب من خلال التلاعب باحتياجاتهم وأولوياتهم.
تُقدَّم القيادة للفاسدين الذين يفتقرون إلى النزاهة مما يجعلهم أدوات طيِّعة في يد القوى الكبرى.
أما العاهرات فيتم استغلالهن كرموز لإغراء الجماهير وصرف انتباههم عن القضايا الجوهرية.
دور الإعلام في صناعة التفاهة
وسائل الإعلام تلعب دورًا محوريًا في نشر التفاهة والدعارة الفكرية.
يتم التركيز على نشر أخبار الفضائح والشائعات والترويج لبرامج الواقع التي تحوِّل السلوكيات المنحرفة إلى مادة للترفيه.
في المقابل يتم تغييب القضايا الجوهرية التي تمس حياة الناس اليومية مثل الفقر والبطالة والفساد السياسي.
المواجهة المطلوبة
للخروج من هذا المأزق يجب أن يبدأ كل فرد بمراجعة ذاته ومحيطه.
لا بد من تعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية ودعم القدوات الحقيقية التي تُلهم الأجيال.
كذلك يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي يُطالب بتغيير السياسات الإعلامية والتعليمية بحيث تُركِّز على بناء الإنسان الواعي والمثقف.
عصر التفاهة والدعارة ليس قدراً محتوماً بل هو نتيجة لسياسات ممنهجة تهدف إلى إضعاف المجتمعات.
لكن بالوعي والعمل الجاد يمكن تغيير هذا الواقع وإعادة بناء منظومة القيم الإنسانية التي تضمن الحرية والكرامة للجميع.
القيم هي الحصن الأخير الذي يجب علينا الدفاع عنه بكل السبل.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات التی ت
إقرأ أيضاً:
«سند السنع» تعزّز الهوية وتبرز القيم المجتمعية
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
يزخر «مهرجان الحصن» بالمشاهد الثقافية والاجتماعية الحية، التي حوّلت قلب أبوظبي إلى ساحة نابضة بالحياة، فإلى جانب الأسواق والعناصر التراثية والقصص الملهمة، ضمن تفاعل جماهيري كبير، ترسخ قيم المجتمع في رسالة ناعمة تعزز لُحمة المجتمع وتضيء على الأجداد وعاداتهم الأصيلة.
استكمالاً لسلسلة المسرحيات التي قدمها خلال السنوات الماضية، يعرض هذا العام «مهرجان الحصن» الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، ويتواصل حتى 9 فبراير المقبل، مشاهد جديدة من الحياة اليومية والعادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع الإماراتي، من خلال مسرحية «سند السنع» وتدور أحداثها في «فريج» تاريخي بأبوظبي، حول الصبي «سند»، البالغ من العمر 15 عاماً، والذي يُظهر ذكاءه وحبّه للمعرفة عبر مساعدته لجيرانه، مُبرزاً قِيم الترابط المجتمعي في الماضي، حيث يتكئ العمل المسرحي على أهمية تكريس وتعزيز دور الأسرة في المجتمع، وتعزيز القيم والهوية الوطنية والعادات والتقاليد ضمن منظومة تقوم على التسامح وحب الآخر.
ترابط مجتمعي
تشهد مسرحية «سند السنع» من تأليف الكاتبة شيخة الجابري، إقبالاً واسعاً من قبل الزوار، حيث تسلط الضوء على عادات وتقاليد المجتمع من خلال خمسة مشاهد حية، ترافقها العديد من الصور المجتمعية الأخرى التي ترتكز على قيم التضامن والتعاون والترابط الأسري حاملة الكثير من الدلالات.
وقد تم تأليف المسرحية خصيصاً للمهرجان، لتروي بحس التشويق مشاهد من قصة أبوظبي التاريخية وما تعكسه من قيم التكاتف والترابط المجتمعي التي شكلت أساس الحياة في المدينة منذ بدايتها، إلى جانب شخصيات مثيرة للاهتمام لعبت دوراً أساسيات في حياة «الفريج»، حيث يظهر سند في المشهد، بعد أن احتفلنا العام الماضي بمولده مع أبويه مبارك وقماشة، ليصبح هذه السنة صبياً كامل الحضور بحبه للمعرفة وسرعة بديهته في محاولة لإيجاد حلول ذكية لمجتمعه.
حياة «لوّلين»
ضمن مساحات مفتوحة، يستمتع جمهور المهرجان بمشاهد المسرحية التي تزاوج بين الدعابة والتشويق، وتأخذ الزوار في رحلة معرفية، لتطلعهم على جانب من حياة «لوّلين» وأسلوب معيشتهم وكيف كانوا يستقبلون الأجهزة الجديدة الوافدة عليهم من مختلف أنحاء العالم مثل الراديو والسينما (السيلما)، وكيف كانت الأسرة الممتدة تحتوي الأبناء والأحفاد، وكيف كان المجتمع مترابطاً ومتعاوناً، حيث يعطف الكبير على الصغير، ويحترم الصغير الكبير، وغيرها من العادات السائدة بين جميع أهل «الفريج».
وهذا العرض المسرحي يستقطب الزوار ويجبرهم على التنقل من مشهد لآخر، ليتعرفوا على عناصر التراث الغنية التي تزخر بها أبوظبي، وفي نفس الوقت يناقش القيم المجتمعية الأصيلة التي تميز بها المجتمع الإماراتي حتى اليوم.
مسرح مفتوح
وقالت الكاتبة شيخة الجابري، مؤلفة العرض المسرحي «سند السنع»، إن المسرحية تستكمل عرض الطقوس الخاصة باستقبال المولود التي تم تقديمها العام الماضي، موضحة أن المشاركة في «مهرجان الحصن» فرصة حقيقية لتسليط الضوء على عنصر مهم من عناصر تراث إمارة أبوظبي، خاصة أن المسرحية التي كتبتها تتميز بالواقعية وترصد عادات وتقاليد مجتمعية وصوراً ارتبطت بالذاكرة الشعبية لأهل الفريج.
وأضافت الجابري «سعيدة بتكليفي بهذا العمل الفني للمرة الثانية، وهذا التشريف وضعني أمام مسؤولية حقيقية، لترجمة العادات والتقاليد والمشاهد المجتمعية التي ارتبطت بالذاكرة الجمعية لأهل الإمارات، لأنقل الفكرة على الأرض، من خلال كتابة نص يستقطب جمهوراً عريضاً يتداخل مع الممثلين في مكان مفتوح ومساحة واسعة بأرض المهرجان.
ولفتت الجابري إلى أنها سبق وكتبت مسرحيات في العديد من المناسبات، لكن الاختبار الحقيقي هو الكتابة لـ«مهرجان الحصن»، موضحة أن «سند السنع»، تنقل قيم السنع وعاداته وتقاليده إلى المجتمع على لسان طفل عمره 15 عاماً، فالسنع لم يأت من فراغ وإنما من رؤية القيادة الرشيدة وحرصها على وجود مجتمع متماسك ينشأ أبناؤه على القيم والتقاليد التي سار عليها الأجداد، ضمن مجتمع منفتح على العالم، يتمتع بصفات التلاحم والتسامح والاستقرار المستدام.
5 مشاهد
أكدت شيخة الجابري أن مسرحية «سند السنع»، تتكون من 5 مشاهد، ويقوم ببطولتها مجموعة من الممثلين وعدد من الأطفال، وهذه المشاهد تتمثل في: المزرعة (العزبة)، والطارش، والفزعة، والسيل، والسينما (السيلما)، وهذه المشاهد تعود لأواخر الستينيات، بداية بمشهد «العزبة» حيث يتعلم «سند» في الصحراء، ليشتد عوده ويتحمل المسؤولية، وفي مشهد «الطارش»، أو مندوب البريد الذي ينقل العلوم والرسائل والوصايا، في وقت كان رجال الفريج يذهبون للعمل في بعض الدول المجاورة، يتم تسليط الضوء على سند وكيفية تعامله مع المندوب في خطاب يتضمن الاحترام والود لكبار السن، وفي مشهد «الفزعة» يظهر بيت خال سند، الذي يقوم بتوسيع بيته بمساعدة أبناء الفريج في توفير مواد البناء له، وهنا يبرز احتواء الخال لسند ومساعدة سند لخاله، الذي له 5 من الأبناء، تأكيداً على أهمية الإنجاب لمساعدة الآباء في مواجهة أعباء الحياة في ذلك الوقت.
مشهد السينما
في المشهد الثالث «السيل»، تمتزج فيه الكوميديا مع الغوص في الماضي، حيث كانت الأمطار والسيول تجتاح البيوت، وهنا، وفق الجابري، يتم التأكيد على دور الأسرة الممتدة، حيث يهرع الجميع وقت الشدة نحو الدار الكبيرة، حيث يقطن الجد والجدة، ليظهر الجد في المشهد راوياً حكايات البحر وما يصاحبها من مخاطر وصبر، وهنا تبرز قيم التعاضد والتلاحم بين أفراد المجتمع، فيما يُعتبر مشهد السينما (السليما)، كما كان يتم نطقها، فاكهة العرض، حيث تبرز المسرحية تفاعل أهل الفريج مع السينما والإقبال عليها بشغف وحب.