وزير الأوقاف: الإنسانية في حاجة إلى التراحم بين أبنائها دون تفرقة
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خطبة اليوم الجمعة بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة ، تحت عنوان: "اسم الله الرحيم .. ودعوة للتراحم".
وحضر الخطبة، الدكتور محمد أبو هاشم أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، والدكتور خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، والدكتور محمود خليل وكيل مديرية أوقاف القاهرة، والشيخ أحمد محمد مدير إدارة أوقاف وسط القاهرة، وجمع غفير من رواد المسجد.
وفي خطبته أكد وزير الأوقاف أن من أسماء الله (عز وجل) الحسنى الرحيم، سمى نفسه الرحمن وسمى نفسه الرحيم، فهو الرحمن الرحيم، وهو البر وهو الودود وهو الغفار وهو المنان وهو الرؤوف الرحيم بخلقه وعباده، يقول سبحانه: "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"، وقد جمع الله سبحانه اسمي "الرحمن"، و"الرحيم" في سورة الفاتحة التي يقرؤها المسلم سبع عشرة مرة كل يوم وليلة في صلاة الفريضة وحدها، حيث يقول سبحانه: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فربنا رب رحيم، ونبينا هو نبي الرحمة، حيث يقول سبحانه: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، ويقول سبحانه: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ"، ويقول سبحانه: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"، فيجب علينا أن نقتبس وأن نهتدي من آيات الرحمة وأحاديث الرحمة، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَن لا يَرحَمْ، لا يُرحَمْ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "الرَّاحمون يرحَمُهمُ الرحمنُ، ارحموا أهلَ الأرضِ، يرحمْكم مَن في السماءِ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "لا تُنزَعُ الرَّحمةُ إلَّا من شقيٍّ"، فالأديان كلها قائمة على الرحمة ومبنية عليها، فإذا وجدت إنسانًا بلا رحمة فلا دين له ولا خلق له ولا إنسانية له، لأن الرحمة من الصفات الفطرية التي فطر الله الناس عليها، يقول الحق سبحانه: "فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ"، فإذا رأيت إنسانًا فظًا غليظًا قاسيًا لا يرحم أحدًا تعلوه الأنانية، فليس هذا من الأديان ولا من الإنسانية في شيء، فقد جاء أعرابيٌّ إلى النَّبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) فوجده يقبِّل الحسن والحسين (رضي الله عنهما)، فقال: أتُقبِّلونَ الصِّبيانَ؟ فما نُقبِّلُهم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وما أملِكُ لك أنْ نزَع اللهُ الرَّحمةَ مِن قلبِك"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلَّا زانَه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلَّا شانَه".
وأكد أن رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) تعدت الإنسان إلى الحيوان وإلى الجماد أيضًا، فنهى (صلى الله عليه وسلم) أصحابه أن يقطعوا شجرًا أو يحرقوا ثمرًا، ودخل يومًا حائطًا (بستانًا) من حيطان الأنصار، فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه، فلما رأى النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) حَنَّ وذرفت عيناه، فقال: من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وسلم): أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه شكا إلىَّ أنك تجيعه وتدئبه"، فمن كان تحت يده عامل أو خادم أو أجير فليرحمه، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "هُم إخوانُكم خَوَلُكم، جَعَلَهم اللهُ تحت أيْديكم، فمَن كان أخُوه تحت يَدِه فلْيُطعِمْه ممَّا يَأكُلُ، ويُلبِسْه ممَّا يَلبَسُ، ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم، فإنْ كَلَّفتُموهم فأعينُوهم، ومَن لم يُلائِمْكم منهم فبِيعوهم، ولا تُعذِّبوا خَلْقَ اللهِ".
وأكد وزير الأوقاف أن الدين صمام الأمان للبشرية جمعاء، ففهم صحيح الدين والعمل به صمام أمان للبشرية جمعاء، فشتان بين من يخاف الله ويتقي الله (عز وجل) في خلقه وبين من غرته الحياة الدنيا، فغلبته النفعية والأنانية والأثرة، فالرحمة تقتضي الإيثار لا الأثرة .. والسخاء لا البخل ولا الأنانية، فديننا دين الرحمة، نحتاج إلى التراحم بين الآباء والأبناء، خاصة إذا بلغ الآباء من الكبر عتيًا، والرحمة بين الأزواج، نحتاج إلى رحمة الطبيب بمرضاه، ورحمة المعلم بطلابه، ورحمة الاغنياء بالفقراء، ورحمة أرباب الأعمال بالعمال، يقول (صلى الله عليه وسلم): "مَن لا يَرحَمْ، لا يُرحَمْ"، وإياك أن تنظر إلى الضعيف من زاوية ضعفه، فالضعيف وليه الله، وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم، يقول رب العزة في الحديث القدسي: "إنَّ اللَّهَ (عزَّ وجلَّ) يقولُ يَومَ القِيامَةِ: يا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ، كيفَ أعُودُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ، وكيفَ أُطْعِمُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ، كيفَ أسْقِيكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: اسْتَسْقاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أمَا إنَّكَ لو سَقَيْتَهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي.
ولفت إلى أننا نحتاج إلى تحقيق الرحمة على المستوى الأسري والمستوى المجتمعي وعلى المستوى الدولي، وأن نتعامل من منطلق الإنسان الذي كرمه الله، حيث يقول سبحانه: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، بغض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه، فإذا كانت الرحمة مستوجبة للحيوان والجماد فهي أوجب للإنسان، أيًا كان دينه أو جنسه أو لونه، نحتاج إلى العودة الصادقة إلى دين الله (عز وجل)، وإلى الإيمان بالله (عز وجل)، فهو الركن الركين والصمام الأمين والحارس الأمين على سلوكيات الناس وأخلاقهم، إن لم نتراحم وقت الشدائد والأزمات فمتى يكون التراحم:
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ
عرفتُ بها عدوّي من صديقي
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: تنسيق الجامعات فانتازي الموجة الحارة انقطاع الكهرباء سعر الذهب أمازون الطقس سعر الدولار الحوار الوطني تمرد فاجنر أحداث السودان سعر الفائدة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة مسجد الإمام الحسين مديرية أوقاف القاهرة صلى الله علیه وسلم وزیر الأوقاف یقول سبحانه نحتاج إلى
إقرأ أيضاً:
ما هو أول واجب على المؤمن معرفته؟ علي جمعة يكشف عنه
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، أن أول واجب على المؤمن هو معرفة الله - سبحانه وتعالى فقد أمرنا الله - سبحانه وتعالى - في كتابه بالتفكير المستقيم ، حتى نتوصل به إليه ونتأكد من إيماننا به ، كما قال تعالى :{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
وقال علي جمعة، في منشور له، إنّ التفكير المستقيم يقتضي منا أن ندرك الواقع كما هو عليه، ومن أجل ذلك، نعى الله -سبحانه وتعالى- على الكذب والافتراء وشهادة الزور، ونعى على من غيّر الحقائق حتى وصل بسيدنا رسول الله إلى أن قال قولته التي تواترت عنه فرواه عنه أكثر من مائةٍ من الصحابة : (من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) لأنه اختلق واقعًا غير الذي أراده الله ، وبدأ في تفكيرٍ خرافي ، وترك التفكير العلمي الواقعي الحق الذي أُمرنا به حتى نصل إلى الله - سبحانه وتعالى -.
وأضاف أن من أركان التفكير المستقيم أن نبتعد عن الأوهام، كما قال النبي: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع)، ومن أركان التفكير المستقيم أيضًا أن نقيم البرهان والدليل على ما نقول : {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
كما تُعدّ إحدى خصائص التفكير المستقيم أن نتبع خطوات تؤدي في نهايتها إلى طرح تساؤلات على القلب والسمع والبصر حول ما يُفعل وما يُعتقد.
وذكر علي جمعة، أن من أركان التفكير المستقيم أيضًا أن نبتعد عن الخرافة، وأن نعمل لتعمير الكون لا لتدميره، حتى نصل إلى نتيجة محسوسٍ نتركها وراءنا يراها الناس وينتفعون بها. مستندين إلى قوله تعالى : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ }. فلا بد أن يكون عملك ظاهرًا ونافعًا دائمًا ، إذ قال النبي: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) ، وأيضًا : (إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه).
وقال إنّ التفكير المستقيم يؤدي إلى معرفة الله -وهو أول واجب-، ويؤدي إلى اليقين، ويؤدي إلى عمارة الكون ونفع الناس ، ويبعدنا عن الترّاهات والكذب والافتراء، وشهادة الزور ، والأهواء التي قد تتملك الناس ، كما جاء في قوله تعالي : {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا }.