هل صارت الخدمات من أدوات الصراع السياسي في السودان؟
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
الخرطوم- بعد أكثر من 20 شهرا من الأزمة السودانية، صعدت قوات الدعم السريع من اتهامها للحكومة، باستخدام الخدمات والتعليم واستبدال العملة وإصدار الأوراق الثبوتية، سلاحا ضد المواطنين الذين يعيشون في مناطق سيطرتها، مما عده مسؤول حكومي كبير تبريرا سياسيا لإيجاد مسوغات لتشكيل حكومة موازية.
وبدأ بنك السودان المركزي، منذ 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري ولمدة أسبوعين، عملية استبدال الفئات الكبيرة من العملة الوطنية (500 و1000 جنيه) لتصبح بعدها غير مبرئة للذمة.
من جانبه، أكد وزير التربية والتعليم المكلف أحمد خليفة عمر، خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان -اليوم السبت- اكتمال الاستعدادات لإجراء امتحانات الشهادة الثانوية المؤهلة للجامعة للدفعة المؤجلة ( للعام 2023) بسبب الحرب، مشيرا إلى وجود أرقام احتياطية لكل الولايات لتمكين كافة الطلاب الراغبين من أداء الامتحان.
اتهامات
وأفاد الوزير خليفة عمر بأن عدد الذين سيجلسون للامتحانات بلغ 343 ألفا و644 طالبا أي بنسبة 83% من الطلاب الذين سجلوا قبل الحرب، وهم أكثر من 570 ألفا، سيجلسون في 2300 مركز في داخل البلاد و59 مركزا في 15 دولة بها 46 ألفا و553 ممتحنا، بالإضافة إلى 120 ألفا و721 طالبا نازحا من 11 ولاية.
إعلانوحددت وزارة التربية المناطق التي سيمتحن بها الطلاب في الولايات المتأثرة بالحرب وتكفلت الحكومة بترحيلهم وإيوائهم وإعاشتهم خلال فترة الامتحانات التي تستمر 12 يوما.
من جهتها، اعتبرت قوات الدعم السريع أن قرار استبدال العملة تنطوي عليه "مؤامرة خبيثة" تستهدف تقسيم البلاد، وقررت منع التعامل مع إجراءات الاستبدال، مؤكدة سريان التعامل بالعملات الحالية. كما أعلنت رفضها إجراء امتحانات الشهادة الثانوية في 28 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
واتهمت منظمات حقوقية، منها هيئة محامي دارفور ومرصد حقوق الإنسان وناشطون، قوات الدعم السريع بمنع الطلاب في مناطق سيطرتها من الانتقال إلى الولايات الآمنة لأداء الامتحانات بعدما سجلوا إلكترونيا وشجعتهم أسرهم على السفر، وبفرض رسوم على بعضهم في مقابل السماح لهم بالمغادرة، حسب منصة وسط السودان.
وقال مسؤول في المكتب الإعلامي للدعم السريع إن "حكومة بورتسودان" تعاقب المواطنين في مناطق سيطرتها وتحرمهم من التعليم والصحة واستبدال العملة، واعتبرتها سياسة ممنهجة.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح المسؤول -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- أنهم لم يمنعوا الطلاب من مغادرة مناطقهم لأداء الامتحان، لكن يخشون اعتقالهم من "سلطات جيش وأمن البرهان" التي تصنف كل من يأتي من مناطق سيطرتها متعاونا معهم وتحاكمهم بالسجن.
مزاعمفي المقابل، يقول مسوؤل حكومي كبير إن قوات الدعم السريع تحاول الترويج لمسوغات سياسية لتشكيل سلطة في مناطق سيطرتها مع جهات سياسية "تحت مزاعم حرصها على حقوق المواطنين التي منعوا منها". وأضاف للجزيرة نت أنه "طوال تاريخ السودان تجري امتحانات الشهادة الثانوية في أوقات الحروب بالمناطق الآمنة، ويتم نقل الطلاب من مناطق الصراع إلى الأقاليم الآمنة".
وتم الترتيب لطلاب إقليم دارفور وبعض مناطق إقليم كردفان بعد تسجيل مواقع وجودهم إلكترونيا، وصدرت أرقام لهم لكن قوات الدعم السريع منعتهم من مغادرة مواقعها مما يشير إلى أنها تريد استخدامهم ورقة سياسية وليس حرصا عليهم، وفقا للمتحدث الذي رفض الكشف عن هويته.
إعلانواتهم المسؤول ذاته الدعم السريع بنهب وتدمير المدارس والمصارف في مناطق سيطرتها، و"لذا لا يمكن أن تعمل المصارف ولا يمكن توصيل السيولة النقدية إليها، وتم تحديد مواقع لاستبدال العملة حتى لا يتضرر المواطنون في الولايات المتأثرة بالحرب".
ويقلل المتحدث نفسه من حديث الدعم السريع عن حرمان مواطنين من الحصول على جواز سفر "لأن مكاتب إصدارها لا تفرق بين المواطنين، وليس من سلطتها رفض إصدار جواز إلا في حال صدر قرار بحقه من النيابة".
آلية صراعمن ناحيته، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف أن الامتحانات صارت من آليات الصراع في الحرب وتهدد مصير جيل من الطلاب بسبب التوظيف السيئ، مما يؤسس لشرخ في الوجدان السوداني. واتهم ما سماها "سلطة الأمر الواقع في بورتسودان" بعدم مراعاة التركيبة الديمغرافية للسكان فيما يتصل بالامتحانات، مما يحرم أكثر من 30% من الطلاب منها.
وفي تسجيل عبر فيسبوك، يرى الكاتب أن قضية الخلاف حول إجراء امتحانات الشهادة الثانوية اختبار أخلاقي لأطراف النزاع تجاه وحدة السودان، ودعا إلى تجاوز عوامل الصراع والتوافق على خطوات لضمان إجراء كل الطلاب للامتحانات.
غير أن الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم يقول إن تأجيل الامتحانات للدفعة العالقة، منذ مايو/أيار 2023، يهدد جيلا كاملا ويحدث إرباكا في التعليم العام والعالي، لأن دفعة 2024 كان ينبغي أن تجلس للامتحان في يونيو/حزيران الماضي لكن تم إرجاؤه حتى مارس/آذار 2025.
ويقول عبد الكريم للجزيرة نت إن استبدال العملة عملية اقتصادية وأمنية بعد نهب أموال المصارف المعدة للتداول من مطابع العملة، حيث "قدرت السلطات أن ما نهبته قوات الدعم السريع يتجاوز ما يعادل 350 مليون دولار"، إلى جانب تفشي التزوير. كما أن وجود مناطق غير آمنة لا تستبدل فيها العملة -برأيه- لا يعني استهداف مواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع.
إعلانووفقا له، فإن قيادة الدعم السريع تسعى إلى استخدام مشكلة الخدمات لمواجهة الحكومة بهضم حقوق مواطنين في خارج مناطقها للتغطية على ما ارتكبته من جرائم وانتهاكات رصدتها المنظمات الحقوقية، والتأسيس لفرض واقع سياسي بعدما عجزت الإدارات المدنية التي أنشأتها في مناطق سيطرتها عن تقديم أي خدمة للمواطن أو توفير الأمن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات امتحانات الشهادة الثانویة قوات الدعم السریع فی مناطق سیطرتها
إقرأ أيضاً:
مقتل 45 شخصًا في هجوم لقوات الدعم السريع في دارفور
أفادت جماعة ناشطة في السودان، اليوم السبت، بأن ما لا يقل عن 45 شخصا لقوا حتفهم بعد دخول عناصر من قوات الدعم السريع إلى إحدى المدن في إقليم دارفور غربي البلاد.
وقالت لجان المقاومة، وهي شبكة شبابية تتابع تطورات الحرب في السودان، إن قوات الدعم السريع نفذت هجمات على مدينة المليحة خلال اليومين الماضيين.هجمات قوات الدعم السريع في دارفوروبحسب قائمة مبدئية للضحايا نشرتها الجماعة، فإن القتلى شملوا ما لا يقل عن 12 امرأة.
أخبار متعلقة منذ بدء العدوان.. ارتفاع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 49.747الاحتلال ينفذ غارات جوية على موقعين وسط سورياوذكرت قوات الدعم السريع يوم الخميس أنها سيطرت على المليحة، وهي مدينة استراتيجية صحراوية تقع في شمال دارفور بالقرب من الحدود مع تشاد وليبيا.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } هجمات قوات الدعم السريع في دارفور - وكالاتالقوات المسلحة السودانيةمن جهتها، أقرت القوات المسلحة السودانية بوقوع معارك حول المليحة، لكنها لم تعلن فقدان السيطرة على المدينة.
وتقع المليحة على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال مدينة الفاشر، التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني رغم الهجمات اليومية التي تنفذها قوات الدعم السريع ضدها.