نشرت شبكة "بي بي سي" البريطانية تحقيقا، أشارت فيه إلى أن أكثر من مئة حساب على منصة إكس (تويتر سابقا) تعمل للترويج لدولة الإمارات وقمة كوب 28 للمناخ، التي تستضيفها دبي في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

وذكرت الشبكة البريطانية في تقريرها، أن هذه الحسابات في معظمها تديرها من أنحاء دولة الإمارات نساء شابات جذابات لهن اهتمامات عديدة تتراوح بين تربية القطط الجميلة إلى القهوة، أو الحديث عن موضة الحجاب، أو الأسفار السياحية.



لكن فريق "بي بي سي" تحقق من أن الصور المرفقة لعدد من هذه الحسابات صُمّمت باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، كما أن صورا أخرى تبدو مأخوذة من مواقع للتسوق عبر الإنترنت أو من وكالات للصور، أو أنها نُسخت عن حسابات تعود لمؤثّرين عبر الإنترنت.

وروّجت بعض الحسابات لمقالات جديدة تتحدث عن اكتساب سلطان الجابر ثقة حكومات عديدة بينها حكومة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وينكر كل من منظّمي كوب 28 وحكومة الإمارات الوقوف وراء هذه الحسابات عبر منصات التواصل الاجتماعي .

وينتقد البعض تعيين الجابر في هذا المنصب. ففي أيار/ مايو، طالب أكثر من مئة مشرّع من كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتنحية سلطان الجابر من منصبه كرئيس لقمة كوب 28 للمناخ، معربين عن "عميق قلقهم" بشأن تضارب مصالح تتعلق بالوقود الأحفوري من جهة ومحادثات المناخ من جهة أخرى.


وقال متحدث باسم قمة كوب 28 لـ"بي بي سي"، إن "البعض قد يرى تعارضا في المصالح، لكن في الواقع هناك مصلحة مشتركة بأن تضطلع بهذا الدور شخصية تتمتع بخبرة كبيرة في مجال سلسلة قيمة الطاقة".

وأضاف المتحدث باسم كوب 28، بأن الجابر قد عُيّن في شركة أبوظبي للطاقة من أجل "تحويل، ونزع الكربون، وتعزيز استدامة الشركة، وذلك بعد أن نجح في تأسيس شركة "مصدر" للطاقة المتجددة والمملوكة لدولة الإمارات.

وتعدّ الإمارات إحدى أكبر دول العالم في إنتاج النفط والغاز، ومع ذلك، تطِنّ حسابات كثيرين عبر منصة إكس (تويتر سابقا) بمديح الإمارات بوصفها "ريادية عالميا على صعيد العمل المناخي".

وفي مشروع مستقل لتتبُّع العمل المناخي حول العالم، صنّف باحثون مؤخرا السياسات التي تنتهجها الإمارات على صعيد المناخ بأنها "غير كافية".

بينما تقول دولة الإمارات إنها "ملتزمة تماما بتحقيق أهدافها الطموحة الخاصة بالانبعاثات".
شبكة من الحسابات تعمل بالتنسيق مع بعضها البعض

ونشرت شبكة من 108 حسابات عبر منصة إكس (تويتر سابقا) أكثر من 500 تغريدة عن قمة كوب 28 ورئيسها – وجاءت معظم التغريدات باللغتين الإنجليزية والعربية، إضافة إلى الفرنسية والعبرية.

وقال كريس بروبز، المختص في استخبارات المصادر المفتوحة: "لا نكاد نشك في أننا إزاء شبكة عمل منسقة".

ورغم الدلائل على تنسيق أصحاب هذه الحسابات فيما بينهم، يقول كريس بروبز إن التوصّل إلى مَن يقفون وراءها مهمة "صعبة".

وفي محاولة لاجتذاب المزيد من المستخدمين، ينشر أصحاب هذه الحسابات صورا لقطط، وورود، وأطعمة، ومجوهرات.


وبين هذه الصور، التي تبدو في ظاهرها سطحية، ينشر أصحاب هذه الحسابات تغريدات يكيلون فيها المديح لحُكام الإمارات أو يسلّطون الضوء على سياسات دولة الإمارات في الداخل والخارج.

وفي ثلاث مناسبات على الأقل، ردّ أصحاب هذه الحسابات على تغريدات تهاجم مصالح دولة الإمارات.
ومن ذلك، انتقاد السيناتور الأمريكي جيف ميركلي عبر منصة إكس (تويتر سابقا) استضافة دبي لقمة كوب 28 ووصْفه القرار بأنه "عبث فاضح"، وسرعان ما تصدّى أحد هذه الحسابات المؤيدة لدولة الإمارات للسيناتور الأمريكي المنتقد.

وردّ صاحب أحد هذه الحسابات قائلا: "توقفوا عن نشر الأكاذيب والشائعات المغرضة... سلطان الجابر هو الرجل المناسب في المكان المناسب".

ويشير تحليل لمحتوى هذه المنشورات ولسلوكيات أصحابها إلى أن الحسابات التي نُشرت عليها قد لا تكون مملوكة لمستخدمين حقيقيين.

وإذا كان أصحاب هذه الحسابات لا يقومون بنشر التغريدات ذاتها في وقت واحد، فإنهم ينشرون تغريدات ذات محتوى متشابه في غضون دقيقتين اثنتين.

ويمكن لهذا النسق السلوكي أن يشير إلى درجة من التنسيق في داخل شبكة من الحسابات المزيفة. لكن لا يزال من غير الواضح مَن يدير تلك الشبكة؟.. أو حتى لماذا يفعل ذلك؟.

وتقول حكومة الإمارات إنها "لا تدري بوجود هذه الحسابات المطوَّرة عبر الذكاء الاصطناعي" التي تتحدث عنها "بي بي سي".

وعلى الرغم من العدد الهائل لهذا النوع من التغريدات المنشورة عبر الإنترنت وما يشير إليه ذلك من محاولة لتوجيه الرأي العام بشأن قمة كوب 28، ليس واضحا مدى النجاح الذي أحرزته تلك الجهود.

ولم تحقق غالبية المنشورات التي فحصها فريق "بي بي سي" -والبالغ عددها 500 منشور- سوى بضع مئات من القراءات. لكن ذلك لا يعدّ "علامة على الفشل" بحسب ما قال محللون لبي بي سي.

يقول كريس بروبز: "هذه الأنواع من الشبكات مصممة لتعزيز الوصول لموضوع بعينه... وعندما ترصد المنصات إقبال عدد كبير من المستخدمين على موضوع بعينه، مثل كوب 28، فإنها توجّه مستخدميها إلى هذا الموضوع".

ويضيف بروبز: "الغرض من وراء ذلك هو أن يصبح الموضوع المستهدَف "رائجا" حتى يجذب مستخدمين حقيقيين".

وأشار بحث عن الأسماء المستخدَمة من قِبل أصحاب هذه الحسابات عبر منصة إكس (تويتر سابقا) إلى أن هذه الشبكة فيما يبدو تمارس أنشطة عبر منصات اجتماعية أخرى – بما في ذلك تيك توك وإنستغرام.

كما تبيّن أن اثنين من هذه الأسماء يديران مدوّنات، حيث عثر على سيل من المنشورات الشبيهة عن الإمارات. ويشير تحليل نصوص عدد من هذه المنشورات إلى آثار استخدام الذكاء الاصطناعي في صياغتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات تويتر الإمارات الحسابات الذكاء الاصطناعي سلطان الجابر تويتر الإمارات حسابات الذكاء الاصطناعي كوب28 سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی دولة الإمارات تویتر سابقا بی بی سی

إقرأ أيضاً:

الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين

مع تزايد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات الرقمية التي توفر هذه التقنية سعيا إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار نشر "هاربر كولينز" الأميركية الكبرى أخيرا على بعض مؤلفيها عقدا مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي "إل إل إم" لمدة ثلاث سنوات.

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، ينبغي تغذيتها بكمية متزايدة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر، أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وتشير إلى أن "هاربر كولينز أبرمت عقدا مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها".

وتوضح دار النشر أيضا أن العقد "ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر".

"هاربر كولينز" هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقودا من هذا النوع لكنّها ليست الأولى (شترستوك) آراء متباينة

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة "بلوسكاي" للتواصل الاجتماعي "من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا".

ومع أنّ هاربر كولينز هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقودا من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار "ويلي" الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة "محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب مقابل 23 مليون دولار"، وفقما قالت في مارس/آذار الماضي عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، مما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

ترى جادا بيستيلي رئيسة قسم الأخلاقيات لدى "هاغينغ فايس"، وهي منصة فرنسية أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام لأن محتوى الكتب يدرّ أموالا. لكنها تأسف لأن هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول "ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة".

يقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي "إس إن إي" (SNE) جوليان شوراكي "نبدأ من مكان بعيد جدا"، مضيفا "إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حوارا ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن في ما يخص استخدام البيانات كمصدر، والتي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ".

المدعون يعترضون على استخدام الذكاء الاصطناعي للنصوص والصور لتطوير قدراته (شترستوك)

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضا في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة "أوبن إيه آي" مبتكرة برنامج "شات جي بي تي"، وضد "مايكروسوفت" المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع "أوبن إيه آي".

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها إلا باعتماد خيارات تُلزمها دفع أموال، خصوصا مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيرا إلى أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج "غوغل" و"أنثروبيك" و"أوبن إيه آي".

يقول جوليان شوراكي "على شبكة الإنترنت، يمكن جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات".

تلقين التكنولوجيا

ويحتج المدعون على حق الذكاء الاصطناعي في معالجة مليارات النصوص أو الصور، مما سمح بـ"تلقين" هذه التكنولوجيا لبناء قدراتها وساعدها على تطوير إمكانياتها بالاستعانة بالنصوص والصور التي تمت معالجتها.

وتتيح مذكرة أوروبية صادرة عام 2019، اعتُمدت في 22 دولة من الاتحاد الأوروبي بينها فرنسا، هذا "الحق في التنقيب عن البيانات"، بما في ذلك المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر، إذا كانت هذه البيانات متاحة للجمهور، إلا إذا اعترض صاحب الحقوق صراحة.

وبدأ مؤلفون رفع دعاوى لحماية حقوقهم لمواجهة الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم أعمالهم لتوليد محتوى، إلا أن معاركهم القضائية لن تكون سهلة، ففي أوروبا وأميركا الشمالية يميل القانون إلى تأييد الذكاء الاصطناعي مع أنّ الوضع قد يتغيّر، وفق قانونيين.

مقالات مشابهة

  • انطلاق أسبوع الذكاء الاصطناعي في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا
  • «الذكاء الاصطناعي» يتعلم من «قطاع النشر»
  • الخدمات الصحية وثورة الذكاء الاصطناعي
  • العالم في عصر الذكاء الاصطناعي الفائق
  • الذكاء الاصطناعي في العراق.. مشاريع مرتقبة مع منظمة التعاون الرقمي
  • قومي حقوق الإنسان يناقش تأثيرات الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان
  • الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
  • "أرجوك توقف".. رجل يتوسل إلى الذكاء الاصطناعي بعد مقاطع مزعجة
  • الإمارات الخامسة عالمياً والأولى «أوسطياً» في حيوية الذكاء الاصطناعي
  • تصنيف حيوية الذكاء الاصطناعي.. دولة عزبية ضمن الأوائل عالميا