الوطن:
2025-03-13@21:36:56 GMT

أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة.. نقطة اللا عودة

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة.. نقطة اللا عودة

هل تعرف كم عدد الثقوب السوداء بمجرتنا، مجرة درب التبانة؟ وكيف تنشأ هذه الثقوب السوداء؟ وما هو أقدم ثقب في الكون، وما هو أضخم ثقب أسود في مجرد درب التبانة؟ الذي تم اكتشافه مؤخرًا بمحض الصدفة، وماذا يحدث للبشر حال السقوط فيها؟ 

تساؤلات كثيرة ربما تطرأ على أذهان الكثير ممن يهتمون بأخبار الفلك والفضاء، تحديدًا بعد اكتشاف أضخم ثقب أسود في المجرة.

ما هي الثقوب السوداء الموجودة في درب التبانة؟

قبل معرفة ما هو أضخم ثقب أسود في مجرد درب التبانة، في البداية تعرف على الثقوب السوداء من الأساس، فوفقًا لما ذكره موقع «Space» المتخصص في شؤون الفضاء ، فإن الثقوب السوداء أجسام لها جاذبية قوية جدًا، إذ لا يمكن للضوء الإفلات منها، حتى الضوء لا يمكنه الإفلات منها، وعادًة ما تكون موجودة في مراكز معظم المجرات وتبلغ كتلتها  مليارات أضغاف كتلة الشمس.

ووفقًا لوكالة ناسا تحدث الجاذبية بسبب الضغط الحاصل في مساحة صغيرة، وعادًة ما يكون  الضغط هو نهاية حياة نجم فتظهر بعض الثقوب السوداء.

أضخم ثقب أسود في مجرد درب التبانة

أعلن المرصد الأوروبي الجنوبي «إيسو» عن اكتشاف العلماء لـ أضخم ثقب أسود ضخم موجود في مجرة درب التبانة، إذ أطلقوا عليه اسم «غايا بي إتش 3»، وذلك من خلال مراجعة ملاحظات المسبارة الأوروبي «غايا» التابع لوكالة الفضاء الأوروبية «إيسا» التي تقوم بتسجيل مواقع وحركات ومسافات وسطوع ما يقرب من ملياري جرم سماوي.

وأوضح المرصد الأوروبي الجنوبي أن أضخم ثقب أسود في المجرة قريب للغاية من الأرض على مسافة 2000 سنة ضوئية فقط، وتبلغ كتلته حوالي 33 ضعف كتلة الشمس.

قال عالم الفلك باسكوال بانوزو من مرصد باريس: «لم يكن أحد يتوقع العثور على ثقب أسود ضخم كامن في مكان قريب، فهذا النوع من الاكتشاف يحدث فقط مرة واحدة في حياتك البحثية».

أقدم ثقب أسود في الكون

وبالحديث عن أضخم ثقب أسود في درب التبانة، لا يمكن إهمال الإشارة عن  أقدم ثقب أسود في الكون، الذي تم اكتشافه العام الماضي، ويُرجح تاريخ وجود الثقب إلى حقبة قديمة، كان عمر الكون فيها 400 مليون سنة، وفقًا لدراسة صدرت في المجلة العلمية المتخصصة «نيتشر».

وقُدرت كتلة أقدم ثقب أسود في الكون  حوالي 1.6 مليون مرة كتلة شمسنا وهو غير مرئي، وبحسب الدراسة، يبلغ عمر هذا الثقب الأسود يبلغ 13.2 مليار سنة.

كم عدد الثقوب السوداء في مجرة درب التبانة؟

وفقًا لموقع «Space» المتخصص في شؤون الفضاء، فإنه من المحتمل أن تحتوي مجرة درب التبانة على أكثر من 100 مليون ثقب أسود، وإنها تعد من أغرب الأشياء وأكثرها روعة في الفضاء .

ماذا يحدث لك عند السقوط في الثقوب السوداء؟

سؤال ربما يطرأ على العديد من الأشخاص، هل يمكن للمرء أن يقع في الثقوب السوداء؟، سؤال أجابت عنه محاكاة قديمة قامت بها «ناسا» ووضع العلماء العديد من النظريات والافتراضات الغريبة، إذ سقط أحد داخل الثقوب التي لها قوة جاذبية أقوى بملايين المرات من تلك التي نشعر بها على الأرض، ستجذبك إليها بشدة، فكانت إحدى الافتراضات هو أن يُفتت جسم الإنسان ويصبح مجرد مجرى من الجزيئات دون الذرية، التي تدور في الثقب الأسود.

بينما اعتقد بعض الخبراء أن الوقت والزمن يتجمدان عند حافة الثقب الأسود، بسبب قوته الشديدة تساهم، وإن السقوط داخله قد يبقيك حيًا للآبد.

بينما تمسك البعض الآخر، برأي إنه حال وقوع الأمر يتيح لك السفر عبر الزمن ورؤية الماضي والمستقبل.

وكان تشارلز ليو، عالم الفيزياء الفلكية في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، شرح لـ «Live Science» النظرية بإنه  كلما ازدادت سرعة تحركك عبر الفضاء، تباطأت حركتك عبر الزمن، إذن ستتمكن من رؤية التاريخ الكامل لتلك البقعة في الكون ولكن البروفيسور الراحل ستيفن هوكينج، اعتقد في إجابته حول هذا السؤال، إنه إذا كان الثقب كبيرا، ويدور، فهنالك ممر إلى كون آخر، وعدم القدرة على العودة إلى عالمنا مجددًا.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: ثقب أسود الثقوب السوداء مجرة درب التبانة مجرة درب التبانة أضخم ثقب أسود فی الثقوب السوداء أقدم ثقب فی الکون

إقرأ أيضاً:

الجمعة السوداء في الساحل| سوريا بين شبح الحرب الأهلية والأطماع الخارجية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهدت سوريا خلال سنوات الصراع موجات متكررة من العنف الطائفي المتصاعد، لكن الأحداث الأخيرة في الساحل السوري، التي بلغت ذروتها فيما يسمى بـ«الجمعة السوداء»، تعكس تحولًا خطيرًا في ديناميات المواجهة. فقد أسفرت هذه الأحداث عن مجازر جماعية استهدفت أبناء الطائفة العلوية، وصفتها جهات حقوقية، بما فى ذلك المرصد السورى لحقوق الإنسان، بأنها «جرائم تطهير عرقي». هذه المجازر، إلى جانب الانتهاكات المستمرة مثل منع دفن الضحايا وإقامة بيوت عزاء، تشير إلى أن الصراع السورى قد دخل مرحلة جديدة من التصعيد الطائفي، قد تكون لها تداعيات بعيدة المدى على مستقبل البلاد. وفى ظل هذا التصعيد، يبرز شبح الحرب الأهلية الطائفية، حيث تتزايد المخاوف من انتقال العنف إلى مناطق أخرى مثل السويداء ذات الغالبية الدرزية، والشمال الشرقى ذى الغالبية الكردية، مما قد يؤدى إلى حالة من الفوضى الشاملة. فمع دخول هيئة تحرير الشام إلى جانب الجماعات الشيشانية والتركستانية، فى مواجهة مع السوريين تصبح احتمالات إعادة رسم الخريطة الطائفية فى سوريا أكثر واقعية، ما قد يؤدى إلى موجات نزوح وانتقام متبادل، تعزز من تقسيم البلاد فعليًا إلى كيانات طائفية متصارعة.
هذا التصعيد لا يقتصر على الداخل السوري، بل قد يكون محفزًا لتدخلات إقليمية ودولية أكثر وضوحًا. فمن المرجح أن تدفع المجازر ضد العلويين كلًا من روسيا وإيران إلى تكثيف وجودهما العسكري في الساحل لحماية حليفهما الأساسي، فى حين قد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة لتعزيز وجودها في الشمال الشرقي لحماية الأكراد ومناطق النفط. أما فى الجنوب، فإن إسرائيل قد تتخذ إجراءات غير مباشرة لحماية الدروز، بينما تستغل تركيا الفوضى لتعزيز نفوذها فى الشمال السوري، وصولًا إلى حلب. وهكذا، يبدو أن المشهد السورى يتجه نحو مرحلة أكثر تعقيدًا، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية، فى ظل تصاعد النزعة الطائفية، ما يضع البلاد أمام مفترق طرق حاسم بين الانهيار الكامل أو محاولات دولية لاحتواء الأزمة.
البعد الطائفي في الحرب السورية 
منذ اندلاع الثورة السورية عام ٢٠١١، كان الصراع يتداخل بين الأبعاد السياسية والطائفية، حيث سعت الجماعات المسلحة إلى الإطاحة بالنظام السوري، بينما اعتمد الأخير على تحالفات داخلية وخارجية تعزز البنية الطائفية للصراع. ومع ذلك، ورغم العنف المستمر، لم يتحول النزاع السورى إلى حرب أهلية طائفية شاملة تتضمن عمليات تطهير عرقى متبادلة بين مختلف الطوائف. غير أن المجازر الأخيرة التى استهدفت القرى العلوية فى الساحل السوري، والتى وصفها بعض المراقبين بأنها "تطهير عرقي"، قد تكون مؤشرًا على تحوّل خطير فى طبيعة الحرب واتجاهها نحو مسار أكثر عنفًا على أسس طائفية.
أما هيئة تحرير الشام، التى تُتهم بالوقوف وراء هذه الهجمات، كانت قد ركّزت عملياتها العسكرية فى السنوات الماضية على استهداف مواقع عسكرية تابعة للنظام السورى فى مناطق متفرقة، خصوصًا فى إدلب وأرياف حماة وحلب. غير أن انتقالها إلى استهداف قرى علوية فى قلب الساحل السورى يعكس تحوّلًا استراتيجيًا فى تكتيكاتها، يعد سيطرتها على دمشق، وتحاول الآن تصفية المعارضين لها، وهو ما قد يفتح الباب أمام ردود فعل انتقامية تُدخل البلاد فى دوامة صراع أكثر وحشية.
ما يزيد من خطورة هذا التطور هو أن الاستهداف الطائفى قد لا يبقى محصورًا فى الساحل السورى فقط، بل يمكن أن يمتد إلى مناطق أخرى مثل السويداء، التى تُعرف بكونها معقلًا رئيسيًا للدروز، أو إلى الشمال الشرقى حيث يشكل الأكراد جزءًا كبيرًا من التركيبة السكانية. وإذا ما تكررت الهجمات على أساس طائفي، فقد يدفع ذلك المكونات المختلفة إلى تبنى نهج دفاعى أكثر تشددًا، ما قد يسرّع من عملية الفرز الطائفى وتكريس خطوط التماس بين الجماعات المتصارعة.
فى هذا السياق، تبرز المخاوف من أن يتحوّل الصراع السورى إلى نسخة مماثلة للحرب الأهلية اللبنانية (١٩٧٥-١٩٩٠)، حيث تشكلت مناطق النفوذ وفقًا للانتماء الطائفي، واندلعت موجات من العنف والانتقام المتبادل، مما أدى إلى تفكك الدولة وغياب أى إمكانية للتسوية السياسية. وفى حال استمرت الهجمات الطائفية دون تدخل حاسم للحد منها، فقد نشهد سيناريو مماثلًا فى سوريا، حيث تصبح البلاد مقسمة فعليًا بين كيانات طائفية متصارعة، ما يفتح الباب أمام تدخلات خارجية أوسع ويطيل أمد الأزمة إلى أفق غير معلوم.
التدخلات الإقليمية والدولية
على مدى السنوات الماضية، لعبت القوى الإقليمية والدولية دورًا رئيسيًا فى توجيه مسار الصراع السوري، ولكن إذا تحولت عمليات القتل الجماعى إلى نمط مستمر، فقد نشهد تدخلًا عسكريًا أوسع لحماية الطوائف المستهدفة.
روسيا وإيران.. حماية العلويين وترسيخ نفوذ النظام
يعد الساحل السوري، الذى يضم مدنًا رئيسية مثل اللاذقية وطرطوس، منطقة نفوذ استراتيجى بالنسبة لروسيا، حيث كانت تحتضن هذه المنطقة قاعدة حميميم الجوية، التى تُعدّ أكبر قاعدة عسكرية روسية فى سوريا، إلى جانب ميناء طرطوس، الذى يمثل نقطة ارتكاز بحرية مهمة للأسطول الروسى فى البحر المتوسط. ومن هذا المنطلق، فإن أى تصعيد فى هذه المنطقة، وخاصة إذا أخذ طابعًا طائفيًا يستهدف العلويين، يشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح الروسية، ما قد يدفع موسكو إلى التدخل بشكل أكبر لضمان استقرار المنطقة ومنع أى محاولات لاختراقها من قبل الفصائل المسلحة، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام والجماعات الشيشانية والتركستانية التى تنشط فى إدلب وريف اللاذقية.
أما بالنسبة لإيران، فإن استقرار الساحل السوري، الذى يضم نسبة كبيرة من العلويين، يُعتبر جزءًا من استراتيجيتها فى حماية النفوذ الشيعى فى المنطقة. ولذلك، قد تلجأ طهران إلى تعزيز وجودها العسكرى عبر الميليشيات الموالية لها، بهدف تأمين القرى العلوية والمناطق الحيوية فى الساحل السوري. كما أن إيران، التى سبق أن أنشأت بنية تحتية عسكرية وأمنية فى سوريا، قد تستفيد من هذا التصعيد لعودة نفوذها مرة أخرى مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
فى ظل هذا الواقع، من المرجح أن تلجأ كل من روسيا وإيران إلى التدخل مرة أخرى لضمان عدم اختراق الجماعات المتطرفة للمناطق العلوية. كما أن موسكو قد تسعى إلى استغلال التصعيد الأخير لزيادة الضغط على تركيا، التى تملك نفوذًا على بعض الفصائل المسلحة فى الشمال السوري، من أجل فرض ترتيبات أمنية جديدة تضمن إبقاء الساحل السورى بعيدًا عن أى تهديد عسكرى مستقبلي. كل هذه التطورات قد تفتح الباب أمام تصعيد عسكرى أكبر، خاصة إذا ما قررت الفصائل المسلحة الرد على التدخل الروسى والإيرانى حال حدوثه بهجمات مضادة، ما يجعل الساحل السورى ساحة صراع حيوية فى المرحلة المقبلة.
الولايات المتحدة: حماية الأكراد وتأمين خطوط النفط
تُعد مناطق الشمال الشرقى من سوريا، التى تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، واحدة من أهم المناطق الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، نظرًا لاحتوائها على حقول نفطية رئيسية، مثل حقول العمر والتنك والشدادي، التى تمثل مصدرًا حيويًا للتمويل والاستقرار المحلي. ومنذ إعلان واشنطن دعمها لقسد فى حربها ضد تنظيم داعش، تحول هذا التحالف إلى ركيزة أساسية فى الاستراتيجية الأمريكية بسوريا، حيث تعمل القوات الأمريكية على دعم وتدريب القوات الكردية لضمان عدم عودة التنظيمات المتطرفة، وأيضًا للحفاظ على النفوذ الأمريكى فى المنطقة، خصوصًا فى مواجهة الوجود الروسى والإيراني.
فى الوقت نفسه، تواجه قسد تهديدات متعددة الجوانب، إذ تتعرض لضغوط عسكرية من تركيا، التى تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستانى (PKK) المصنف إرهابيًا فى أنقرة، كما تواجه تحديات داخلية من بعض العشائر العربية التى ترفض سيطرتها. ومع تصاعد العنف الطائفى فى سوريا، هناك مخاوف من أن يمتد الصراع إلى المناطق الكردية، سواء عبر هجمات من الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، أو عبر محاولات داعش لإعادة تنظيم نفسه داخل الفراغات الأمنية التى قد تنشأ فى حال تراجع الدعم الأمريكي. وهذا قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم حجم وجودها العسكري، وربما تعزيز قواتها فى القواعد المنتشرة بين الحسكة ودير الزور والرقة، لضمان عدم حدوث فراغ أمنى تستفيد منه الأطراف المعادية لها.
علاوة على ذلك، فإن استمرار الوجود الأمريكى فى الشمال الشرقى لا يرتبط فقط بحماية الأكراد، بل أيضًا بمصالح واشنطن الاقتصادية والجيوسياسية فى سوريا. فالتحكم بخطوط النفط يضمن لواشنطن أداة ضغط على دمشق وحلفائها الإيرانيين والروس، لذلك، من غير المستبعد أن تعمد الولايات المتحدة إلى زيادة دعمها العسكرى لقسد، سواء عبر إرسال معدات جديدة، أو توسيع نطاق العمليات الأمنية ضد الجماعات المسلحة، لمنع أى اضطرابات قد تؤثر على استقرار هذه المنطقة الحيوية فى مستقبل الصراع السوري.
إسرائيل.. حماية الدروز وتأمين نفوذها فى الجنوب السوري
لطالما كان الجنوب السوري، وخاصة محافظتى درعا والسويداء، ساحة صراع جيوسياسى حساسة، حيث تسعى إسرائيل إلى منع أى تهديدات أمنية من الاقتراب من حدودها. فمنذ اندلاع الحرب السورية، راقبت تل أبيب التطورات فى الجنوب بحذر، متدخلة بشكل مباشر أحيانًا عبر الضربات الجوية، وبشكل غير مباشر عبر دعم بعض الفصائل المحلية لضمان عدم تمركز أى قوة معادية لها، سواء كانت إيرانية أو محسوبة على الجماعات الجهادية. ومع تصاعد خطر الفصائل المتطرفة فى الجنوب، وخاصة مع تزايد النشاط الجهادى فى بعض جيوب درعا والقنيطرة، هناك احتمال بأن تعمد إسرائيل إلى تكثيف تدخلاتها لحماية الطائفة الدرزية فى السويداء، التى ظلت حتى الآن متماسكة نسبيًا رغم الضغوط الداخلية والخارجية.
على الرغم من أن إسرائيل لم تكن تعلن صراحة دعمها للدروز فى سوريا، فإن الواقع الميدانى يشير إلى وجود تفاهمات ضمنية، خاصة أن الدروز داخل إسرائيل وفى هضبة الجولان المحتلة يشكلون جزءًا من التركيبة العسكرية والسياسية للدولة العبرية. وفى حال تعرض السويداء لتهديد جدى من قبل الجماعات المتطرفة أو ميليشيات موالية لإيران، فقد تلجأ تل أبيب إلى الضغط الدبلوماسى على القوى الفاعلة دوليًا، مثل الولايات المتحدة وروسيا، لمنع أى تصعيد ضد الدروز، أو ربما توجيه ضربات جوية محدودة ضد الجماعات المسلحة التى تحاول زعزعة الاستقرار فى المنطقة. وهذا السيناريو قد يكتسب أهمية أكبر فى حال استغل نظام الجولانى الفوضى لفرض سيطرته الكاملة على السويداء، وهو ما قد تدفع إسرائيل باتجاه منعه.
إلى جانب التدخل غير المباشر، تشير بعض التقارير إلى أن إسرائيل وسّعت نفوذها الاستخباراتى والعسكرى فى الجنوب السوري، حيث لم تعد عملياتها مقتصرة على استهداف قوافل الأسلحة الإيرانية فقط، بل وصلت إلى ريف دمشق ومناطق قريبة من السويداء. هذا التوسع فى نطاق العمليات يعكس سعى تل أبيب إلى فرض إجماع أمنى فى الجنوب السوري، يمنع تموضع أى قوة تهدد مصالحها، سواء كانت إيرانية، أو مرتبطة بالفصائل الجهادية. وبالتالي، قد تشهد الفترة المقبلة تحركات عسكرية أو استخباراتية إسرائيلية أكثر وضوحًا فى الجنوب، سواء عبر دعم غير مباشر لبعض القوى المحلية، أو عبر استهداف أى جهة تحاول تغيير التوازنات القائمة، وهو ما قد يجعل السويداء ودرعا ساحتين رئيسيتين لحروب الوكالة فى الصراع السورى المستمر.
تركيا.. الأطماع فى الشمال السوري 
كانت الاستراتيجية التركية فى سوريا قائمة على تحقيق عدة أهداف متداخلة، تتراوح بين منع إقامة كيان كردى مستقل فى الشمال، وتعزيز نفوذ الفصائل الموالية لها، وصولًا إلى محاولة إعادة تشكيل الخارطة السياسية السورية بما يتماشى مع مصالحها. فمنذ انطلاق العمليات العسكرية التركية فى سوريا، بدءًا من درع الفرات (٢٠١٦)، ثم غصن الزيتون (٢٠١٨)، وصولًا إلى نبع السلام (٢٠١٩)، كان الهدف الرئيسى لأنقرة إضعاف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومنعها من السيطرة على مناطق واسعة تمتد حتى الحدود العراقية. وقد أدى هذا التدخل إلى حرب استنزاف ضد الأكراد، حيث استخدمت تركيا الميليشيات المدعومة منها فى عمليات تهجير قسرى وتغيير ديمغرافي، خاصة فى مناطق مثل عفرين ورأس العين، بهدف فرض واقع جديد فى الشمال السوري.
لكن الأطماع التركية لم تقتصر على محاربة الأكراد، بل امتدت إلى محاولة دعم شخصيات سورية معارضة للوصول إلى الحكم فى دمشق، ومن بين هؤلاء أحمد الشرع، الذى يُنظر إليه كواجهة سياسية مدعومة من أنقرة وتسعى تركيا عبر هذا الدعم إلى إيجاد موطئ قدم دائم فى المشهد السياسى السوري، بما يضمن لها التأثير طويل الأمد فى القرارات السياسية والأمنية للبلاد. كما أن أنقرة تعمل على توسيع مناطق نفوذها حتى حلب، حيث دعمت الفصائل المسلحة فى السيطرة على أجزاء واسعة من ريف المدينة، وساهمت فى إضعاف سيطرة النظام السورى على الشمال، تمهيدًا لإعادة رسم الخارطة السورية بما يتماشى مع مصالحها الإقليمية.
وفى سياق عملياتها العسكرية، لم تتردد الطائرات التركية بالتعاون مع سلطة الأمر الواقع فى تنفيذ ضربات جوية عشوائية استهدفت أحياء كاملة يقطنها العلويون، حيث تم استخدام البراميل المتفجرة بشكل عشوائي، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وقد أثارت هذه الضربات ردود فعل غاضبة، خاصة أن استخدامها بهذه الطريقة يشابه التكتيكات التى اتُهم النظام السورى باستخدامها ضد المعارضة. ويبدو أن أنقرة تعتمد على التصعيد العسكرى لفرض أمر واقع جديد فى الشمال، متجاهلة التداعيات الإنسانية والسياسية التى قد تؤدى إلى توسيع رقعة الصراع وإثارة موجات جديدة من العنف الطائفي، ليس فقط بين الأكراد والفصائل المدعومة من تركيا، ولكن أيضًا بين العلويين والسنة فى المناطق المختلطة، مما يزيد من تعقيد المشهد السورى بأكمله.
تنامى الإرهاب
مع تزايد العنف الطائفى واحتدام الصراع بين الفصائل المسلحة، تصبح سوريا بيئة خصبة لتنامى الجماعات الإرهابية، التى تستغل الفوضى السياسية والأمنية لتعزيز نفوذها وتوسيع عملياتها. فكلما زاد التصعيد الطائفى والمجازر المتبادلة، ارتفعت احتمالات تدفق المقاتلين الأجانب إلى الداخل السوري، حيث تجد الجماعات المتطرفة، مثل داعش فرصة جديدة لتجنيد عناصر جديدة وتوسيع نفوذها تحت شعار الدفاع عن طائفة أو أخرى.
كما أن تصاعد التوترات فى الساحل السورى والشمال والجنوب قد يؤدى إلى إعادة تموضع التنظيمات الإرهابية، التى قد تستغل الصراع بين القوى الإقليمية والمحلية لإعادة بناء قدراتها وتنظيم صفوفها. فمع انشغال سلطة الأمر الواقع وحلفائها فى مواجهة الفصائل المسلحة ومع تركيز المعارضة على قتال هيئة تحرير الشام ربما يجد تنظيم داعش ثغرات أمنية كبيرة لإعادة فرض سيطرته على بعض المناطق، خاصة فى البادية السورية والمناطق الحدودية. علاوة على ذلك، فإن استمرار الفوضى فى سوريا يجعلها مصدر تهديد إقليمى ودولي، حيث يمكن أن تصبح مركزًا لتصدير الإرهاب إلى الدول المجاورة، مثل العراق ولبنان والأردن وتركيا، بل وحتى إلى أوروبا، عبر شبكات التهريب والتمويل غير الشرعي. ومع غياب استراتيجية واضحة لمكافحة هذه التهديدات فى ظل استمرار الصراع، فإن سوريا قد تتحول مجددًا إلى بؤرة رئيسية للجماعات الإرهابية، مما يفرض تحديات أمنية كبرى على المستوى الإقليمى والدولي، ويؤخر أى إمكانية حقيقية لتحقيق الاستقرار فى البلاد
.
هل يمكن احتواء الأزمة؟
على الرغم من أن التطورات الأخيرة فى الساحل السورى تحمل إشارات مقلقة حول تصاعد العنف الطائفي، إلا أن هناك سيناريوهات قد تحول دون انزلاق البلاد إلى حرب أهلية شاملة. أحد هذه السيناريوهات يعتمد على تدخل القوى الدولية للضغط على الشرع من أجل وقف عمليات التطهير العرقي، سواء عبر العقوبات، أو فرض تفاهمات أمنية تمنع استهداف المناطق العلوية، أو حتى نشر قوات مراقبة أممية فى المناطق المهددة بالعنف الطائفي. كما قد تلجأ بعض الدول الفاعلة إلى التنسيق مع تركيا، التى تملك نفوذًا على بعض الفصائل المسلحة فى الشمال، لمنع انجرار هذه الجماعات إلى مواجهات تكرّس الانقسام الطائفى فى البلاد.
هناك مخاوف من أن يكون ما يجرى فى الساحل السورى بداية لمرحلة جديدة من الصراع، حيث تتحول المواجهات إلى حرب أهلية طائفية مفتوحة، تمتد إلى مناطق أخرى مثل السويداء والشمال الشرقي، مما قد يؤدى إلى إعادة رسم خارطة النفوذ فى سوريا على أساس طائفى واضح. فى هذا السيناريو، قد نشهد تزايد عمليات التهجير القسري، وظهور ميليشيات محلية ذات طابع طائفى أكثر تشددًا، وهو ما سيؤدى إلى تفكيك البنية الاجتماعية المتبقية فى البلاد، ويجعل أى تسوية سياسية مستقبلية أكثر صعوبة.
فى النهاية، سواء استمر التصعيد أو تم احتواؤه، فإن العنف الطائفى المتزايد يعمّق من حالة التفكك فى سوريا، ويدفعها أكثر نحو سيناريوهات مثل التقسيم الفعلى أو استمرار النزاع لعقود قادمة. حتى فى حال توقف العمليات القتالية مؤقتًا، فإن الانقسامات الطائفية والجغرافية التى ترسخت على مدى سنوات الحرب قد تجعل سوريا فى حالة نزاع مستدام منخفض الحدة، حيث يبقى التوتر قائمًا، ولا تتوافر بيئة مناسبة لحل سياسى شامل. لذلك، فإن أى محاولة لاحتواء الأزمة لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار معالجة الجذور العميقة للصراع، وليس فقط إخماد موجاته المتلاحقة.

مقالات مشابهة

  • أسبوع أسود في الساحل السوري.. نزوح العائلات المسيحية خوفًا من عمليات القتل
  • «اليوم العالمي للرّياضيات».. لُغة الكون نُحلّل ونُفكّر ونُبدِع
  • «كونفيت البط».. ملك الأطباق في رمضان
  • تلسكوب جديد أطلقته “ناسا” للعثور على كيف ظهر الكون بانفجار عظيم
  • المفتي: خلافة وعمران الكون تتحقق من خلال التعارف بين البشر.. فيديو
  • مانشستر يونايتد يستلهم الإبداع الخارجي والداخلي لملعب الحسن الثاني بالدارالبيضاء لبناء أضخم ملعب في إنجلترا
  • أزمةُ الغاز في عدن تُدفع أغلبَ الأسر إلى الحطب
  • أوكرانيا تشن "أضخم هجوم بالمسيّرات" منذ بدء الحرب
  • تكثيف الاتصالات لاستمرار الهدوء بين جبل محسن وباب التبانة
  • الجمعة السوداء في الساحل| سوريا بين شبح الحرب الأهلية والأطماع الخارجية