موقع النيلين:
2025-03-14@09:18:23 GMT

محاكمة كوشيب هل تكسر حلقة الإفلات من العقاب؟

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

هذا السؤال الذي وضعته في العنوان يدور في أذهان الكثير من أبناء وبنات الشعب السوداني الذي أعياه الدوران في حلقات مفرغة من الانتهاكات التي تتم تحت بصر الدولة فيما لا يتم تقديم أي شخص للعدالة، ولم يحدث أي نوع من الإنصاف للضحايا الذين تتردى حياتهم وهم يعيشون في مخيمات لجوء ونزوح طوال عقود من الزمان.

سؤال العدالة كبير ومعقد لجهة كبر نطاقات الانتهاكات والعدد الضخم للمتضررين وحتى الفترات الزمنية الطويلة التي تعرض فيها الناس للبطش وحرق قراهم وانتزاع أراضيهم فيما تقف الدولة التي سلحت سابقا المليشيات، ودعمتها لتهجير القرويين في موقف الجلاد والحكم!

وسط إحباطات متراكمة لعقدين كاملين من الزمان جاء اختتام المرافعات الختامية في محاكمة المتهم علي محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ «علي كوشيب» أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كبريق أمل للضحايا الأحياء من أحداث وادي صالح غربي البلاد التي يحاسب بسببها المتهم، بعضهم يعيش في معسكرات النزوح في دارفور منذ العام 2003 وبعضهم في معسكرات اللاجئين في الحدود مع دولة تشاد.

* «كوشيب» أحد المتهمين المطلوبين لدى المحكمة منذ العام 2007، فيما شملت قائمة المطلوبين الرئيس المعزول عمر البشير واثنين من قيادات حكومته هما عبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون الذي أُعِيد انتخابه مؤخرا رئيسا لحزب المؤتمر الوطني!

ولم يتم تسليم المطلوبين، على الرغم من وجودهم في مناطق سيطرة الجيش متنقلين بين ولايات الشرق والشمال، ويخضع كوشيب وحده للمحاكمة؛ لأنه سلم نفسه في العام 2020 للمحكمة طواعية خوفا من الاستهداف والقتل بعد سقوط نظام البشير ومنذ ذلك الوقت يحاول إنكار هويته، وختم ذلك الإنكار ببيان طلب تقديمه أمام القضاة قال فيه «أنا لست كوشيب!»

الأمر الآن متروك أمام القاضيات ليحددن هل هو الشخص المطلوب وفق الأدلة التي قدمها مكتب الادعاء أم هو رجل بريء! وبينما ينتظر السودانيون بصفة عامة النطق بالحكم في هذه القضية يتعلقون بأمل أن المحاسبة ستحدث، وأن العدالة ستتحقق وإن طال الزمن!

* كنت من ضمن مجموعة من السودانيات حظينا بحضور المرافعات الختامية في محاكمة كوشيب من مقاعد الجمهور داخل المحكمة، كانت لحظة تاريخية نادرة تقول إن الطغاة سيمثلون أمام القضاء، ويدفعون ثمن ما فعلوه في حق المدنيين العزل يوما ما الأمر الذي يرسل رسالة قوية لكل من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الـ 15 من أبريل التي اندلعت في الخرطوم، وتمددت مثل النار في ولايات سودانية أخرى شردت أكثر من 13 مليون مواطن، وقتلت عشرات الآلاف، واُغْتُصِبَت عشرات النساء فيما يحاصر الجوع 25 مليون سوداني، ويموت الأطفال بسبب سوء التغذية!

* ما يحدث الآن لا يختلف كثيرا عما حدث في ذلك الوقت في العام 2003 مسرح الجرائم كان قرى دارفور التي عانت التهجير القسري والقتل والإعدام خارج نطاق القانون والاغتصاب والاضطهاد، ذات الفاعلين في تلك الأحداث هم نفسهم الذين يتقاتلون الآن، اختلفت المسميات قليلا، وتغير الزي العسكري ربما، لكنها ذات الأيادي الباطشة بالمدنيين العزل!

فأحداث دارفور كان الفاعل الرئيس فيها قوات «الجنجويد» التي سُلِّحَت من حكومة «البشير» واليوم ذات العناصر التي كونت حكومة البشير هي التي تقاتل في الأرض، وتقاتل تلك القوات التي قام نظام البشير بمنحها الشرعية وتحويلها لقوات نظامية بموجب قانون مجاز عبر البرلمان في العام 2017.

* «كوشيب» متهم بارتكاب 31 جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ووفق شهادات الشهود احتجز رجال من قبيلة الفور قبل أن ينقلهم من مركز الشرطة، ويأمر بإعدامهم جميعا، ويدفنهم في مقابر جماعية، وكان يجعل المعتقلين يستلقون على الأرض، ويمشي على ظهورهم فيما حدثت اغتصابات واسعة للنساء. وقال بعض شهود عيان التقيتهم إنه قام بجمع عدد ضخم من الأطفال في منزل واحد وأشعل فيهم النيران!

نقلت ممثلة الضحايا في المحكمة الجنائية رسائل عدد كبير من الضحايا الذين حكوا كيف تبدلت حياتهم، وكيف منعت الوصمة النساء من مواصلة دراستهم، وكيف استمروا في حياة النزوح يفتقرون لأقل مقومات الحياة لعقدين من الزمان، وتحدث الكثيرون منهم عن رغبتهم في استعادة «كرامتهم» والعودة إلى أراضيهم.

* في أروقة المحكمة حضر بعض أبناء وبنات دارفور ممن كانوا هم أنفسهم شهودا على تلك الانتهاكات البشعة، وقالت إحدى الشاهدات إنها التقت في مستشفى بمدينة نيالا جنوب دارفور بشابتين دون سن العشرين اضطر الفريق الطبي لبتر أعضائهن التناسلية بالكامل؛ بسبب الالتهابات الفظيعة التي أصابتهن؛ لأن المغتصبين لم يكتفوا بالاغتصاب فقط، بل وجهوا طعنات بسكين حادة يستخدمها العسكريون تعرف بـ «السونكي» فيهن !

حكى شاب آخر عن تذكره مشاهدة المقابر الجماعية، نجا بحياته بأعجوبة، وفقد الكثيرين من أسرته، فيما انفجر رجل آخر في البكاء بعد أن وقف كوشيب لمخاطبة المحكمة لجهة تذكره حادثة مقتل والده على يد كوشيب وجنوده.

كتب على السودانيين أن يعيشوا حياة مليئة بالقهر، انتهاكات وقتل بالجملة مع غياب تام للعدالة، لا يطلب الناس المال بقدر ما يطلبون الإنسانية والكرامة والعودة إلى أراضيهم؛ لأنهم منتجون ومزارعون ورعاة وسط حياتهم القديمة لم يشتكوا ولم يحتاجوا إلى أحد.

* الإفلات من العقاب في جرائم حرب الجنوب أدت إلى ظهور جرائم أكبر في حرب دارفور ثم واصلت حلقة الإفلات من العقاب طوال عقدين من الزمان برفض النظام السابق تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية والامتناع من محاكمتهم داخليا، ذات الأيادي الملطخة بالدماء طوال عشرين سنة واصلت في القتل والترويع والتشريد فيما تطورت جرائم الاستعباد والعنف الجنسي واتسعت دائرة الانتهاكات

ويبقى الإجابة عن السؤال في العنوان لا بد أن تكون «نعم» فلا بد أن تكسر محاكمة كوشيب حلقة الإفلات من العقاب، ويُسَلَّم المطلوبون جميعهم لدى الجنائية ليحاكموا ولا بد أن تُؤَسَّس منظومة عدلية ومحاسبية تمنع تسلط الحكومات على الرقاب، وتكون متاحة لرقابة الشعب الذي لا يستحق سوى الكرامة.

سينتظر السودانيون النطق بالحكم في محكمة كوشيب على جمر وحال تمت محاكمته سيتنفس الكثيرون نسيم العزة والكرامة.

أمل محمد الحسن – الشرق القطرية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الإفلات من العقاب من الزمان

إقرأ أيضاً:

الطقس الحار يشتد .. القاهرة تكسر حاجز الـ 30 درجة وهذه أيام الذروة

تشهد حالة الطقس اليوم، استمرار الأجواء الحارة نهارا علي كافة الأنحاء، حيث تكسر درجات حرارة حاجز 30 درجة خلال فترات النهار .

ذروة الموجة شديدة الحرارة

بحسب هيئة الأرصاد، فإن الموجة الحارة تستمر علي كافة الأنحاء لمدة أسبوع قادم، ومن المتوقع أن تسجل القاهرة 32 درجة اليوم الجمعة، بينما تكون ذروة الارتفاع في درجات الحرارة الأحد والاثنين القادمين؛ ثم يبدأ بعدهما الانخفاض التدريجي في درجات الحرارة مع نهاية الأسبوع القادم. 

موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تحذر من طقس الجمعةالأرصاد تكشف عن موعد ذروة الموجة الحارة

أكدت هيئة الأرصاد الجوية، أنه يجب عدم الانخداع في درجات الحرارة وتخفيف الملابس بشكل كبير خاصة للأطفال وكبار السن، مع ضرورة متابعة تحديث النشرات الجوية أول بأول.

فيما تشهد الملاحة البحرية، خلال الطقس اليوم، استقرار تام في حركة الأمواج على كل من البحرين الأحمر والمتوسط.

وتشهد حالة الطقس الأيام القادمة، استمرار الموجة الحارة على أغلب الأنحاء، ليسود طقس حار نهارا مائل للبرودة ليلا وفي الصباح الباكر على أغلب الأنحاء.

الموجة الحارة مستمرة أسبوع

قالت هيئة الأرصاد، إن الاستمرار في الارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة مستمر على أغلب أنحاء البلاد، حيث متوقع أن تكسر درجة الحرارة على القاهرة حاجز 30 درجة وعلى الصعيد تتجاوز 37 درجة مئوية نهارا.

كشفت هيئة الأرصاد الجوية، أن ارتفاع درجات الحرارة مستمر حتى نهاية الأسبوع المقبل أيضا، سوف تستمر درجات الحرارة في معدل الأرتفاع طوال الأسبوع القادم، ولكن بنسبة كبيرة مع نهاية الأسبوع القادم، سوف تنكسر درجات الحرارة نسبيا وتعود للانخفاض التدريجي ثانية.

عن الظواهر المؤثرة خلال هذه الفترة، قد تتعرض البلاد اعتبارا من بداية الأسبوع الجديد، تحديدًا يوم السبت إلى نشاط رياح على مناطق من القاهرة الكبرى والوجه البحري وشمال الصعيد، قد تكون مثيرة للرمال والأتربة على مناطق من جنوب سيناء ومحافظة الوادي الجديد على فترات متقطعة.

حول درجات الحرارة المتوقعة، خلال الطقس اليوم، كالآتي:
القاهرة الكبرى والوجه البحري تتراوح ما بين 30 إلى33 درجة
السواحل الشمالية تتراوح ما بين 31 إلى 32 درجة
شمال الصعيد تتراوح ما بين 33 إلى 35 درجة
جنوب الصعيد تتراوح ما بين 36 إلى 37 دررجة

مقالات مشابهة

  • الطقس الحار يشتد .. القاهرة تكسر حاجز الـ 30 درجة وهذه أيام الذروة
  • البشير يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع بالعاصمة دمشق
  • هنكد على مين .. رحاب الجمل تمازح أسماء جلال وهشام ماجد
  • مي عز الدين تكسر صمتها وتتحدث عن عودتها للدراما
  • “منزل رعب”.. بدء محاكمة المتهمين “بالقتل العمد” للأسطورة مارادونا
  • البدء في محاكمة فريق مارادونا الطبي بتهمة القتل بسبب الإهمال
  • نشط فيما يسمى ولاية الأنبار.. الحشد يطيح بإرهابي في بغداد
  • أمن الحشد الشعبي يطيح بإرهابي نشط فيما يسمى ولاية الأنبار في بغداد
  • الأستاذ الفرحان: لا أحد فوق القانون وكل من هو متورط بالانتهاكات ضمن صلاحيات اللجنة وسنقدم ما نتوصل إليه من نتائج إلى رئاسة الجمهورية وإلى القضاء وهو الذي يجرم أو يحكم بالبراءة
  • الأستاذ الفرحان: كما تؤكد أن سوريا الجديدة عازمة على ترسيخ العدالة وسيادة القانون، وحماية حقوق وحريات مواطنيها، ومنع الانتقام خارج إطار القانون، وضمان عدم الإفلات من العقاب