شون جونز: التغيرات البيئية تزيد من صعوبة تحقيق الازدهار المستقبلي وتفرض تحديات كبيرة
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
انطلق اليوم فعاليات المؤتمر السنوي لجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط (AMEPPA) الذي تحتضنه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، على مدار يومي 21 و22 ديسمبر الجاري، تحت عنوان “الإدارة العامة والسياسات العامة في ظل مستقبل متغير: نحو تبني نهج استراتيجي وابتكاري ومرن”.
ويهدف المؤتمر إلى مناقشة التحولات الكبرى في الإدارة والسياسات العامة بالمنطقة، ويسعى لتقديم رؤى مبتكرة حول كيفية التعامل مع التحديات الناشئة في الإدارة العامة، واستخدام التقنيات الحديثة والابتكار لتطوير حلول فعّالة ومستدامة لمستقبل الإدارة العامة.
وفي المستهل، قالت الدكتورة ليلى البرادعي – رئيسة الجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط (AMEPPA) وأستاذ ورئيس قسم السياسة العامة والإدارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: "يسعدنا أن نرحب بالعديد من الشخصيات المرموقة من المنطقة وخارجها، جميعهم مهتمون بمجال الإدارة العامة والسياسات العامة، وهو العنوان الذي اخترناه لمؤتمرنا هذا العام، والذي يُعقد بالشراكة مع مشروع الحوكمة الاقتصادية (EGA) الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ونشكرهم على ذلك، وبالنسبة لأولئك الذين ينضمون إلينا لأول مرة، هي منظمة غير ربحية مكرسة لخدمة المصلحة العامة وإلهام التميز المهني في منطقة الشرق الأوسط. تأسست في عام 2018، ومنذ ذلك الحين، تعمل كمنصة حيوية للأكاديميين والمحترفين وصناع السياسات في المنطقة للمشاركة في بحوث أكاديمية رصينة وتحليل سياسات مبتكر، وتشمل مهمتها تعزيز التميز في الإدارة العامة والسياسات العامة والتعليم والبحث في منطقة الشرق الأوسط، من خلال طرق تعليم مبتكرة وأبحاث ذات تأثير، وتسهيل تبادل المعرفة والدعوة إلى اتخاذ قرارات سياسية مبنية على الأدلة، وتسعى المنظمة دائمًا للمساهمة في التنمية الإقليمية، ودعم تطوير شرق أوسط أكثر عدلاً وإنصافًا وازدهارًا، من خلال تعزيز مبادئ الحوكمة الجيدة والديمقراطية والتنمية المستدامة."
ومن جانبها، قالت الدكتورة نهى المكاوي - عميد كلية الشؤون العالمية والسياسات العامة (GAPP): "من الضروري تناول موضوعات تتعلق بالتغيرات الضخمة التي تشهدها المنطقة، والتي تحمل في طياتها فرصًا وتحديات هائلة، خاصة وأن المنطقة تواجه تحولات غير مسبوقة، تتطلب استجابة مناسبة من الدولة والمجتمع، وأن الالتزام بالعقد الاجتماعي هو ما سيقوي العلاقة بين المواطن والدولة، والمنطقة ليست خالية من نماذج مبتكرة من الإدارة العامة والسياسة العامة، وعلينا مناقشة هذه النماذج الجيدة، كما أنه من الضروري أن يتم التعاون الإقليمي وفتح الأبواب للتجارب العالمية، وهو ما يمثل رؤية الكلية في الانفتاح على التجارب الجيدة مع التركيز على العدالة والشمولية في السياسات العامة والإدارة العامة".
وفي كلمته، اشار الدكتور أحمد دلال، رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى دور الجامعة في دعم الابتكار قائلا : "تواجه المؤسسات في الشرق الأوسط تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية وبيئية معقدة، ولكن وسط هذه التحديات تكمن فرص للتقدم نحو التنمية المستدامة من خلال تبني سياسات مبتكرة وشاملة ونهج شامل للحكم، ويمكن للتقدم التكنولوجي أن يعزز عملية اتخاذ القرار، ويزيد من الكفاءة، ويحسن تقديم الخدمات العامة، ومع ذلك، يجب دمج هذه التقنيات مع العدالة والشفافية والإشراف البشري وآليات التحكم، كما يجب أن تصبح المؤسسات أكثر مرونة واستجابة للاحتياجات المتغيرة بسرعة، مع دمج الاستدامة في السياسات العامة وبناء المرونة للتكيف مع الصدمات الاقتصادية".
أما شون جونز، مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر، فقال: "نواجه اليوم تحديات هائلة على مختلف الأصعدة، سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، بيئية، أو حتى تكنولوجية، كذلك نلاحظ أن التكنولوجيا تتطور بوتيرة غير مسبوقة، مما يؤثر على كيفية إدارة البيانات وتوظيفها لدعم القرارات، فالتغيرات البيئية تزيد من صعوبة تحقيق الازدهار المستقبلي وتفرض على الدول تحديات كبيرة في توفير الأمن الغذائي، التعليم، والخدمات الصحية، فمن خلال هذا المؤتمر، نهدف إلى تعزيز الحوكمة القائمة على البيانات والابتكار، والتصدي للتحديات عبر سياسات عامة جريئة وعملية، ويتطلب ذلك شجاعة من صانعي السياسات لاتخاذ قرارات تتجاوز الخيارات السهلة وتحقيق العدالة والمساءلة والمشاركة الفعالة، ونحن ملتزمون بدعم الجهود المصرية في تحسين الإدارة العامة من خلال استراتيجيات مبتكرة تشمل تطوير الكفاءات، إنشاء وحدات المراجعة الداخلية والحوكمة، وتعزيز الشفافية والكفاءة في العمل الحكومي".
وقال الدكتور أحمد طنطاوي - مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورئيس مركز الابتكار التطبيقي في الكلمة التي ألقاها ممثلًا للدكتور عمرو طلعت – وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: "نهدف لتعزيز استخدام التقنيات الناشئة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في تحقيق الأهداف الهامة للأمة، كل محافظة في العالم لديها وظائف أساسية تتجاوز مجرد تقديم الخدمات، مثل الرعاية الصحية، التعليم، والتنمية الاقتصادية، لكن هناك نقصًا في الأنشطة داخل القطاع العام تتعلق بتطوير هذه الخدمات باستخدام التكنولوجيا، لذا فنحن نحاول تأسيس كيان ضمن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للقيام بذلك بأنفسنا، فعلى سبيل المثال، قمنا بتطوير حل قائم على الذكاء الاصطناعي للكشف عن اعتلال الشبكية السكري، ونجحنا في فحص 12 ألف مواطن مصري مصاب بالسكري، فالابتكار يؤثر بشكل كبير على كيفية صنع السياسات العامة وتنفيذها".
ومن جانبها، قالت الدكتورة رانيا المشاط - وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، خلال كلمتها الافتراضية: "من بين المبادرات البارزة، مشروع الحوكمة الاقتصادية الذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ويستمر من 2023 حتى 2030، إذ يجسد هذا المشروع روح التعاون من خلال تعزيز الحوكمة الاقتصادية، خصوصًا الإصلاحات التي تتماشى مع رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وقد حقق البرنامج إنجازات ملموسة مثل: إطلاق "كمت"، أول روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي في الخدمة المدنية، لتعزيز الشفافية وتوفير الوصول الفوري إلى المعلومات القانونية، وتقديم إطار عمل أولي لاستراتيجية الإصلاح الإداري العامة الوطنية، وتعزيز مراقبة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد باستخدام أدوات إلكترونية لإدارة الأداء، وتطوير دورات تدريبية رقمية للخدمة المدنية تركز على المهارات الإدارية والأخلاقيات والمساواة بين الجنسين، ودعم احتضان الشركات الناشئة لخلق فرص عمل جديدة وتسليط الضوء على دور ريادة الأعمال في النمو الاقتصادي، وإطلاق برامج إرشادية للنساء العاملات في الخدمة المدنية، ما يعزز من دورهن كقادة جدد، ويتماشى هذا التقدم مع جهود الوزارة لدعم إصلاح الإدارة العامة وتعزيز الأثر الإيجابي للمبادرات المدفوعة بالابتكار".
وبعد كلمة الدكتورة رانيا المشاط جاءت كلمة رئيسية ألقاها الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في مصر، حول "إصلاحات الإدارة العامة في مصر: الطريق نحو المستقبل"، والتي تحدث فيها على دور الحكومة الحيوي في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، مشددًا على أهمية الإصلاح الإداري لتحقيق مستوى أفضل من الخدمات الحكومية، وأوضح أن المؤتمر يمثل فرصة هامة للاطلاع على أفضل الممارسات العالمية، مما يسهم في تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الجهاز الإداري، مثل التشريعات وتداخل أنشطة المؤسسات الحكومية، وأشار إلى أن تطوير الإطار التقني وخطة الإصلاح الإداري يعدان من الأسس لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية 2030، كما أكد على أهمية تحقيق تطور إداري فعال ومُحكَم يسهم في الدور التنموي للدولة، من خلال إصلاح تشريعي شامل وتطوير قانون الخدمة المدنية، بالإضافة إلى تعزيز القدرات المؤسسية والتعامل الفعال مع البيانات، فهذه الإصلاحات ليست مجرد خطوات إدارية، بل هي ضرورة لتحقيق تحول حقيقي في كيفية تقديم الخدمات الحكومية وتحسين حياة المواطن المصري.
انطلقت فعاليات المؤتمر بجلسة نقاشية افتتاحية تحت عنوان "تعزيز مبادرات الحوكمة في مصر"، والتي شهدت مشاركة نخبة من الخبراء وصنّاع القرار في مجال الحوكمة والإصلاح الإداري. ضمّت الجلسة الدكتور أحمد درويش، وزير الدولة للتنمية الإدارية الأسبق، واللواء خالد عبد الحليم، محافظ قنا، واللواء عصام زكريا، رئيس قطاع التخطيط الاستراتيجي بهيئة الرقابة الإدارية، وأدار الجلسة الدكتور خالد زكريا أمين، أستاذ السياسات العامة والمستشار الرئيسي لمشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تناولت الجلسة أبرز الجهود والمبادرات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز الحوكمة وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تطوير الأداء الحكومي وبناء مؤسسات فعّالة تدعم الشفافية والكفاءة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامعة الأمريكية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية السياسات العامة المزيد الوکالة الأمریکیة للتنمیة الدولیة الحوکمة الاقتصادیة التنمیة المستدامة والسیاسات العامة العامة والإدارة السیاسات العامة الإدارة العامة الشرق الأوسط من خلال فی مصر
إقرأ أيضاً:
تحديات النموذج السوري في التغيير
شكّل سقوط نظام الأسد، وانهيار جيشه السريع أمام زحف فصائل المعارضة السورية التي وصلت إلى العاصمة السورية دمشق في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، تحولًا كبيرًا في تاريخ سوريا على الصعيدين؛ الداخلي والخارجي، وأشاع موجات عالية من الأفراح والاحتفالات لدى السوريين، الذين قدموا تضحيات جسامًا من أجل الخلاص من نظام الأسد الاستبدادي.
النموذج السورييمكن القول إن تمكن فصائل المعارضة السورية، بقيادة "هيئة تحرير الشام"، من الوصول إلى مفاصل الحكم في سوريا، شكل نموذجًا جديدًا في التغيير، حمل معه عودة الإسلاميين إلى واجهة المشهد السياسي، عبر اتخاذ العمل المسلح حاملًا لمشروعهم الرافع لراية الثورة السورية، وذلك بالافتراق عن نموذج العمل السياسي الذي سلكته بعض التنظيمات الإسلامية المعتدلة في بلدان، مثل المغرب، ومصر، وتونس، وعن المسار العنفي الذي اتبعته تنظيمات إسلامية رفعت راية الجهادية العالمية.
فضلًا عن أن النموذج السوري قدم خطابًا متصالحًا مع دول الجوار ومع دول الغرب والعالم، الأمر الذي يفسر تقاطر وفود الدول الغربية والعربية إلى العاصمة دمشق، متجاوزة التصنيفات التي وضعت هيئة تحرير الشام في خانة المنظمات الإرهابية.
إعلان التحدياتيواجه النموذج السوري في التغيير تحديات عديدة، ستختبر مدى قدرته على إعادة بناء الدولة السورية وفق مندرجات وأسس جديدة، تقطع مع تلك النماذج التي قدمتها حركات الإسلام السياسي بمختلف تنوعاتها ومشاربها، وانتهت معظمها إلى الفشل الذريع في تحقيق الأمن والاستقرار، حيث لم تتمكن من بناء نموذج دولة وطنية مستدامة، بل عجزت عن تشكيل حاضنة شعبية واسعة وقوية حولها.
وبالتالي فإن الاختبار الحقيقي الذي تواجهه الإدارة الجديدة في سوريا ليس فقط في مطابقة الأفعال مع الأقوال، كما يطالب مسؤولون غربيون، بل في إحداث قطيعة سياسية وإبستمولوجية في العلاقة بين السياسة والإسلام.
تحديات الداخل السوريتبرز على مستوى الداخل تحديات واستحقاقات عديدة، حيث يتطلع السوريون إلى أن تقدم الإدارة الجديدة ما يمكنه تحقيق وعود الثورة السورية، التي اندلعت في منتصف مارس/ آذار 2011، المتمثلة في بناء سوريا جديدة وفق مبادئ التعددية والمواطنة المتساوية وسيادة القانون.
لكن هواجسهم لم تنقطع، بسبب ماضي الفصائل المتشددة، التي تولت إدارة المرحلة الانتقالية في البلاد، الأمر الذي أثار مخاوف شرائح من السوريين من انفرادها بالحكم والعودة بهم إلى الوراء، لكن ذلك لم يؤثر على تطلعهم في ألا تنسى الإدارة الجديدة حجم تضحياتهم ومعاناتهم.
وأن تعي حجم التحديات الداخلية التي تواجهها، وتتصرف بحكمة وتعقّل في المرحلة الانتقالية، التي تتطلب القيام بخطوات مدروسة من أجل الوصول إلى غدٍ أفضل لجميع السوريين، وذلك عبر إشراك مختلف أطيافهم في صنع مستقبلهم، واتخاذ إجراءات باتجاه إعادة بناء مؤسسات الدولة وفق مندرجات الحكم الرشيد، وبما يقطع مع نهج الاستبعاد والإقصاء والتهميش الذي كان سائدًا خلال عهد النظام الاستبدادي.
إذًا، يواجه النموذج السوري تحديًا يتمثل في اختبار قدرة الإدارة الجديدة على إدارة التنوع والتعددية التي يمتاز بهما المجتمع السوري، سواء على المستوى الديني، أم الإثني، حيث يتطلب هذا الواقع المجتمعي إدارة حكيمة، والابتعاد عن ممارسات الإقصاء أو التهميش، وتحقيق العدالة والمساواة لجميع مكونات المجتمع، مع احترام التعددية كقيمة أساسية في بناء الدولة.
إعلانيعوّل السوريون على الإشارات الإيجابية التي صدرت من الإدارة الجديدة، والتي جسدتها في التعامل المنفتح مع كافة أطياف المجتمع وإقرارها بالحق في ممارسة كافة الشعائر والطقوس الدينية، وعدم التدخل في الحريات الشخصية، سواء المظهر أم اللباس.
والأهم أنها لم تلجأ إلى ممارسات الثأر والانتقام، بل أوجدت مراكز تسوية لكافة أفراد جيش النظام وأجهزة أمنه، ولجأت إلى تنظيم حملة أمنية ضد فلول النظام السابق، بالتزامن مع توجهها إلى الاستعانة بالوجهاء والأعيان في المناطق التي تحصنوا فيها.
وتعاملت الإدارة الجديدة بحزم مع محاولة الفلول الإخلالَ بالأمن، والاعتداء على عناصر أمن الهيئة، وترافق حزمها بشيء من الحكمة، حيث لم تعتبر الأحياء والمناطق، التي تخفّى فيها المتهمون بارتكاب جرائم، بيئة معادية، بل توجهت إلى ممثلي المجتمعات الأهلية في تلك المناطق والأحياء، الذين أبدوا تجاوبهم معها، ورفضوا كل محاولات إثارة النعرات الطائفية.
كما شكلت الإدارة الجديدة لجنة تحضيرية من أجل عقد مؤتمر وطني جامع لكل مكونات المجتمع السوري، الذي ستعلن فيه حلّ هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الأخرى التي ستنخرط في مؤسسة الجيش، وسيتم فيه تشكيل حكومة كفاءات، وحل البرلمان، وإيقاف العمل بدستور 2012، وستشكَّل لجان قانونية وحقوقية من أجل كتابة دستور جديد، تمهيدًا لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
تعي الإدارة الجديدة حجم التحديات على مستوى الداخل، وأهمها التحدي الأمني، حيث سعت منذ الأيام الأولى إلى سحب السلاح غير الشرعي، وحصره بيد الدولة عبر مؤسسة الجيش الذي بدأت بإعادة تشكيله.
إضافة إلى تحدي تأمين الحاجيات الأساسية للسوريين، الذين يعانون من التركة الثقيلة للنظام السابق، وأكثر من 90% منهم تحت خط الفقر، وبحاجة ماسَّة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فضلًا عن التحدي الاقتصادي والتنموي، حيث تحتاج سوريا إلى أكثر من 500 مليار دولار من أجل إعادة إعمار ما دمره نظام الأسد، ما يعني أنها بحاجة إلى تدفق الاستثمارات العربية والدولية من أجل ذلك.
إعلانهذا يتطلب رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولم يعد لها مبرر بالنظر إلى أنها فرضت على نظام الأسد البائد لسلوكه الدموي حيال السوريين.
ويبدو أن الإدارة الأميركية بادرت إلى التخفيف من العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، بما يسمح برفع سوية الخدمات الضرورية الأساسية كالطاقة والكهرباء والمياه، وذلك دعمًا للخطوات السياسية التي تتخذها الإدارة الجديدة في المرحلة الانتقالية.
التحديات الخارجيةلا تقتصر التحديات التي تواجه الإدارة الجديدة على الداخل السوري، بل على مستوى الخارج، الذي يحفل بتحديات كثيرة، حيث رحبت دول عديدة بها، وأبدت استعدادها للمساعدة في تسهيل عملية الانتقال السياسي والتعافي الاقتصادي، وإعادة الإعمار، فيما لم تخفِ دول أخرى في الإقليم معارضتها ورفضها هذا النموذج.
فقد سارعت دول عديدة إلى إرسال وفودها إلى العاصمة دمشق، وتجاوزت تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، بالاستناد إلى الإشارات الإيجابية التي قامت بها الإدارة الجديدة بعد سقوط النظام.
بالمقابل، أدركت الإدارة الجديدة أهمية علاقاتها الدولية والعربية، فأرسلت رسائل طمأنة عديدة لدول الجوار والعالم؛ مفادها أن سوريا لن تكون عامل عدم استقرار، بل ستتبع سياسة صفر مشاكل معها، وأنها ليست في وارد تصدير الثورة، التي انتهت بسقوط النظام.
كما أدركت أهمية عودة سوريا إلى المنظومة العربية، فأرسلت وفدًا رفيع المستوى إلى كل من المملكة العربية السعودية، وقطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والأردن.
بدورها، أدركت هذه الدول العربية أهمية سوريا، وضرورة دعمها للتعافي وإعادة إعمار ما خربه نظام الأسد، وعدم تركها مثلما فعلت مع العراق بعد الغزو الأميركي.
على المستوى الدولي، نظرت الولايات المتحدة بإيجابية للتغيير الحاصل في سوريا، واعتبرت الإدارة الجديدة سلطة أمر واقع، وأرسلت وفدًا إلى دمشق، وكذلك فعلت كل من فرنسا، وألمانيا، وأبدت دول الغرب استعدادًا للتعاون المشروط مع الإدارة الجديدة، حيث صرح مسؤولون غربيون بأنهم يراقبون الأفعال التي ستقوم بها، وأرسلت الولايات المتحدة رسالة حسن نيّة تمثلت برفع جزئي ومؤقت للعقوبات الاقتصادية على سوريا، في انتظار رفعها العقوبات على الدولة السورية وقطاعاتها الحيوية.
إعلانهناك مؤشرات عديدة على رغبة الإدارة الجديدة تأسيس علاقات دولية جديدة، قوامها الاحترام والمصالح المتبادلة، وتأمل في أن يسهم المجتمع الدولي بمساعدتها في إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا المدمرة، التي يعاني غالبية سكانها من وطأة الفقر والتهميش وتبعات النزوح واللجوء.
ولعل التحديات التي تواجهها كثيرة، وتتطلب إيجاد آلية لتشكيل هوية سياسية جامعة، وجعل نموذج التغيير ينحو نحو تأسيس دولة تعاقدية مدنية ذات طابع إسلامي منفتح، ولا شك في أن الطريق ليس مفروشًا بالورود أمام الإدارة الجديدة، التي ستواجه العديد من التحديات والاستحقاقات.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية