بعد أفراح وتهنئة.. الأمن يقتل فرحة مصريين بالإفراج عن معتقل ويوقف 4 آخرين
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
في الوقت الذي انتشر فيه خبر إخلاء سبيل المعتقل المصري (محمد. ع) من محافظة الشرقية، الأحد الماضي، وامتلأ بيته بالمهنئين، وكتب أهالي قريته عبر مواقع التواصل الاجتماعي معبرين عن فرحتهم بخروج معلم الأزهر الشريف، كان لـ"جهاز الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية، رأي آخر، باعتقال 4 من أبناء القرية دفعة واحدة.
"فرحة لم تدم"
يقول أحد الأهالي هناك حاليا، أكثر من 25 معتقلا من قريتنا بين مهندسين ومعلمين وأطباء ومحاسبين بين شباب وطاعنين في السن مازالوا محبوسين منذ العام 2013، ومثل لنا خبر الإفراج عن المعتقل الذي قضى 11 عاما في محبسه يعاني المرض وآلام الغضروف ونحول الجسم، أملا كبيرا في إطلاق سراح باقي المعتقلين".
ويوضح أنه "لم تكتمل فرحة الأهالي ولم تدوم آمالهم في إخلاء مماثل لذويهم إلا مدة يومين فقط"، مبينا أن "قوات الأمن نزلت القرية بحملة مكبرة فجر الثلاثاء، لتعتقل 4 من المعتقلين السابقين بينهم خطيب وداعية بوزارة الأوقاف (ع)، ومعلم سابق بوزارة التعليم (س) –جرى إخلاء سبيله لاحقا-، واثنين من الشباب، (ج)، و(ع)".
ويلفت المتحدث وهو معتقل سابق أيضا، إلى أنه "منذ وقوع أحداث سوريا وزاد الأمل لدى الأهالي في إنهاء أزمة المعتقلين، ولكن يبدو أن الأمن يشدد قبضته بدلا من ذلك، وأصبح علينا أخذ الحيطة والحذر أكثر،حتى لا نقع في فخ الاعتقال مجددا".
"رغما عن القضاء"
ويؤكد محامي مصري، لـ"عربي21"، إن "مصر حاليا وبعد خروج المعتقلين السوريين من السجون تضم أكبر عدد من السجناء السياسيين بالمنطقة"، مبينا أن "أغلب المعتقلين منذ العام 2013، قضوا كامل فترات عقوبتهم، ومن المفترض إخلاء سبيلهم، لكن الأمن يعيد تدوير أغلبهم".
ويوضح أن "المعتقل يقف أمام المحكمة بعد نهاية فترة محكوميته فلا تجد مبررا لوجوده في محبسه، وتأمر بإخلاء سبيله، ويتم ترحيله لمركز المحافظة أو قسم الشرطة التابع له محل سكنه؛ ولكن الأمن الوطني على الأغلب يعيد تدويره بقضية جديدة محبوسا على ذمتها".
وفي ذات السياق، أكدت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، أن النيابة العامة قررت إخلاء سبيل 3 متهمين في قضايا سياسية بعد نحو 5 سنوات من الحبس الاحتياطي، لكنه تم تجديد حبسهم في قضايا أخرى باتهامات مماثلة، وهم محمد رجب فراج، وكريم سمير محمد، وعبدالرحمن عبدالمنعم فراج.
والخميس الماضي، جرى إخلاء سبيل 54 معتقلا بقضايا مختلفة، لكن الأمن الوطني، قرر بقائهم وحبسهم بقضايا أخرى، بينهم 10 معتقلين على ذمة القضية (1097 لسنة 2022)، و27 آخرين، بقضية (رقم 1095 لسنة 2022).
أيضا، قررت محكمة جنايات القاهرة، تجديد حبس 8 معتقلين وتدوير بعضهم في قضايا جديدة وذلك رغم تجاوزهم مدد الحبس الاحتياطي، وبينهم المعتقل المعاق عقبة علاء لبيب، الذي جرى إخلاء سبيله في 2019، وفي شباط/ فبراير الماضي، ويحتاج لتركيب طرف صناعي.
"تغول أمني"
وتتواصل عمليات إعادة حبس وتدوير المعتقلين، لتقطع الآمال لدى الكثير من الأهالي بالإفراج عنهم خاصة بعد إطلاق سراح آلاف السوريين من سجون بشار الأسد في سوريا، الشهر الجاري.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي ضرب البلاد منتصف 2013، وتقوم قوات الأمن المصرية بحملات أمنية طالت آلاف المصريين في أرقام لم تتمكن من رصدها المنظمات الحقوقية التي تؤكد أن عدد المعتقلين الآن ما بين 60 و100 ألف معتقل.
ووفق شهادات معتقلين وحقوقيين ترتكب قوات الأمن الوطني التابعة لوزارة الداخلية المصرية عمليات انتقامية من المصريين المعارضين وتمارس أبشع أنواع التعذيب بحق المعتقلين، وتتعدى صلاحياتها سلطات النيابة العامة والقضاء.
وبحسب القانون، تقوم نيابة أمن الدولة العليا بالنظر في تجديد حبس المعتقلين مدة 10 جلسات بين كل منها 15 يوما، ثم تنتقل سلطة تجديد الحبس لمحاكم الجنايات كل 45 يوما.
ويؤكد حقوقيون على تراجع دور "محاكم الجنايات" في إصدار قرارات إخلاء السبيل، لصالح "نيابة أمن الدولة العليا" التي تعتمد قوائم الإخلاء المعتمدة من "لجنة العفو الرئاسي"، التي أطلقها رأس النظام عبدالفتاح السيسي، في نيسان/ أبريل 2022.
ورصد تقرير لـ"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، بعنوان: "لم يعد يخرج أحد"، صدور 3 قرارات بإخلاء سبيل من دوائر جنايات الإرهاب، فقط، من أصل 35.9 ألف سجين تم تجديد حبسهم 45 يوما.
التقرير، قال: "يبدو أن إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسية منذ نيسان/ أبريل 2022، أدى إلى تخلي دوائر الإرهاب عن إخلاء سبيل بعض الأشخاص منها"، مبينا أنها "تركت هذه المهمة تماما للنيابة العامة أو قوائم لجنة العفو الرئاسية التي يتم تمريرها إلى النيابة بعد فحصها من أجهزة أمنية من بينها جهاز الأمن الوطني الذي قام باعتقالهم منذ البداية".
"نداءات ومبادرات"
وفي ظل تلك الأوضاع، أطلقت زوجات عدد من السياسيين المصريين المعتقلين صرخات استغاثة، أكدن خلالها على حجم ما يتعرض له ذويهم من ظلم، ومعاناة، وتجاهل، بالمخالف للقانون والدستور.
وكتبت السيدة حنان توفيق زوجة وزير التموين الأسبق، المعتقل: "منذ 7 سنوات لم أرَ وجه زوجي"، لتؤكد الدكتورة منى المصري زوجة الدكتور احمد عبدالعاطي سكرتير الرئيس الراحل محمد مرسي، أن آخر زيارة لزوجها كانت في أيلول/ سبتمبر 2016، قائلة: "يخاف قلبى أن يضل ملامحك بعد كل هذه السنين، وبعد كل هذه المعاناة، وأن تفقد ملامحنا".
لترد الدكتور شيرين العزب، زوجة وزير الشباب الأسبق الدكتور أسامة ياسين، قائلة: "نفس الحال، حسبنا الله ونعم الوكيل"، وتؤكد إيمان محروس، زوجة الصحفي المعتقل أحمد سبيع، أن المدة التي لم تر فيها زوجها أكبر من ذلك.
وأطلقت "مبادرة أسر سجناء مصر السياسيين"، نداءات متتابعة مطالبة بالإفراج عن ذويهم، ووقف عمليات التدوير، موجهة بعض تلك الرسائل إلى عضو الحوار الوطني البرلماني محمد أنور السادات، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والحوار الوطني النائبة أميرة صابر، ورئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة خطاب.
وفي السياق، تقدم السياسي والمعارض المصري من الخارج الدكتور إبراهيم فهمي إلى السيسي، بمبادرة "مصالحة وطنية" مع جميع مكونات المجتمع، وبرعاية شيخ الأزهر أحمد الطيب، من 10 مطالب، الأول، والثاني منها: "الإفراج الفوري عن عشرات الآلاف من المعتقلين"، و"رد الاعتبار للمعتقلين وتعويضهم وعودتهم لوظائفهم".
"انتهاكات لا تتوقف"
وشهدت السجون والمعتقلات المصرية وفاة 4 معتقلين خلال 3 أسابيع من الشهر الجاري، كان آخرهم المهندس عبدالفتاح عبدالعظيم، (70 عاما)، بسجن "بدر"، الاثنين الماضي.
وأكدت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، أن تلك الوفيات ليست حادثة فردية، وتكشف استمرار السلطات في انتهاك الحقوق الدستورية والقانونية للمعتقلين، وغياب الرعاية الصحية بالمخالفة للدستور المصري والقانون الدولي، مشيرة للمواد (18) و(55) من الدستور، والمادة (96) بقانون تنظيم السجون، و"قواعد نيلسون مانديلا".
ونقل مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، رسالة استغاثة من سجن الوادي الجديد، أكدت أن حجم الغرفة لا يكفي 5 أفراد، وهناك غرفتان تُسمى "المصفحة"، العدد فيهما يتعدى 60 فردا، ينام بعضهم ويقف البعض الآخر، ولا يوجد حمام.
ورصد تقرير لتحالف "المادة 55"، تصاعد الانتهاكات بالسجون ومقار الاحتجاز الشهر الماضي، وسط تجاهل السلطات للمطالب الدولية والمحلية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
وأشارت لاستمرار الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، والاعتقالات الجماعية إثر احتجاجات بمحافظة الدقهلية تطالب بتحسين الطرق، وتجدد القمع بجزيرة الوراق، وتوثيق انتهاكات عديدة لمسجونين ومسجونات، مطالبة بفتح تحقيق بتلك الانتهاكات.
وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، نشرت 13 منظمة حقوقية مصرية تقريرا مشتركا حول تفاقم أزمة حقوق الإنسان في مصر بالسنوات الخمس الماضية، مؤكدا على تصاعد حدة الانتهاكات الحقوقية وفق استراتيجية ممنهجة، تتشارك فيها كافة مؤسسات الدولة.
التقرير طالب بالتعليق الفوري لعقوبة الإعدام، ومنع الاحتجاز التعسفي، وتحسين أوضاع السجون، وتعديلات تشريعية تضمن الحماية من توظيف ترسانة القوانين القمعية للانتقام من المعارضين، بإطلاق سراح عشرات الآلاف من سجناء الرأي، ووضع حد لممارسات التعذيب والإخفاء القسري.
ويواصل النظام التضييق على السياسيين والصحفيين المصريين، حيث أيدت محكمة نقض الجنح الحكم الصادر ضد المعارض المصري أحمد الطنطاوي، ومدير حملته المحامي محمد أبوالديار بحبسهما سنة.
والثلاثاء الماضي، أحالت نيابة أمن الدولة العليا 29 صحفي للمحاكمة، بالقضية المعروفة إعلاميا باسم "مكملين 2"، بينهم جمال الجمل، وأحمد الطنوبي، وأحمد بيومي، وحسام السويفي، والصحفي الراحل أحمد عبدالعزيز، ونائب رئيس حزب "مصر القوية" محمد القصاص.
"الاختفاء القسري"
وفي ملف من الانتهاكات الحقوقية في مصر، يؤكد الحقوقي أحمد العطار، أنهم في الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، قاموا برصد عشرات الحالات من الاختفاء القسري والتي تمس أطفالا ومسنين، مشيرا لبعض الأسماء ذاكرا لحالات مأساوية.
ولفت إلى إخفاء جهاز الأمن الوطني سمير أبوحلاوة (38 عاما) من مدينة كرداسة للعام السابع، والطالب أحمد فرج زايد (23 عاما) من الفيوم للعام الخامس، والطالب أحمد مصطفى الشوكي، (24 عاما) منذ نيسان/ أبريل 2019، وعمرو شريف عدلي (26 عاما) من الإسكندرية منذ 7 أشهر.
وألمح إلى ظهور المحاسب محمود جمال (37 عاما)، الاثنين الماضي، أمام نيابة أمن الدولة وحبسه احتياطيا، بعد 202 يوما من الإخفاء القسري بالإسكندرية.
وأشار إلى استمرار الإخفاء القسري للإمام جبر رضوان (31 عاما) منذ 7 سنوات، والطالبين الشقيقين بطب وهندسة الأزهر، أحمد، وأسامة، السواح، والمختفين قسرا منذ شباط/ فبراير 2018، ومحمد يحيى رشاد (30 عاما) مدة 5 سنوات، وعبدالرحمن محمود عبدالنبي، (38 عاما) منذ 10 سنوات.
وذلك إلى جانب إخفاء السلطات قسريا 4 أشقاء، بينهم سيدتين ومريض بالصرع، وهم: عبدالرحمن (31 عاما)، وطلحة (29)، وأمامة (25عاما)، وخديجة حمدي خاطر (27 عاما)، بحسب العطار.
وأضاف أنه وللعام التاسع، يستمر الأمن المصري في إخفاء المهندس أحمد جمال الدين طاهر (41 عاما) منذ أيلول/ سبتمبر 2016، مبينا أنه وبعد اعتقال 6 من أسرة واحدة وإخفائهم قسريا، يخفي الأمن الوطني للعام السادس مصعب محمود عبدالحكيم وابن عمه عبدالله حنفي، فيما يجري إخفاء سعد أبوحطب (63 عاما)، منذ 4 سنوات بسراديب الأمن الوطني، والطفل السيناوي عبدالله بومدين مدة 7 سنوات، منذ كانون الأول/ ديسمبر 2017.
"اشتغالة الجدل البيزنطي"
وفي تعليقه، قال البرلماني السابق والمحامي المصري ممدوح إسماعيل: "المشكلة أن بعض المهتمين بالملف الحقوقي في مصر، ليس لديهم الخبرة الكافية لفهم كيف يتم حكم مصر من خلال إدارة ملف المعتقلين، الأهم بالنسبة للسلطة الحاكمة والتي تعتبره أمن قومي أكثر أهمية من حماية الحدود".
عضو مجلس الشعب المصري عام 2012، أضاف لـ"عربي21"، أن "طبيعة السلطة المستبدة تعتمد على إرهاب المعارضة بالاعتقال، وتعتبر المعتقلين رهائن لا يجب التخلص منهم، لأن وجودهم بالمعتقلات صمام أمان لبقائها في الحكم".
وأكد أنه "وبالتالي هي تنشر شائعات كثيرة، وتثير غبارا متنوعا حول مبادرات وافراجات لإشغال الشعب فقط، والمهتمين بالملف الحقوقي، وجعلهم ينشغلون بجدل بيزنطي".
ويعتقد إسماعيل، أن "الحقيقة الواضحة منذ 11 عاما؛ أن نظام الحكم الانقلابي يخشى من الإفراج عن المعتقلين، ويزيد من أعدادهم، ويواصل التنكيل بهم سواء بمحاكمات جائرة مسيسة، أو تركهم في أوضاع لا إنسانية بالسجون، انتقاما وإرهابا، لغيرهم".
وتوقع أن "يظل هذا الوضع قائما حتى يتغير الحكم"، مؤكدا أنها "حقيقة لا يريد فهمها بعض الساسة والحقوقيين؛ ويظلوا يحرثون في البحر دون توقف كالساعي حول السراب يظنه ماء"، خاتما بقوله: "ولعل ما حدث بسوريا يعقبه تغيير بالحكم في مصر رغم أنف حكم العسكر".
من جانبه، يرى السياسي والحقوقي المصري الدكتور أشرف عبدالغفار، في حديثه لـ"عربي21"، أن "النظام الحالي، يبدو أنه لا يجد شيئا يفعله، وقد اعتقل كل من استطاع اعتقاله، وأعد قضايا جديدة لمحبوسين احتياطيا في سجونه بينما هم في حوزته".
وتساءل: "ماذا عليه أن يفعل لكي يثبت أنه يعمل، ومازال هناك حاجة لوجوده، بعدما أفلس في كل شئ، وبعدما باع كل شئ، فقد سبق واعتقل وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني؟".
وقال: "نتعامل مع عصابة ضالعة في الإجرام أطلقت يدها لتعبث بأمن الوطن والمواطنين"، متسائلا: "هل يُعقل أن يُعتقل شخص مسيحي بتهمة الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، وبالتأكيد معه أوراقه الثبوتية التي تؤكد أنه مسيحي الديانة، وأنه لا علاقه له بالإخوان".
وأضاف: "لكن الغباء سيد الموقف لديهم، والمهم لديهم الحصول على صيد جديد، ليثبتوا أنهم يعملون ويضبطون الأمن، وأنه لا توجد شاردة ولا واردة ممكن أن تمر منهم، في حين أن الأمن العام في حالة خراب، ولا أحد يأمن على نفسه".
وأكد أن هدفهم الأول هو "أمن رأس النظام، ولذا عليهم اثبات أنهم يعملون من أجله، ويقدمون له تقارير يومية بما يوهمه -إن كان مصدقا كذبته الأولى- بأن الإخوان موجودون ومازالوا يشكلون خطرا عليه".
وختم بالقول: "ولعله كذلك يقدم تلك التقارير لمن يدفع له، ليستمر في الدفع، طالما أن القضية المشتركة بينهم هي محاربة تيار الإسلام السياسي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصري السيسي مصر السيسي حقوق وحريات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نیابة أمن الدولة لحقوق الإنسان الأمن الوطنی إخلاء سبیل مبینا أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
سر قاله عمر سليمان لمبارك.. كيف يؤثر نزع سلاح المقاومة على الأمن القومي المصري؟
في إطار الجهود المستمرة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، نقلت مصر مؤخرا مقترحا إلى حركة حماس يتضمن شرطا أساسيا وهو نزع سلاح المقاومة، ويتضمن المقترح وقفا مؤقتا لإطلاق النار لمدة 45 يوما، يتخللها إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين في الأسبوع الأول، مقابل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
إلا أن المقترح يشترط نزع سلاح المقاومة، وهو ما اعتبرته حماس تجاوزًا للخطوط الحمراء ورفضته بشكل قاطع، وأوضحت الحركة أن مصر أبلغتها ولأول مرة بشكل واضح وصريح بأنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة”.
مضيفا أن "الحركة أبلغت القاهرة أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب وليس السلاح، وأن نقاش هذه المسألة مرفوض جملة وتفصيلا".
أثار المقترح الذي تقدمت به مصر جدلا واسعا، خاصة وأن النظام المصري اكتفي بنقل المقترح دون النظر إلى خطورته على الأمن القومي المصري، وتأثيره، إذ تربط غزة بمصر بحدود شرقية في غاية الأهمية فاصلة ما بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي.
تهديدات نزع سلاح المقاومة في غزة
البعد الجغرافي والأمني
تقع غزة بمحاذاة الحدود الشرقية لمصر، وتحديدا شبه جزيرة سيناء، التي عانت في العقد الأخير من اضطرابات أمنية وهجمات مسلحة، وجود مقاومة فلسطينية منضبطة ومتماسكة يشكل عامل توازن، ويمنع تحول القطاع إلى ساحة مفتوحة للفوضى أو ملاذ للجماعات المتطرفة.
وبحسب تقرير لمعهد الشرق الأوسط (Middle East Institute)، فإن أي فراغ أمني في غزة قد يؤدي إلى تداعيات مباشرة على سيناء، ويُعزز من احتمالات تسلل عناصر مسلحة، ما يضع الأمن المصري في اختبار صعب.
وتفكيك البنية المسلحة للفصائل المقاومة في غزة المسيطرة على الوضع دون وجود بديل وطني واضح وشرعي، يعني ترك فراغ أمني قد تملؤه جماعات مطرفة أو مجموعات خارجة عن السيطرة.
خطورة التهجير
كررت بعض الأصوات في حكومة الاحتلال الإسرائيلية، خلال الحرب، دعمها مباردة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودعوات لتهجير سكان غزة نحو سيناء، وهو ما تعتبره القاهرة خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، إذ يمثل تهديدًا مباشرًا لمصر والسيادة على حدودها.
أي مسعى لفرض هذا السيناريو بالقوة أو التلويح به يهدد الأمن القومي من الناحية الديموغرافية والجغرافية.
أعباء إنسانية تفوق التحمل
مع كل عدوان على غزة، يكون معبر رفح هو المتنفس الوحيد للمدنيين، والسيناريوهات السابقة، خصوصًا في 2008 و2014، أظهرت كيف يمكن أن تتحول الأزمات العسكرية إلى كوارث إنسانية على حدود مصر، وتُحمّلها أعباءً فوق طاقتها، سواء في الإغاثة أو تأمين الحدود.
مصر استبدلت شرط وقف الحرب، ورفع الحصار، والإعمار، بشرط نزع سلاح المقاومة!
ألا يعلم النظام المصري أن غزة هي المدافع الأول عن الأمن القومي المصري، وهل نسيت مصر هزيمتها النكراء عام 67 واحتلال سيناء في غضون أيام؟
سلاح المقاومة #خط_أحمر غير قابل للتفاوض، فهو صمام الأمان الوحيد… — محمد النجار ???????? (@MohmedNajjar88) April 14, 2025
استنكار لموقف مصر
واستنكر نشطاء موقف مصر بتقديم المقترح الإسرائيلي لحماس، وتبني مقترح أو مطالب نزع سلاح المقاومة، مؤكدين أن مصر كان ينبغي عليها تقديم هذا المقترح كونها تمثل عمق فلسطين الإستراتيجي.
ويري النشاط أن الخطوة قد تؤدي إلى تقويض حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، من جهة كما أنها يعتبر خرقًا للمواثيق الدولية التي تعترف بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المشروعة، كما تؤدي إلى تعزيز شرعية الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية بدلاً من دعم حقوق الفلسطينيين في الاستقلال وحرية المقاومة.
مصر التي من المفترض أن تمثل عمقنا الاستراتيجي، تقدم اليوم عرضاً خلاصته: تسليم السلاح ورفع الراية البيضاء !!!
الحقيقة أنّ الأمر لا علاقة له بالسلاح، فغزة لا تمتلك سلاحاً نووياً أو ذريّاً حتى تُطالب مصر العروبة بتسليمه؛ ولكنّ الأمر يتعدى ذلك إلى ما هو أخطر من السلاح النووي؛ وهو… — د. نائل بن غازي (@dr_naelgazy) April 14, 2025
ومن ناحية أخرى فإن نزع سلاح المقاومة له تأثير كبير على الأمن القومي المضير، حيث عبر العديد من النشطاء في مصر عن قلقهم من تداعيات تبني مصر للمقترح في ظل الوضع الإقليمي المعقد، وأشاروا إلى أن هذا المقترح قد يُعتبر تحوّلًا غير مألوف في سياسة مصر تجاه القضية الفلسطينية، بما قد يضعف من موقف القاهرة كوسيط محايد.
غزة تحمي ظهر مصر
ومن جانبه كشف السياسي المصري والمرشح الرئاسي السابق أيمن نور، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن خطوة نزع السلاح إن تمت ستشكل خطورة على الأمن القومي المصري، مؤكدا أنها تحمي بوابة مصر الشرقية.
وأضاف نور، أن مصر أكثر المتضررين في فكرة نزع سلاح المقاومة في غزة، فمن الناحية العسكرية والأمنية يزيد من احتمالات المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، حيت تحمي غزة "ضهر مصر" من البوابة الشرقية، ما يشكل تهديدا كبيرة على الأمن القومي المصري.
وأشار السياسي المصري، إلى أن التهديد يتصل بأي اتفاقيات سلام بين الاحتلال ومصر، كما أن نزع سلاح المقاومة، ضد قناعات الجيش المصري، كون التسليح يعد حماية للعمق المصري.
حوار بين عمر سليمان ومبارك
وأضاف أيمن نور أن مبدأ تسليح المقاومة في فلسطين كان ومازال موجود في قناعة الأنظمة المصرية حتى مع الاختلاف الأيديولوجي مع المقاومة الفلسطينية وبالأخص مع حركة حماس.
وتابع السياسي المصري أنه حضر موقف لقاء بين الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك وبين رئيس جهاز المخابرات حينها الراحل عمر سليمان، في طائرة خلال إحدى الرحلات ودار الحوار بينهما على المقاومة وطريقة التسليح.
وأشار نور إلى أن الحديث دار حول أنواع الأسلحة التي يمكن للمقاومة الفلسطينية أن تمتلكها على الحدود الشرقية لمصر، حينها قال سليمان لمبارك أنه تحدث مع المقاومة على أنواع معنية بمواصفات معنية ما يعني أن مبدأ تسليح المقاومة كان حاضرا.
القضية الفلسطينية حاضرة
ومن ناحية أخرى أكد أيمن نور أنه على الجانب الأخر تقديم مصر لمقترح نزع السلاح يعد تنازلا عن القضية الفلسطينية التي طالما كانت مصر حائط الصد لها ومؤمنة ومدافعة عنها حكومة وشعبا، وتحت حكم أي نظام.
وأضاف أن نزع سلاح المقاومة يعد مخالفا للقيم الدولية والشرعية في الحق في الدفاع عن النفس.