قطعة قماش في يد أسد!
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
عائض الأحمد
الخوف أشد قسوة، فامسك عليك حديثك!
المشاعر السلبية ليست بالضرورة أن تلقى بصاحبها إلى الجحيم وتجعل منه لقمة سائغة في أيدي المتنفعين، مستغلين ضعفه وسلبيته وشعوره الدائم بقدرة الآخرين على إيذائه.
يقنعه أن يزرع الشوك ويحصده ويأكله ويقنع الآخرين بأنه أجمل ما طرحته أرضه، إنه العنب والرمان وأطيب هدايا الزمان.
لم أجد تعبيرا أصف به تلك المجموعات الكبيرة عددًا وعدةـ وهي تقف خانعة تنتظر صحوة سيدهم وعطفه ليُشير لهم بأن يذهبوا إلى مصيرهم الذي قرره هو وحدد نهايته بزوالهم، إن عاد فردًا واحدًا منهم دون أن يحمل رأسه على كفيه فداءً لسيرته العطرة ونداءً لصرخته الوطنية التي بلغت ذروتها، حينما غادر غير مأسوف عليه، وهو يحمل في يده اليمنى غنائمه، وفي اليسرى قطعة قماش، يمسح بها عرقه، كان يتمسح بها في غفلة منهم ظنًا بأنها شعار أمته.. عاش الوطن، عاش العلم، وهرب الجميع!
نعم.. عليك أن تؤمن إيمانًا يصل إلى اليقين بأن المثالية أو ما يسمى بـ"الحيادية" ليست من الصفات الإنسانية الحتمية، ومن هنا عليك أن تتقبل انفلات الآخرين وعبثيتهم وممارساتهم "الشيطانية" وأن تقبل آراءهم وتناقضاتهم بين صباحهم ومسائهم.
من استطاع أن يجعل من عشرات الملايين أتباعًا يكذبون، فمن حقه أن يغدر بهم حينما يريد، إنها عبثية تخلقها تراجيديا إنسانية مُفتعلة، البطل فيها أكثرهم كذبًا وأحقرهم سلوكًا.
أعلم أنه كان يعيش بجواركم، لكنه تربى في "حظيرة" لا تشبه "حظيرتكم".
ختامًا.. الثقة وسوء الظن، متلازمان، إن طغى أحدهما على الآخر فَسَدَا.
شيء من ذاته: حياتك ليست خيار الآخرين، إن لم تكن سيد قرارك فملامة الآخرين هروب وضعف لاستجداء من تظن أنهم يفوقون قدرتك وفهمك. الشيطان يحب اسمه وأنت تكره في الخفاء أفعالك، وكأنَّ لسانك مقصوص عند بابه.
نقد: فصول السنة تتعاقب، شئت أم أبيت، لكن إن أردت أن تعيش فصلًا واحدًا فقط، فعليك أن تنتقل من شمال الأرض لجنوبها، بصفة دورية، علَّك تنعم بالفصل الذي تريده!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جامعة رسمية.. منارة العلم أم ساحة العبث الإداري؟
#جامعة_رسمية.. #منارة_العلم أم #ساحة_العبث الإداري؟
بقلم: أ.د. #عزام_عنانزة
هل نحن أمام مسلسل هزلي جديد في جامعة رسمية؟ أم أن هذا جزء من خطة ممنهجة لإفراغ المؤسسات من عقولها وإغراقها في مستنقع العشوائية؟ فبعد سنوات من الحديث عن التطوير، والنزاهة، والحوكمة الرشيدة، نفاجأ بقرارات إدارية أشبه بالمسرحيات الهزلية، حيث تم خلال السنوات الثلاث الماضية نقل ثمانية موظفين من الدائرة القانونية إلى مواقع وظيفية لا تمت بأي صلة إلى اختصاصاتهم، رغم أنهم جميعًا يحملون شهادات البكالوريوس في القانون، وبعضهم يحمل درجتي الماجستير والبكالوريوس، بينما يمتلك آخرون رخصة مزاولة المحاماة.
هذا القرار العبثي لا يمكن وصفه إلا بأنه “ضربة معلم” في إهدار الموارد البشرية والمالية. فبدلًا من الاستفادة من هؤلاء القانونيين في قضايا الجامعة المتزايدة أمام المحاكم، يتم إقصاؤهم إلى مواقع لا علاقة لها بالقانون، وكأن المطلوب هو تفريغ الدائرة القانونية من أصحاب الكفاءة، وربما استبدالهم بأشخاص آخرين على المقاس، وفق معايير لا علاقة لها بالمهنية أو المصلحة العامة. والسؤال الذي يطرح نفسه: أين الجهات الرقابية مما يحدث؟ أين هيئة النزاهة ومكافحة الفساد؟ أين ديوان المحاسبة؟ أين مجلس الأمناء؟ أم أن الجميع منشغلون بأمور أخرى أكثر “أهمية”، تاركين الجامعة تتحول إلى نموذج صارخ لسوء الإدارة؟
مقالات ذات صلة تقرير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد: توصية مهملة تكشف عمق التجاوزات / وثائق 2025/02/01الغريب أن هذا العبث الإداري يأتي في وقت تعاني فيه الجامعة من قضايا متراكمة في المحاكم، وديون متزايدة، وأزمات مالية خانقة، فكيف يمكن تفسير قرار يضعف الدائرة القانونية بدلًا من تعزيزها؟ هل المطلوب أن تغرق الجامعة أكثر في المشاكل القضائية، أم أن هناك مصلحة خفية وراء هذا القرار؟ ثم ماذا عن توصيات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد التي أوصت بالتعاقد مع محامٍ جديد عبر عطاء معلن وفق أسس واضحة؟ لماذا لم يُؤخذ بهذه التوصيات؟ أم أن إدارة الجامعة قررت أن تنتهج سياسة “أذن من طين وأذن من عجين”؟
ليس هذا فحسب، بل إن هذا القرار الفريد من نوعه يعكس استهتارًا غير مسبوق بمبدأ التخصص والعدالة الوظيفية، حيث يتم التعامل مع الموظفين وكأنهم قطع شطرنج تُحرّك وفق أهواء شخصية أو مصالح خفية. في أي منطق إداري يمكن نقل قانونيين إلى مواقع لا تمت بصلة لمهنتهم، بينما الجامعة بأمسّ الحاجة إليهم في ساحات المحاكم؟ هل أصبح معيار الكفاءة هو الولاء، وليس الاختصاص؟
هذا النوع من القرارات لا يضر فقط بالموظفين المعنيين، بل يعكس حالة من التخبط والفوضى داخل الجامعة، حيث تغيب الشفافية في اتخاذ القرارات، ويُسمح بتمرير إجراءات تضر بالمؤسسة أكثر مما تخدمها. إن الجامعة ليست مزرعة خاصة، بل مؤسسة أكاديمية وطنية، يُفترض أن تُدار وفق مبادئ الحوكمة الرشيدة، لا وفق أهواء شخصية أو مصالح ضيقة.
إذا كان هناك من لا يزال يتساءل عن سبب تفاقم المشاكل المالية والإدارية في الجامعات، فليتأمل هذه القرارات العبثية التي تعكس كيف يتم إهدار الموارد بشكل ممنهج، وكيف يتم استبعاد الكفاءات وتهميشها، وكيف تتحول المؤسسات الأكاديمية إلى ساحات للعبث الإداري.
الآن، دعونا نسأل بصوت عالٍ: هل سيُحاسب من أصدر هذا القرار؟ هل ستتحرك الجهات الرقابية لوضع حد لهذا النوع من التلاعب بمقدرات المؤسسات العامة؟ أم أننا سنكتفي بإطلاق آهات الاستغراب والاستنكار دون أي تحرك حقيقي؟ إن كان هناك من لا يزال يؤمن بسيادة القانون والعدالة، فإن هذه القضية يجب أن تكون اختبارًا حقيقيًا لمصداقية الجهات الرقابية، وإلا فإننا نفتح الباب لمزيد من الفوضى، ومزيد من العبث بمؤسساتنا الوطنية.
إن الجامعة ليست ساحة للتجارب الفاشلة، ولا مختبرًا لقرارات ارتجالية يدفع ثمنها الوطن والطلبة والعاملون فيها. المطلوب الآن ليس الاستنكار فقط، بل محاسبة المسؤولين عن هذه القرارات الكارثية، وإعادة الأمور إلى نصابها قبل أن تتحول الجامعة إلى نموذج فاضح لسوء الإدارة وانعدام الكفاءة.