MEE: المعارضة أفشلت خطة إماراتية إسرائيلية لتقسيم سوريا والإبقاء على الأسد
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن مخطط إسرائيلي كان يسعى إلى تقسيم سوريا إلى ثلاث كتل جغرافية؛ نفوذ كردي في الشمال الشرقي، ودروزي في الجنوب، مع إبقاء بشار الأسد في دمشق تحت وصاية إماراتية تضمن تمويله والسيطرة عليه.
الهدف من الخطة بحسب رئيس تحرير الموقع، دافيد هيرست، كان تقليص نفوذ إيران وحزب الله ومنع تركيا من التوسع في سوريا.
وفي المقابل، تتبلور الآن معادلة جديدة في المنطقة بقيادة تركيا وحكومة سوريا الجديدة، ما يضع إسرائيل في مواجهة متزايدة في المنطقة.
في الأثناء، تحاول القوى الدولية تكييف مواقفها من خلال مفاوضات بشأن العقوبات على سوريا وإعادة رسم أدوار اللاعبين الإقليميين، في وقت يبدو فيه أن مرحلة جديدة من الصراع قد بدأت.
وتاليا المقال كاملا كما ترجمته "عربي21":
في حديث مع موقع ميدل إيست آي، قالت مصادر أمنية إن إسرائيل أرادت إبقاء الأسد في السلطة تحت وصاية إماراتية بينما تمضي قدماً في بإنشاء روابط عسكرية واستراتيجية مع الكرد في الشمال الشرقي ومع الدروز في الجنوب
لقد أحبطت الإطاحة بحكومة بشار الأسد خطة إسرائيلية تستهدف تقسيم سوريا إلى ثلاث كتل من أجل حملها على قطع علاقاتها مع إيران وحزب الله، وذلك بحسب ما صرحت به مصادر أمنية إقليمية تم إحاطتها بتفاصيل ذلك المخطط.
كانت إسرائيل قد خططت لإنشاء ارتباطات عسكرية واستراتيجية مع الكرد في الشمال الشرقي ومع الدروز في الجنوب، تاركة الأسد في السلطة في دمشق في رعاية إماراتية تضمن تمويله والسيطرة عليه في نفس الوقت.
فيما لو تم تنفيذ ذلك المخطط فإنه سوف يقصر نفوذ تركيا داخل سوريا على إدلب وعلى الشمال الغربي، حيث تتمركز حركة تحرير الشام ومجموعات الثوار المدعومة من قبل تركيا، والتي أفضى هجومها المباغت والسريع هذا الشهر إلى سقوط الأسد.
وكانت الإشارة إلى هذه الخطة قد وردت في خطاب لوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قبل شهر، والذي قال فيه إن إسرائيل بحاجة إلى التواصل مع الكرد والدروز في سوريا وفي لبنان، مضيفاً أن ثمة "جوانب سياسية وأمنية" بحاجة إلى أن تؤخذ بالاعتبار.
وقال ساعر: "يجب علينا أن ننظر إلى التطورات ضمن هذا السياق وأن نفهم أنه في منطقة سنبقى فيها دوماً أقلية، فإن بإمكاننا أن نقيم تحالفات طبيعية مع الأقليات الأخرى."
إلا أن الخطة تجاوزتها الأحداث عندما تهاوت القوات الموالية للأسد في كل من حمص وحماة، مما فتح الباب على مصراعيه أما الطريق باتجاه دمشق.
كان الثوار حينها قد حطموا خطوط الجبهات الأمامية واستولوا على حلب، أكبر مدينة في سوريا، بدون قتال، مما أحدث تحولاً في ميزان القوة في الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد منذ ثلاثة عشر عاماً.
في الساعات الأولى من يوم الأحد الثامن من ديسمبر، ظهر رئيس وزراء سوريا محمد غازي الجلالي في مقطع فيديو ليعلن بأنه على استعداد لتسليم السلطة سلمياً.
سارع أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام الشهير باسمه الحركي "أبو محمد الجولان"، إلى الرد قائلاً بأنه على استعداد لإبقاء الجلالي في منصبه إلى أن يتم تنظيم عملية نقل السلطة.
ولكن بينما كانت هيئة تحرير الشام تقترب من العاصمة، كان سفيرا كل من الأردن والإمارات في سوريا يقومان بمحاولات يائسة للحيلولة دون تمكن هيئة تحرير الشام من وضع يدها على دمشق، وذلك بحسب ما كشفت عنه مصادر أمنية.
ولذلك قام الأردن بتشجيع الجيش السوري الحر والمجموعات المتحالفة معه على التحرك من الجنوب والاستيلاء على دمشق قبل أن تصلها هيئة تحرير الشام.
وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت مصادر أمنية اشترطت الإبقاء على هويتها طي الكتمان: "قبل أن يصل الجولاني، رتب السفيران للمقاتلين من الجيش السوري الحر أخذ رئيس الوزراء السوري من منزله واصطحابه إلى فندق "فور سيزنس" حيث كان من المقرر أن يتم تسليم مؤسسات السلطة بشكل رسمي إلى المجموعات المسلحة القادمة من الجنوب."
وتم تصوير الجلالي وهو ينتقل إلى الفندق برفقة جنود من منطقة حوران في الجنوب السوري ينتمون إلى الفيلق الخامس، وهي قوة مسلحة مشكلة من ثوار سابقين كانوا من قبل قد تصالحوا مع الحكومة السورية.
وتقول المصادر إن الجلالي تلكأ، واتصل هاتفياً بالجولاني، الذي قال له: "لا تفعل ذلك"، فالتزم الجلالي بما نصحه به الجولاني.
عندما أدركت إسرائيل أنها غير قادرة على منع هيئة تحرير الشام من الاستيلاء على البلد بدأت بتدمير القدرات العسكرية السورية، بما في ذلك إغراق الأسطول الراسي في اللاذقية واحتلال أراض تضم جبل الهرمل، أعلى جبل سوري بالقرب من الحدود مع لبنان ومرتفعات الجولان المحتلة.
تقول المصادر: "كانت تلك الأسلحة في أمان تحت قيادة الأسد. ولذلك كانت إسرائيل حريصة على إبقاء مقاليد الأمور في يده. إلا أن الأسلحة لم تعد آمنة في يد الثوار."
أصيب المسؤولون في كل من الأردن والإمارات العربية المتحدة بالذعر إزاء استيلاء هيئة تحرير الشام على البلد، وما يعنيه ذلك من احتمال قيام حكومة يرأسها الإسلاميون في سوريا، وذلك على الرغم مما تعهد به الشرع من أن جميع الفصائل والأديان سوف تكون ممثلة.
منذ انطلاق ثورات الربيع العربي في عام 2011، لم يزل الإماراتيون في طليعة من يبذلون الجهود المعادية للديمقراطية والمضادة للثورات في كل من مصر وليبيا وتونس واليمن.
يوجد ما يزيد عن مليون لاجئ سوري داخل الأردن الذي يشترك مع سوريا في حدود صحراوية طويلة مع سوريا، تتواجد على جانبيها نفس القبائل.
رداً على الأحداث التي شهدتها دمشق، سارع الأردن نهاية الأسبوع الماضي إلى عقد لقاء للجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة.
تحدث بيان صدر عن اللقاء فيما بعد عن الحاجة إلى "الإشراف على عملية الانتقال" وكذلك "تعزيز الجهود من أجل مكافحة الإرهاب ... بالنظر إلى أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة."
ساعات الأسد الأخيرة في دمشق
يبدو أن تفاصيل اللحظات الأخيرة لحكم الأسد يؤيدها ولو جزئياً ما أورده إبراهيم الأمين، محرر صحيفة الأخبار التي يعرف عنها أنها تعكس رؤية حزب الله.
كتب الأمين قائلاً إن الأسد كان على قناعة تامة بأن الإماراتيين سوف يهبون لنجدته، حتى أنه انتظر إلى الساعات الأخيرة قبل أن يغادر دمشق.
ومضى الأمين يقول: "يقول أحد أقران الأسد، والذي بقي معه حتى الساعات الأخيرة قبل أن يغادر دمشق، إن الرجل كان مازال يرجو حدوث شيء كبير من شأنه أن يوقف هجوم الفصائل. كان يعتقد بأن العرب والمجتمع الدولي كانوا سيفضلون بقاءه في السلطة على أن يتولى الإسلاميون إدارة سوريا."
أدرك الأسد أن الأمر قد قضي بعد أن أقنع وزير خارجية تركيا حاكان فيدان نظيريه الروسي والإيراني، سيرجي لافروف وعباس أراغتشي، الذين كانوا جميعاً يشاركون في مؤتمر في قطر، بعدم التدخل.
كتب الأمين يقول: "بمجرد أن أخبر الروس والإيرانيون بشار الأسد بأنهم لن يكونوا في قلب المعركة، أدرك الرجل أن الهزيمة وشيكة."
وأضاف قائلاً إن حزب الله خلص إلى أن من غير المجدي أن يهب لنجدة الأسد بنفسه بعد أن رأى أن جيشه غير مستعد للقتال من أجله.
تبلورت خطة الحكومة الإسرائيلية لتقسيم سوريا منذ أسابيع مضت بعد أن تيقنت بأن وقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان غدا وشيكاً، وهو ما تم بالفعل الاتفاق عليه في نهاية الشهر الماضي.
كان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد قد بادر بتكثيف اتصالاته مع الجالية الدرزية داخل إسرائيل، حيث التقى في السابع من ديسمبر في أبو ظبي بالشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل.
قبل أسبوع من ذلك، أجرت الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة محادثات حول استخدام إمكانية رفع العقوبات كوسيلة لإقناع الأسد بقطع علاقاته مع إيران وإغلاق خطوط الإمداد التي تسلكها الأسلحة الإيرانية عبر سوريا لتزويد حزب الله بها.
كان من المقرر أن تنتهي يوم الجمعة صلاحية أشد هذه العقوبات، والتي تعرف بقانون قيصر – والذي سنه الكونغرس الأمريكي في عام 2019، ما لم يبادر المشرعون الأمريكيون إلى تجديدها.
وصل يوم الجمعة إلى دمشق مسؤولون أمريكيون لإجراء أول محادثات رسمية مع ممثلين لهيئة تحرير الشام، والتي مازالت محظورة من قبل الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية باعتبارها مجموعة إرهابية.
وكان غير بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، قد قال أمام مجلس الأمن يوم الثلاثاء إن "الإنهاء السلس" للعقوبات بات مطلوباً من أجل تلبية احتياجات سوريا الكبيرة.
تخوف تركيا من العمليات الإسرائيلية
كانت مخططات إسرائيل في سوريا قد دقت نواقيس الخطر في أنقرة قبل وقت طويل من بدء الأحداث الراهنة هناك.
ففي شهر أكتوبر (تشرين الأول) عقد البرلمان التركي جلسة مغلقة لمناقشة العمليات العسكرية الإسرائيلية، والتي صنفتها القيادة التركية باعتبارها "تهديداً للأمن القومي."
وقبل شهرين من خطاب ساعر، قال الرئيس رجب طيب أردوغان مخاطباً البرلمان في سبتمبر إن إسرائيل لديها أطماع توسعية قد تستهدف "أجزاء من الأناضول."
وأضاف أردوغان: "إن أجندة إسرائيل التوسعية، والمدفوعة من قبل التطرف الديني، لا تتوقف عند غزة. بل لربما كان وطننا هو الهدف التالي لها."
أما فيدان، وزير الخارجية الذي كان من قبل قد شغل منصب رئيس المخابرات، فقد أوصل الرسالة من خلال جلسة أسئلة وأجوبة نظمت له على هامش مؤتمر الدوحة بينما كانت حكومة الأسد تتهاوى.
صرح فيدان بأن "إسرائيل لم ترد إزاحة الأسد ولم تكن رغب في سقوطه"، مضيفاً بأن الولايات المتحدة "أخبرتنا (تركيا) بأن إسرائيل لم ترد سوى الأسد."
وعندما سئل عما إذا كان الأسد في أي وقت من الأوقات عضواً في محور المقاومة الإيراني، أجاب فيدان: "على مدى الثلاثة عشر عاماً التي شغلت فيها منصب رئيس وكالة المخابرات، كنت على تواصل دائم مع الإيرانيين، وكنت أقول لهم باستمرار إن فكرة أن الأسد واجهة للمقاومة تضر بإيران. فقد كانت تلك الفكرة في حقيقية الأمر غير واقعية. بل كانت نكتة، حيث أن الأسد كان بكل بساطة يخدم إسرائيل."
كانت دعوة أردوغان إلى النفير قد صدرت مؤخراً عن حليفه السياسي، زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي.
فقد قال بهجلي: "إذا ما استمرت إسرائيل في أطماعها التوسعية بممارسة سياسات الهيمنة والعدوان، فإن المواجهة بين تركيا وإسرائيل سوف تكون حتمية."
حاول الشرع تبديد المخاوف الغربية من أن سوريا تحت حكمه سوف تتحول إلى قاعدة لشن الهجمات على إسرائيل. وقال في تصريح للبي بي سي هذا الأسبوع إن سوريا لا تشكل خطراً على العالم، وناشد دول الغرب رفع العقوبات عن بلاده.
وقال: "الآن، بعد كل هذا الذي حدث، يجب رفع العقوبات لأنها كانت تستهدف النظام القديم. لا ينبغي أن يعامل الضحية والطاغية بنفس الطريقة."
أعربت المصادر الأمنية عن ثقتها في أن الشرع، عاجلاً أم آجلاً، لابد أن يتطرق إلى مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية فيما يلي مرتفعات الجولان، والتي يعترف دولياً بأنها جزء من سوريا ولكنه يخضع للاحتلال، ثم بعد ذلك تعرض للضم، من قبل إسرائيل منذ عام 1967.
ما يقرب من 130 ألف سوري تم إجلاؤهم عن ديارهم حينما احتلت القوات الإسرائيلية مرتفعات الجولان. استقر هؤلاء المهجرون في ضواحي دمشق، حيث نما تعدادهم إلى ما يزيد عن 800 ألف نسمة. كانت عائلة الجولاني واحدة من هؤلاء المهجرين.
قال مصدر أمني: "خلافاً لما حدث في حالة سيناء، التي احتلتها القوات الإسرائيلية في عام 1967 ثم انسحبت منها فيما بعد، قامت إسرائيل بضم مرتفعات الجولان. وهذا يعني أنه لم يعد ثمة سبيل مفتوح أمام السلام بشأن هذه القضية، لأنه لا يوجد من بين السوريين من يتنازل عن حقه."
وأضاف: "على الرغم من أن نتنياهو يريد منا أن نعتقد بأنه حقق كسباً في سوريا من خلال كسره لسلسلة محور المقاومة الإيراني، إلا أن محوراً جديداً يتشكل سريعاً على أرض الواقع، تتواجد في القلب منه تركيا وسوريا الجديدة بقيادة الإسلاميين السنة."
ومضى المصدر يقول: "وهذا من شأنه أن يعمق التحديات التي تواجه إسرائيل إذ تمضي في توسيع دائرة المواجهة مع العالم السني الأشمل."
تواصل موقع ميدل إيست آي مع وزارة الخارجية الإسرائيلية للحصول على تعليق منها، ولكنه لم يتلق جواباً حتى موعد النشر.
وكانت الوزارة قد وصفت من قبل توغل القوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية فيما يلي مرتفعات الجولان بأنه "عملية مؤقتة ومحدودة" قالت إنها كانت "ضرورية لأغراض دفاعية بسبب التهديدات التي تشكلها المجموعات الجهادية التي تنشط بالقرب من الحدود."
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء بزيارة قواته المتواجدة على قمة جيل الهرمل وقال إن القوات الإسرائيلية سوف "تبقى في هذا المكان المهم إلى أن يتم التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل."
كما انتقدت إسرائيل دعم تركيا لمجموعات الثوار السوريين وللعمليات العسكرية التي تشن ضد الكرد في شمال شرقي سوريا.
وقالت الوزارة في بيان أصدرته يوم الثلاثاء: "آخر بلد يمكنه الحديث عن الاحتلال في سوريا هي تركيا .... لا يوجد تبرير لاستمرار العدوان التركي والعنف الذي يمارس ضد الكرد في سوريا."
كما تواصل موقع ميدل إيست آي مع وزارتي الخارجية في كل من الإمارات والأردن للحصول على تعليق منهما ولكنه لم يتلق جواباً حتى موعد النشر.
أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية يوم الاثنين بياناً جاء فيه: "ترصد الإمارات العربية المتحدة عن كثب التطورات الجارية في الجمهورية العربية السورية، وتعيد التأكيد على التزامها بوحدة وسلامة الدولة السورية، وكذلك بضمان الأمن والاستقرار للشعب السوري الشقيق."
أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فقال: "هذه لحظة تاريخية بالنسبة للبلد الشقيق سوريا، تتطلب منا جميعاً الوقوف مع الشعب السوري، لمساعدتهم في تحقيق إنجاز تاريخي في بناء مستقبل يرسمه السوريون بأنفسهم، بما يضمن أمن ووحدة واستقلال وسيادة سوريا وحقوق جميع السوريين."
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إسرائيلي سوريا الأسد الإماراتيون الاحتلال سوريا الأسد إسرائيل الاحتلال الإمارات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیئة تحریر الشام العربیة المتحدة مرتفعات الجولان حزب الله الأسد فی الکرد فی فی سوریا فی کل من إلى أن من قبل إلا أن قبل أن
إقرأ أيضاً:
وثائق مسربة.. هكذا اخترقت مخابرات الأسد المعارضة قبل ردع العدوان
كشفت وثائق استخبارية مسربة حصلت عليها وكالة "سند" للتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة من داخل فرع المخابرات العسكرية في حلب عن نجاح النظام السوري المخلوع في اختراق واسع النطاق لفصائل المعارضة المسلحة، بما فيها هيئة تحرير الشام والفصائل المدعومة من تركيا، قبل اندلاع معركة "ردع العدوان" في ريف حلب الغربي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وأظهرت الوثائق، التي يعود تاريخها إلى أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن المخابرات السورية كانت على علم مسبق بالهجوم، حيث رصدت تحركات الفصائل والجيش التركي بدقة متناهية ضمن مناطق سيطرة المعارضة، وهذا يثير تساؤلات عن عمق هذا الاختراق وآلياته.
وتضمنت الوثائق بيانات ميدانية مفصلة، فشملت تقارير عن تحركات الأرتال العسكرية، وتحديد مساراتها اليومية، وتسجيل اجتماعات قيادات الفصائل المعارضة داخل معاقلها في الشمال السوري، إضافة إلى نشاطات لوجستية وتقنية متعلقة بالاتصالات والتنسيق العسكري بين الفصائل.
وأظهرت أن المخابرات السورية امتد اختراقها إلى الهياكل التنظيمية والعسكرية داخل مناطق المعارضة، ما يثير تساؤلات عن مدى قدرة النظام السوري على اختراق العمق العسكري لمناطق المعارضة، وأي وسائل استخبارية استخدمها للوصول إلى هذه المعلومات بالغة الدقة.
تشير الوثائق المسربة إلى أن المخابرات السورية لم تكتفِ برصد الفصائل المعارضة، بل تابعت تحركات الجيش التركي يوميا، داخل مناطق المعارضة، حيث تمكنت من رصد تنقلات الدبابات والمدرعات والمدفعية الميدانية، إضافةً إلى تحرّكات المقاتلين المرافقين للقوافل التركية.
إعلانولم تقتصر المعلومات على تحديد نقاط انطلاق الأرتال، بل شملت أيضا وجهاتها النهائية، ما يشير إلى وجود شبكة مراقبة متقدمة قادرة على تتبع الأرتال من لحظة تحركها حتى وصولها.
ويكشف التحليل الميداني لهذه التحركات أن شبكة المراقبة لم تكن محصورة في نقاط جغرافية محددة، بل امتدت لتشمل مناطق واسعة في ريف حلب الغربي مثل: الأتارب في الوسط، ودارة عزة في الشمال، والجينة في الجنوب إضافة إلى القواعد العسكرية التركية المنتشرة في هذه المناطق.
واللافت في الأمر، أن دقة المعلومات الواردة في التسريبات تعكس آلية رصد متطورة لم تقتصر على الاستطلاع البصري، بل تجاوزته إلى ما يبدو أنه شبكة استخبارية قادرة على نقل معلومات ميدانية متكاملة.
لفهم طبيعة هذا الاختراق، حللنا البيانات الواردة في التسريبات عبر تتبع المسارات اللوجيستية التي استخدمها الجيش التركي والفصائل المتحالفة معه، وأظهرت الخريطة، التي أُعدت بناءً على هذه المعلومات، أن غالبية التحركات العسكرية تتبع محاور لوجيستية ثابتة تمتد من الشمال إلى الجنوب، وتعبر عدة قرى ومناطق إستراتيجية على طول مسارها، مما يشير إلى نمط تحرك مدروس ومنظم يتكرر عبر الطرق نفسها.
اعتمدت عملية التحليل على 3 عوامل رئيسية:
الأول، تحديد خطوط الرؤية المباشرة من مواقع النظام السوري:حيث تبيّن أن بعض الأرتال، خاصة في المناطق الجنوبية، يمكن مراقبتها باستخدام المناظير، ما يسمح برصد تحركاتها أثناء عبورها في المساحات المفتوحة، أما في شمال الريف الغربي، فإن التضاريس الوعرة والتلال المرتفعة تحدّ من إمكانية الرصد البصري المباشر، مما يجعل تتبع هذه التحركات أكثر صعوبة.
في المقابل، تتركز القواعد العسكرية التركية في مواقع مرتفعة يصعب مراقبتها تقنيا من مواقع النظام، وهو ما يعزز فرضية وجود شبكة مخبرين تعمل داخل مناطق سيطرة المعارضة، وتنقل المعلومات مباشرة إلى أجهزة الأمن السورية.
إعلان العامل الثاني، تحليل المسافة بين نقاط انطلاق الأرتال ونقاط تمركزها:سمح ذلك بتحديد الطرق الأكثر ملاءمة لوجيستيا لهذه القوافل العسكرية. نظرا لأن هذه التحركات تشمل معدات ثقيلة مثل الدبابات والمدافع الميدانية، فإن اختيار الطرق المناسبة ضروري لضمان تنقل سلس، ما جعل بعض المسارات أكثر تفضيلا من غيرها.
واللافت أن المخابرات السورية لم تكن تكتفي برصد نقطة انطلاق القوافل فقط، بل امتلكت القدرة على تتبع مسارها حتى وجهتها الأخيرة، ما يشير إلى أن مصادرها الاستخبارية لم تقتصر على نقاط مراقبة ثابتة، بل شملت أيضا مخبرين منتشرين على طول خطوط النقل اللوجيستي.
العامل الثالث، تتبع نقاط تقاطع الخطوط اللوجيستية:حيث أظهر تحليل البيانات أن العديد من مسارات الأرتال تتداخل عند محاور إستراتيجية، ما يكشف عن مدى تعقيد العملية الاستخبارية التي نفذها النظام السوري.
ومن أهم هذه المحاور، برزت مدينة الأتارب كنقطة تقاطع رئيسة لجميع الخطوط اللوجيستية للقوات التركية والفصائل المتحالفة معها، وهذا يعكس أهميتها الإستراتيجية كحلقة وصل رئيسة بين القواعد العسكرية التركية في ريف حلب الغربي والجبهات القتالية.
ويشير التحليل الميداني لهذه البيانات إلى أن النظام السوري لم يكن يعتمد فقط على المراقبة التقليدية، بل يبدو أنه استفاد من شبكة استخبارية واسعة داخل مناطق المعارضة، تمكنت من رصد وتتبع النشاطات العسكرية في ريف حلب الغربي.
ورغم أنه لا يمكن التحقق المستقل من دقة المعلومات الواردة في التسريبات في هذه المرحلة، فإن تحليل المسارات والتقاطعات اللوجيستية يشير إلى أن آلية الرصد الاستخباري كانت تعمل وفق نمط منظم ومتواصل، ما يعزز فرضية وجود اختراق أمني فعلي داخل مناطق المعارضة.
امتدت عمليات الرصد إلى هيئة تحرير الشام، الفصيل الأبرز في الشمال السوري آنذاك، حيث أظهرت الوثائق أن نشاط الاستخبارات السورية للنظام المخلوع شمل مراقبة دقيقة لتحركات وتخطيطات الهيئة داخل معاقلها في ريف حلب الغربي، إذ وُثقت اجتماعات مغلقة، تجهيز مستودعات ذخيرة، وتنسيق عمليات عسكرية في مناطق حيوية.
ففي خلال أسبوع واحد فقط في بداية نوفمبر/تشرين الثاني 2024، رصدت المخابرات السورية أنشطة للهيئة في ما لا يقل عن 12 موقعا مختلفا في ريف حلب الغربي.
إعلانولم يقتصر الأمر على تتبع التحركات العسكرية، بل امتد ليشمل مراقبة عمليات التجنيد، والتدريب، وتوزيع الذخائر، وحتى التجهيزات الإلكترونية داخل مقرات هيئة تحرير الشام.
على سبيل المثال، وثّقت التقارير تسليم أجهزة تشويش لمقاتلي تحرير الشام في المنطقة، إضافةً إلى تفاصيل عن تجهيز طائرات مسيّرة واختبار أنظمة توجيه في أحد المواقع، كما رُصدت عمليات ضبط الإعدادات والـ"آي بي" (IP) لأجهزة الإشارة واللينكات المستخدمة ضمن محاور القتال.
وجاءت إحدى الفقرات البارزة في الوثيقة تحت عنوان "تحضيرات للمسلحين للقيام بعمل هجومي ضد قواتنا في ريف حلب الغربي"، حيث تناول التقرير استعدادات هيئة تحرير الشام لشن هجوم على مواقع جيش النظام السابق، متضمنا تفاصيل عن التنسيق العسكري بين الفصائل والتجهيزات الميدانية اللازمة.
وبالنظر إلى أن الوثيقة كُتبت قبل أسبوعين فقط من اندلاع معركة "ردع العدوان"، فإن ذلك يشير بوضوح إلى أن المخابرات السورية كانت على دراية مسبقة باستعدادات المعارضة لهجوم عسكري واسع.
برز في أحد التقارير رصد المخابرات السورية لاجتماع سري عُقد في مدينة غازي عنتاب التركية في أكتوبر/تشرين الأول 2024، بحضور ضباط من الاستخبارات التركية وقيادات من الجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام.
وبحسب التقرير، فقد أبلغت الفصائل المدعومة من تركيا المسؤولين الأتراك بنيّتها خوض معركة ضد جيش النظام، لكن الجانب التركي أوضح أنه لن يقدم دعما عسكريا أو لوجيستيا لهذا الهجوم، ولن يتدخل لمساندة الفصائل في المواجهة القادمة. وقد أثار هذا الموقف حالة من الترقب والتوتر داخل أوساط الفصائل، التي كانت تعوّل على دور أنقرة في دعم المعركة، بحسب التقرير.
ورغم أن التسريبات لم تكشف مدى اختراق المخابرات السورية كامل تفاصيل الاجتماع، إلا أنها تؤكد نجاحها في رصد مخرجاته الأساسية، مما يعكس استمرار قدرتها على تتبع ديناميكيات العلاقة بين الفصائل المدعومة من تركيا والتوجهات التركية تجاه معركة ردع العدوان.
إعلانوتتماشى تفاصيل الاجتماع المسربة مع ما تم الإعلان عنه في وسائل إعلام دولية حول الموقف التركي في بداية المعركة.
ووفقا لتقرير رويترز، فإن فصائل المعارضة السورية أبلغت تركيا بنيّتها شن هجوم على قوات النظام قبل 6 أشهر من بدء المعركة، واعتقدت أنها حصلت على موافقة ضمنية من أنقرة. ومع ذلك، لم تقدم تركيا أي دعم عسكري مباشر للفصائل، وبدت حريصة على عدم التورط في المواجهة.