ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن القوات الأوكرانية تواجه معضلة في حربها مع روسيا، التي تقترب من ثلاث سنوات، وهي النقص الحاد في الأفراد على الخطوط الأمامية لجبهة القتال، "إذ يتكون الجيش المنهك والمستنزف بشكل متزايد من رجال أكبر سنا".

موسكو: الجيش الروسي يواصل تقدمه في "كورسك" ويكبد القوات الأوكرانية خسائر جسيمة روسيا: القوات الأوكرانية تواصل هجومها على مدينة ريلسك في كورسك الروسية

وأضافت الصحيفة - في سياق مقال تحليلي نشرته اليوم السبت أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قاوم الدعوات العامة من الإدارة الأمريكية لخفض سن تعبئة الجنود من 25 عاما إلى 18 عاما.

. مشيرا إلى حساسية إرسال رجال أصغر سنا للقتال في مجتمع يواجه بالفعل أزمة ديموجرافية، ولكن مع استمرار روسيا في العثور على مجندين جدد، يكافح الجيش الأوكراني للعثور على عدد كاف من الأشخاص لملء الفجوات في الجبهة.

وأشارت الصحيفة إلى سلسلة من المقابلات مع ضباط أوكرانيين - رفضوا الكشف عن هويتهم - أظهرت صورة مقلقة لوضع القوات الأوكرانية في حربها مع روسيا.. حيث قال جندي يخدم حاليا في لواء الدفاع الإقليمي 114 في أوكرانيا والذي كان متمركزا في نقاط ساخنة مختلفة على مدى العامين الماضيين "الأشخاص الذين ينضمون إلينا الآن ليسوا مثل الأشخاص الذين كانوا متواجدين في بداية الحرب، مؤخرا استقبلنا 90 شخصا، لكن 24 منهم فقط كانوا مستعدين للانتقال إلى المواقع، أما الباقون كانوا من كبار السن أو المرضى أو مدمنين على الكحول، يجلسون في خندق ولا يستطيعون حمل سلاح.

وقال مصدران في وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية لصحيفة (الجارديان)، إن العجز في الجبهة أصبح حادا لدرجة أن هيئة الأركان العامة أمرت وحدات الدفاع الجوي المستنفدة بالفعل بإرسال المزيد من الرجال إلى الجبهة كقوات مشاة.

وقال أحد المصادر "لقد وصل الأمر إلى مستوى حرج حيث لا يمكننا ضمان أن يعمل الدفاع الجوي بشكل صحيح"، معربا عن خوفه من أن الوضع يشكل خطرا على أمن أوكرانيا.

وأوضح المصدر أن "هؤلاء الأفراد يعرفون كيف يعمل الدفاع الجوي، وقد تدرب بعضهم في الغرب ولديهم مهارات حقيقية، ولكن الآن يتم إرسالهم إلى الجبهة للقتال وهو ما لم يتلقوا تدريبا عليه".

كما لفت المصدر إلى أن قادة القوات الأوكرانية يمكنهم إصدار الأوامر لإرسال جنود لا يحبونهم إلى الجبهة كعقاب، ولكن هناك مخاوف من أن هؤلاء الجنود - الذين لديهم معلومات حساسة حول مواقع وتكتيكات الدفاع الجوي الأوكرانية - معرضون لخطر التخلي عن معلومات مهمة إذا وقعوا في قبضة الروس على الجبهة.

في الشهر الماضي، قالت البرلمانية الأوكرانية ماريانا بيزوهلا، في منشور على تيليجرام، "إن قوات الدفاع الجوي يتم نقلها إلى وحدات المشاة، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات نجاح أوكرانيا في إسقاط الطائرات بدون طيار الروسية"، ورد عليها يوري إهنات المتحدث باسم قوات الدفاع الجوي بأن "عمليات النقل جارية بالفعل لكنها لا تؤثر على معدلات إسقاط الطائرات بدون طيار".

إلا أن الأفراد الذين أدلوا بتصريحاتهم للـ"الجارديان" قالوا إن المطالب المتزايدة بالتحويلات تجعل من الصعب إدارة وحدات الدفاع الجوي بشكل صحيح.

وأفاد ضابط آخر يعمل في الدفاع الجوي بأن "عملية الانتقالات هذه استمرت لمدة عام ولكن الوضع يزداد سوءا فقد انخفضت القوة بالفعل إلى أقل من النصف".

وعلى الرغم من أن الأشهر الأولى من العملية العسكرية الروسية التي بدأت في فبراير 2022 كانت قد شهدت طوابير من الأوكرانيين المستعدين للتطوع، وذهب مئات الآلاف من الأفراد طواعية إلى الجبهة، إلا أن التعبئة أصبحت تمثل تحديا كبيرا لكييف على مدار العام الماضي، حيث تجولت فرق من ضباط التجنيد في الشوارع لتوزيع أوراق الاستدعاء، ومُنع الرجال في سن التجنيد من مغادرة البلاد، بحسب "الجارديان".

وفي إشارة واضحة إلى تغير المواقف في البلاد، وجد استطلاع للرأي أجراه مركز (رازومكوف) ومقره كييف أن 46 بالمائة من المستجيبين وافقوا على أنه "لا عيب في التهرب من الخدمة العسكرية"، بينما عارض ذلك 29 بالمائة فقط.

ورأت الصحيفة أن نقص الأفراد أدى إلى توتر العلاقات بين كييف وواشنطن خلال الأشهر الأخيرة، إذ شعر المسؤولون في الإدارة الأمريكية بالانزعاج من أن زيلينسكي وحكومته يطالبون بشكل متكرر بزيادة الأسلحة، لكنهم لم يتمكنوا من حشد المزيد من القوات.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض شون سافيت، في بيان الشهر الماضي، "إن القوة البشرية هي الحاجة الأكثر حيوية لدى أوكرانيا في الوقت الحالي، ونحن مستعدون لزيادة قدرتنا التدريبية إذا اتخذوا الخطوات المناسبة لملء صفوفهم".

ويشعر المسؤولون الأوكرانيون أن الدعوات العامة من جانب الولايات المتحدة لخفض سن التعبئة إلى 18 عاما غير مناسبة، إذ وسعت أوكرانيا حملتها للتعبئة في أبريل وخفضت سن الاستدعاء من 27 عاما إلى 25 عاما، لكن غالبية الأوكرانيين يحذرون من خفضها أكثر، مشيرين إلى الحاجة إلى حماية الجيل الأصغر سنا.. في حين يقول العديد من الجنود إن الطريقة لتعزيز معدلات التعبئة ليست بخفض سن الاستدعاء ولكن من خلال تقديم حوافز أفضل والمزيد من التدريب. 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجارديان أوكرانيا الخطوط الأمامية القوات الأوكرانية الرئيس الأوكراني

إقرأ أيضاً:

ملف الشهر: تطور أنظمة الدفاع الجوي في مواجهة تهديدات المستقبل

نشر موقع الجزيرة نت على منصاته الرقمية حلقة جديدة من برنامج "ملف الشهر"، المخصص لتناول الموضوعات الراهنة والمستجدات المهمة على الساحة العالمية. وتطرق ملف هذا الشهر إلى تاريخ نشأة منظومات الدفاع الجوي وأهمّها عالميا، بالإضافة إلى مسار تطورها وتطوّر تكنولوجيات تشغيلها.

وظهرت أنظمة الدفاع الجوي خلال الحرب العالمية الأولى، حيث كانت تعتمد على المدافع الأرضية المضادة للطائرات بأسلوب الرماية المباشرة، إلا أن الحرب العالمية الثانية شهدت قفزة نوعية في هذا المجال، بفعل تصاعد الهجمات الجوية وتطور الطيران العسكري، مما فرض الحاجة إلى وسائل دفاع أكثر دقة وفاعلية.

وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، انخرطت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في سباق تسلح صاروخي، كان من أبرز نتائجه ظهور أول منظومات الدفاع الصاروخي المتطورة في خمسينيات القرن الماضي، ممهدة الطريق أمام حقبة جديدة في مجال الدفاع الجوي.

ومع نهاية السبعينيات، تزامن دخول الحواسيب المتطورة والرادارات الرقمية مع ثورة حقيقية في تصميم وتشغيل أنظمة الدفاع الجوي. ومن أبرز تلك الأنظمة "باتريوت" الأميركي و"إس 300″ السوفياتي، اللذان اعتمدا على التحكم الإلكتروني والرصد المتعدد الوظائف.

إثر ذلك طورت الولايات المتحدة الأميركية نظام "ثاد" في حين توصلت روسيا إلى تطوير نظام "إس-400" وإن صمم الأول لاعتراض الأهداف داخل وخارج الغلاف الجوي فقد صمم الثاني للتصدي للطائرات المقاتلة والطائرات المسيّرة والصواريخ بمختلف أنواعها.

وإلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، دخلت الصين خط الإنتاج الدفاعي بمنظومة هونغ تشي-9. بينما طورت إيران عدة أنظمة محلية من بينها: باور 373، رعد، طبس، خرداد 3، وكمين 2.

وخلال القرن الـ21، واجهت الأنظمة التقليدية تحديات جديدة، أبرزها انتشار الطائرات دون طيار والصواريخ الفرط صوتية، بالإضافة إلى تقنيات التشويش الإلكتروني، مما دفع الدول إلى إعادة النظر في أدواتها الدفاعية، وتحديثها لمواكبة هذه التهديدات المستجدة.

إعلان

كما كشفت المواجهات الميدانية الأخيرة حول العالم عن فجوات اقتصادية وتقنية، حيث استطاعت طائرات مسيرة منخفضة الكلفة إرباك منظومات دفاعية تتجاوز تكلفتها ملايين الدولارات، وهو ما أفرز توجها جديدا نحو تطوير أنظمة أكثر مرونة وأقل تكلفة.

في هذا السياق، عملت إسرائيل على تطوير نظام الشعاع الحديدي كحل متقدم لمواجهة التهديدات الجديدة، في حين كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن مشروع القبة الذهبية، التي تمزج بين أنظمة أرضية وبحرية وفضائية لمواجهة تهديدات محتملة قد تطول المصالح الأميركية في الفضاء.

يذكر أن تقارير عديدة تشير إلى احتمالات واردة بشأن توسع مسرح المواجهات ليشمل الفضاء الخارجي، مما قد يهدد سلامة الأقمار الصناعية المسؤولة عن الاتصالات والملاحة والرصد، ويطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة الحروب القادمة وحدودها.

مقالات مشابهة

  • بسبب الحرارة والحرائق.. تركيا تواجه أزمة بيئية غير مسبوقة
  • ملف الشهر: تطور أنظمة الدفاع الجوي في مواجهة تهديدات المستقبل
  • مسيرة روسية تدمر نقطة انتشار مؤقتة للقوات الأوكرانية على ضفاف نهر دنيبر
  • أزمة طاحنة تواجه الأطباء البيطريين بـ3 محافظات.. إليك القصة بالتفصيل
  • بسبب انقطاع الكهرباء.. الجيزة تواجه أزمة مياه ومناشدات بترشيد الاستهلاك
  • “المنظمات الأهلية”: الإنزال الجوي للمساعدات لن يحل أزمة المجاعة في غزة
  • الرئاسي يبحث التحديات التي تواجه شركة الخطوط الجوية اليمنية
  • فتوح يخوض مران تأهيلي بإستاد الدفاع الجوي
  • الدفاع الروسية: ضربنا مواقع لإنتاج المسيرات والتحكم بالدرونات بعيدة المدى الأوكرانية
  • الحرب الروسية الأوكرانية| هجمات متبادلة بالمسيّرات.. وسقوط 5 قتلى